المجلس العسكري المصري، كان موجوداً، لكنه ظهر على السطح إبان تنازل الرئيس الأسبق حسني مبارك عن حكم مصر، ليدير المجلس العسكري شؤون البلاد.
طنطاوي وعنان، محسن الفنجري وممدوح شاهين، محمد العصار ورضا حافظ، لم يعد أحد منهم في المجلس العسكري، ولم يعد أحد يحفظ من هم أعضاء المجلس العسكري، والسبب يرجع إلى التغييرات المستمرة في المجلس على مدار عقد كامل.
تغييرات طالت قيادة كثيرة في الجيش وليس المجلس العسكري فقط، أجراها “السيسي” منذ أن عينه الرئيس الأسبق محمد مرسي وزيراً للدفاع.
بداية القصة كانت في شهر سبتمبر عام 2012، عندما قرر وزير الدفاع الجديد “عبدالفتاح السيسي”، إقالة أكثر من 70 من لواءات الجيش، عرفوا بولائهم للمشير طنطاوي، وزير دفاع مبارك المخضرم، ورئيس أركانه سامي عنان.
إقالات بالجملة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، ولكن خرج أحد المُقالين حينها ليؤكد أنها إقالات عادية لضخ دماء جديدة في صفوف القوات المسلحة، وأن من أحيلوا للتقاعد كانوا يعلمون بذلك قبل قرارات الإحالة.
حجازي وحجازي
كان المشهد عادياً، والأمور تسير على ما يرام، وصعد وزير الدفاع “عبدالفتاح السيسي” إلى سدة الحكم، لتبدأ إقالات واسعة وبشكل دوري شملت معظم مناصب قيادات الجيش، ليتوقف الأمر عند وزير دفاعه “صدقي صبحي”، الذي حصنه الدستور من العزل.
غير أن التضحية برئيس الأركان وصهر السيسي نفسه، أعلنت أن الدور حتماً سيأتي على الجميع.
ففي شهر أكتوبر من عام 2017، قرر “السيسي” إقالة الفريق محمود إبراهيم حجازي، بعد بقائه في منصبه 3 سنوات ونيف، وتعيين الفريق محمد فريد حجازي بديلاً عنه.
وتم حينها تعيين حجازي السابق مستشاراً لرئيس الجمهورية، وظل المشهد ضبابياً لساعات، ولم يستطع الساسة ولا المحللون تفسير ما حدث.
بيد أن خبراء ربطوا حينها بين هذا القرار، وتعديلات أخرى في وزارة الداخلية، توضح أن هناك أمر دبر بليل، إذ طالت التعديلات مناصب يتم تغييرها من رئيس الجمهورية مباشرة وليس وزير الداخلية، ففي ذات اليوم، أعلنت وزارة الداخلية حركة تغييرات للقيادات الأمنية شملت تغيير رئيس قطاع الأمن الوطني، ومدير أمن الجيزة، بالإضافة إلى مدير إدارة الأمن الوطني بالجيزة ومدير إدارة العمليات الخاصة بالأمن المركزي ولواءات آخرين.
صدقي صبحي
في عام 2018، حكومة جديدة ينتظرها الشعب المصري، اعتقد الناس أن الحكومة ستكون فيها وجوهاً جديدة للحد من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عانى منها المواطن، لكن الحكومة الجديدة كانت مفاجِئة إلى حد كبير.
إذ شملت الحكومة تغيير أهم منصبين في مصر بعد منصب رئيس الجمهورية، هما وزير الدفاع صدقي صبحي، ووزير الداخلية مجدي عبدالغفار، في مشهد أعاد للأذهان ما حدث معهما في مطار العريش عندما أخطأهما صاروخ أطلق باتجاههما، إلا أن الصاروخ نال منهما هذه المرة.
ليتم حينها تعيين محمد ذكي، قائد الحرس الجمهوري إبان فترة الرئيس الأسبق محمد مرسي، والشاهد الأبرز في قضية التخابر التي اتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي، قبل وفاته في يونيو عام 2019 أثناء المحاكمة.
المجلس العسكري
يتم تغيير المجلس العسكري في مصر كل فترة، تغييرات تتم بوتيرة لم تكن تحدث في الوقت السابق.
لواء سابق بالجيش تحدث إلينا عن التعديلات التي تتم داخل الجيش بشكل متسارع، قائلاً إن الهدف من هذه التعديلات هي ضخ دماء جديدة في صفوف القوات المسلحة، والاعتماد على الكوادر الشابة في قيادة وزارة الدفاع.
وأشار اللواء السابق، والذي رفض ذكر اسمه، إنه يتم إقالة القيادات التاريخية للوزارة كل فترة، ليحل محلهم قيادات جديدة برتب أقل من المعتاد، حيث كان من المعروف أنه يتم ترقية أحد اللواءات إلى رتبة فريق وتعيينه عضواً بالمجلس العسكري، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وبموجب سلطاته القانونية، يمكنه مضاعفة الترقية لرتبتين ليتم بعدها تعيين الكادر الجديد داخل الوزارة، وبعد عام ونيف، يتم إقالته وتعيين كادر جديد داخل الوزارة.
تعديلات جديدة
استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، في خطوة اعتبرها البعض تهميداً لتعديلات على مستوى قيادات الجيش المصري خلال المرحلة المقبلة.
تغييرات أعطى القانون المصري لرئيس الجمهورية الحق في إجرائها، لتحدث تغييرات خلال فترات متقاربة للغاية، تتنافى مع ما كان يحدث مسبقاً، على مستوى قيادات الجيش.
رئاسة أركان الجيش المصري، والمنصب المحرك لقادة أفرع الجيش، ظل تحت إمرة الفريق أول سامي عنان منذ عام 2005م، إلى أن عزله الرئيس الأسبق محمد مرسي من منصبه عام 2012.
ولكن بالرجوع إلى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ستجد أن منصب رئيس الأركان قد تغير عدة مرات، فبعد صدقي صبحي، كان الفريق محمود حجازي، ثم محمد فريد حجازي، ليأتي بعدهم الفريق أسامة عسكر رئيساً للأركان، ويستمر في منصبه حتى الآن.
وصدق رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، على قانون جديد برقم 134 لسنة 2021 يتضمن إدخال تعديلات في ثلاثة قوانين تخص القوات المسلحة، كان أهمها قصر مدة بقاء رئيس أركان حرب وقادة الأفرع ومساعدو وزير الدفاع في مناصبهم على سنتين بدلًا من أربع سنوات ما لم يقرر الرئيس مد خدمتهم بها.
في خطوة تعطي رئيس الجمهورية العديد من الصلاحيات لإحداث تغييرات داخل الوزارة الأهم سياسياً في مصر، منذ سقوط الملكية وحتى الآن.
ومنذ صعود الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم، بدأ في إنهاء خدمات عدد من قيادات الوزارة كان أبرزها إقالة الرجل الثاني في حكم مصر، كما أطلق عليه مسبقاً “صدقي صبحي”، وتتوالى هذه الإقالات لتشمل تغيير جميع قيادات الوزارة عدة مرات.
إقالات وتعديلات، صحبتها قوانين جديدة تضمن عدم عودة هذه الشخصيات إلى الواجهة مرة أخرى، سواء أكانت العودة عسكرية “فهي بيد الرئيس”، أو عودة سياسية من جهة “الديموقراطية”، بعد موافقة مجلس النواب في عام 2020 على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة.
ويمنع هذا القانون ترشح العسكريين السابقين لأي انتخابات رئاسية أو برلمانية أو حتى محلية، إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.