الفرق الغنائية المصرية بين الماضي والحاضر
في يوم 30 مارس 1977م ساد الحزن ربوع مصر، وبكاء في الشوارع، وأصوات نحيب بين الفتيات، فقد مات “عبدالحليم حافظ”.
“حليم”، والذي أطرب العالم العربي أجمع وليس مصر فقط، بأغانيه التي عبرت حاجة الزمن، لتظل باقية في الذاكرة، ويرددها شباب اليوم.
من “قارئة الفنجان” و “أسمر يا اسمراني”، و “بتلوموني ليه”، وغيرها التي ما زالت تتردد في أروقة كل عاشق للفن.
وبعد وفاة “حليم”، تغيرت شكل الأغنية في مصر، فقد سبق وفاة عبدالحليم، وفاة أقطاب الغناء العربي “أم كلثوم”، و”فريد الأطرش.
وفاة حاول البعض إيجاد بديل لهم، فهرع المنتجون إلى شاب يشبه عبدالحليم حافظ في الشكل والصوت،
إلا أن القصة لم تكن كذلك بالنسبة للجمهور، وإنما إحساس وشعور لن يعوضه أحد.
هاني شنودة
بعد وفاة عبدالحليم وفي ذات العام، فكر موسيقار شاب في إنشاء فرقة غنائية، لتعويض حالة الفجوة الغنائية في الشارع المصري.
وبالفعل استطاع “شنودة”، ومجموعة من أصدقائه إنشاء فرقة “المصريين”، لتكون أول فرقة مصرية.
وكان من أشهر مؤسسي الفرقة، تحسين يلمظ، وهاني الأزهري، وممدوح قاسم، وانضمّ لهم المطرب عمر فتحي،
والمطربة إيمان يونس شقيقة الفنانة إسعاد يونس، ثم داليا، ومنى عزيز.
كما كتب كلمات الأغاني لفرقة “المصريين” كبار الشعراء من بينهم صاحب الرباعيات “صلاح جاهين”.
وقد استعان صناع مسلسل “حالة خاصة”، والذي قام ببطولته الفنان “طه دسوقي”، والفنانة “غادة عادل”، بستة أغاني من أغاني الفرقة.
وبعد عرض اسم الأغنية، سرد البطل “طه دسوقي”، والذي كان يعاني من “التوحد” تاريخ الفرقة ونشأتها وأشهر أغانيها، حيث بقيت الفرقة من عام 1977 حتى عام 1988.
وقال هاني شنودة إن: “ارتباط الناس القوي بفرقة “المصريين”، يعود إلى عملها بجدية في التلحين والغناء”.
وأضاف “تعاقب على الفرقة مطربات كان لكلٍّ منهنّ أثر، بدءاً من إيمان يونس أحد أسباب نجاح الفرقة،
وقد قرّرت الزواج وترك الغناء، فاستعنّا بتلميذتها راندا التي غنت “الصبحية”، و”لما كان البحر أزرق”.
وتابع أن “راندا قرّرت هي الأخرى أن تتزوج وتتركنا، وجاءت منى عزيز التي غنّت “ماشية السنيورة” وتزوجت أيضاً وتركتنا.
وأشار “شنودة” إلى أن عضوات الفرقة اللواتي غنّين :”ما تحسبوش يا بنات إن الجواز راحة” تزوّجن بعدها.
وحول إمكانية عودة الفرقة من جديد، نفى “شنودة” إمكانية حدوث هذا الأمر، لوفاة اثنين من أعضائها قائلاً:
“عودة الفرقة للساحة الفنية مجدداً مستحيلة”.
عمار الشريعي
“واحنا فايتين عل الحدود”، “مستمرين في الصعود”، “اختفى النيل الجميل من تحتنا”، “والمدن، والريف، وأول عمرنا”.
بهذه الكمات لحن الموسيقار الكبير “عمار الشريعي”، هذه الكلمات لفرقته الأصدقاء.
حيث قدمت الفرقة أغنيات اعتمدت فيها على الإيقاعات المصرية والمقامات الشرقية ذات الثلاثة أرباع التون، كما اعتمد في أغانيه على العود الشرقي.
واعتمدت فرقة الشريعي على 3 أصوات هم “مُنى عبد الغني، وحنان، وعلاء عبد الخالق”، واعتمد الثلاثة على أسلوب التطريب.
المخرج الكبير هاني لاشين، تحدث إلينا عن مشاركة الموسيقار الكبير عمار الشريعي في عدة أعمال.
وقال “هاني لاشين لمنصة “
MENA إنه لم يجد في حياته أذناً موسيقية كتلك التي يملكها عمار الشريعي.
وتحدث لاشين عن موقف جمعه مع “الشريعي”، والفنان العالمي “عمر الشريف”، أثناء تواجدهم في أحد الفنادق وقت تصوير فيلم “الأراجوز”.
وقال لاشين كنت أنا والشريف ننظر بابتسامة أثناء عزف الشريعي، فقال لي الشريف، أنا أعلم ما هي سر موهبة “الشريعي”.
وأضاف “لاشين”، تساءلت عن السبب، فقال “الشريف”، أن السبب هو أنه لا يرى، وقد أبدله الله أذناً وبصيرة أغنته عن عينه.
لكن سرعان ما توقفت هذه الفرقة، بعدما ذاع صيت “الشريعي”، ليتهافت عليه المنتجون والمخرجون لإخراج أعمالهم بالشكل الموسيقي الذي يناسب الجمهور.
4M
اشتهرت هذه الفرقة في ثمانينيات القرن الماضي، ورغم استخدامهم أشكالاً عدة للموسيقى الغريبة،
إلا أن كلماتهم التي تبعث على البهجة، كان لها آثر بالغ في الانتشار بين الناس.
“مغنواتى، عواد قانونجى، رقاق ناياتى، الفن عندى هو حياتي، سفر يوماتي، وسهر ليلاتى، أشكي أهاتى وقهقهاتي،
وأقول يا دنيا خدي وهاتي خدي وهاتي دانا المغني المغنواتي”.
أغنية “مغنواتي”، كانت أشهر أغاني الفرقة التي استعان فيها الطبيب “عزت أبو عوف”، بأخواته الأربعة.
وظلت الفرقة تقدم هذه الألوان الموسيقية في مختلف البلدان، حتى اتجه أبو عوف إلى التمثيل، ومن بعده شقيقته الفنانة “مها أبو عوف”.
وكان لنجاح الفرقة السبب الأكبر في استعانة المنتجين بالفرقة، مثل مسرحية “عشرة على باب الوزير”.
إلا أن ظروفاً أسرية حالت دون استكمالها، والتي نشاء أفرادها في بيت فني كان أساسه والدهم الموسيقار أحمد شفيق أبو عوف.
اقرأ أيضاً
مسيرة الفن الشعبي المصري من عبد المطلب إلى شطة وبيكا
ترك آل الشيخ مسيرة استثمارية بين الرياضة والفن في مصر
الفرق الغنائية المصرية بين الماضي والحاضر
مفاوضات فرنسية تثير الجدل حول منتخب الفراعنة واتحاد اللعبة يرد
أزمة الأغنية
خلال هذه الحقبة، ظهرت العديد من الفرق الموسيقية، والتي بقيت في ذاكرة المصريين حتى الآن.
وكان من أهم هذه الفرق، “الحب والسلام، وفرقة طيبة، وفرقة النهار، وغيرها من الفرق التي انتهت مع مرور الوقت”.
لكن بعد هذه الحقبة بدأت تنتشر عدة مواهب غنائية في مصر، كان أبرزها “عمرو دياب، والشاعري، محمد فؤاد، محمد منير”.
وظل الإعلام في مصر فترة طويلة يصف هذه الحقبة بمسمى “أزمة الأغنية”، وهم المطربون الذين ظهروا بعد اندثار الفرق.
ويرجع هذا الأمر إلى عدم تقبل الناس لمطربين جدد، بعد وفاة أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، وغيرهم من “زمن الفن الجميل”.
ولكن تمكن “عمرو دياب”، من تغيير ألوانه الغنائية، ليطلق عليه الجمهور “الهضبة”، ويتمكن رفيقه “محمد منير”، من الحصول على لقب الكينج.
ساقية الصاوي
رغم توقف
الفرق الغنائية المصرية فترة من الزمن، إلا أنها عادت من جديد.
ولكن عودتها كانت “نخبوية” بعض الشيء، وينظر إلى مستمعيهم على أنهم من “الطبقة المثقفة”.
ولعل أبرز الفرق الموسيقية الحديثة، والتي أخذت في الانتشار في أعقاب ثورة يناير، “فرقة كايروكي”.
واشتهرت هذه الفرقة، في بداية الأمر عندما كانت تقدم أغاني باللغة الإنجليزية، وصاحبها هو الفنان، “أمير عيد”.
من أشهر الفرق الموسيقية، فريق “بلاك تيما”، وأشهر أسمائها الفنان “أمير صلاح الدين”.
تقدم الفرقة العديد من
الحفلات في ساقية الصاوي وبعض الجامعات المصرية، والعديد من الحفلات الخيرية.
فرقة “وسط البلد”، هي الأخرى حققت شهرة واسعة، ورغم التحديات التي واجهت الفرقة مادياً في بدايتها.
إلا أنها استطاعت أن تجد لها اسماً وسط الفرق المصرية، ولا تزال هذه الفرقة تعمل منذ 25 عاماً، وأشهر أعضائها الفنان هاني عادل.
استطاع هاني الدقاق، وأربعة من أصدقائه في محافظة الإسكندرية تكوين فرقة موسيقية، هي فريق “مسار إجباري”.
حقق الفريق شهرة واسعة وسط فئة الشباب المصري، وتمكنوا من مزج الأغاني المصرية القديمة بالأغاني الغربية، مثل أغاني الراحل “سيد درويش”.
فرق المهرجانات
رغم ذكر الفرق الغنائية السابقة، إلا أن شهرتها كانت محدودة، لم تتمكن من اختراق الحاجز الشعبوي للمواطن.
إذ أن هذه الأغاني لم تستخدم في الأفراح وحفلات التخرج للجامعات المصرية، بسبب نوع الموسيقى والكلمات التي تقدمها.
واستبدلهم الناس بـ”فرق المهرجانات” والتي أطلت علينا منذ سنوات، بموسيقى صاخبة وكلمات خارجة عن المألوف.
الفرق الغنائية المصرية بين الماضي والحاضر
ورغم أن ما يهم هو صوت الموسيقى، والتي يلزم من يستمع إليها على “الرقص”، سواء كان رقصاً “عقباوي”، أو غيره.
ومصطلح “عقباوي” لمن لا يعرفه، هو مصطلح يشير إلى من تخرج من “المؤسسة العقابية للأحداث”.
وهم الأطفال الذين ارتكبوا جرائم جنائية وكانوا حينها تحت السن القانونية.
وهنا يتم إيداعهم المؤسسة العقابية، حتى يصلوا إلى السن القانونية لدخولهم السجن، وهي 18 عاماً.
كان لهذه المؤسسة آثر بالغ في الأغنية الشعبية، فظهرت أغنية وكليب عقباوي، دمي حامي، دنيا دايرة بالأسامي”.
وقد حصلت هذه الأغنية لفريق “عقباوي”، على أكثر من 58 مليون مشاهدة على موقع “يوتيوب”.
وبعد نجاح الجزء الأول من “عقباوي”، تعاونت الفرقة هذه المرة مع ملحن جديد هو “إسلام كريزي”.
ولكن على ما يبدوا أنهم استخدموا نفس نوع الموسيقى في الجزء الأول.
ولكن اختلفت الكلمات هذه المرة، فكانت “عقباوي وباطير في الجو، شغل أفاعي ماتجيش تحلو، تيجي علينا احنا اتهرينا، مفترس ياض ولساني “سافل”، إلى آخر الكلمات”.
ولا أحد يعرف حتى الآن عدد هذه الفرق التي أطلت علينا خلال السنوات الماضية.
إلا أن قرار منع فرق المهرجانات الذي أصدره نقيب الموسيقيين السابق هاني شاكر، شمل 23 فرقة مهرجانات مصرية.
ومن أبرز هذه الفرق كانت فرق، “حمو بيكا، حسن شاكوش، الدخلاوية، المدفعجية، أوكا وأورتيجا، شواحة،
العصابة، ريشا كوستا، مجدي شطة، وزة مطرية.
ويحصل “المؤدي” من هؤلاء على ما يقارب الخمسين ألف جنيه مصري في الحفلة الواحدة.
كما تتهافت أشهر الفنادق في المنطقة العربية على التعاقد معهم لتغطية الأفراح والمناسبات بقاعات هذه الفنادق.