الشارع المصري

إعادة هيكلة أم “خراب”.. ما ثمن قرارات وزير التعليم الجديد؟

أثارت القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة التربية والتعليم بشأن إعادة هيكلة مناهج الثانوية العامة، موجة من الجدل بين المدرسين والخبراء في المجال التعليمي.

 

 ففي الوقت الذي يدافع فيه الوزير محمد عبد اللطيف عن هذه القرارات باعتبارها خطوات ضرورية للتطوير، يواجه انتقادات واسعة من قبل الأكاديميين والمربين الذين يرون أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، مما يهدد بتحول المنظومة التعليمية بعيدًا عن أهدافها الأساسية.

 

وأعلن وزير التربية والتعليم في وقت سابق، إعادة هيكلة الثانوية العامة، والتي تضمنت حذف مواد مثل الفلسفة والجيولوجيا وعلم النفس واللغة الأجنبية الثانية والرياضات التطبيقية من مقررات الصف الثالث الثانوي. 

 

 

وأعرب العميد عامر، مدرس الفلسفة وعلم النفس، عن استيائه من قرارات محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، بشأن إعادة هيكلة الثانوية العامة، واصفًا إياها بأنها “غير منصفة”.

 

وأشار “عامر” خلال حديثه لمنصة “MENA“، إلى صعوبة تخيل الشعبة الأدبية دون المواد التي تعلم الطلاب التفكير وتزكي نفوسهم، متسائلًا: “كيف يمكن تصور طالب أدبي لم يدرس علم النفس أو الفلسفة أو التفكير المنطقي؟”.

 

وانتقد مدرس الفلسفة وعلم النفس، إضافة مادة الإحصاء إلى مقررات طلاب الشعبة الأدبية بحجة أن بعضهم قد يرغب في الالتحاق بكلية التجارة، قائلًا: “الطالب الذي يسعى للالتحاق بكلية التجارة سيركز على دراسة الإحصاء، لكن لا ينبغي أن تكون عبئًا على طلاب الشعبة الأدبية الآخرين”.

 

وأضاف: بعض الطلاب يلجأون إلى الشعبة الأدبية هربًا من الرياضيات، فكيف نلزمهم بدراسة الإحصاء؟ وما الفائدة التي ستعود على الطالب الذي يطمح للدخول إلى كليات السياسة والاقتصاد أو الإعلام من دراسة الإحصاء؟ لماذا يدفع ثمن ذلك؟.

 

وطالب “عامر” وزارة التربية والتعليم بعدم فرض الرياضيات كعائق أمام طلاب الثانوية العامة، مؤكدًا أن المدرس يشعر بالسعادة حين يرى نتائج جهوده في طلابه، وأن إزالة مادة الفلسفة من مقرر الصف الثالث الثانوي تحرمه من هذا الشعور.

 

وأشار إلى أن تحويل مقرر الجيولوجيا إلى مادة غير مضافة للمجموع يتجاهل أهمية الثروات المعدنية والأرضية في مصر، والتي تستحق الدراسة والمعرفة.

واقترح “عامر” دمج مقرري التاريخ والجغرافيا تحت مسمى “الدراسات”، ودمج الفلسفة وعلم النفس والمنطق تحت مسمى “العلوم الفلسفية”، كما فعلت الوزارة مع الفيزياء والكيمياء والأحياء، موضحًا أن هذا الاقتراح يوفر المال والجهد على أولياء الأمور, دون تهميش أي من العلوم.

 

كما تساءل عن المنطق وراء إلغاء اللغة الثانية وجعلها غير مضافة للمجموع، مشددًا على ضرورة دراستها على الأقل في الصف الأول الثانوي لتمكين الطلاب من التعرف عليها.

 

 

 

 

وأردف عامر أن الطلاب بدأوا بالفعل بالتواصل معه للاستفسار عن حقيقة إلغاء بعض المقررات، متسائلين عن الجدوى من دراستها في الكليات، في ظل عدم وجود سوق عمل لها.

وأعرب عن شعوره بالعجز أمام هذه التساؤلات، مشيرًا إلى أن آمال وأحلام الطلاب أصبحت غير ممكنة: “الآن، طالب يرغب في دخول كلية تربية فرنسية، ماذا سيستفيد منها وهي غير مضافة للمجموع في أي من المراحل التعليمية؟”.

 

وأوضح أن بعض الأقسام في الكليات قد تكون شبه خالية هذا العام، مثل أقسام “آداب علم نفس”، و”آداب فلسفة”، و”تربية فرنساوي”، و”آداب فرنساوي”.

 

 

واختتم عامر حديثه بالتأكيد على أن توجه الدولة نحو العلوم التكنولوجية والتطبيقية لا يجب أن يكون على حساب تربية العقول والنفوس، مشددًا: “لا تكنولوجيا دون عقل”.

 

وأضاف: “الفلسفة تعلم العقل التفكير النقدي والإبداع، وتدربه على التفكير السليم، فكيف يمكن للإنسان أن يبدع أو يخترع دونها؟ علم النفس يعلمني كيف أكون شخصية قوية ومبدعة وناجحة، فكيف نتوقع وجود أجيال قوية بعد إلغاء علم النفس؟”.

 

من جانبه، أعرب رمضان عبد اللطيف، مدرس اللغة الفرنسية بمدرسة الشهيد القاضي الثانوية، عن قلقه إزاء القرارات الأخيرة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم، مؤكدًا أنها تحمل في طياتها نوايا حسنة، ولكنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل.

 

وشدد “عبد اللطيف” خلال حديثه لمنصة “MENA” على أن نجاح أي إصلاح في منظومة التعليم يكمن في عودة الطلاب إلى المدارس الحكومية وتلقيهم العلم في بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، بعيدًا عن الأبنية البديلة والسناتر التي تفتقر إلى الرقابة الكافية وتؤثر سلبًا على سلوكيات الطلاب.

 

 

 

وأشار إلى أن حذف بعض المواد الدراسية، مثل علم النفس والفلسفة واللغات الأجنبية، قرار غير مدروس وغير مبرر، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الجريمة وانخفاض الوعي المجتمعي.

 وأضاف أن هذا القرار يهدد بتقليص فرص الطلاب في سوق العمل، ويحرمهم من تنمية قدراتهم العقلية والوجدانية.

 

 

وقال “عبد اللطيف”: “إنفاق المليارات على التعليم دون تحقيق نتائج ملموسة أمر محبط.

 فما الفائدة من إنفاق هذه الأموال إذا كان الطالب لا يزال يعتمد على الدروس الخصوصية والسناتر؟”، متابعا: “إن إلغاء الغش في الامتحانات أمر مستحيل طالما أن النظام الامتحاني الحالي لم يتغير”.

 

ودعا إلى ضرورة البدء في إصلاح التعليم من جذوره، كما فعل الدكتور “طارق شوقي” وزير التعليم الأسبق، مؤكدًا أن تجربة الصف الأول الإعدادي كانت ناجحة ويجب البناء عليها.

 

واختتم “عبد اللطيف” تصريحاته بالتأكيد على أهمية دور الأسرة في العملية التعليمية، داعيا إلى التعاون بين جميع الأطراف لتحقيق الأهداف المنشودة من الإصلاح التعليمي.

وانتقدت النائبة مها عبد الناصر، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تصريحات وزير التربية والتعليم الأخيرة، بشأن تحديث المناهج التعليمية.

 

 

وأوضحت النائبة خلال بيان لها، أن الوزير، الذي تولى منصبه قبل شهر فقط، تحدث عن إجراء حوار مجتمعي دون تقديم أي تفاصيل واضحة عن توقيت هذا الحوار أو مكانه أو المشاركين فيه، هذا الأمر أثار العديد من التساؤلات حول مدى صحة هذه الادعاءات.

 

وشددت “عبد الناصر” على أن تطوير التعليم في مصر يجب أن يكون مشروعًا قوميًا بعيدًا عن تأثير الأفراد الذين يتولون المناصب الوزارية، مؤكدة أن تطوير التعليم في مصر يجب أن يكون مشروعًا قوميًا يتجاوز تأثير الأفراد الذين يتولون المناصب الوزارية، مع ضرورة وضع خطة شاملة لتطوير التعليم تعتمد على جهود خبراء متخصصين، والاستفادة من نظم التعليم الناجحة في دول مشابهة لمصر مثل ماليزيا والهند.

 

ونوهت النائبة على أهمية بأن تتضمن هذه الخطة أهدافًا قصيرة المدى تهدف إلى معالجة نقص المعلمين وتقليل كثافة الفصول الدراسية، بالإضافة إلى أهداف متوسطة المدى تركز على تحديث المناهج التعليمية لتعزيز التفكير والإبداع وربطها باحتياجات سوق العمل.

 

وأضافت “عبد الناصر” أن تصريحات الوزير جاءت في توقيت غير مناسب، خاصة أنها صدرت قبل أسابيع قليلة من بدء العام الدراسي، مما أثار الشكوك حول مدى جدية هذه التوجهات.

 

 وأشارت إلى أن الجدل الأخير حول تغيير نتائج الثانوية العامة بعد إعلانها، زاد من حالة البلبلة وعدم الثقة في الوزارة بين الطلاب وأولياء الأمور. 

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية