سياسة

اتهامات حمدتي لمصر وإيران.. حقيقة أم مناورات سياسية؟

في ظل الصراع المحتدم داخل السودان، تتسارع الاتهامات حول تدخلات خارجية تسهم في تأجيج الحرب. فبينما تتعرض قوات الدعم السريع لهزائم متتالية، تشير أصابع الاتهام إلى قوى إقليمية ودولية يُزعم أنها تلعب دورًا في هذا النزاع، بما في ذلك مصر وإيران. تلك الاتهامات، رغم عدم وجود أدلة مؤكدة، تعكس محاولات متكررة لإيجاد مبررات للفشل العسكري. تظل هذه الروايات جزءًا من مشهد أكثر تعقيدًا، حيث تتداخل المصالح السياسية والدبلوماسية بين الدول.

 

أعلن زعيم ميليشيات الدعم السريع، حمدتي، منذ عدة أيام، أن الهزيمة التي لحقت بفصائله مؤخرًا سببها تدخل الجيش المصري، متهمًا إياه بأنه قام بضرب ميليشياته في بعض المواقع بالطيران الحربي. كما اتهم الجيش السوداني بالاستعانة بالسلاح والمعدات من النظام الإيراني في حربه ضده.

 

 

اللواء الدكتور نصر سالم

 

وفي هذا الصدد، أكد اللواء الدكتور نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأستاذ العلوم الاستراتيجية، في تصريح لمنصة “MENA“، أن هذه الاتهامات محض افتراء، حيث إن حمدتي يعلّق فشله على فكرة تدخل قوة أكبر منه، في إشارة إلى مصر، لتبرير هزيمته. وأضاف أن الجيش السوداني هو الذي قام بالهجوم وليس مصر.

 

وأوضح سالم أن مصر قد تقدم معونة للشعب السوداني، ولكنها لم تتدخل بالقوات الجوية في الصراع، حيث إن قرار التدخل العسكري هو اختيار يخص السودانيين وحدهم. وأكد أن مصر لم ترد حتى عندما احتجزت قوات حمدتي بعض الجنود المصريين في بداية الأزمة، لتجنب الانجرار إلى صراع داخلي بين طرفين وطنيين سودانيين.

 

 

من جانبه، أضاف محمد رشاد، وكيل أول جهاز المخابرات السابق، أن القوات الجوية المصرية هي قوات اشتباك، وإذا كانت قوات الدعم السريع تتهم مصر بالهجوم، فإن هذا الاتهام مفبرك، لأن الجيش السوداني يمتلك قوات جوية قادرة على العمل.

 

وأكد رشاد في تصريح لمنصة “MENA“، أن مصر لم تتدخل في الحرب القائمة في السودان ولم تشتبك مع قوات الدعم السريع، كما أنها لم ترد على احتجاز جنودها في بداية الصراع.

 

وفي سياق آخر، قال السفير علي الحفني، النائب الأسبق لوزير الخارجية للشؤون الإفريقية، إن مصر تتبع موقفًا ثابتًا في سياساتها الخارجية يقوم على دعم مؤسسات الدولة ورفض محاولات تقسيم السودان.

ودعا الحفني من خلال منصة “MENA” إلى ضرورة توحيد الصفوف السودانية تحت أجندة وطنية واحدة، مشيرًا إلى أن مصر مستعدة لتقديم كل الدعم في هذا الإطار، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني.

 

 

وأضافت الدكتورة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” أن الاتهامات التي وجهها حمدتي لمصر مؤخرًا جاءت بسبب فشل ميليشياته في عدة مواقع، مما دفعه لإلقاء المسؤولية على جهة خارجية، معتبرة أن مصر هي الأنسب لهذا الاتهام. وذكرت أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، بل تسعى دائمًا إلى تحقيق الوفاق بين الفرقاء.

 

وفيما يتعلق بالدعم الإيراني المزعوم للجيش السوداني، أوضح إسلام أبو المجد، الباحث في الشؤون الإفريقية، أن تصريحات حمدتي جاءت بعد هزيمته الكبيرة من قبل الجيش السوداني، وتزامنت مع انشقاق أحد قادة الدعم السريع في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة محمد أحمد كيكل، الذي سلم نفسه للجيش مع قواته وآلياته.

 

 

من جانب آخر، تحدث السفير الأسبق للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أمير الموسوي، عن العلاقات الإيرانية السودانية التي عادت بعد انقطاع دام حوالي 8 سنوات، إثر قرار الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير قطع العلاقات مع إيران عام 2016 دعمًا للسعودية.

 

ومع تحسن العلاقات بين طهران والرياض، عادت العلاقات السودانية الإيرانية ببطء. ورغم ذلك، أكد الموسوي في تصريح لمنصة “MENA“، أن هذه العلاقة لم تتطور بعد إلى تعاون عسكري.

 

وشدد الموسوي على أن اتهامات دعم إيران لحكومة البرهاني بالأسلحة غير صحيحة، وأن التعاون بين البلدين لم يتجاوز المساعدات الإنسانية، مثل تحلية المياه والكهرباء والغذاء والدواء.

 

وأضاف أن الاتهامات الموجهة إلى إيران بدعم الجيش السوداني تهدف إلى التشويش على العلاقات الثنائية ومنع تطورها.

وأشار الموسوي إلى أن إيران تدعم توجهات مصر في السودان، بما في ذلك جهودها لتحقيق المصالحة ووقف إطلاق النار. وأكد أن إيران تسعى إلى تقديم المساعدة في إعادة إعمار السودان ودعم اللاجئين السودانيين، وأنها تعمل على توطيد علاقاتها مع السودان في إطار من التعاون الإنساني والسياسي.

 

وأوضح أن وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة حاليًا لبحث عدد من القضايا الإقليمية، بما في ذلك دعم الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان وإيجاد حل سياسي للصراعات القائمة.

 

واختتم الموسوي حديثه بتأكيد أن إيران تواكب الجهود الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار في السودان وعودة اللاجئين وتنظيم مؤتمر مصالحة بين الفرقاء السودانيين.

 

كما شدد على أن إيران مستعدة للمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الداخلية في السودان وتقديم الخدمات التي يحتاجها الشعب السوداني.

 

تظل الاتهامات الموجهة إلى مصر وإيران في هذا السياق محاولة لتبرير الفشل العسكري الداخلي في السودان. ورغم التصعيد الإعلامي، تبقى الجهود الإقليمية والدولية موجهة نحو إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة ويعيد الاستقرار إلى السودان.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية