الشارع المصري
حيدر قنديل
الأزمة الاقتصادية تضع المواطنين تحت وطأة التلوث الغذائي.. شهادات مرعبة وأرقام صادمة
تبرز في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية التي تواجه مصر قضية جودة وسلامة الغذاء كأحد الملفات الساخنة التي تشغل الرأي العام.
وتنبثق مشكلات جديدة تؤثر على صحة المواطنين، لعل أبرزها تجارة المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الآدمي. تتسارع حملات التفتيش التي تكشف يوميًا عن كميات هائلة من اللحوم والأسماك والخضروات الفاسدة، مما يثير القلق حول سلامة الغذاء في البلاد.
ويبرز في الأفق تحديات تتعلق بنوعية الغذاء المقدم للمستهلكين، إذ يتكشف أن بعض الشركات والمصانع تستمر في التلاعب بالقوانين، مما يهدد صحة الأفراد وسلامة السياحة في مصر.
وتسلط منصة “MENA” الضوء على تجارب وشهادات من داخل مصانع ومطاعم، وكذلك تصريحات خبراء في مجال سلامة الغذاء، لتكشف عن حجم المشكلة وتداعياتها على المجتمع.
فئران داخل المطعم
يروي عبد العظيم كريم، شاهد عيان من أحد المطاعم، أنه كان يعمل في مطعم كشري في مدينة طنطا بجوار شركة الزيت والصابون، وفي أول يوم دخل فيه إلى المطبخ كانت صدمته الكبرى عندما وجد الفئران تأكل من المكرونة، ثم اكتفى العمال بغسلها فقط.
يوضح كريم في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أنه شعر بالاشمئزاز من ذلك العمل، واحتج بأنه سيذهب لشراء بعض الأغراض للمطعم، ثم ذهب بلا عودة حتى لا يكون سببًا في إيذاء الناس.
يُعد تلوث الغذاء في مصر من العوامل المؤثرة سلبًا على قطاع السياحة، حيث يمتنع الكثير من السائحين عن تناول الطعام والشراب في بعض الأماكن وفقًا للتوصيات الواردة إليهم من بلادهم، وذلك بسبب إصابة بعض الأفواج السياحية بالتسمم الغذائي أو بأمراض منقولة عن طريق الطعام.
أرقام خطرة
تؤكد الأرقام خطورة الموقف، إذ قامت الشرطة خلال الآونة الأخيرة بتحرير 958 قضية لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وتم ضبط 711 قضية سلع منتهية الصلاحية و875 طنًا من السلع الغذائية غير الصالحة للاستخدام. ورغم أن عملية الرقابة موزعة على عدة وزارات، إلا أن 90% من غذاء المصريين غير مراقب.
يقول حسين عباس في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“: “كنت أعمل في مصنع حلويات بالقرب من الأراضي الزراعية، وكان المطعم يتجول فيه الفئران ويتبولون على الحلويات، وأصحاب المصنع كانوا يكملون طهيها، وأغلب المصانع المصرية لا تهتم بعملية النظافة أو الحفاظ على سلامة المواطنين”.
السعر الزهيد كلمة السر
يضيف محمود علي، أحد المواطنين، أن أغلب الناس يبحثون عن الطعام زهيد الثمن بسبب معاناتهم من الظروف الاقتصادية السيئة، ولا يهتمون بالبحث عن الجودة أو النظافة.
يتابع علي في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن مطاعم الوجبات السريعة التي تقدم سندوتش الكبدة والحواوشي والتي تتراوح أسعارها بين ثلاثة جنيهات إلى خمسة جنيهات، يتحدث الجميع عن أنها مكونة من لحم الكلاب أثناء تناولهم لها، لكن هذا السعر في متناولهم فلا يكترثون للجودة.
الدكتور حسين منصور، الرئيس السابق لوحدة سلامة الغذاء
الشهادة الصحية لا تعني الأمان
يؤكد الدكتور حسين منصور، الرئيس السابق لوحدة سلامة الغذاء، أن حصول العامل في مجال الغذاء على الشهادة الصحية لا يضمن جودة المنتج أو سلامته على صحة المستهلك.
يوضح أن هذا الأمر ليس مؤشراً على سلامة الغذاء، وهو ما تؤكده منظمة الصحة العالمية في تقاريرها وكذلك الاتحاد الأوروبي.
يضيف منصور أن قرار وزير الصحة بإصدار الشهادة الصحية لجميع العاملين في صناعة الغذاء وبقاءها سارية لمدة عامين قد مر عليه 46 عامًا منذ أن أصدره وزير الصحة في عام 1967، ولم يتم تعديله ليتوافق مع متغيرات العصر.
وما زالت التحاليل التي تُجرى لإصدار الشهادة كما هي، رغم أن العديد من الأمراض التي ينص عليها القرار لم تعد موجودة في مصر، مثل التيفود.
يشير منصور إلى نقطة أكثر أهمية، وهي أن العامل الحاصل على الشهادة الصحية قد يصاب في اليوم التالي لإصدارها بفيروس معدٍ، مما يجعله مصدرًا للعدوى، في الوقت الذي يمتلك فيه شهادة صحية تؤكد خلوه من الفيروس، ما يمنحه الحق في ممارسة عمله دون أي مشاكل.
يؤكد منصور أن القوانين التي تراقب الغذاء مر عليها ما يقرب من نصف قرن وتحتاج إلى غربلة وتنقية لتتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية.
يشدد على أن مشروع القانون الموحد لسلامة الغذاء يوحد 17 جهة رقابية في كيان واحد تحت مسمى جهاز سلامة الغذاء، فضلاً عن دمج أكثر من ألفي تشريع وقرار ينظم سوق الغذاء في مصر، بداية من الزراعة مرورًا بالصناعة ثم تسويقه.
يختتم الدكتور منصور تصريحاته بتأكيده على أن جهاز سلامة الغذاء المزمع إنشاؤه سيضع نظامًا رقابيًا صارمًا على الغذاء المنتج محليًا والمستورد من خلال الاستعانة بأحدث معامل الفحص الرقابي والتحليلي للغذاء. ويطالب بضرورة الإسراع في إقرار القانون لمواجهة التجار الفاسدين الذين يتلاعبون بصحة المواطنين.
يحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة عليها.
وينص القانون على معاقبة كل من يخدع أو يشرع في خداع المتعاقد معه بأي طريقة بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرون ألف جنيه، أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
المزارع السمكية والصرف الصحي
يصرح الدكتور نادر نور الدين، المختص في مجال الموارد المائية، عند سؤاله عن المزارع السمكية التي تعتمد على مياه الصرف الصحي ومدى تأثيرها على جودة المنتج، بأننا لا نملك مصارف خاصة بالصرف الصحي، وأن الصرف كله يتم تحت الأرض.
يؤكد نور الدين في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” أن المسموح باستخدامه هو مياه الصرف الزراعي فقط، وليس مياه الصرف الصحي، مشيرًا إلى أن ما يتم تداوله لا يصح علميًا لأن مياه المجاري تحتوي على مواد سامة وملوثات عضوية ومواد ثقيلة تشكل خطرًا بالغًا على حياة الأسماك، وبالتالي لا يمكن استخدامها.
يوضح نور الدين أن المياه المسموح بها قانونيًا لتربية الأسماك هي مياه الترع والصرف الزراعي، ويمنع استخدام مياه الصرف الصناعي.
يشير إلى أن مصر تستخدم جزءًا كبيرًا من مياه الصرف الزراعي، حوالي 15 مليار متر مكعب في الري في الدلتا، وهناك احتمالات بوجود بعض الأماكن التي لا تتوفر لديها خدمات صرف صحي وتتخلص منه في المصارف، لكن الرقابة الدائمة تتابع هذه الأمور وتمنعها.
يضيف نور الدين أنه عند تحليل مياه الصرف الزراعي في الدلتا، نجد أن المياه جيدة وليست مملحة، مما يعني أنه يمكن إعادة استخدامها بأمان. يؤكد أن مصر لا تسرف في استخدام الأسمدة والمبيدات إلى درجة تلوث المياه، بل بالعكس، أحيانًا تكون هذه الأسمدة غذاءً للأسماك وليس لها أي أضرار.
يلفت نور الدين إلى أن المزارع السمكية تستخدم إما مياه الأنهار أو الترع أو الصرف الزراعي، وبالتالي تُربى الأسماك بشكل قانوني وآمن.
وتخضع المزارع السمكية لتفتيش مستمر من جهاز سلامة الغذاء والهيئة الخاصة بالأسماك وهيئة الثروة السمكية، وهناك ضوابط حتى في نوع الطعام الذي تتغذى عليه الأسماك، إذ توجد مصانع أعلاف خاصة بأعلاف الأسماك، وهذا الأمر بات منتشرًا في منطقة الدلتا، حيث تكون الأغذية متوازنة وتساعد الأسماك في الوصول للوزن المطلوب في وقت قياسي.
وفيما يتعلق باستخدام مخلفات الدواجن في تغذية الأسماك، يوضح الدكتور نور الدين أن وضع سماد عضوي للنبات يؤدي إلى إنتاج خضروات، وعندما نتناول هذه الخضروات، لا يعني ذلك أننا نتناول السماد البلدي نفسه، بل يعني أن النبات استفاد من هذه المواد، في حين أن المواد الضارة والثقيلة تبقى في الأرض وتحسن من صفات التربة العضوية.
يشرح نور الدين أن الوضع نفسه يحدث في حالة وضع مخلفات الدواجن كغذاء للسمك؛ فالأسماك تأخذ ما يفيدها وتترك الباقي.
وينوه إلى أن الأسماك، مثل الإنسان، تتجنب المياه الملوثة، وحتى لو تعلق جزء من المواد الضارة في السمك، مثل الخياشيم أو المعدة، إذ يمكن تنظيف هذه الأجزاء ولا يتم تناولها.
ويؤكد أن الإنسان سيكون بمأمن عندما يتجنب هذه المناطق من جسم السمكة. مشيرًا إلى أن سمك التونة يُعتبر من أكثر أنواع السمك شهرة في العالم، رغم ارتفاع نسبة الزئبق فيه، ومع ذلك يستمر الناس في تناوله طالما أن نسبة الزئبق المتواجدة فيه ضمن الحد المسموح به.
عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،
بسنت عادل
“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى
محمود فهمي
عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين
حيدر قنديل
جميع الحقوق محفوظه ©2024