تحليلات

المحميات الطبيعية.. تمتلك مصر 28 موقع جاهز للسياحة البيئية

خبراء: «وضع قواعد للشركات ودعم السكان المحليين والترويج ..ثُلاثية انتعاش السياحة البيئية

 

29 مليار دولار سنويًا وتوظيف 3.6 مليون شخص.. فاتورة السياحة البيئية خلال 2027

علام: نحتاج لحملات ترويجية مع شركات تسويق دولي من أوروبا وجنوب شرق آسيا والصين

 

لم تكن زيارة ولي عهد إنجلترا الأمير «تشارلز» إلى مصر قبل ثلاث سنوات إلى واحة الغروب «سيوة» واستخدامه «حمام الملح» التقاطه لعشرات الصور بمواطن الحر والجمال، وسبقتها زيارات أخري في 2006 و1981 أثناء شهر العسل مع الملكة الراحلة «ديانا» في الغردقة عبثًا، بل كانت لامتلاك مصر صدارة السياحة البيئية عالميًا وامتلاكها معجزات الجمال في قرابة 40 موقعًا منها 28 جاهزة للسياح، كما تحوي جمال الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر والسفاري والحيوانات النادرة في الغردقة والكائنات النادرة في جبل علبة وآيات الجمال في “وادي السنورس ببني سويف”.

 

يروي الخبراء لنا، أن السياحة البيئية كنز مصر المفقود الذي يحتاج إلى مزيد من زيادة الجهود بين وزارة البيئة وإشراك وزارة السياحة لجذب المزيد من سائحي العالم، ونصحوا بأهمية صياغة القواعد والاشتراطات للشركات العاملة والتركيز على المكون المحلي وطالبوا بمزيد من دعم السكان المحليين لأنها الضمانة الوحيدة للحفاظ على الهوية الثقافية للمحميات.

 

“تمتلك مصر ثروة طبيعية هائلة تتمثل في محمياتها الطبيعية المتنوعة، والتي تشكل فرصة كبيرة لتعزيز دور السياحة وتنويع مصادر الدخل القومي، حيث تضم 30 محمية طبيعية تغطي ما يقارب 15% من المساحة، وتتميز بتنوع بيئي فريد يشمل الجبال، والصحاري، والشواطئ، والواحات، بحسب ما ذكره الدكتور إسلام شوقي، خبير اقتصاديات السياحة.

 

تُشير الأرقام الرسمية إلى تقدير متزايد لجمال الطبيعة المصرية، فقد زار نحو 1.1 مليون سائح المحميات الطبيعية بين عامي 2018 و2021، وهو أكبر بأكثر من 5 أضعاف ما توقعته وزارة البيئة. في العام المالي 2020 كما بلغت إيرادات رسوم زيارة المحميات الطبيعية 30 مليون جنيه، بزيادة ثلاث أضعاف في الإيرادات خلال أربع سنوات.

 

واحة سيوة

 

 

سمح قانون المحميات الصادر في عام 1983 بالاستثمار في المحميات باشتراطات بيئية معينة ومن هنا تم العمل علي جذب مشاركة القطاع الخاص للاستثمار بالمحميات من خلال إطلاق حملة “إيكو إيجيبت”٬ والتي نتج عنها إعداد مخطط لأنشطة السياحة البيئية لعدد 13 محمية علي مستوي الجمهورية والتي تتناسب مع طبيعة كل محمية، بشراكة السكان المحليين حيث يساعدوا في الحفاظ على هوية المحمية والعادات والتقاليد.

 

يعلق الدكتور وحيد إمام، “رئيس الاتحاد النوعي للبيئة”، “على وزارة البيئة أن يكون شغلها الشاغل الحفاظ على سلامة المحميات الطبيعية من خلال وضع مجموعة من القواعد التي يحب مراعاتها أثناء عميلة التطوير مثل مواد البناء يجب أن تكون من مكونات البيئة الطبيعة سواء أكانت رمال أو صخور والُبعد عن إدخال أية مواد مغايرة للبيئة الخاصة بالمحمية وتحريم استخدام الاسمنت والمواد، لأن السائح قد يستغرق ساعات قليلة ثم يغادر المكان مثل محمية رأس محمد التي يقوم بالغطس فقط بها وهنا يريد الاستمتاع بطبيعة وسحر المحمية. كما يُنصح بعدم التوسع في إقامة الفنادق لعدم كسر سحر وجمال المحمية ولكن سمح مؤخرًا في بعض المناطق مثل وادي دجلة والغابة المتحجرة سمح فقط بعمل خيام “التخييم” وإمكانية الإقامة ليومين أو أكثر ويسمح له بدراجة يتحرك بها في المحمية لأنها صديقة للبيئة. وهنا تكون القواعد والاشتراطات لتقليل التلوث والاستدامة.

 

 

الجدير بالذكر، قدرت صناعة السياحة البيئية العالمية في عام 2019 بقيمة 181.1 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن تصل إلى 333.8 مليار دولار بحلول عام 2027. وتبلغ قيمة السياحة البيئية في أفريقيا وحدها نحو 29 مليار دولار سنويًا وتوظف 3.6 مليون شخص، وهو قطاع شديد الأهمية في جهود الحفاظ على البيئة والتنمية الاقتصادية في الأجزاء النائية من القارة.

 


يواصل “إمام”: “دعم وحماية السكان الأصليين من أهم الاشتراطات الواجب وضعها في تطوير منظومة المحميات الطبيعة وعلينا إشراكهم في إدارة المحمية ويكون هناك إجماع في الموافقة بين وزارتي البيئة والسياحة وإدراجها على طاولة الاتفاقات مع أي شركات قادمة للتطوير وهذا الاشتراطات تحميها من التدمير والنهب والسرقات وهذا الموقف ظهر أثناء الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة 25 يناير، مع ضرورة توفير فرص عمل لهم مع اقناعهم بأن السياحة سيكون لها مردود إيجابي لهم”.

 

ويضيف “إمام”: “لماذا لا ندعم المجموعات الصغيرة التي تحتاج رأسمال منخفض لتنظيم جولات مصحوبة بمرشدين في الجبال والوديان في جنوب سيناء، ودعم المشروعات اليدوية والمشغولات والملابس التي تعمل على الحفاظ على ثقافتهم والترويج لها للسياح وتحويلها لمصدر دخل جيد، وفي حالة تهميشهم لا مستقبل لأي تطوير، مع ضرورة دعم الشركات الصغيرة والناشئة شريطة تسجيلها السياحة البيئية، مع ضرورة دعم الشركات الصغيرة والناشئة شريطة تسجيلها السياحة البيئية”.

 


يشرح “إمام”: “أدت نقص الموارد المالية لتقليل الإنفاق على المحميات حيث توجه قيمة الغرامات البيئية المحررة ضد المخالفين إلى صندوق حماية البيئية ولا تؤول إلى تنمية المحمية أو تنمية المنطقة الشاطئية التي حُررت ضدها المخالفة ما يفقد المحمية جمالها وسحرها، علاوة على وقف كافة الأنشطة الخاصة بالتدريب والتوعية المجانية والانفاق عليها للجمعيات الأهلية والإعلاميين وأصبحت كافة دورات التوعية أو بناء القدرات في البيئية عليه دفع رسوم وتم استحداث إدارة تسمي التسويق ووصلت قيمة الدورات من 10 إلى 20 ألف جنيه مقابل منح شهادات وهنا غاب دور الوزارة الفاعل في نشر الوعي والثقافة البيئية.

 


تأتي أهمية الحفاظ على المحميات الطبيعية بأهمية اقتصادية كبيرة نظرًا لما تتميز به من تنوع للموارد الطبيعية؛ إذ أنها تعد مخزونًا استراتيجيًا من التنوع الحيوي للدولة حيث تحافظ المحميات على ثروات البلاد من التنوع ولاسيما الأنواع المهددة بالانقراض، وتنبع الأهمية الاقتصادية للمحميات الطبيعية من فكرة حماية التنوع البيولوجي حيث تستخدم كأفضل وسيلة علمية للحفاظ عـلى البيئة الطبيعية.

 


من ناحيته يقول خبير البيئة العالمي، الدكتور مجدي علام: “مصر ضمن أكبر دول العالم في زوار المحميات الطبيعة لأننا نملك مساحات تبدأ من سواحل البحر المتوسط أمام قبرص وأثينا وإيطاليا وجزء أخر على البحر الأحمر بجانبيه السعودي والأردني وهذه المناطق تخضع لاتفاقيات معينة تتبعها مجموعة من الالتزامات التي تراعيها مصر حيث تم في مصر قرابة 40 موقع تم الاتفاق عليهم، تصلح منهم 26 موقع جاهزة فمثلاً منطقة الجلف الكبير الممتد من البحر المتوسط حتي سيوة ثم الوادي الجديد”.

 


ويواصل” علام”: “لدينا مناطق نادرة فلا زالت نقوش الإنسان الأول في كهوف الجلف الكبير يقابلها مناطق نادرة في بني سويف ووجود كهف “وادي السنورس” عبارة عن حفرة في قلب جبل تحوي مجموعة من الكريتسالات بألوانها البنفسجي والأحمر والأزرق بشكل زجاجي حيث تأتي السياح له من جميع أنحاء العالم. ومحمية جبل علبة على الحدود الجنوبية مع السودان واحتوائها على كائنات حية نادرة مثل “الحمار المخطط” علاوة عن الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر وليس لها مثيل سوى في فلوريدا بأمريكا”.

 


يضيف “علام”: “نحتاج للترويج بشكل فاعل والتسويق داخل الأسواق الأوروبية والأمريكية وأمريكا الجنوبية والصين ودول جنوب شرق أسيا حيث بها السياحة البيئية ناشطة بشكل فاعل ويجب العمل على استقطاب السياح من هذه الأسواق العامرة بالسياح، كما نحتاج للتنسيق بين وزارتي البيئة والسياحة بشكل فاعل مع ضرورة وضع المزيد من التسهيلات في التذاكر والإقامة كلما زاد عدد الزوار”.
يواصل “علام”: تتصدر مصر المراكز الأولي في زيارات المحميات الطبيعية في شرم الشيخ التي تزخر بكافة الأنواع البحرية النادرة، أما وزارة السياحة حديثة العهد في عمل نظام يجذب السياحة بشكل أكبر لكن اتحاد الغرف السياحية حيث نحتاج للترويج السياحي خلال المؤتمر الدولي الذي يعقد سنويًا حيث تأتي به كل شركات السياحة العالمية وهنا تأتي تقديم العروض الجيدة شريطة هامة لجذب السائحين”.

 

 

يضيف “إسلام شوقي” عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي: للاستفادة من هذه الكنوز الطبيعية سياحيًا، يمكن اتباع استراتيجية شاملة تتضمن العديد من الجوانب:

 

أولًا، تطوير البنية التحتية، التي تعد خطوة أساسية لجذب السياح إلى المحميات الطبيعية ويشمل ذلك إنشاء وتحديث الطرق المؤدية إلى المحميات، مع مراعاة الحفاظ على البيئة الطبيعية، كما يجب توفير وسائل نقل صديقة للبيئة داخل المحميات، مثل العربات الكهربائية أو الدراجات.

 

ثانيًا، تنويع الأنشطة السياحية، والعمل على توفير مجموعة متنوعة من الأنشطة السياحية لجذب شريحة أوسع من السائحين، التي تناسب مختلف الاهتمامات والفئات العمرية حيث يمكن تنظيم رحلات السفاري في المحميات الصحراوية مثل وادي الريان والصحراء البيضاء، وإقامة مخيمات للمراقبة الفلكية في المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي، أما في محميات مثل محمية سانت كاترين، يمكن تطوير مسارات للتنزه وتسلق الجبال، وفي المحميات البحرية مثل رأس محمد ونبق، فيمكن تنظيم رحلات الغوص والسنوركل لاستكشاف الحياة البحرية.

 

ويضيف “شوقي”: وثالثًا، التسويق والترويج، فالتسويق الفعال أمرًا حيويًا لجذب السياح إلى المحميات الطبيعية حيث يمكن إطلاق حملات إعلامية عالمية للترويج للسياحة البيئية في مصر، مع التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور وفيديوهات جذابة للمحميات، وكذلك يجب التعاون مع شركات السياحة العالمية لإدراج المحميات المصرية في برامجهم مما سيساعد في الوصول إلى أسواق جديدة.

 

رابعًا، هي الاستدامة والحفاظ على البيئة، حيث يجب تطبيق معايير صارمة للسياحة المستدامة في جميع الأنشطة داخل المحميات لضمان استمرارية السياحة البيئية على المدى الطويل، ويشمل ذلك تشجيع استخدام الطاقة المتجددة في المرافق السياحية، وتنظيم حملات تنظيف دورية بمشاركة السياح والمجتمعات المحلية، ويجب وضع حدود لعدد الزوار اليومي لكل محمية سيساعد في الحفاظ على التوازن البيئي.

 

خامسًا، دعم المجتمعات المحلية، حيث يجب إشراك المجتمعات المحلية في جهود السياحة البيئية لضمان نجاحها على المدى الطويل من خلال تدريب السكان المحليين على العمل في مجال السياحة البيئية، وتشجيع إنتاج وبيع المنتجات الحرفية المحلية للسائحين، ويجب إشراك المجتمعات المحلية في إدارة وحماية المحميات سيخلق شعورًا بالملكية والمسؤولية تجاه هذه الموارد الطبيعية.

 

ويختتم “شوقي”: وسادسًا، هي التعاون الدولي الذي يعد من الأمور الهامة جدًا والضرورية الاستفادة من الخبرات الدولية في مجال السياحة البيئية حيث يمكن أن يساعد مصر في تطوير قطاع السياحة البيئية حيث يمكن تبادل الخبرات مع الدول الرائدة في هذا المجال، والمشاركة في المؤتمرات والمعارض الدولية المتخصصة في السياحة البيئية، وكذلك أيضًا السعي للحصول على اعتمادات دولية للمحميات المصرية سيعزز مكانتها على الخريطة السياحية العالمية.

 

وفي نهاية الأمر تمتلك مصر إمكانيات هائلة للاستفادة من محمياتها الطبيعية في تعزيز السياحة وذلك من خلال تنفيذ استراتيجية شاملة تجمع بين تطوير البنية التحتية، وتنويع الأنشطة السياحية، والتسويق الفعال، والحفاظ على البيئة، ودعم المجتمعات المحلية، ويمكن لمصر أن تصبح وجهة رائدة للسياحة البيئية على مستوى العالم ومن خلال هذا النهج المقترح فإنه لن يؤدي فقط إلى زيادة الدخل السياحي، بل سيساهم أيضًا في الحفاظ على الثروات الطبيعية للبلاد من أجل الأجيال القادمة وتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة، وكذلك يعزز الوعي البيئي لدى المواطنين والزوار على حد سواء.

 

اقرأ أيضًا:

 

وسام حمدي
وسام حمدي صحفي تحقيقات استقصائية، يهتم بالصحافة البيئية والصحية وحقوق الإنسان، وحاصل على جوائز صحفية

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية