الشارع المصري

“الأزهر” هل يكون بديلاً لـ”شبح” الثانوية العامة؟


“كليات القمة”، مصطلح انتشر في مصر منذ عقود، ويقصد به الكليات التي يدخل الطلاب إليها بمجموع مرتفع، وبما أن هناك كليات قمة، في المقابل سيكون هناك “كليات القاع”، ورغم أنها لا تقال، إلا أنها جعلت المنافسة بهذا الشكل.


وتمثل الثانوية العامة في مصر، مفترق طرق للطلاب، فإما أن تكون مصدر فرح للطالب وأهله، وإما أن تكون وبالاً يلاحق الطالب أينما حل وارتحل، ويكون أقلها “شوف ابن خالتك جاب كام، وأنت جبت كام؟”.

صراع يدخل فيه الطالب المصري منذ اليوم الأول للتعليم، مقارنات تعقد، ومنافسة أوجدها الأهل من العدم، رغم اختلاف الوسائل والمعطيات والقدرات بكل طالب من الطلاب، ليحاول الأهل الهروب من شبح الثانوية العامة، ولكن إلى أين؟.



عرف عن الأزهر الشريف دخول الطلاب إلى أفضل الكليات بمجموع أقل من الثانوية العامة، وهنا يفكر الآباء في إدخال أبنائهم إلى المعاهد الأزهرية، لتكون هي البديل المتاح بالنسبة إليهم.


الحاج سعد بيومي كان أحد هؤلاء الآباء، والذي فكر في إدخال أبنائه إلى المعهد الأزهري منذ أكثر من 15 عاماً.


يقول بيومي لمنصة “MENA“، اتفقت أنا وزوجتي أن لا ندخل أبناءنا في دوامة الثانوية العامة، وما يحدث فيها من ضغط على الطلاب، “مش عايز حد فيهم يجراله حاجة”، هكذا بدأ الرجل حديثه.


وأضاف بيومي، أن أبناء شقيقته لم يحالفهم الحظ في الحصول على مجاميع تؤهلهم للدخول إلى الكليات التي كانوا يحلمون بها، مشيراً إلى أنهم حصلوا على مجموع أقل درجة أو درجتين من مجموع الكلية التي كانوا يرغبون في الالتحاق بها.


وتابع بيومي، هنا فكرت في إدخال أبنائي إلى الأزهر الشريف، وقدمت لهم في المعهد الأزهري المجاور لنا، مؤكداً أن ابنته الكبرى دخلت إلى كلية اللغات والترجمة قسم اللغة الإنجليزية، وأن ابنه الثاني طالباً في الفرقة الأولى لكلية الهندسة في جامعة الأزهر بمدينة نصر.


واختتم الرجل حديثه، بأنه لم يضغط على أبنائه يوماً في الدخول إلى كلية معينة، لكنه رسم لهم الطريق الأسهل في التخرج من كليات تناسب سوق العمل.



اقرأ أيضًا:








هناك عدة فروقات بين شكل الثانوية العامة والثانوية الأزهرية، إذ أن عدد مواد الثانوية العامة هي 7 مواد فقط، بينما عدد مواد الثانوية الأزهرية هي 16 مادة.


ويدرس طلاب الثانوية الأزهرية نفس مواد الثانوية العامة، إلى جانب مادة القرآن الكريم والتجويد، والمواد الشرعية، وهي “الحديث، والسيرة النبوية، والتوحيد، والفقه”.


كما يدرس طلاب الأزهر مواد اللغة العربية مقسمة على عدة أفرع، مثل “النحو والصرف، والأدب والمطالعة والنصوص، والبلاغة”، بينما يدرس طالب الثانوية العامة اللغة العربية بكل أفرعها في مادة واحدة.


هناك فارق آخر من حيث مجموع الثانوية العامة، ومجموع الثانوية الأزهرية، حيث يصل مجموع الدرجات في الثانوية العامة إلى 410 درجات، بينما يبلغ في الأزهر 630 درجة للقسم الأدبي، و650 درجة للقسم العلمي.

ويدير امتحانات الثانوية العامة، وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بينما يدير امتحانات الثانوية مشيخة الأزهر التي يرأسها فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.



يرى طلاب الثانوية العامة من خلال تعليقاتهم على الثانوية الأزهرية أنها تتميز بالعديد من المميزات، وهي التي تجعل فرص دخولهم إلى كلية من كليات القمة أكبر من غيرهم.


نور شاهين، طالب في الثانوية العامة، حصل هذا العام على مجموع قدره 63%، حيث أكد أنه كان يتمنى الحصول على شهادة الثانوية الأزهرية.


وأضاف الطالب في لقاء مع منصة “MENA“، أنه ينتظر الآن الدخول إلى أحد المعاهد الحكومية التابعة لوزارة التعليم العالي، لأنه لن يتمكن من الدخول إلى جامعة خاصة، بسبب ظروف أسرته المادية.


وأكد نور أنه لو كان طالباً أزهرياً لتأكد من الدخول إلى إحدى الكليات وحصوله على الليسانس، حتى لو حصل على نسبة 50% في مجموع الثانوية الأزهرية، “أي حد أزهري بيدخل كلية، مفيش معاهد عندهم”، على حد وصف الطالب.

وبحسب إحصائيات العام الجاري، فإن عدد طلاب الثانوية العامة قد وصل إلى ما يقرب 730 ألف طالب وطالبة، بينما بلغ عدد طلاب الثانوية الأزهرية، ما يقرب من 156 ألف طالب وطالبة.


ويرى شاهين، أن هناك تيسيرات على طلاب الثانوية الأزهرية من حيث شكل الامتحان الذي يتم وضعه، مشيراً إلى أن فترة المراجعة وحل امتحانات الأعوام السابقة تبين أن الامتحان يكون أسهل بكثير من الثانوية العامة.




وحول مميزات الأزهر، قال مصطفى الشربيني خريج كلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، إن الأزهر يختلف اختلافاً كلياً عن التعليم، ويكفي أنه يخرج الوعاظ والأئمة والدعاة ليس لمصر وحدها وإنما إلى العالم أجمع.


وأضاف الشربيني والذي يعمل إمام وخطيب بوزارة الأوقاف لمنصة “MENA” أن الأزهر كان ولا زال منارة للإسلام والمسلمين، ويكفي فخراً أنه يعلم الأبناء علوم الدين والدنيا.


وتابع الشربيني في مدحه للأزهر، أن الأزهر الشريف يحفظ الطلاب القرآن الكريم كاملاً طوال سنوات الدراسة فيه، ليتخرج طالب الثانوية الأزهرية حاملاً لكتاب الله تعالى قبل أن يدخل إلى المرحلة الجامعية.


وتمنى الشربيني أن يكون التعليم في مصر كله أزهرياً، حيث يتلقى الطلاب علوم الشرع، مشيراً إلى أن الأزهر هو المكان الوحيد الذي يعلم الطلاب أمور دينهم.


وأوضح الداعية الأزهري، أن الأزهر نشر الدين الإسلامي على مدار ألف عام، كما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا تشديد ولا تحريف.

وتابع، أن وسطية الإسلام لا تتمثل حالياً إلا في الأزهر الشريف، وعليه فإن الأزهر هو حائط الصد الأول في وجه الجماعات المتطرفة والتي اتخذت من الدين ستاراً لها.


وشدد الشيخ الأزهري، أن تعاليم الإسلام التي يتعلمها الطالب الأزهري، يجب أن تصل إلى التعليم العام، وأن يكون هناك بروتوكول تعاون بين الأزهر ووزارة التربية والتعليم لاستقدام أساتذة من الأزهر لتعليم طلاب التعليم العام. 



هناك اتجاه يرى أن سهولة الثانوية الأزهرية تكمن فيما يحدث داخل اللجان، وغياب الرقابة، مما يعطي مجالاً للغش داخل اللجان.


وأكد الأستاذ محمد جميل، معلم لغة عربية في الثانوية الأزهرية، ورئيس كنترول في أحد المعاهد الأزهرية، أنه لا يوجد حالات غش ممنهجة داخل لجان الثانوية الأزهرية، مشيراً أن ما يحدث هي أخطاء فردية، ومن الممكن أن تحدث في لجان الثانوية العامة.


وقال جميل في تصريحات لمنصة “MENA“، أن السيطرة على لجنة الامتحان ترجع إلى ضمير مراقب اللجنة وليس شيئاً آخر، مشيراً إلى أن الأزهر وضع ضوابط ولوائح ونظم رادعة للغش داخل اللجان.


وتابع جميل أن مستوى الطالب الأزهري لا يختلف عن مستوى الطالب في التعليم العام، وأنه لا يوجد فوارق من حيث مستوى التعليم في كلا المنهجين.



اشتكى عدد من الأزاهرة في مصر، أن هناك تحيزاً من قبل بعض المؤسسات تجاه الأزهر، بعد حصولهم على شهادات البكالوريوس والليسانس.

يقول إسلام مجدي، وهو خريج كلية الهندسة جامعة الأزهر، إنه تقدم منذ عدة سنوات لإحدى الشركات، بعد حصوله على تقدير جيد جداً في بكالوريوس الهندسة بجامعة الأزهر.


وأضاف مجدي لمنصة “MENA” أنه بعد تقديم السيرة الذاتية وحضور المقابلة الشخصية، فوجئ برد غريب من قبل مسؤول الموارد البشرية بالشركة، والسبب هو أنه خريج من جامعة الأزهر.


وتابع المهندس الأزهري، أنه دخل في نوبة اكتئاب حادة بسبب هذا الرفض الذي تعرض له، متسائلاً: ما الفرق بين خريج كلية الهندسة في جامعة الأزهر، وخريج كلية الهندسة في أي جامعة أخرى؟.


طالب أخر تعرض لموقف مشابه لما تعرض له الخريج السابق أثناء فترة دراسته الجامعية، حيث تم رفض تدريبه في إحدى المؤسسات، وكان الرد، “يسمح بالتدريب لطلاب جامعة القاهرة فقط.


وقال عبدالله جمال لمنصة “MENA“، إنه لن يلحق أبناؤه بالمعاهد الأزهرية حتى لا يتعرضوا لمثل ما تعرض له مسبقاً، مشيراً إلى أن التعليم العام أسهل بكثير من التعليم الأزهري.


مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية