اقتصاد

استيراد أكبر كمية قمح في تاريخ مصر.. خيار أم ضرورة؟

– الأسعار والتوترات الجيوسياسية يدفعان الحكومة لاستيراد أكبر كمية قمح في تاريخها

– تدفقات القمح المطلوبة 3.8 مليون طن.. تقترب من 40% من الاستهلاك المحلي

– المناقصة تنجح في تأمين ثلاثة أرباع المطلوب على مدار عام

– شعبة الحبوب: الكمية كبيرة.. ومناقصة جديدة في الطريق لإكمال المستهدف

– الدكتور جودة عبد الخالق: قرار صائب إذا راعت الحكومة القدرة التخزينية

– متعامل أجنبي: الحكومة المصرية ستندم على رهانها حال انخفضت الأسعار

 

 أنهت هيئة السلع التموينية جلسة فض المظاريف الخاصة بمناقصة يوم الاثنين الماضي؛ لشراء 3.8 مليون طن قمح؛ بهدف خلق مخزون استراتيجي يمتد من 6 إلى 9 أشهر تقريبا، فيما لم يلتزم المتقدمون بشروط الدفع المدرجة في كراسة الشروط، إذ اعتبرها الموردون شروطا صعبة التنفيذ، في ظل الكمية التي تعد الأكبر في تاريخ البلاد.

 

السلع التموينية تلقت ما يزيد عن 100 عرض لشراء القمح، إلا أنهم لم يلتزموا بالشروط المقررة بكراسة الشروط، في الوقت الذي تراوحت فيه أسعار التوريد ما بين 244 إلى 350 دولارا للطن الواحد، وبكميات أقل من المحددة، وفقا لبعض المعاملين.

 

شراء مثل هذه الكمية يرجع إلى التخوف من ارتفاع سعر الذهب الأصفر في المستقبل بسبب الحرب الدائرة ما بين روسيا وأوكرانيا – أكبر موردي الحبوب، كذلك التوترات الإقليمية في البحر الأحمر والتخوف من مزيد من الارتفاعات في أسعار الشحن.

 

 

المناقصة المطروحة لشراء أكبر كمية من القمح في تاريخ البلاد، والمقدرة بـ 3.8 مليون طن، لا تأتي فقط ضمن احتياج مصر المتزايد من القمح عاما بعد عام، بل أيضا استغلالا لانهيار مؤشرات الأسهم العالمية والتي خفضت من أسعار السلع، ما يسمح لمصر بصنع احتياطي كبير من السلعة الاستراتيجية الأولى للبلاد، وفقا لتصريح أحمد كجوك وزير المالية الحالي.

 

ويعتبر الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين الأسبق، في تصريح خاص لمنصة “MENA“، أن إعلانا لمناقصة لتوريد القمح يتحكم فيه عوامل عدة، أهمها التوقيت، والكمية المراد شراؤها وترتبط بالظروف الإقليمية ومراقبة الاستهلاك وسعة المخازن القادرة على حفظ القمح.

 

 

 

ويؤكد «عبد الخالق» أن قرار الحكومة باستيراد الكمية الكبيرة الحالية من القمح والتي تُشكل 40% تقريبا من استهلاك البلاد سنويا؛ مدفوع بالضرورة ليس بالأسعار المنخفضة فقط، بل أيضا بالتهديدات التي تحيط بمصر مع اتساع دائرة الصراع بين إسرائيل وإيران ولبنان واليمن واحتمالية تورط مصر فيها، ما يستدعي رفع الاحتياطي من الغذاء والدواء والوقود تحسبا لتدهور الوضع الإقليمي٬ ويتساءل، هل تستوعب المخازن المصرية الكميات الكبيرة من القمح؟

 

وزير التموين الأسبق، يرى أن قرار الحكومة غلق موسم القمح المحلي يوم الأربعاء الماضي، يعني أن المخازن امتلأت عن آخرها، واستيراد ثلاثة أرباع هذه الكمية يمثل عبئا كبيرا فيما يخص التخزين والحفاظ على صلاحية القمح المستورد؛ لأن السعة التخزينية تقريبا من 4 إلى 5 ملايين طن، ومع افتراض التوريد على مدار العام واستهلاك المخزون، فإن لجنة البرامج التابعة لوزارة التموين عليها عمل خطة تفصيلية عن استيعاب المخازن للكميات الواردة.

 

 

وينوه «عبد الخالق» في نهاية حديثه، بأن سلسلة التفكير المنطقي عن كل هذه الأسباب وما حولها من مؤثرات يجعلني أؤكد أن قرار الحكومة طرح المناقصة الأخيرة صائب، وخاصة إذا راعت القدرة التخزينية للصوامع.

 

ويقول طارق سعيد رئيس شعبة الحبوب السابق باتحاد الصناعات، في تصريح خاص لمنصة “MENA“، إن المناقصة الحالية حققت ما يقرب من 75% من الكمية المستهدفة سنويا، لافتا إلى أن 3.8 مليون طن كمية كبيرة جدا مقارنة بالمناقصات السابقة على مدار تاريخ البلاد، ولذا لم تستطع الهيئة تحقيقها من خلال مناقصة واحدة، فهي أكبر من طاقة الموردين.

 

 

ويتوقع «سعيد»، أن تفتح هيئة السلع التموينية مناقصة جديدة لاستكمال الكمية المطلوبة، رغبة في الاستفادة من انخفاض الأسعار الحالية، بالتوازي مع موسم حصاد القمح الحالي في الدول الأوروبية.

 

وعلى الرغم من استبعاد «عبد الخالق» الخبير الاقتصادي ووزير التموين الأسبق، ارتفاع سعر القمح مستقبلا عن السعر الحالي بسبب قرب انتهاء موسم جمع المحصول في الدول المنتجة، إلا أن أحد المتعاملين الأجانب صرح لوكالة رويترز البريطانية بأن الحكومة المصرية ربما تندم على تسرعها في شراء هذه الكمية الكبيرة حاليا، إذا ما انخفضت الأسعار أكثر في المستقبل القريب.

 

 

 

ويصب عدم اكتمال الكمية في المناقصة المنتهية في صالح الحكومة، إذ يعطي مهلة لمراجعة قراراتها وترقب اتجاهات السعر العالمية للقمح، الذي تعتمد عليه مصر في توفير الخبز المدعم.

 

  وتأتي المناقصة في ظل تخفيض الاكتفاء الذاتي المستهدف من القمح إلى 51% من إجمالي الاستهلاك بحلول 2025، بعد أن كان مقررا زيادته إلى 65%، مما ينعكس على الموازنة التي تقدر احتياج مصر من القمح خلال العام المالي الحالي 2024/ 2025 بنحو 8.250 مليون طن، ما يمكن تعويضه من الكمية المستهدفة بالمناقصة الأخيرة.

 

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية