سياسة

اللواء محمد رشاد لمنصة “MENA”: قضيتا فلسطين والسودان في ذمة التاريخ.. وحزب العرجاني ينذر “بكارثة” | حوار

حاورت منصة “MENA“، أحد أعمدة جهاز المخابرات العامة سابقًا، والذي كانت له إسهامات بارزة في ملفات الأمن القومي المصري.

 

شغل اللواء محمد رشاد منصب قنصل مصر في تركيا واليونان، وكان مسؤولًا عن الملف الإسرائيلي بجهاز المخابرات. كما كان من بين أوائل من أشاروا إلى قضية الحفارة بساحل العاج، وتولى مهمة التحقيق مع جاسوسة القرن، هبة سليم، لمدة شهرين ونصف.

انضم إلى صفوف الجيش المصري خلال حرب اليمن، وشارك في عدد من الحروب الكبرى، ليصبح أحد الشخصيات البارزة في القوات المسلحة المصرية.

 

وفي هذا الحوار، يحلل اللواء أركان حرب محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، عددا من القضايا المهمة، بما في ذلك التي تختص بالشؤون العربية والإسرائيلية

 

———–

إسرائيل لم تحقق أهدافها بعد 7 أكتوبر

مستقبل الصراع في فلسطين أخذ منحى آخر بعد هجوم حماس

الصراع في السودان يدفع البلاد نحو “ذمة التاريخ”

مصر تأخرت في معالجة أزمة سد النهضة

أحمد الشرع قائد المعارضة المسلحة في سوريا حسن النية.. والأيام ستكشف حقيقته

الصراع في سوريا سيستمر بسبب الخلاف الطائفي والتدخلات الخارجية

على مصر الاستثمار في الصناعة بدلًا من بيع الأصول

الشرق الأوسط يواجه جحيمًا بعيدا عن تهديدات ترامب

الحوثيون يثبتون وجودهم من خلال مشاركتهم في “طوفان الأقصى”

كيان العرجاني يشكّل خطرًا على الأمن القومي على المدى البعيد

حزب العرجاني يسعى للأغلبية في البرلمان ومجلس الشيوخ، مما قد يشكل كارثة نيابية

 

إلى نص الحوار:

 

 مصر محاطة بحدود ملتهبة وخاصة الحد الشرقي عند فلسطين.. كيف ترى الصراع هناك وتأثيره على معبر رفح البري؟

 

الحقيقة أن وصف الحدود بالملتهبة هو توصيف دقيق ومناسب بالنسبة للصراع، فمنذ 7 أكتوبر، عندما شنت حماس هجومها على الغلاف الإسرائيلي، بدأ الوضع يأخذ أبعادًا كثيرة. إسرائيل دخلت غزة بهدف تقليص قدرات حماس والحركات الأخرى الموجودة هناك. ومع ذلك، لم تتمكن حتى الآن من تحقيق أهدافها.

 

لكن في المقابل، تسببت إسرائيل في دمار هائل وخسائر كبيرة بين المدنيين، وتمكنت من اغتيال بعض قادة حماس. ومع ذلك، فإن حماس وبقية فصائل المقاومة ما زالت صامدة ومستمرة.

 

أما بالنسبة للمعابر، فإن إسرائيل تعمل على إغلاق معبر صلاح الدين (فيلادلفيا) بشكل دائم، وتسعى لتحويل شمال غزة إلى منطقة عسكرية، مع تقليص وجود المدنيين فيها.

 

بالنسبة لمستقبل الصراع، فإنه لم يتضح حتى الآن، لكن من الواضح أن رئيس وزراء إسرائيل لا يريد أي وجود فلسطيني على الحدود التي احتلها. القوى داخل إسرائيل تعارض إقامة دولة فلسطينية، مما يجعل القضية الفلسطينية تبدو وكأنها في “ذمة التاريخ”.

 

وما تأثيرات الحرب بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع؟ وهل يمكن لمصر تجنّب تداعياتها؟

 

السودان دخلت بالفعل في نفق التفكك والفوضى، حيث تتناحر القوى الداخلية فيما بينها. كل طرف يحقق مكاسب مؤقتة، لكنه يخسرها مجددًا بسبب استمرار العمليات العسكرية.

 

الجيش السوداني لديه داعمون، وكذلك ميليشيات الدعم السريع، مما يجعل الصراع مفتوحًا دون أفق محدد. هذا الصراع يعتمد على أهداف عسكرية أكثر من كونه صراعا سياسيًا.

 

أما بالنسبة لمصر، فإن الأمن القومي مهدد من جميع الحدود. يجب على مصر أن تظل في حالة تأهب دائم، عبر حماية الحدود ورصد تطورات هذه الصراعات بشكل مستمر.

 

 وما سبب عدم تدخل مصر لحل مشكلة المحتجزين لدى قوات الدعم السريع؟

 

مشكلة المحتجزين المصريين تكمن في عدم معرفة أماكن وجودهم. ولكن إذا تم تحديد مواقعهم، فإن الوضع سيأخذ منحى مختلفًا. في إطار العمليات العسكرية، إذا تمكن الجيش السوداني من رصدهم، فمن المتوقع أن يكون تحريرهم ضمن أجندة عملياته.

 

أما بالنسبة لمصر، فمن الممكن تنفيذ عملية عسكرية خاصة، ولكن ذلك يتطلب أولًا تحديد أماكن المحتجزين بدقة. لتحقيق التصعيد الدبلوماسي أو العسكري، يجب توفير معلومات دقيقة وحقيقية عن مواقع الاحتجاز، لأن أي عملية خاصة ستكون شديدة الخطورة. لذلك، من الضروري وجود قاعدة بيانات تفصيلية لتُبنى عليها خطة العملية.

 

وكيف يمكن التعامل مع سد النهضة؟ وهل ممكن ضرب السد؟

 

مشكلة سد النهضة كانت تحتاج إلى حل في ذروة الأزمة، لكن مصر تأخرت في معالجة هذا الملف. إثيوبيا استغلت حالة الفوضى بعد ثورة يناير، وبدأت في توقيع اتفاقية عنتيبي.

 

كان من الممكن أن تلعب بعض الدول دورًا في الحد من النزاع، مثل جنوب السودان التي تربطها علاقات طيبة بمصر. لكن، للأسف، جنوب السودان وقّعت أيضًا على الاتفاقية.

 

أما عن فكرة التعامل مع السد من خلال تفجيره، فهذا مستبعد تمامًا؛ لأن تدمير السد سيؤدي إلى غرق السودان بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج مصر إلى استعدادات كبيرة لاستيعاب كمية المياه الضخمة التي ستتدفق إليها.

 

إذا أرادت مصر التدخل، فإن الحل قد يكون عبر دعم دول مثل الصومال أو إريتريا بشكل غير مباشر، مما قد يُلين موقف إثيوبيا. كما أن مواقف دولية، مثل موقف الرئيس السابق دونالد ترامب تجاه إثيوبيا، يمكن أن تُستغل للتصعيد الدبلوماسي بعد تنصيبه مجددًا، إن حدث ذلك.

 

 

كيف ترى تداعيات تدمير الجيش السوري على مصر؟

 

الوضع في سوريا الآن معقد للغاية. المعارضة المسلحة، بقيادة أحمد الشرع، الذي يُعرف بعضويته في الجماعات المسلحة، بدأت تُبدي حسن النية، ولكن الأيام القادمة ستكشف مدى صدق نواياها.

 

هناك قضيتان رئيسيتان في سوريا:

  1. القوى المتناحرة على السلطة، التي تتعامل مع سوريا كأنها غنيمة، وكل طرف يسعى للاستحواذ عليها.
  1. التدخل التركي الذي لعب دورًا رئيسيًا في إضعاف نظام بشار الأسد وإزاحته عن السلطة.

إلى جانب ذلك، فإن الصراع في سوريا يُغذَّى بالخلافات الطائفية بين السنة والشيعة والعلويين، إضافة إلى دخول الأكراد في المشهد بدعم تركي. هذه المعطيات تُبقي الصراع مستمرًا وتؤخر التوصل إلى حل سياسي، ما يعني استمرار الفراغ السياسي لفترة طويلة حتى تُرتَّب الأوراق، لكننا نأمل أن تُحل الأزمة السورية قريبًا، رغم كل التعقيدات التي تواجهها.

 

وما سبب تدفق الاستثمارات الخليجية وتنافس السعودية والإمارات للاستحواذ على العديد من الأصول المصرية؟

 

ملف الاستثمار في مصر من الملفات المهمة التي تحتاج إلى اهتمام كبير وعمل جاد. الظروف المحيطة بمصر في الوقت الحالي قد لا تشجع على الاستثمار بشكل كبير، ولكن إذا جاء مستثمر جاد، فمن الأفضل أن يوجه استثماراته نحو المجال الصناعي بدلاً من الأراضي أو المناطق العقارية.

 

الاستثمار في الصناعة يخلق فرص عمل، ويرفع من مستوى الاقتصاد المحلي، ويقلل الاعتماد على الواردات من خلال توفير منتجات محلية الصنع. هذا النهج الاقتصادي يعكس قاعدة أن “القاطرة الاقتصادية تجر السياسية”، ولهذا يجب أن تُعطى الأولوية للاستثمارات التي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، مع توفير الأمان والحماية لها، لأن رأس المال غالبًا ما يكون “جبانًا” ويبحث عن الاستقرار.

 

ومع ذلك، هناك العديد من التحديات التي قد تعيق جذب الاستثمارات. على سبيل المثال، هناك محاولات أمريكية سابقة لإضعاف مصر بطرق مختلفة، كان أبرزها خلال عام 2018 عندما حاولت واشنطن التأثير على الاستقرار الداخلي من خلال تصدير الأزمات وخلق صراعات بين طبقات المجتمع. يجب أخذ هذه الاستراتيجيات الأمريكية بعين الاعتبار أثناء العمل على تحسين البيئة الاستثمارية في مصر.

 

ترامب هدد “بتدمير الشرق الأوسط” إذا لم تطلق حماس سراح أسرى إسرائيل.. كيف ترى ذلك؟

 

إذا كان ترامب يقصد أنه سيحول غزة إلى “جحيم”، فإن الوضع الحالي في غزة لا يمكن وصفه بأقل من ذلك. أما بالنسبة للشرق الأوسط بشكل عام، فهو بالفعل منطقة مليئة بالأزمات والصراعات التي تجعلها أشبه بالجحيم.

 

تصريحات ترامب، ومعظم أفعاله السياسية، غالبًا ما تكون غير مدروسة بعناية وتصدر بشكل عشوائي. ولكن إذا افترضنا أنه قد ينفذ تهديداته، فلن يتدخل بشكل مباشر. بدلاً من ذلك، سيستخدم إسرائيل كأداة لتحقيق أهدافه، حيث تمثل إسرائيل الذراع الرئيسية لأمريكا في الشرق الأوسط.

 

يقول البعض إن حماس والمقاومة أضرت بالقضية الفلسطينية خلال عمليات طوفان الأقصى.. هل تتفق؟

 

رغم الخسائر الكبيرة والمآسي التي وقعت بعد 7 أكتوبر، لا يمكن تحميل حماس المسؤولية وحدها. فلسطين تضم العديد من حركات المقاومة، ولهذا جاء الرد الإسرائيلي العنيف بعد عمليات طوفان الأقصى.

 

ما حدث كان مفاجئًا، ولم يتوقع أحد استمرار العمليات إلى هذا الحد بعد 7 أكتوبر. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يهتم بالخسائر البشرية أو قتل المدنيين في غزة أو خارجها. طموحه الأساسي هو تحقيق مكاسب سياسية وشخصية، سواء له أو لحزبه، بغض النظر عن ردود الفعل الدولية تجاه هذه العمليات.

 

 اصطياد ميليشيات الحوثي للكثير من السفن في البحر الأحمر أضر بقناة السويس.. ما الحل؟

 

الأزمة الحقيقية تكمن في رغبة الحوثيين في الظهور والتأكيد على وجودهم. قد يعتقد البعض أنهم مجرد مجموعة من المرتزقة، لكن الواقع أنهم قوة عسكرية كبيرة في اليمن. تاريخيًا، كان الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح يدعمهم ماليًا بمبلغ 400 ألف ريال يمني، وذلك في بداية ظهور حزب الإصلاح الديني.

 

لكن مع تفاقم الخلافات، وخاصة بعد عودة علي عبدالله صالح من الحج عبر الطريق البري، حدثت مواجهة كبيرة. أراد صالح إلقاء خطاب في صعدة، لكن الحوثيين منعوه، مما أدى إلى اندلاع ستة مواجهات بينهم. الحوثيون انتصروا في خمس مواجهات، بينما انتهت السادسة بالتعادل، لتتوج بصلح بينهم.

 

المشكلة الآن أن كل المبادرات التي تُطرح لحل الأزمة اليمنية تستبعد جماعة الحوثيين، رغم أنهم قوة عسكرية كبيرة سيطرت على مناطق واسعة، بما فيها أجزاء من جنوب اليمن.

 

مشاركة الحوثيين في عمليات مثل “طوفان الأقصى” أو توقيف السفن الأوروبية ما هي إلا محاولات لإثبات وجودهم. هذا الوضع لن يتغير إلا إذا تم إدماجهم في العملية السياسية وتحويلهم إلى مسار سياسي، وهو أمر يستحقونه بحكم قوتهم ونفوذهم.

 

 كيف ترى الظهور السريع لنجم العرجاني في سيناء؟ خصوصا مع إنشائه حزبًا سياسيًا؟

 

الميليشيات وأوضاعها في مصر تمثل أزمة اجتماعية كبيرة يجب معالجتها بجدية ووضعها في عين الاعتبار. وجود كيان مثل حزب العرجاني يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري على المدى البعيد.

 

أنا شخصيًا ضد هذا الكيان، وأحذر منه بشكل واضح. أي تهديد للأمن القومي يجب أن يُواجَه حتى لو كان على حساب المصالح الشخصية أو غيرها من الاعتبارات. حزب العرجاني، المنبثق من اتحاد قبائل سيناء، يعمل بوضوح على تحقيق أغلبية في مجلسي النواب والشورى.

 

إذا تحقق ذلك، فإننا سنواجه كارثة نيابية تؤدي إلى تعقيد الأزمات الموجودة أصلًا، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي. كما أن تبعات قروض صندوق النقد الدولي وغيرها من المشكلات ستزداد إذا استمر الوضع دون ضبط. يجب التحرك بجدية لضمان حماية الأمن القومي المصري ومنع تفاقم الأزمات.

 

 

اقرأ أيضًا:

 

هشام قاسم: لا أعامل الحوار الوطني بجدية.. وكاميلا هاريس الأقرب للفوز بالانتخابات الأمريكية

 

السفير جمال بيومي: مصر قدمت عرضاً لبناء سد النهضة

 

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

 

الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني يتحدث عن الأزمة الاقتصادية

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية