اقتصاد

بعد صفقة “أنجلو جولد أشانتي”.. لماذا لمع “ذهب شلاتين”؟

رفعت شركة “شلاتين للثروة المعدنية” إنتاجها من الذهب بنحو 25% خلال أول تسعة أشهر من عام 2024، إذ بلغ إنتاجها نحو 700 كيلوغرام خلال الفترة من يناير حتى نهاية سبتمبر، مقارنة بحوالي 560 كيلوجرام خلال نفس الفترة من عام 2023.

 

وتم تسليم نحو 400 كيلوجرام من الذهب المُنتج خلال النصف الأول من عام 2024 إلى البنك المركزي، بقيمة تقدر بـ 1.5 مليار جنيه مصري، كما ارتفع إنتاج الشركة خلال الربع الثالث من العام الجاري إلى نحو 300 كيلوجرام.

 

يأتي هذا الارتفاع في إنتاج الذهب في وقت استحوذت فيه شركة “أنجلو جولد أشانتي” على شركة “سنتامين”، المشغلة لمنجم السكري، في صفقة بلغت قيمتها حوالي 2.5 مليار دولار.

 

هذه الصفقة أثارت تساؤلات حول حصة مصر من ذهب منجم السكري، الذي حقق عائدات بلغت 850 مليون دولار خلال العام الماضي، خاصة مع الزيادة الملحوظة في أسعار الذهب عالميًا.

 

تمتلك الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية نسبة 35% من شركة شلاتين، بينما يحوز جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع 34%، وبنك الاستثمار القومي 24%، وتستحوذ الشركة المصرية للثروات على 7%.

أُنشأت شركة “شلاتين للثروة المعدنية” في 26 نوفمبر 2012 بقرار من رئيس الوزراء آنذاك، الدكتور هشام قنديل، برأس مال مرخص قدره 10 ملايين جنيه مصري.

 

جرى تأسيس الشركة كمساهمة مصرية بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، بنك الاستثمار القومي، والشركة المصرية للثروات المعدنية، بهدف تعزيز الاستثمارات وتأسيس شركات جديدة وتوفير 500 فرصة عمل للمواطنين.

 

وهدفت الشركة إلى تنفيذ عمليات البحث والتنقيب عن الخامات التعدينية في الصحراء الشرقية وشلاتين والبحر الأحمر، بالإضافة إلى إعادة استغلال مناجم الذهب القديمة وتنظيم استغلال الذهب العشوائي في الرواسب الوديانية.

 

منحت الحكومة في 9 ديسمبر 2013 الشركة ترخيصًا للتنقيب عن الذهب في خمس مناطق تبلغ مساحتها الإجمالية 13.67 ألف كيلومتر مربع، بقرار صادر عن رئيس الجمهورية حينها، المستشار عدلي منصور.

 

تضمنت هذه المناطق “وادي علبة” و”وادي قاف” قرب حلايب وشلاتين، بالإضافة إلى منطقة بالقرب من أسوان و”وادي مسيح” في الصحراء الشرقية.

 

 

أصدر مجلس الوزراء في الشهر ذاته قانونًا جديدًا لتنظيم استغلال الذهب والمعادن في منطقتي حلايب وشلاتين بأسوان، كما وافق المجلس على إعادة تخصيص 253 فدانًا من أراضي الدولة في منطقة الأقصر الجديدة لصالح محافظة الأقصر.

 

منحت الحكومة في يناير 2014 الشركة حق البحث والتنقيب عن الذهب والمعادن المصاحبة له في خمسة مواقع بالصحراء الشرقية بمحافظة البحر الأحمر، كما شملت هذه المواقع منطقة جبل علبة شمال شلاتين، جبل الجرف، جبل إيقاف، وادي ميسج، ومنطقة أخرى في أسوان.

 

أعلنت شركة شلاتين في أكتوبر 2016 عن إنتاج أول سبائك من الذهب الخالص، لتصبح أول شركة مصرية تنتج الذهب بنسبة 100% في سابقة تاريخية لصناعة الذهب في مصر.

 

كشف الملياردير نجيب ساويرس في عام 2020 عن تفاوضه للاستحواذ على 51% من أسهم شركة شلاتين للثروة المعدنية، في إطار سعيه لدخول قطاع استخراج الذهب في مصر.

 

وأكد وزير البترول آنذاك، طارق الملا، لاحقًا توقف المفاوضات دون الكشف عن تفاصيل إضافية، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.

 

أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية في 30 يونيو 2020 اكتشاف تجاري للذهب في منطقة إيقات بالصحراء الشرقية داخل منطقة امتياز شركة شلاتين، بلغ الاحتياطي المُقدر أكثر من مليون أونصة من الذهب، ونسبة استخلاص تصل إلى 95%، وهي من أعلى نسب الاستخلاص عالميًا. توقعت الوزارة استثمارات تتجاوز مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

 

فازت ثلاث شركات سعودية، روسية، وبريطانية في 11 يونيو 2023 بالمزايدة العالمية التي طرحتها شركة شلاتين للتنقيب عن الذهب، وذلك بعد اجتماع لجنة تقييم العروض.

 

احتُسبت حصة شركة شلاتين من الإنتاج بعد خصم الإتاوات التي تبلغ 5% واستعادة التكاليف، بالإضافة إلى حصة الهيئة العامة للثروة المعدنية، جرى توزيع الإيرادات بنحو 65% لاسترداد التكاليف و35% لمشاركة الأرباح.

 

حصلت الهيئة العامة للثروة المعدنية على 31% من الأرباح، في حين حصلت شركة شلاتين على أقل من 20%، وتوزعت النسبة الباقية التي تبلغ 49% أو أكثر على الشركات الفائزة.

 

 

يقع منجم السكري في الصحراء الشرقية، على بُعد حوالي 30 كيلومترًا من مدينة مرسى علم، ويعود تاريخه إلى العصور المصرية القديمة.

 

 

 

يُعد منجم السكري أكبر منجم للذهب في مصر، وأحد أكبر المناجم المنتجة للذهب على مستوى العالم، منذ بدء إنتاجه الفعلي في عام 2009.

 

حقق منجم السكري إيرادات بلغت نحو 850 مليون دولار في العام الماضي، وأثيرت تساؤلات عديدة حول مسألة بيع المنجم وما إذا كانت مصر قد تخسر حصتها من هذا المورد الحيوي للاقتصاد المصري.

 

 

أكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية وعضو مجلس إدارة جمعية البترول، أن حقوق الدولة المصرية في منجم السكري لن تتأثر، وأن الاتفاقية القائمة بشأن حقوق استغلال المنجم ستظل سارية دون أي تعديل.

 

أوضح القليوبي في تصريحات خاصة لموقع “MENA” أن أي زيادة في الاستثمارات ستسهم في رفع عائدات مصر من المنجم، مشيرًا إلى أن الاتفاقية تنص على تقاسم الأرباح بين الحكومة المصرية وشركة “سنتامين” بنسبة 50% لكل طرف، إضافة إلى حصول مصر على إتاوة تصل إلى 3% من صافي إيرادات مبيعات الذهب.

 

شدد القليوبي على أن هذه الاتفاقية تمنع حدوث أي تغيير في حصة مصر من المنجم، وستظل كما هي دون مساس.

 

 

واجهت مصر أزمة كبيرة بعد استخراج الذهب، حيث لم تكن تمتلك الإمكانيات التصنيعية التي تمكّنها من تصدير الذهب أو استخدامه محليًا بشكل مباشر، وبدأ الحديث عن إنشاء “مدينة الذهب” كحل لهذه الأزمة، مما رفع الآمال بشأن مستقبل صناعة الذهب في مصر.

 

كشف الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في بداية شهر أبريل 2017 عن نية إنشاء مدينة لصناعة وتشكيل المصوغات الذهبية تحت مسمى “مدينة الذهب”، تحت إشراف الهيئة.

 

لكن الحديث عن المشروع توقف لعدة سنوات، حتى عاد للواجهة بعد خمس سنوات ونصف، في 15 ديسمبر 2022، عندما أعلن المهندس طارق الملا، وزير البترول السابق، عن بدء التحضيرات لإنشاء أول مصفاة ذهب معتمدة دوليًا في مصر، بتكلفة تقدر بـ 100 مليون دولار.

 

جاء هذا الإعلان ردًا على استفسار النائب حمادة الجبلاوي، وكيل لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب.

وتقدّم النائب جمال عبيد، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، في شهر فبراير من العام الجاري بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس المجلس، للاستفسار عن آخر التطورات المتعلقة بإنشاء مدينة الذهب في منطقة قناة السويس، متسائلًا عن سبب عدم اتخاذ قرارات فعلية لإتمام المشروع حتى الآن.

 

 

أوضح النائب جمال عبيد، في تصريحات خاصة لموقع “MENA“، أنه تمت مناقشة المشروع مع وزارة البترول وهيئة الثروة المعدنية منذ عدة أشهر، لكن لم يتم اتخاذ أي قرار بشأنه حتى الآن.

 

أشار عبيد إلى أن مدينة الذهب ستوفر العديد من الوظائف لأبناء محافظة السويس، مؤكدًا أن المرحلة الأولى من المشروع ستشمل 500 ورشة ومصنع صغير، بالإضافة إلى مصفاة للذهب وأكاديمية للتدريب على الصناعات المرتبطة بالذهب والمعادن الأخرى.

 

وفيما يخص أهمية إنشاء المدينة، لفت عبيد إلى أنها ستسهم في تعظيم القيمة المضافة لموارد الذهب في مصر، كما ستوفر البلاد ملايين الدولارات التي تُنفق على نقل الذهب للخارج لإعادة تصنيعه سواء للتصدير أو للاستخدام المحلي.

 

أكد عبيد أن مصر تنتج ما يقارب 16 طنًا من الذهب سنويًا، ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج بعد إنشاء المدينة.

 

اختتم النائب حديثه بالإشارة إلى أنه من بين الخطط المقترحة التعاون مع السودان ونيجيريا لشراء الذهب الخام منهما وتصنيعه في مدينة الذهب، مما سيسهم في زيادة المعروض من الذهب وتحقيق توازن في الأسعار العالمية.

 

وأشارت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إلى أن الذهب المكتشف سيمثل إضافة كبيرة للاحتياطي في البنك المركزي، تمامًا كما هو الحال مع الدولار، منوهةً إلى أن زيادة إنتاج الذهب تعني زيادة في احتياطي البنك ومحاولة لتحقيق توازن مع الدولار في السوق.

 

 

أوضحت الملاح، في تصريحات خاصة لموقع “MENA“، أن تصدير الذهب للخارج يعزز الاحتياطي من الدولارات بمبالغ كبيرة، نظرًا للقيمة الشرائية المرتفعة للذهب، خصوصًا مع استمرار ارتفاع أسعاره عالميًا نتيجة الأزمات التي تعصف بعدة دول، وليس فقط في المنطقة العربية.

 

اعتبرت الملاح أن الذهب يعد ملاذًا آمنًا لأي شكل من أشكال الادخار والاحتياطي والتجارة، مشددة على أن إنتاج شركة شلاتين سيساهم في تحقيق نقلة نوعية للاقتصاد المصري، خاصة مع التطورات الأخيرة والأزمات الحدودية. وأضافت أن هذه العوامل تساعد في الحفاظ على توازن الاقتصاد المصري.

 

أكّدت الملاح أن القيمة التي تضيفها شركة شلاتين للاقتصاد كبيرة، خاصة وأنها شركة مصرية بالكامل، مبيّنةً أنه في حال وجود مستثمرين أجانب في الشركة، فلن تعود الفائدة الكاملة على مصر، إذ لن تتحقق قيمة كبيرة من استخراج الذهب حينها، مؤكدةً أن العوائد من تصدير الذهب تدخل مباشرة إلى البنك المركزي.

 

وحول زيادة الإنتاج في الوقت الحالي، قالت الملاح إن التنقيب عن الذهب لا يرتبط بزمن محدد، على عكس المحاصيل الزراعية، موضحة أن الأهم في عمليات التنقيب هو دراسة المناطق التي يجري البحث فيها عن الذهب، إذ يلعب الموقع دورًا أكثر أهمية من التوقيت.

 

 

أوضح الدكتور جمال القليوبي أن هيئة الثروة المعدنية تتبع سياسة الدولة في زيادة التنقيب عن الذهب في جميع المناجم، ولا يقتصر ذلك على الذهب فقط، بل يشمل أيضًا جميع الثروات المعدنية.

 

وأشار القليوبي إلى أن الدولة تستهدف حاليًا الوصول إلى إنتاج 1.5 مليون أوقية سنويًا، مضيفًا أن الجزء الأكبر من هذا الإنتاج يأتي من منجم السكري، سواء في الجزء العلوي أو السفلي، بالإضافة إلى منجم حنيش والمشروعات التعدينية الجديدة، مؤكدًا أن هذه الخطة تأتي ضمن مستهدفات الدولة وليس سياسة شركة معينة.

 

وأضاف أن شركة شلاتين تعمل مثل باقي الشركات في قطاع التعدين، وتقوم بتنفيذ سياسات هيئة الثروة المعدنية التي تتماشى مع القرارات الاقتصادية الحكومية لزيادة قدرة مصر على التعدين، وخاصة الذهب، خلال الفترة الحالية.

 

وأكد عضو مجلس إدارة جمعية البترول أن مصر تعمل منذ أكثر من عامين على بناء مخزون استراتيجي من الذهب لدعم غطاء العملة الأجنبية في البنك المركزي، بما يتماشى مع سياسات الدولة الاقتصادية.

 

 

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي بلال شعيب إلى أن الصناعات التعدينية في مصر تعتبر من الصناعات الحيوية التي ستؤثر بشكل مباشر على تقليص عملية الاستيراد التي تمثل تحديًا كبيرًا للاقتصاد المصري.

 

وأوضح أن الحكومة بدأت تركز على قطاع التعدين بشكل كبير، مشيرًا إلى أن القرارات الأخيرة المتعلقة بإضافة عمليات تصنيعية على المعادن مثل الكوارتز تهدف إلى زيادة العوائد الاقتصادية، وتحقيق معدلات تنمية أعلى وتوفير فرص عمل جديدة.

 

ولفت شعيب في تصريحه لـ”MENA“، إلى أن إنتاج شركة شلاتين من الذهب سيساهم في تعزيز الاحتياطي النقدي، داعيًا إلى استخدام هذه الموارد لدعم الصناعات التعدينية وتوسيع الاستثمارات في هذا القطاع المهم.

وأضاف شعيب أن تأخر تطوير الصناعات المعدنية في مصر، بما في ذلك إنشاء مدينة الذهب، يرجع إلى مشاكل الطاقة التي واجهتها البلاد سابقًا بسبب الزيادة السكانية.

 

لكنه أشار إلى أن مصر بدأت تنوع مصادر الطاقة، ما أدى إلى تعزيز الاهتمام بقطاع الصناعات المعدنية، ومن بينها مصنع الكوارتز.

 

وأوضح الخبير الاقتصادي أن تأخر إنشاء مدينة الذهب يعود أيضًا إلى انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الماضي، حيث تتطلب مثل هذه المشاريع استثمارات كبيرة.

 

وفيما يتعلق بتغيرات سعر الذهب والدولار، أوضح شعيب أن سعر الذهب يتأثر بالبورصات العالمية، فيما شهد الجنيه المصري استقرارًا نسبيًا منذ آخر تحرير لسعر الصرف في مارس الماضي.

 

وأكد أن أحد أسباب نقص العملة الصعبة في مصر هو الخلل الهيكلي في الميزان التجاري، نتيجة الاستيراد بقيمة 90 مليار دولار مقابل تصدير 45 مليار دولار فقط، فضلًا عن مدفوعات الدولة المتعلقة بالفوائد والديون المستحقة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والشركاء الإقليميين.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية