الشارع المصري

أشباه الفنانين..حالة نفسية أم وسيلة مادية؟

“يخلق من الشبه أربعين”، مثل مصري يتحدث عن أوجه التشابه في الشكل والصفات الشخصية بين أفراد بعينهم.

غالباً ما يكون هؤلاء الأشخاص من مجتمع واحد، أو حتى أسرة واحدة، أو مجموعة من الأصدقاء، حتى تلحظ هذا الشبه.

 

ومنذ عدة عقود بدأت الصحف المصرية تتحدث عن أشباه فنانين، أثروا في حياة المصريين وكانوا جزءاً لا يتجزأ من يومهم.

فظهرت صوراً لشبيه “رشدي أباظة”، وصوراً لشبيه “عبدالحليم حافظ”، لكن الأمر برمته لم يتعدى كونه حواراً صحفياً مع رجل جمعته بالفنان بعض الملامح.

لكن بدأ الأمر في التحول من مجرد “شبه” مع فنان، إلى مجال لاكتساب “لقمة العيش”، فيدور “الشبيه”، حيث دار المال.

 

 

في تسعينيات القرن الماضي، ظهر فنان يمتلك موهبة كبيرة، يدعى “نصر حماد”، بدأ في الظهور في العديد من أفلام “المقاولات”، التي انتشرت في هذه الحقبة.

لكن محاولاته لتقليد “الزعيم”، والشبه الذي جمع بينهما، جعل موهبة هذه الفنان محدودة، ولم يحرك ساكناً في موهبته، كونه يظهر في دور “كومبارس متكلم، وفي أفضل الظروف كان يظهر كشخصية ثانوية، غير مؤثرة في مجرى الأحداث، فيتم التعاقد معه، ليلقي “إفيه”، ليتحدث الناس عن الشبه بينه وبين “عادل إمام”.

 

“فكري عبدالحميد”، شخص آخر ظهر في الآونة الأخيرة، حاول تقليد عادل إمام، لكن محاولاته ظلت محدودة لبضع فيديوهات على “السوشيال ميديا”، وأطلق عليه “عادل إمام الغلابة”.

وتحدث هذا الرجل عن سعادته بهذا الشبه، مشيراً إلى أنه يدخل السرور دائماً على الناس من خلال التصوير معه في الشارع.

 

وخرج “فكري” في لقاء مع الإعلامية ياسمين الخطيب، وتحدث عن علاقته بالفنان “عادل إمام”، حيث كان يعمل دوبلير له في مسلسل “فلانتينو”.

 

كما عمل فكري مع عادل إمام مسبقاً في مسرحية “الزعيم”، و”مسرحية بودي جارد”.

 

وقال فكري، إن الشبه بينه وبين عادل إمام بدأ يتضح مع تقدمي في السن، وتحديداً وقت تصوير مسرحية “بودي جارد”.

وأشار فكري إلى أن الناس هم من تحدثوا عن هذه الفكرة، وأنه لم يكن في حسبانه أن يكون الشبه بهذه الصورة.

لكن الرجل لم يتكسب من الشبه بينه وبين الفنان عادل إمام في أي عمل فني، وإنما اقتصر الأمر على “بث مباشر”، على “فيس بوك”.

 

وقال الناقد الفني أحمد سعد الدين “إن الأمر قد انتشر في الفترة الأخيرة نتيجة قوة السوشيال ميديا، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لصور هؤلاء الأشخاص بشكل كبير، بالإضافة إلى حرص وسائل الإعلام على استضافتهم في البرامج والمواقع الإلكترونية الصحفية”.

وأضاف سعد الدين في تصريحات صحفية، “لو أن هذا الشخص العادي يمتلك موهبة التمثيل، فلن يحقق نجاحا وستقتل موهبته، ويرجع ذلك للشبه بينه وبين الممثل الحقيقي”.

وتابع الناقد الفني،” أن الفنان الموهوب هو من يصنع لنفسه شخصية، لكن شبيه الفنان، سيظل فقط مجرد صورة تنتشر على السوشيال ميديا ولن يحقق أي نجاح.

 

واختتم سعد الدين حديثه، أنه إذا أراد “الشبيه” أن يكون له شأن، فلابد أن يخرج من عباءة الشبه ويجعل له شخصية مستقلة”.

 

 

خالد منير شبيه محمد منير
خالد منير شبيه محمد منير

 

 

محمد منير، أو كما يطلق عليه المصريون “الكينج”، هو أحد أعلام الأغنية المصرية في الوقت الحالي.

ولا تزال أغاني محمد منير عالقة في الأذهان، منذ عدة عقود، لتتطور ألحانه وأغانيه مع تطور الوقت.

وعند سماع الأغاني القديمة لمنير، ستشعر وكأنها تناسب كل الأوقات وكل الأزمان.

 

عرف عن منير بشرته السمراء التي تميز أهل النوبة وأسوان، إضافة إلى شعره المجعد الذي أضاف ملامح خاصة لشخصيته، مع حركات باليد والأصابع.

 

حاول الكثير تقليد محمد منير، بسبب سهولة الدخول في “الكاركتر” الواضح لمنير، لإضفاء نوع من الكوميديا على بعض الأعمال الفنية.

لكن ظهور “خالد منير”، أو كما يطلق عليه، شبيه “محمد منير”، جعل الأمر يدخل في منحى آخر.

فبدأت التعاقدات مع “الشبيه”، لإحياء الحفلات والأفراح، ليتحدث ويغني وكأنه محمد منير.

 

ورغم أن  “خالد منير” شاب لم يصل إلى الأربعين من عمره بعد، إلا أنه صعد إلى المسرح، بصحبة شخص يتكئ عليه، والسبب أن منير كان مريضاً وفعل ذلك.

وأثار هذا الأمر استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الأمر بات سخيفاً لدرجة لا يتحملها إنسان.

 

بينما ترى فئة أخرى أن شبيه منير، هو محاولة للوصول إلى محمد منير، لكنها بسعر يتناسب مع “دخل الغلابة” على حد وصفهم.

 

في البداية كان يعمل “خالد منير”، فناناً تشكيلياً، حتى التقى بالفنان والمخرج “يوسف شاهين”، والذي قال له ستكون نجم مصر الأول، وذلك عندما عرض عليه لوحة من لوحاته.

 

لكن “شاهين” توفي قبل أن يجيب على سؤال “خالد منير”، “هاكون نجم مصر الأول في أيه؟”.

مات شاهين، ومات معه الفن التشكيلي للرجل، الذي قرر في لحظة ما أن يكون الكينج “محمد منير”.

 

“مريض نفسي، وعايز يتعالج”، هكذا علق “عمر مصطفى، أحد رواد مواقع التواصل الإجتماعي على شبيه محمد منير.

بينما رأى البعض الأخر أنه لا يوجد أي شبه يجمع “خالد” بالكينج محمد منير، بعد حلاقة شعره، والتوقف عن الإشارة بحركات يده.

 

وحلل الدكتور علي شوشان الطبيب النفسي، ظاهرة الهوس بالمشاهير، حيث أشار إلى أن “الشخص المهووس يعيش في حلم ويمتلئ تماماً بالأوهام”.

ولفت إلى أن “الفرق بين العقل والجنون هو أن الأول يعيش صاحبه في أرض الواقع بجميع معطياته، أم الثاني فهو يضع نفسه تحت تصرف خيالاته المحضة”.

 

 

محمد جبريل شبيه محمد رمضان
محمد جبريل شبيه محمد رمضان

 

 

يطلق الفنان “محمد رمضان” على نفسه، أنه “نمبر وان”، وتشتهر أغانيه بالتحدث عن نفسه، حيث أكد هذا الأمر في أكثر من مناسبة.

ومن المعروف أن مسلسلات الفنان “محمد رمضان”، دائماً ما تحظى بشعبية كبيرة، وتسيطر على حكايات الناس في المناطق الشعبية.

 

واستطاع محمد رمضان، بسبب “التوليفة” التي يقدمها المخرج “محمد سامي”، أن يقدم أعمالاً فنية، وخاصة “المسلسلات”، لتبقى مع الناس عدة سنوات.

 

يمتلك الفنان “محمد رمضان” موهبة فنية، حيث لفت الأنظار إليه في فيلم “رامي الإعتصامي”، عندما خرج في مشهد واحد لعسكري أمن مركزي.

 

وقدم بعد هذا المشهد العديد من الأعمال الفنية، لكن أول بطولة مطلقة له كانت مسلسل “ابن حلال”، والذي قيل إنه تجسيد لقصة حقيقية، لمقتل نجلة فنانة شهيرة على يد أحد أبناء رجال السلطة في مصر، بعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

 

وقدم رمضان بعدها العديد من الأعمال الفنية التي لاقت استحسان الناس، وأرجعها النقاد إلى سهولة التناول وقربها من حياة الناس.

 

وبسبب هذا النجاح، بدأ الشباب في تقليد “رمضان”، سواء بشخصيته الحقيقية، أو بشخصيات أبطال أعماله الفنية، سواء “الأسطورة”، أو “جعفر العمدة”.

 

حتى بدأ الشبيه الأشهر محمد رمضان في الظهور على وسائل الإعلام، “شبيه” من ناحية الإسم وفقط، فلم يحصل هذا الشخص، ويدعى “محمد جبريل”، على أي ملامح بينه وبين “رمضان”، إلا أن إصراره دفعه إلى تحصيل الأموال بسبب هذا “الشبه” الذي يصر عليه.

 

وخرج هذا الشخص في حلقة مع الإعلامية “ياسمين الخطيب”، وقال إنه تعرض لانتقادات لاذعة من قبل الجمهور، وما زالت مستمرة حتى الآن.

 

وأشار “جبريل”، إلى أنه مستمر في عمله، لأنه يريد أن يكون شخصاً ناجحاً، مؤكداً أنه لن يلتفت لمثل هذه الانتقادات.

 

انتقادات اعتبرها البعض نصيحة لهذا الشخص، ليطلق عليه عدة ألفاظ، مثل “محمد حمضان”، لتقول له المذيعة أنني أشعر أنني في مدينة “البط”.

ويتلقى “شبيه رمضان”، كل هذه الانتقادات بابتسامة ثابتة لا تتغير، ليعلن أن هذا الشبه قد فتح له “باب رزق”، وكأنه يقول “الشغل كله مشاكل.

 

ولفت شبيه رمضان إلى أنه تلقى مبلغ 800 دولار”40 ألف جنيه مصري تقريباً”، من شخص نيجيري الجنسية، بعد غنائه أغاني محمد رمضان في حفل بمركب سياحي.

وعن سعره في الحفلة، أشار “شبيه رمضان”، أنه يحصل على مبلغ 5000 جنيه مصري خلال الساعة الواحدة، ليؤكد استمراره في تقديم أغاني رمضان.

 

 

“أعتقد أن الأمر لا يتعلق بحالة نفسية بعينها، وإنما هي الاستفادة المادية من هذا الشبه”، هكذا كان رد الدكتور محمد حسين الاستشاري النفسي.

وأضاف “حسين” في تصريحات لـ”MENA“، أنه تابع بشكل خاص أشباه الفنانين، مؤكداً أنهم أشخاص طبيعيين، لكن لديهم المقدرة على تحمل الإهانات المختلفة مقابل المال.

وتابع الاستشاري النفسي، أن هذه الظاهرة ليست جديدة على المجتمع، وأنها موجودة منذ زمن، لكن ما عزز وجودها هو اهتمام الناس بها على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

شبيه رضا البحراوي

شبيه رضا البحراوي

 

 

 

قد لا يكون رضا البحراوي فناناً مشهوراً، لكنه مؤدي مهرجانات ذاع سيطه خلال السنوات الماضية.

وبدأ الطلب يزداد على “مؤدي المهرجانات”، بعدما انتشرت أغانيه على نطاق واسع بالأحياء الشعبية.

 

“ناس مني ومن دمي، محدش فيهم شال همي، محدش كان خيره عليا، فين خالي وفين عمي، وياما الدنيا بهدلت جدعان وعلت أندال”.

ويصل أجر رضا البحراوي في الفرح أو الحفلة الواحدة إلى ما يقرب من 100 ألف جنيه.

 

لكن ورغم محدودية الحالة الفنية لـ “رضا البحراوي”، إلا أنه قد ظهر له شبيه في الأشهر القليلة الماضية.

وبدأت أغاني شبيه رضا البحراوي  في الانتشار بشكلٍ سريع، من خلال عدة أفراح وحفلات، ليطلق عليه الناس “رضا الصحراوي”، بسبب عدم وجود شبه بينهما.

 

ويحصل شبيه رضا البحراوي على مبلغ يصل إلى 5 آلاف جنيه في الفرح أو الحفلة الواحدة، ويلقى استقبالاً وحفاوة واسعة من الناس.

 

 

يقول “سيد سليمان” الشاعر الغنائي، إن الهدف الذي يسعى إليه أشباه الفنانين ليس هوساً بالفن الذي يتم تقديمه أو بالشخص نفسه، وإنما يتعلق الأمر بالمال.

وأضاف “سليمان” في تصريحات لـ”MENA” أن التعبير عن الحب للفنانين قديماً كان يكون بشكل مقبول بعض الشئ، حيث يرتدي الشباب ملابس تشبه ملابسه، أو يحلقون حلاقة حسب حلاقته، وهو أمر كان يحدث في كرة القدم، أو مع أي مشهور يحبه الناس بشكل عام.

 

 

وتابع “الشاعر الغنائي”، أن الهوس الذي حصل في الآونة الأخيرة، ليس هوساً فنياً وإنماً هوساً لا يعدو كونه مادي فقط.

وعن سؤاله إن كان الأمر يتعلق بالشهرة أو المال، أكد الشاعر الغنائي، أن الشهر والمال لا يفترقان أبداً، فالمال قد يؤدي إلى الشهرة، والشهرة قد تؤدي إلى المال.

 

وتابع “سليمان”، أن المشترك بين أشباه الفنانين هو البحث عن المال، حيث لا يوجد لأحد منهم وظيفة محددة، كما أن معظمهم انحدروا من مناطق فقيرة، وهو ما بدا واضحاً من حديثهم.

 

وأشار سليمان، إلى أنه لا يوجد واحداً من هؤلاء له علاقة بالفن لا من قريب ولا من بعيد، فالفنان دائماً ما يكون مرهف الحس، يتأثر بحالات السخرية والتقليل منه بشكل أكبر من غيره، وهو ما لم يحدث مع هؤلاء.

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية