في تقرير منسوب لمعهد دراسات الأمن القومي، يشير إلى أنه في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية، أبدت دول السلام العربية – ولا سيما مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة – مشاعر عميقة من انعدام الثقة والإحباط، بل والدهشة حيال سلوك إسرائيل. وقد تصاعدت هذه المشاعر مؤخرًا، ويبدو أنها بلغت ذروتها. ورغم اعتراف هذه الدول بالإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل وإدراكها لإمكانية أن تترك أثرًا إيجابيًّا في الشرق الأوسط، إلا أنها تشعر بقلق بالغ إزاء ما تعتبره نهجًا عسكريًّا جامدًا وأحادي البعد، يتمثل في الاعتماد المستمر والحصري على القوة العسكرية.
وتبعًا لما يسود في الأوساط الدبلوماسية وصنع القرار في العالم العربي، فإن الاستراتيجية الحالية لإسرائيل تتجاهل فرصة إنهاء الحرب، وتفشل في تحويل المكاسب العسكرية إلى مبادرات دبلوماسية. هذا الإخفاق يقوّض فرص إطلاق مسار سياسي يهدف إلى حل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وصياغة واقع جديد يقوم على السلام والازدهار في المنطقة.
من الانتقادات البارزة التي توجهها دول السلام العربية لإسرائيل، تركيزها على حجم القوة المفرطة التي استخدمتها ضد قطاع غزة، وما خلّفته من مآسٍ إنسانية في صفوف المدنيين. فقد تصدّرت مشاهد النساء والأطفال المنكوبين، التي بثّتها وسائل الإعلام العربية، الخطاب الشعبي والسياسي في المنطقة، وترافقت مع اتهامات صريحة بارتكاب جرائم إبادة جماعية. ويُنظر إلى هذه الصور على أنها ستُشكّل عائقًا كبيرًا أمام أي مساعٍ مقبلة لإعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو ترميم جسور الثقة التي تصدّعت بفعل الحرب.
رغم كل ذلك، لا تزال دول السلام العربية متمسكة باتفاقياتها الموقّعة مع إسرائيل، وبالرؤية الأشمل للتطبيع والاندماج الإقليمي، وهي تُعبّر عن هذا الالتزام علنًا. بل إنها طرحت صيغًا مرنة لإنشاء أفق سياسي في مرحلة ما بعد الحرب.
ومع ذلك، تتصاعد المخاوف من أن السياسات الإسرائيلية الراهنة تُلحِق أضرارًا متعددة الأبعاد بالعلاقات الثنائية، بدءًا من تآكل الثقة بين القيادات الرسمية، مرورًا بتصاعد الغضب الشعبي العربي تجاه إسرائيل، وانتهاءً بتعزيز نفوذ التيارات الإسلامية المتشددة.
هذا الواقع المتحوّل لا يهدد فقط بإجهاض فرص التطبيع، بل يُقوّض أيضًا ما تحقق من خطوات فعلية على هذا المسار، ويُغذّي توجهات عربية متزايدة نحو تبنّي استراتيجيات إقليمية تُقصي إسرائيل عمدًا من معادلاتها.
على امتداد العقدين الماضيين، وخصوصًا بعد توقيع اتفاقيات أبراهام، نجحت إسرائيل في نسج علاقات بنّاءة مع عدد من الدول العربية التي أقدمت على تطبيع العلاقات معها. وقد ارتكزت هذه العلاقات على أرضية من المصالح الاستراتيجية المشتركة، في مقدّمتها التصدي للنفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، ومحاربة الجماعات الإرهابية السلفية الجهادية، إضافة إلى تعزيز التعاون في ميادين الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة.
وفي خضم هذا الزخم، شَهِد الإقليم إطلاق منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) ومنتدى النقب، بينما شرع قادة المنطقة في بلورة تصوّر جديد لهندسة إقليمية قائمة على تلاقي المصالح الجيواستراتيجية.
يشير معهد دراسات الأمن القومي، إلى أن اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، التي أطلقتها حركة “حماس” جزئيًا بهدف عرقلة مسار التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى، نجح فعليًا – على الأقل في الوقت الراهن – في وقف هذه التحركات الإيجابية.
وتجلّى هذا التحوّل بوضوح في الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى المنطقة، حيث روّج خلالها لرؤية التكامل الإقليمي من خلال سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية والاتفاقات التجارية، بعضها وُصف بالتاريخي، كاجتماعه مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، في حين غابت إسرائيل بشكل لافت عن المشهد.
وخلال زيارته، أقرّ ترامب بأن مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية مرشح للتأجيل، في ظل استمرار الحرب الدائرة في قطاع غزة.
في موازاة ذلك، أسهمت الحرب في تسريع تآكل صورة إسرائيل لدى الحكومات والشعوب العربية على حدّ سواء، ففي قطاعات واسعة من المجتمعات العربية، تُنظَر إلى إسرائيل بشكل متزايد على أنها متمسكة بنهج قائم على القوة وحدها، متجاهلة اعتماد استراتيجية أكثر توازنًا تجمع بين الأدوات الدبلوماسية والمدنية والاقتصادية.
ويُنظر إلى هذا السلوك على أنه يضر بالمصالح الاستراتيجية للطرفين، العربي والإسرائيلي، مما يدفع دول السلام العربية إلى إعادة النظر في الفرضيات الأساسية التي بنت عليها علاقاتها مع إسرائيل.
وأوضح معهد دراسات الأمن القومي أن انتقادات الدول العربية المعتدلة لإسرائيل تتمحور حول قضايا محورية عدّة، في مقدّمتها ما يُعرف بـ”تصوّر النصر” على حماس.
ففي الأوساط العربية، يسود اعتقاد بأن إسرائيل تسعى إلى مواصلة الحرب لتحقيق ما تسميه “نصرًا كليًا” على حركة حماس، رغم أن الأخيرة تُعدّ، في نظر كثيرين، قد هُزِمت فعليًا، فقد تكبّدت الحركة خسائر عسكرية كبيرة، وتراجعت شعبيتها بين قطاعات واسعة من الفلسطينيين، كما تواجه حالة من التشرذم الداخلي، وتعاني استراتيجيًا من وضع بالغ الصعوبة بسبب الدمار الهائل الذي ألحقته بنفسها وبقطاع غزة وبالمجتمع الفلسطيني عمومًا.
وفي ظل هذه المعطيات، يُنظر إلى إصرار إسرائيل على تصوير حماس كتهديد وجودي دائم، على أنه تكريس لرواية مشوّهة، تُغرق إسرائيل أكثر فأكثر في “مستنقع غزة”، وتنعكس سلبًا على صورتها وعلى استقرار المنطقة بأسرها.
ثانيًا، يُنظر إلى سعي إسرائيل للسيطرة التامة على قطاع غزة والقضاء على حركة حماس “حتى آخر عنصر” دون مرافقة ذلك بمسار سياسي يهدف إلى إقامة بديل فلسطيني حاكم في القطاع، على أنه توجه غير واقعي ويأتي بنتائج عكسية.
فمن منظور دول السلام العربية، فإن الركون المستمر إلى الحلول العسكرية وحدها لن يحقق الغايات الاستراتيجية التي تطمح إليها إسرائيل. إذ إن الضغط العسكري، مهما اشتد، لن يُفضي إلى نزع سلاح حماس، ولن يُعجّل بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين، كما أنه لن يُنتج بيئة مستقرة في غزة في حال غياب الحركة.
وعلاوة على ذلك، فإن هذا النهج الإسرائيلي، القائم على الحسم العسكري بمعزل عن أفق سياسي، يفتقر إلى الحد الأدنى من الدعم لدى الدول العربية المعتدلة، التي ترى أن مثل هذا المسار يُقوّض فرص الاستقرار ويعزل إسرائيل عن شركائها الإقليميين بدلًا من تعزيز التعاون معهم.
ثالثًا، تُهدد السياسة الإسرائيلية القائمة على الاعتماد الحصري على الأدوات العسكرية طيفًا واسعًا من المصالح الاستراتيجية المشتركة بين العرب وإسرائيل، فهي تُقوّض الاتفاقات السلمية القائمة، وتُعرقل جهود توسيع دائرة التطبيع لتشمل دولًا عربية إضافية، كما تُذكي مشاعر الكراهية والرغبة في الانتقام من إسرائيل داخل المجتمعات العربية.
وتُضعف هذه السياسة من متانة علاقات التطبيع الحالية، ناهيك عن إمكانية إبرازها علنًا، وتُشتّت تركيز كل من إسرائيل ومحور الاعتدال العربي عن مواجهة التحديات الإقليمية الحقيقية والملحّة، وفي مقدّمتها التمدد الإيراني، والدور المربك لكل من قطر وتركيا، وعودة سوريا بـ”نسختها الجديدة”، فضلًا عن تهديدات جماعة الإخوان المسلمين.
رابعًا، يُسهم تركيز إسرائيل الحصري على الحلول العسكرية في تغذية التطرف داخل المنطقة، ويمنح الجماعات الإسلامية المتشددة ما تحتاجه لتعزيز حضورها وتأجيج خطابها العدائي، فهذا النهج يخدم منطق القوى الراديكالية التي تسعى إلى زعزعة استقرار إسرائيل، ويقوّي مواقعها على الأرض، بل ويمنحها اليد العليا سياسيًا وإعلاميًا.
وتخشى دول السلام العربية أن يوفّر هذا الواقع بيئة خصبة لحماس لتجنيد عناصر جدد من جيل الشباب في غزة، خاصةً في ظل غياب بديل سياسي حقيقي أو رؤية فكرية منافسة لحماس وأيديولوجيتها. كما أن هذا الوضع يعزز ما يُعرف بمحور “المقاومة”، ويوسّع جاذبية الحركات الإسلامية داخل بعض الدول العربية، لا سيما في الأردن ومصر، ويُعقّد جهود لبنان في الوصول إلى واقع مستقر خالٍ من هيمنة “حزب الله”.
ورغم أن دول الاعتدال العربي أبدت إعجابها ببعض الإنجازات العسكرية للجيش الإسرائيلي في لبنان وسوريا، إلا أنها تنظر إلى استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في أراضي هذين البلدين على أنه سلوك عدائي وغير مشروع من منظور القانون والسيادة الإقليمية.
خامسًا، إن اعتماد إسرائيل على نهج “إدارة الصراع” بدلًا من السعي الجاد إلى حله لن يضمن لها أمنًا طويل الأمد، بل على العكس، سيُبقي الأزمة قائمة ومفتوحة على احتمالات التصعيد، ويُعمّق جذور التوترات القائمة، وترى دول السلام العربية أن إسرائيل تُقدّم القوة على الدبلوماسية، ما يطيل أمد العنف والدمار، ويُغذي شعورًا جمعيًّا باليأس داخل الأراضي الفلسطينية. وفي ظل هذا الواقع، فإن تحقيق أمن مستقر لإسرائيل يبدو مستحيلًا، كما أن أي جهود لتفكيك الفكر المتطرّف في غزة أو لتوسيع نطاق التطبيع الإقليمي ستظلّ معلقة ومعرّضة للانهيار.
وأخيرًا، تُجمع الدول العربية على أن المرحلة الراهنة تقتضي تقوية السلطة الفلسطينية لا تهميشها، ففي نظر هذه الدول، كان ينبغي لأحداث السابع من أكتوبر أن تكون نقطة تحول تدفع إسرائيل إلى مراجعة سياستها التي لطالما اعتبرت “حماس مكسبًا أمنيًّا” و”السلطة عبئًا سياسيًّا”، ورغم إقرارها بالضعف المؤسسي والأداء المتراجع للسلطة الفلسطينية، ترى دول السلام أن هذه السلطة ما زالت الجهة الوحيدة الملتزمة بخيار التسوية والتفاوض مع إسرائيل — لكنها، في المقابل، تُواجه فراغًا سياسيًا ناجمًا عن غياب شريك إسرائيلي يُقابل هذا الالتزام بالجدية نفسها.
وأشار معهد دراسات الأمن القومي، أن القلق يتصاعد داخل دول السلام العربية من الآثار السلبية طويلة الأمد التي قد تُخلّفها الحرب على علاقاتها مع إسرائيل.
وتتمثل أسوأ السيناريوهات في اتخاذ إسرائيل خطوات تُعتبر – من وجهة نظر هذه الدول – تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وتجاوزًا لـ”الخطوط الحمراء”. ومن بين أبرز هذه الخطوات المحتملة: تشجيع الهجرة الجماعية للفلسطينيين، بشكل مباشر أو غير مباشر، من قطاع غزة أو الضفة الغربية نحو مصر أو الأردن.
مثل هذه الإجراءات قد تُفسّر على أنها انتهاك صريح لاتفاقيات السلام، وقد تدفع الدول المعنية إلى تعليقها أو حتى إنهائها بالكامل.
كما تُعدّ تطورات أخرى مقلقة، من شأنها أن تُهدد العلاقات القائمة، مثل قيام إسرائيل بضمّ أراضٍ فلسطينية، أو انهيار السلطة الفلسطينية، أو اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.
من الواضح أن الحرب الجارية قد قوّضت الثقة التي بُنيت على مدى سنوات بين إسرائيل ودول السلام العربية، سواء على مستوى العلاقات الرسمية أو في نظرة الرأي العام العربي تجاه إسرائيل، فالصور المتكررة للدمار والموت والمجاعة القادمة من قطاع غزة لا تُثير فقط موجات إدانة عالمية لإسرائيل، بل تضع الأنظمة العربية في موقف حرج أمام شعوبها، وتُولّد ضغوطًا داخلية لاتخاذ مواقف احتجاجية ضد إسرائيل.
كما أجّجت هذه المشاهد مشاعر التضامن العربي الواسع مع المعاناة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، حتى بين أولئك الذين يرفضون أيديولوجية حركة حماس.
ورغم التزام دول السلام العربية المبدئي بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، إلا أن التطورات الراهنة تنذر بتآكل هذه الاتفاقيات وربما ضياع الفرصة التاريخية لتوسيعها.
وقد برز هذا التحوّل بوضوح خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الرياض، حيث عكست المباحثات مدى استياء السعودية المتصاعد من السياسات الإسرائيلية الحالية واستمرار الحرب في غزة، ما يدفعها نحو عقد تفاهمات ثنائية مباشرة مع الولايات المتحدة، مع تجاوز إسرائيل تمامًا في الحسابات الإقليمية المقبلة.
وأوضح معهد دراسات الأمن القومي، بالتوازي مع انتقاداتها المتواصلة للسياسات الإسرائيلية، تدعو الدول العربية إلى تغيير جذري في نهج إسرائيل، واعتماد مقاربات بديلة، في مقدّمتها المقترح المصري الذي حظي بدعم جماعي من جامعة الدول العربية في مارس 2025، غير أن إسرائيل سارعت إلى رفض هذا الطرح دون الخوض في أي نقاش جاد حول مضامينه.
وفقًا للخطة المصرية–العربية، تبدأ المرحلة الأولى التي تمتد لستة أشهر بإعلان وقف دائم لإطلاق النار، تُشكَّل خلالها حكومة فلسطينية مدنية ذات طابع تكنوقراطي، تتولى مهام الحكم بدلًا من سلطة حركة حماس. كما يُنشر في قطاع غزة جهاز شرطة فلسطيني مدرّب في كل من مصر والأردن لضمان الأمن والاستقرار.
أما المرحلتان الثانية والثالثة، واللتان تمتدان على مدار أربع سنوات ونصف، فستركّزان على إعادة إعمار المساكن، وإنعاش القطاع الزراعي، وتحسين الخدمات العامة، وتأهيل البنية التحتية، ويُتوقّع أن تُموّل جهود الاستقرار والتعافي هذه من قبل أطراف عربية ودولية، بتكلفة تقديرية تتجاوز 50 مليار دولار.
ويشير معهد دراسات الأمن القومي، أنه من منظور دول السلام العربية، تنطلق المبادرة المصرية–العربية من مجموعة من المبادئ التي تتباين جوهريًا مع النهج الإسرائيلي الحالي، وتسعى إلى إرساء مسار أكثر توازنًا واستقرارًا في التعامل مع أزمة غزة:
ورغم أن هذه المبادئ لم تُطرح جميعها بشكل صريح في النص الرسمي الصادر عن الجامعة العربية، إلا أن بعض الدول العربية قد تُبدي استعدادًا ضمنيًا لأخذ الهواجس الأمنية الإسرائيلية بعين الاعتبار.
وقد تشمل هذه الضمانات: منح إسرائيل سيطرة كاملة على محيطها الأمني مع قطاع غزة، وإنشاء آليات رقابة صارمة لضبط الحدود والمعابر ومنع تهريب الأسلحة، إلى جانب إمكانية إشراك قوات دولية – وربما عربية – في تنفيذ الاتفاق.
كما أن بعض الدول لا تستبعد ضمنيًا القبول بقيام إسرائيل بعمليات محددة لمكافحة الإرهاب داخل غزة، شريطة أن تستهدف تهديدات دقيقة ومباشرة.
رغم ما حققته إسرائيل من مكاسب عسكرية منذ السابع من أكتوبر، إلا أنها تُنظر من قبل دول السلام العربية كدولة مثقلة بجراحها، تتعامل مع محيطها الإقليمي بعقلية منقطعة عن الواقع، وتسلك مسارًا استراتيجيًا خاطئًا يتجاهل ليس فقط احتياجاتها الأمنية، بل أيضًا مصالح شركائها العرب، في وقت أصبحت فيه قضايا الأمن القومي مترابطة على نحو غير مسبوق.
النهج الإسرائيلي الراهن أدخل العلاقات مع الدول العربية المعتدلة في أزمة ثقة عميقة، وأضعف صورة إسرائيل كشريك استراتيجي جدير بالثقة، وأثار مشاعر غضب وإحباط في أوساط صانعي القرار والرأي العام العربي.
واستمرار الحرب بصيغتها الحالية، من دون أن تُرفَق برؤية سياسية واضحة، لا يؤدي سوى إلى تمكين القوى الراديكالية، وإضعاف محور الاعتدال، وتعريض فرصة التطبيع التاريخية مع السعودية إلى خطر التلاشي.
ومع ذلك، لا تزال النافذة مفتوحة أمام مشروع الاندماج الإقليمي. فالدول العربية المعتدلة لم تتخلّ عن رغبتها في المضي قدمًا في شراكتها مع إسرائيل، وتسعى إلى بلورة خطة مسؤولة، متدرجة، لإعادة تأهيل قطاع غزة، واستعادة الاستقرار، والتقدّم نحو تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني–الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، تُبدي هذه الدول استعدادًا حقيقيًا لمراعاة الهواجس الأمنية الإسرائيلية، شريطة أن تقابلها خطوات سياسية مدروسة من الجانب الإسرائيلي.
فالقرارات التي ستتخذها إسرائيل – أو تُحجم عن اتخاذها – في المرحلة القريبة، ستكون حاسمة ليس فقط لمآلات الحرب في غزة، بل لمستقبل موقعها في المنطقة، وعلاقاتها مع العالم العربي بأسره.
رابط المصدر: