تحليلات

الابتزاز الرقمي والمعلوماتي وجهود مباحث المعلومات


متصل: مساء الخير يا افندم

مساء النور

متصل: في بطاقات فيزا كتير اتسرقت، كنا عايزين حضرتك تبعت لنا رقم الفيزا بتاعت حضرتك علشان نتأكد من البيانات.


اتفضلي يا افندم الرقم “———“

وبعد دقائق تبين أن رصيده البنكي أصبح صفراً، وأن هذه المكالمة كانت فخاً نُصب له لسرقة أمواله.


هذا ما حصل مع الحاج عيد السيد، وهو رجل يبلغ من العمر 73 عاماً، وبعد محاولته إرجاع أمواله عدة مرات، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.


لم تكن هذه الحالة الأولى، ولن تكون الأخيرة، في عمليات الابتزاز الرقمي، والذي يشمل أشكالاً عدة من النصب، والهدف في معظم الأحيان يكون مادياً بامتياز.


يقول عيد، لـ”MENA“، إنه لم يكن يتوقع أن يتم سرقة البيانات الخاصة بحسابي البنكي بهذه الطريقة، مشيراً إلى أن معلوماته عن التكنولوجيا الحديثة تكاد تكون معدومة.

وأضاف الرجل، أنه وضع جميع أمواله التي ادخرها في أحد البنوك، من أجل الحصول على فوائدها والعيش منها بسبب عدم قدرته على العمل، إلا أن ما حدث كان صادماً بالنسبة إليه.


وتابع عيد، أنه تقدم ببلاغ في وزارة الداخلية منذ حدوث الواقعة، تفيد بسرقة مبلغ 270 ألف جنيه هي كل ما يملكه في الدنيا، ومسكنه وهو شقة إيجار قديم “59 سنة”، سيفقدها خلال سنوات.


وأشار الرجل، إلى أنه لا يعتقد أن هذه الأموال ستعود مجدداً بالنسبة إليه، خاصة وأنه هو من أعطى معلومات لشخص مجهول، وبالبحث عن رقم الهاتف، تبين أنه غير مسجل أصلاً، وتم إغلاقه بعد هذه الواقعة.



يقول الدكتور وائل نجم، الخبير القانوني،: إن الابتزاز الإلكتروني هو نوع من السلوك الإجرامي الذي يستهدف الضحية عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يقوم المبتز بالحصول على معلومات أو صور خاصة بالضحية، ثم يُهدد باستخدامها أو نشرها إذا لم تستجب الضحية لمطالبه المالية أو الشخصية، وقد يتخذ الابتزاز أشكالاً مختلفة كابتزاز جنسي أو ابتزاز سياسي أو ابتزاز مالي.


وأضاف، في تصريحات صحفية، أن هناك أشكالاً للابتزاز الإلكتروني، مثل الابتزاز الجنسي، وهو الحصول على صور أو مقاطع فيديو ذات طابع جنسي للضحية ثم التهديد بنشرها إذا لم تستجب لمطالب المبتز، والابتزاز السياسي، وهو استغلال معلومات أو آراء سياسية للضحية للضغط عليه والتأثير على مواقفه، أو الابتزاز المالي، الذي تضمن التهديد بنشر معلومات أو صور للضحية مقابل دفع مبالغ مالية.


وأشار الخبير القانوني إلى أن الابتزاز الإلكتروني  يترك آثاراً نفسية وعاطفية وصحية وقانونية خطيرة على الضحايا، فقد يؤدي إلى الاكتئاب والقلق والخوف والانسحاب الاجتماعي.


كما قد يتسبب في اضطرابات نفسية وأمراض جسدية، وعلى الصعيد القانوني، قد ينتج عنه مشكلات قانونية للضحية إذا استجاب لمطالب المبتز.


ويمكن لأي شخص تعرض لابتزاز من خلال الإنترنت، التواصل مع مباحث الإنترنت عن طريق الاتصال بـ” الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات” على الرقم “0224065052 -0224065051”.

كما يمكن أيضاً الاتصال من خلال الخط الساخن “108” بإدارة مكافحة جرائم الحاسبات.




عمليات النصب بهذا الشكل، تتغير بعد معرفة الناس بها، ويعتمد النصّابون في كل الأحيان على عاملي “الخوف لدى المواطن من سرقة أمواله، أو الطمع من خلال إقناعه بحصوله على مبالغ مالية كبيرة”.


بالبحث والتدقيق، تبين أن معظم هؤلاء الضحايا، لا علاقة لهم بالإنترنت ولا يتابعون أخبار هؤلاء المجرمين بشكل دوري، كما يحدث مع فئة الشباب.


أحد هؤلاء الضحايا كان “سامي عبدالقادر”، رجل سبعيني، لا يملك غير معاش شهري يحصل عليه من وزارة الصحة المصرية، حين كان يعمل “ترزي”، داخل إحدى المستشفيات العامة طوال حياته، وتم تعيينه بعد أن شارك في حرب 1973.


يقول سامي، أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من شخص ذكر له أنه من شركة “لا يتذكر اسمها”، وأن رقم هاتفه ربح 30 ألف جنيه، ولكن عليه تحويل مبلغ 2000 جنيه حتى يتمكن من استلام المبلغ.


وأضاف عبدالقادر لـ”MENA“، أنه كان قد صرف المعاش مؤخراً، فذهب إلى أحد المحلات لتحويل المبلغ “كاش”، على هذا الرقم الذي اتصل به.

وأشار سامي أنه ينتظر حتى يتم تحويل المبلغ، وهو ما لم يحدث، مؤكداً إلى أنه وبعد ساعة اتصل على ذات الرقم، وأكد أنه حول المبلغ المطلوب، وأنه لم يحصل على الجائزة.


وتابع الرجل، أن الرد من هذا الشخص أكد له أنه يجب تحويل 3000 جنيه مصري إضافيين، حتى يتمكن من تحويل المبلغ، مضيفاً أن المبلغ لم يكن بحوزتي، وأنه اقترضه من أحد الأصدقاء وأرسلهم إلى الرقم بنفس الطريقة.


وأكد سامي، أن هذا الرقم تم إغلاقه بعد ذلك، بعد أن قام بتحويل مبلغ 5000 جنيه كاملة، مشيراً إلى أنه لم يكن يتوقع أن يحدث معه ذلك، وأنه يم يتعرض لأي عملية نصب طوال حياته.



بدأ النصابون في عمليات الابتزاز بشكل مبسط، عن طريق كروت الشحن، حيث تصل إليك رسالة بأنه قد تم تحويل رصيد إليك بقيمة 100 أو200 جنيه، وبعدها تجد رقماً يتصل بك، ليخبرك أنه قد حول إليك رصيداً بشكل خاطئ، لتكتشف بعد ذلك أنك قد وقعت ضحية للنصب.


مصطفى جمال أحد الأشخاص الذين حدث معهم هذه العملية، أكد لـ”MENA” أنه تم النصب عليه في تحويل رصيد بقيمة 200 جنيه فقط.


وحول عمل محضر برقم الهاتف الذي قام بعملية النصب، قال جمال، إن المبلغ بسيط للغاية، ولا يستحق أن أذهب لعمل محضر.

عملية ابتزاز كانت من نوع أخر، استغل فيها هؤلاء العاطفة الدينية للشعب المصري، حيث اشتكى شخص من تعرضه لعملية نصب جراء هذا الأمر.


وقال أحد الأشخاص في منشور له على موقع “فيس بوك” إن اتصالاً ورد إليه بأنه سيتم تحويل مبلغ 2500 جنيه على محفظته، من أجل التبرع لتحفيظ القرآن الكريم لأي شخص تعرفه في هذا المجال.


وأضاف الشخص، أنه بعد موافقته على هذا الأمر، ونيته في إرسال هذا المبلغ لأحد محفظي القرآن، وجد رسالة تحويل “كاش”، تفيد بتحويل مبلغ 3500 جنيه.


وتابع أنه بعد دقيقة واحدة من تحويل الرسالة، اتصل بي ذات الرقم وأخبرني أنه تم إرسال المبلغ بزيادة قدرها 1000 جنيه، وأن عليك تحويل هذا المبلغ، مشيراً إلى أنه استجاب بالفعل وقام بتحويل المبلغ، واكتشف بعدها أن الرسالة كانت وهمية وأنه لم يصله أي تحويل مالي.


مصدر داخل إدارة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات في وزارة الداخلية أكد أن حجم البلاغات الذي يقدم إلى الإدارة لا يتناسب مع كمية الجرائم التي تتم عبر الإنترنت.


وأضاف المصدر، لـ”MENA“، أن البعض يخشى من تقديم بلاغات ضد هؤلاء المجرمين، بسبب كمية الأموال القليلة التي وقعوا ضحية لها.


وطالب المصدر بأن أي شخص يقع ضحية لعملية نصب حتى لو كان ثمنها جنيه واحد فقط، فيجب عليه التقدم ببلاغ حتى يتم التعامل من قبل وزارة الداخلية، وتحذير الأخرين من أن يقعوا ضحية لهذا الأمر.



يعتبر الابتزاز الجنسي أحد أهم أشكال الابتزاز في عصر التكنولوجيا الرقمية، ولا يشترط أن يكون الابتزاز فاضحاً، لكن هؤلاء يعلمون كيف يتم التعامل مع كل حالة على حدة.


وتحاول الفتاة المبتزة تقديم المال الذي يغنيها عن تعرضها للتشهير أو الفضيحة بسبب صورها الشخصية، أو أي معلومات أو بيانات لا ترغب في نشرها على العام.

إحدى الفتيات تعرضت للابتزاز عن طريق شاب كانت تربطهما علاقة حب أثناء فترة الجامعة.


يقول محامي الفتاة لـ”MENA“، أن الفتاة في بداية الأمر خافت من إبلاغ أهلها بما تعرضت له، رغم أن من هددها كان يمتلك صوراً لها وهي بدون حجاب كانت قد أرسلتها له بعد إلحاح منه أثناء الفترة التي قضياها معاً تحت مسمى “الحب”.


وتابع المحامي أنه بعد ارتفاع وتيرة التهديد من هذا الشاب بنشر صورها على الإنترنت وإرسالها لأهلها، أبلغت الفتاة أهلها بما حدث، وهو ما دفعهم للتواصل معي، وأبلغتهم بعمل محضر رسمي لهذا الشاب، وهو ما حدث.


وأردف أنه تم إرفاق “سكرين شوت” من المحادثات التي دارت بين الشاب والفتاة في المحضر المقدم، وأصدرت النيابة أمراً بإلقاء القبض عليه وحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.


وأشار المحامي في معرض حديثه بأنه تم الصلح، وحصلت أسرة الفتاة بعد تدخل الحكماء على وعد بعدم التعرض للفتاة مرة أخرى، وانتهت بجلسة عرفية تم فيها حل الأمر.

واختتم بأن هذا الشاب كان من الممكن أن يضيع مستقبله، لأن المحكمة كانت ستصدر حكماً بسجنه، مشيراً إلى أن الجميع في مصر يعلم ما معنى كلمة “سوابق”، وهم من سبق حبسه بتهمة، وأثرها على مستقبله، حتى لو كان الحكم بالسجن لمدة 6 أشهر.




بدأت الحكومة المصرية في إنشاء جهاز داخل وزارة الداخلية قبل الانتشار السريع الذي حدث على شبكات التواصل الاجتماعي.

ففي عام 2002، أنشأت وزارة الداخلية إدارة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات، لكن عدد البلاغات الواردة إلى الإدارة 7 بلاغات فقط على مدار العام.


لكن مع الانتشار الكاسح لشبكات التواصل الاجتماعي وصل الرقم إلى 7 آلاف بلاغ عام 2016، وتقول الإدارة إن هناك مزيداً من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها، وتم تحذير الناس منها على مواقع التواصل الاجتماعي.


ومع التطور التكنولوجي الواقع خلال العقدين الأخيرين، كان القانون المصري حاضراً للتعامل مع مثل هذه الحالات.

حيث شدد القانون على أهمية التبليغ عن حالات الابتزاز الإلكتروني لتمكين السلطات المختصة من اتخاذ الإجراءات اللازمة، و يجب على الأفراد الالتزام بتوجيه الشكاوى للجهات المعنية، والتعاون مع التحقيقات لضمان محاسبة المتورطين.


كما تنص المادة 308 من قانون العقوبات على عقوبات تصل إلى السجن عند ثبوت التورط في أعمال تهديد أو ابتزاز عبر الوسائل الإلكترونية، ويهدف ذلك إلى حماية المواطنين وضمان أمان المعلومات الشخصية للأفراد.


ونص قانون العقوبات المصري في المادة 327 على “أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادى”.

كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز 3 سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أموال أما اذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7سنوات.


ونص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة 25 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته.


اقرأ أيضًا:






مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية