اقتصاد

بعد تراجع عائداتها .. قناة السويس حائرة بين التوترات الجيوسياسية والطرق البديلة للنقل البحري

أبو بكر الديب

بعد تراجع عائداتها قناة السويس حائرة بين التوترات الجيوسياسية والطرق البديلة للنقل البحري

بعد تراجع عائداتها .. قناة السويس حائرة بين التوترات الجيوسياسية والطرق البديلة للنقل البحري
• تهديدات الحوثيين و5 مشروعات بديلة تهدد مستقبل القناة التي “تبيض ذهبا” للاقتصاد المصري
وتنقل 30 % من حركة الحاويات في العالم.
• القاهرة تخطط لزيادة إيرادات القناة لـ 88.1 مليار دولار حتي 2030 وتؤكد أنه لابديل لها.


ومنذ نوفمبر 2023، صعد الحوثيون في اليمن هجماتهم على سفن الشحن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض حركة المرور بقناة السويس.
مقارنة بـ 6.2 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي السابق، لاستمرار هجمات جماعة الحوثي اليمنية، التي تقول إنها تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل، ما جعل المصدرين يسعون لإيجاد بدائل، عبر الجو أو البر أو رأس الرجاء الصالح، لإيصال السلع.

وفي إبريل الماضي، وخلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، قالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط المصرية “حينذاك”، ومستشار رئيس الجمهورية للشئون الاقتصادية “حاليًا”، إن إيرادات قناة السويس، انخفضت 50%، بسبب اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر، مقابل تقديرات لصندوق النقد بحدوث تراجع 50% في أول شهرين من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.


وتتعرض قناة السويس لمنافسة الطرق البديلة لها حيث أصبحت القنوات البحرية والطرق البرية من أهم عناصر التنافس الإقليمي بعضها بطريقة مباشرة مثل طريق رأس الرجاء الصالح وقناة بنما ويعضها بطريق غير مباشر، مثل خطوط أنابيب البترول وخط حديد سيبريا حيث يؤدي تشغيل هذه الخطوط والطرق إلى تحول کميات من البضائع کان يمكن نقلها عن طريق قناة السويس، وبرز مؤخرًا عدة مشاريع لطرق اقتصادية وإعادة أحياء الطرق قديمة سواء برية أو بحرية الأمر الذي يشكل منافسة وتهديد لهيئة قناة السويس. ولا يتوقف الخطر علي قناة السويس عند تهديدات الحوثيين أو التوترات الجيوسياسية، فبين الحين والآخر تظهر أحاديث عن الطرق والممرات البديلة للقناة، سواء كانت بحرية أو برية أو الإثنين معًا، ففي عام 2011، قال الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين، وكان آنذاك يشغل منصب رئيس الحكومة، إن ممر بحر الشمال الملاحي سينافس قريبًا قناة السويس باعتباره ممرًا تجاريًا أسرع بين آسيا وأوروبا، فهو أقصر بنحو الثلث مقارنة بممر الملاحة الجنوبي، بحسب تصريحات نقلتها «رويترز» آنذاك.

وفي ديسمبر الماضي، نقلت عنه وكالة “تاس” الروسية، قوله أيضًا، أن ممر بحر الشمال سيصبح “يوما بعد يوم” أكثر كفاءة من قناة السويس في نقل البضائع. وتعتزم شركة “روساتوم” الروسية تنفيذ برنامج طويل الأجل مع شركة “موانئ دبي العالمية” الإماراتية، لشحن البضائع بواسطة الحاويات عبر ممر الملاحة الشمالي الروسي، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية، نقلاً عن المدير العام لشركة روساتوم، أليكسي ليخاتشوف، فيما أشار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لموانئ دبي العالمية، سلطان أحمد بن سليم، في تصريحات صحفية العام الماضي، إلى أن الشركة تطور مسار شحن الترانزيت حيث سيكون أسرع بنحو 40 %، من طوكيو إلى لندن قياسًا بالشحن عبر قناة السويس.

ووافقت روسيا في أغسطس 2022، على خطة لتطوير ممر الملاحة الشمالي حتى العام 2035، باستثمارات تصل لـ 1.8 تريليون روبل “30 مليار دولار”.
وتأمل موسكو، أن يتحول الممر إلى طريق تجارية رئيسية بين أوروبا وآسيا، لتنافس قناة السويس بحلول 2030، حيث تشير “روساتوم” إلى نمو حركة الشحن على طريق بحر الشمال، من 3.93 مليون طن في عام 2013 إلى 36.254 مليون طن في العام الماضي، وبحسب تقرير سابق لواشنطن بوست، فإن الرحلة من آسيا إلى أوروبا، تستغرق عبر الممر الشمالي بالمتوسط 23 يومًا، أما عبر قناة السويس فنحو 34 يومًا، في إشارة إلى وجود وفرة في التكاليف والوقت.

مشروعات منافسة لقناة السويس


ومن المشروعات المنافسة لقناة السويس أيضًا، ممر الشحن “شمال – جنوب” هو مسار متعدد الوسائط من ميناء سان بطرسبرغ الروسي إلى ميناء مومباي في الهند والموانئ المطلة على الخليج، ويبلغ طول الممر 7.2 ألف كيلومتر ويمر عبر إيران ويتضمن ثلاثة مسارات شحن دولية، عبر بحر قزوين “باستخدام السكك الحديدية والموانئ” ومساران بريان غربي وشرقي.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد تضاعف حجم حركة البضائع عبر الممر ليصل في الربع الأول من 2023 إلى 2.3 مليون طن، ومن المقرر زيادة حجم حركة البضائع على طول المسار لتصل بين 15 و17 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030 وقد وقعت موسكو وطهران في وقت سابق، اتفاقية لتشييد سكة حديد بطول 162 كيلومترًا بين ميناء آستارا ومدينة رشت في إيران، ومد سكة الحديد بين آستارا ورشت لتشغيل الشحن بواسطة القطارات على طول الممر بأكمله.

وحول المشروع قال بوتين، في تصريحات سابقة، إن فترة شحن بضائع من سان بطرسبورغ الروسية إلى مومباي الهندية تبلغ حاليًا من 30 إلى 45 يوميًا، وبعد استكمال هذا المشروع ستصل البضائع في غضون عشرة أيام فقط.

وينافس قناة السويس أيضًا، شريان الشحن العراقي، ويختصر وقت السفر بين آسيا وأوروبا وتقدر قيمته الاستثمارية بـ 17 مليار دولار لربط ميناء الفاو في جنوب العراق الغني بالنفط بتركيا، عبر قطارات عالية السرعة لنقل البضائع والمسافرين. وهناك بدائل، مثل “ممر بن جورين” من إيلات لغزة، والخط البري من جبل علي في الإمارات مروراً بالأردن ثم إسرائيل.

مزايا القناة


لكن ورغم كل تلك التحديات، تقف قناة السويس شامخة، فحتى الآن تعد القناة، أنجح الطرق التجارية بين آسيا وأوروبا، ولا قلق من الممرات المنافسة – حسب مسئولين مصريين- لأنها لم تقدم بديلاً كاملاً كما أن قناة السويس

تملك العديد من المزايا التي لا ينافسها فيها أحد، حيث تعتبر القناة أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب، وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد، بالمقارنة مع طريق رأس الرجاء الصالح؛ ما يحقق اختصارا في الوقت والمسافة والمال، للنقل البحري بين موانئ الشمال والجنوب، كما أن نسبة الحوادث فيها تكاد تكون معدومة مقارنة بالطرق الأخرى، وتتم حركة الملاحة فيها ليلاً و نهارًا، وهي مهيأة لعمليات التوسيع والتعميق كلما لزم الأمر لمجابهة ما يحدث من تطوير في أحجام وحمولات السفن، ومزودة بأنظمة إدارة حركة السفن، واستخدام أحدث شبكات الرادار، في كشف ومتابعة حركة السفن على طول القناة، فضلا عن كفاءة منظومة الأمان والسلامة البحرية للسفن العابرة للقناة، من خلال ما تمتلكه الهيئة من خبرات متراكمة في مجالات الإرشاد والإنقاذ البحري، وخدمات الإصلاح والصيانة وغيرها من الخدمات الملاحية بالإضافة إلى ما تحظى به من تأمين كامل، كما تستوعب القناة عبور السفن بحمولة مخففة، لحاملات النفط الخام الكبيرة جدا والضخمة، وكل السفن الفارغة مهما كانت حمولتها، تعد ركنًا رئيسيًا لاستقرار واستدامة سلاسل الإمداد العالمية فاتخاذ طرق بديلة للقناة، أدى إلى زيادة مدة الرحلة البحرية وارتفاع التكاليف التشغيلية، فضلاً عن التأثيرات البيئية الضارة مع ارتفاع نسبة الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى تكدس الموانئ البحرية وتأخر وصول البضائع، كما أن استراتيجية تطوير القناة تمضي بخطوات متسارعة ولم تتوقف رغم التحديات المختلفة بهدف تعزيز قدرات القناة ورفع كفاءتها وزيادة تنافسيتها وتأكيد ريادتها للطرق الملاحية العالمية إضافة لانخفاض تكلفة النقل البحري بقناة السويس مقارنة بالطرق البرية، وزيادة حجم البضائع المنقولة عبر السفن والحاويات البحرية مقارنة بوسائل النقل الأخرى، وأن المرور بقناة السويس لا يحتاج إلى أعمال شحن وتفريغ للمنتجات التي تحملها السفن فالسفن تمر دون المساس بحمولتها، وبنفس الطريقة التي تم التحميل بها في بلد القيام حتى الوصول إلى الميناء المستهدف، وبالتالي لا توجد أي تلفيات وقناة السويس تتوسط قارات العالم.


فضلاً عن الخبرات البشرية المكتسبة لموظفي قناة السويس عبر سنوات طوال من العمل في هذا المجال كما أن موقع مصر الاستراتيجي يعطي ميزة تنافسية لقناة السويس حيث يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، فضلاً عن تسهيل عملية الانتقال من خلال قناة السويس بعد افتتاح القناة الجديدة، في 6 أغسطس 2015

وحسب وكالة معلومات الطاقة الأمريكية فإن قناة السويس تعتبر طريق إستراتيجي لشحن النفط الخام والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي المسال المستخرج من الخليج إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

استراتيجية لتطوير القناة


وحرصت الدولة المصرية على دعم التنافسية والمكانة المتميزة التي تتمتع بها قناة السويس على مستوى حركة التجارة العالمية، وذلك من خلال استراتيجية شاملة تهدف لتطوير القناة ومجراها الملاحي وجميع مرافقها وتعزيز قدراتها، ورفع كفاءتها وتقليل زمن عبور السفن العابرة، علاوة على زيادة عامل الأمان الملاحي بما يتلاءم مع تطور حركة التجارة في العالم، وتعظيم مكانتها من معبر تجاري إلى مركز صناعي ولوجيستي عالمي في ظل مشروع تنمية محور قناة السويس، هذا بالإضافة إلى ميكنة الخدمات المقدمة للخطوط الملاحية، ووضع مجموعة من الحوافز والسياسات التسويقية والتسعيرية المرنة، ليصاحب ذلك طفرة في معدل إيرادات القناة، وعدد السفن العابرة من خلالها.

ونفت الحكومة المصرية، يوم السبت 13 يوليو الجاري، مقطعا صوتيًا يزعم اعتزامها بيع قناة السويس مقابل تريليون دولار.
وقالت رئاسة مجلس الوزراء المصري، في بيان نشرته على صفحتها بموقع “فيسبوك” وعلى منصة اكس: “تداولت بعض صفحات التواصل الاجتماعي مقطعًا صوتيًا يزعم اعتزام الحكومة بيع قناة السويس مقابل تريليون دولار٬

وأكدت أنه “لا صحة لاعتزام الحكومة بيع قناة السويس مقابل تريليون دولار، وأن المقطع الصوتي المتداول مفبرك، والمعلومات الواردة به مزيفة ولا تمت للواقع بأي صلة، مشددة على أن قناة السويس ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية، وتخضع لسيادتها سواء في إدارتها أو تشغيلها أو صيانتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين.

شارك المقالة

مقالات مشابهة

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،

بسنت عادل

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى

محمود فهمي

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين

حيدر قنديل