الشارع المصري

“النقابات الثلاث” توقف التعامل مع “معامل الصف الأول”.. ما علاقة الإمارات؟

أوقفت نقابات الصحفيين والمحامين والمهندسين التعاقد مع أكبر ثلاث معامل تحاليل في مصر، وهي “المختبر” و”البرج” و”الفا”، التي تضم أكثر من 1800 فرع على مستوى الجمهورية. هذا الإجراء جاء بعد أن رفعت تلك المعامل أسعارها بنسب تتراوح بين 30% و42% مقارنة بالعام الماضي، مما أثار المخاوف من تأثير الاستثمارات الأجنبية، خاصة الإماراتية، على المواطنين البسطاء وارتفاع تكاليف الخدمات الطبية بوجه عام.

 

ورغم محاولات السيطرة الخليجية، وخاصة الإماراتية، على القطاع الصحي في مصر، يرى خبراء ومختصون أن هذه التحركات قد لا تؤثر سلبًا على المواطنين محدودي الدخل، نظرًا لاستمرار منظومة العلاج على نفقة الدولة لغير القادرين، بالإضافة إلى قانون التأمين الصحي التقليدي وتطبيق قانون التأمين الصحي الشامل في بعض المحافظات، تمهيدًا لتعميم التجربة على مستوى الجمهورية.

 

 

42% زيادة في الأسعار

 

محمد الجارحي، عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الرعاية الصحية والاجتماعية، أوضح أنهم فوجئوا برفع معامل التحاليل الكبرى أسعار خدماتها بنسب مبالغ فيها عند تجديد التعاقد للعام الجديد 2025. وأشار إلى أن الزيادة تتراوح بين 30% و42%، مستهدفين أعضاء النقابات المهنية غير الطبية مقارنة بأسعار أقل للمهن الطبية.

 

وأضاف الجارحي في تصريحات لمنصة “MENA“، أن لجنة الرعاية الصحية حاولت التفاوض مع المعامل الثلاث لتثبيت الأسعار أو زيادتها بنسبة معقولة لا تتجاوز 5%، إلا أن تلك المعامل رفضت ذلك. وهددت نقابة الصحفيين بوقف التعامل، مما دفع النقيب خالد البلشي للتواصل مع نقيب المحامين عبد الحليم علام ونقيب المهندسين طارق النبراوي. وتم الاتفاق على اتخاذ موقف موحد لمنع الاحتكار واستغلال الأعضاء.

 

وأوضح الجارحي أن نقابة الصحفيين، رغم كونها الأقل عددًا بين النقابات الثلاث، إلا أن التحالف مع نقابتي المهندسين والمحامين عزز موقفها التفاوضي. وأشار إلى أن مشروع علاج الصحفيين يشمل 33 ألف مشترك، بينما يتجاوز عدد المستفيدين في نقابتي المحامين والمهندسين مليون و200 ألف مشترك.

 

وأكد الجارحي أهمية تصحيح الخلل الكبير للحفاظ على حقوق الصحفيين، مشيرًا إلى أن النقابة لجأت إلى التعامل مع 11 مؤسسة بديلة تضم مئات الفروع المنتشرة في جميع المحافظات. كما يجري التنسيق مع نقابتي المحامين والمهندسين للحصول على أفضل العروض لأعضائها من المعامل.

 

 

البدائل

 

وفي إطار مواجهة الاحتكار، وقعت نقابات الصحفيين والمهندسين والمحامين بروتوكول تعاون يوم الاثنين 6 يناير مع معامل “رويال لاب”، التي تضم 100 فرع على مستوى الجمهورية. حضر التوقيع المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، وخالد البلشي نقيب الصحفيين، وسعيد عبد الخالق وكيل نقابة المحامين، والدكتور حاتم السباعي رئيس مجلس إدارة معامل “رويال لاب”.

 

يهدف البروتوكول إلى تقديم خدمات تحاليل طبية عالية الجودة مع مزايا حصرية لأعضاء النقابات. وأكد خالد البلشي، نقيب الصحفيين، في بيان للأعضاء، أن النقابة لن تقبل بالممارسات الاحتكارية التي تقوم بها معامل التحاليل الثلاث. وشدد على أن مخالفة العقود يمثل شبهة فساد قد تطال من يوافق عليها، وتهدف النقابة إلى التصدي لأي تفريط في حقوق الأعضاء.

 

 

أكد المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، أن أزمة معامل التحاليل الثلاثة بدأت مع نقابة الصحفيين، وكان لا بد من تضامن نقابتي المهندسين والمحامين مع الصحفيين لصالح الأعضاء جميعًا. وأشار إلى أن هناك تعاونًا وتكاتفًا بين النقابات الثلاث لمواجهة الاحتكار، مع تطابق وجهات النظر في القضايا النقابية. وأشاد بمواقف نقابة الصحفيين المشرفة، معتبرًا إياها منبرًا للحريات والدفاع عن حقوق المواطنين كافة، وليس فقط الأعضاء.

 

نقيب المهندسين: النقابات الثلاث متحدة

 

وأضاف النبراوي، في تصريح لمنصة “MENA“، أنه لن يكون هناك أي تهاون في حقوق الأعضاء وأسرهم، مؤكدًا أن اتحاد أعضاء النقابات الثلاث يمنحها قوة تفاوضية كبيرة لتأمين بدائل أفضل.

 

 وأوضح أن المعامل الثلاثة تحقق أرباحًا بعشرات الملايين سنويًا مقابل تقديم الخدمة، وأن الزيادات التي فرضتها غير مبررة. وأكد أنه لن يتم الرضوخ لمطالب تلك المعامل، مشددًا على ضرورة عودتها إلى نصوص التعاقد قبل استئناف التعاون معها.

 

 

مطالبات بتطوير المستشفيات الحكومية والجامعية

 

من جهته، يرى الدكتور ياسر شويته، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، أن الإقبال الإماراتي على الاستثمار في القطاع الصحي بمصر يرجع إلى عدد السكان الكبير ونسبة إنفاق المواطن المصري على الرعاية الصحية، مما يجعل السوق المصرية جاذبة للمستثمرين الخليجيين، بما في ذلك الإمارات.

 

وأوضح شويته، في حديثه لمنصة “MENA“، أن استحواذ الشركات العالمية على مقدمي الخدمات الطبية الخاصة في مصر لن يضر بالمواطن البسيط، خاصة أن المستشفيات الحكومية ستظل تقدم خدماتها المجانية. وأشار إلى أن الدولة لن تسمح بسيطرة القطاع الخاص على المستشفيات الحكومية، كما أنها لا تملك الحق في التدخل بعمليات استحواذ أو بيع العلامات التجارية في القطاع الخاص.

 

وطالب شويته الحكومة بتطوير الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية والمعامل داخلها لتكون بجودة موازية للمعامل الخاصة. وأكد أن الدولة تسعى لتعزيز الاستثمارات في المستشفيات الجامعية من خلال مضاعفة الإنفاق ثلاث مرات مقارنة بالاستثمارات الحالية، بهدف تحسين الرعاية الصحية وتدريب طلاب الكليات الطبية.

 

وأشار إلى أن الحكومة أعلنت عن خطط لبناء مستشفيات جديدة وزيادة عدد الأسرة والرعايات العاجلة للتعامل مع الزيادة السكانية، مع التركيز على المستشفيات الجامعية التي تقدم الرعاية الصحية لمحدودي الدخل، وتتيح تدريب الطلاب والأطباء الشباب.

 

 

فرص استثمارية واعدة في القطاع

 

من جانبه، أكد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف على مشروع التأمين الصحي الشامل، أن القطاع الصحي في مصر يتمتع بفرص واعدة لجذب الاستثمارات الأجنبية. وأوضح أن ذلك يعود بالفائدة على المواطنين من خلال إنشاء مستشفيات جديدة وتطوير الخدمات في القطاعين العام والخاص.

 

وأشار السبكي إلى أن نحو 70 مليون مواطن يستفيدون حاليًا من مظلة التأمين الصحي، سواء من النظام التقليدي أو منظومة التأمين الصحي الشامل، التي بدأت عام 2018 وتشمل حاليًا 5 محافظات، مع خطة لتغطية جميع المحافظات تدريجيًا. ولفت إلى أن تكلفة الخدمات الصحية المقدمة في 2024 بلغت نحو 52 مليار جنيه، مقارنة بأقل من 7 مليارات قبل عقد من الزمن.

 

وأوضح السبكي لمنصة “MENA” أن الهيئة تستهدف تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، مع التركيز على تطوير البنية التحتية والرعاية الصحية الأولية والتأمين الطبي الخاص. وأشار إلى وجود ثلاثة نماذج استثمارية لتعزيز هذه الشراكة:

 

  1. الاستثمار في البنية التحتية مثل بناء أو تطوير المدن الطبية والمستشفيات.
  2. تشغيل وإدارة المنشآت الصحية التي تم تطويرها.
  3. نموذج متكامل يجمع بين البناء والتشغيل للمدن الطبية أو المستشفيات المتكاملة.

 

وأكد السبكي التزام الدولة برعاية محدودي الدخل وتقديم الخدمات الصحية المجانية من خلال قرارات العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحي، مع السعي لتحسين جودة الخدمات المقدمة لكل الفئات.

 

 

دور البرلمان

 

أكدت الدكتورة هناء سرور، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، أن دخول القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية، خاصة الإماراتية، في القطاع الصحي يعود بالنفع على كافة المواطنين بمختلف فئاتهم.

 

وأوضحت أن الدولة ملتزمة بحفظ حقوق المواطنين في الحصول على العلاج المجاني لغير القادرين، مع الإشارة إلى أن تطور الخدمات في القطاع الخاص يسير بالتوازي مع تطوير المستشفيات الحكومية والخدمات المجانية.

 

وأضافت سرور، في تصريحها لمنصة “MENA“، أن لجنة الصحة والسكان بمجلس النواب قدمت عدة توصيات للحكومة تتعلق بالالتزام بالجدول الزمني لتطبيق قانون التأمين الصحي الشامل. وأشارت إلى أن القانون يتم تنفيذه على ست مراحل بدأت منذ عام 2018، ومن المقرر أن تكتمل بحلول عام 2032، على مدار 15 عامًا.

 

وأوضحت أن فلسفة قانون التأمين الصحي الشامل تقوم على مبدأ التكافل الاجتماعي، حيث تتحمل الدولة أعباء تكلفة الرعاية الصحية عن غير القادرين، لضمان توفير خدمات صحية شاملة وعادلة لجميع المواطنين.

 

اقرأ أيضًا:

 

جدل حول قانون المسؤولية الطبية.. الأطباء تصعد وسط تضامن نقابي

 

أمهات مصر في ورطة.. رحلة البحث عن اللبن المدعم بعد القرار الأخير

 

طرح شركات الأدوية المصرية في البورصة.. خصخصة أم تطوير؟

 

جدل حول نزع ملكية شاليهات عجيبة بمطروح لصالح الإمارات

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية