أكد خبراء وسياسيون وعسكريون مصريون أن ادعاءات إسرائيل بإسقاط مسيّرة تحمل أسلحة انطلقت من الحدود المصرية صوب إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية هي محض افتراء وكذب لا أساس له من الصحة، وأنه يأتي في إطار الضغط الذي تمارسه تل أبيب على مصر لتقليص دورها في الوساطة بينها وبين حركة حماس.
وأشار خبراء استراتيجيون “لمنصة MENA“، إلى أن هذه المزاعم الإسرائيلية تهدف إلى بقاء جيش الاحتلال في محور صلاح الدين المعروف باسم “فيلادلفيا”، الذي يمثل الشريان الرئيسي لقطاع غزة، وعدم الانسحاب منه كما تطالب السلطات المصرية، إضافة إلى التغطية على المجازر التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي زعم في بيان نشرته “منصة إكس” الإسرائيلية في وقت سابق أنه تمكن من إسقاط طائرة مسيّرة تهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل في منطقة لواء باران، وأنها كانت تحمل أسلحة عبارة عن بنادق ومسدسات.
وكذا قال عميد بالجيش الإسرائيلي يدعى أمير أفيفي، إن هناك آلاف المسيّرات تنتظر في سيناء لتهريبها إلى قطاع غزة. وفيما لم ترد السلطات المصرية رسمياً على تلك المزاعم، يرى خبراء استراتيجيون وأمنيون أنها ادعاءات كاذبة لا يوجد عليها أي دليل.
أكذوبة مكشوفة
ويرى الخبير العسكري والأمني اللواء حسام عبد الحليم أن إسرائيل لجأت إلى هذه الحيلة المكشوفة بادعاء إسقاط مسيّرة قادمة من مصر، لتشغل الجانب المصري في الرد على ذلك والتوقف عن المطالبة بوقف العدوان على الفلسطينيين من خلال تقديم مبادرات للهدنة بين الجانبين.
ويضيف عبد الحليم في تصريحات “لمنصة MENA” أن الادعاءات الإسرائيلية تستهدف أيضاً عدم مطالبة السلطات المصرية بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، والذي يعد مخالفة صريحة لاتفاقية كامب ديفيد.
ويشير عبد الحليم إلى أن بقاء قوات جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا يحكم الخناق على حركة حماس وسكان قطاع غزة، حيث إنه المتنفس الوحيد للقطاع بعد سيطرته على كافة المعابر وإغلاقها تماماً. ومن ثم، ادعى إسقاط مسيّرة لتبرير بقائه في المحور واستمرار السيطرة على كافة مفاصل القطاع وعدم السماح بإدخال مساعدات إغاثية له.
توريط مصر
من جانبه، يقول الخبير الأمني العميد أشرف فرحات إن إعلان الجيش الإسرائيلي إسقاط مسيّرة تحمل أسلحة قادمة من مصر، وانتظار آلاف المسيّرات الأخرى في سيناء لتهريبها إلى غزة، هي محاولة إسرائيلية واضحة لتوريط مصر في الحرب التي يشنها على القطاع.
ويرى فرحات في تصريحات خاصة “لمنصة MENA” أن تلك الادعاءات الإسرائيلية تهدف إلى الضغط على القاهرة التي تسعى لإقامة هدنة مؤقتة بين جيش الاحتلال وحركة حماس، والتي أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام مقابل الإفراج عن أربعة أسرى إسرائيليين وبعض الأسرى الفلسطينيين، وهو ما لا ترغب فيه حكومة نتنياهو الآن.
ويستطرد فرحات قائلاً إن تل أبيب تحاول التغطية على المجازر التي ترتكبها في غزة كل يوم، وتسعى لتقليص دور القاهرة الهادف إلى وقف العدوان على القطاع. كما أن جيش الاحتلال يسعى إلى خلق ذرائع تحد من دور مصر كوسيط محايد في هذه الحرب.
ويشير فرحات إلى أن الحدود المصرية مع إسرائيل مؤمنة بالقدر الذي لا يمكن معه تنفيذ أي عمليات تهريب للأسلحة من خلالها إلى قطاع غزة، لا سيما مع تنفيذ مصر لعمليات هدم الأنفاق حيث تم تدمير أكثر من ثلاثة آلاف نفق وإقامة منطقة عازلة بعمق خمسة كيلومترات عند مدينة رفح الحدودية.
ادعاءات قديمة جديدة
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم مصر في سبتمبر الماضي بغض الطرف عن تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر محور فيلادلفيا، وهو ما نفته الخارجية المصرية في حينه واعتبرته محاولة لعرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى ووقف مؤقت لإطلاق النار.
وبدوره، يرى المحلل السياسي عمار علي حسن أن الادعاءات الإسرائيلية بشأن تهريب أسلحة لقطاع غزة عبر الحدود المصرية ليست جديدة بل هي قديمة ومتكررة. فمنذ حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، دأبت تل أبيب على اتهام مصر بالمساعدة في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، وهو ما نفته القاهرة مراراً وتكراراً.
ويرى حسن في تصريحات “لمنصة MENA” أن هذه الافتراءات تهدف بالأساس إلى الضغط على مصر سياسياً بهدف إظهارها كطرف في النزاع وليس وسيطا نزيها، وأيضاً ذريعةً لاستمرار احتلال الجيش الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا رغم مخالفته الصريحة لمعاهدة كامب ديفيد.
وأشار حسن إلى أن المقاومة الفلسطينية تحصل على كثير من الأسلحة من داخل إسرائيل نفسها، بل إن بعضها أسلحة مهربة من داخل جيش الاحتلال نفسه، الذي يحاكم سنوياً مئات الأفراد والضباط بتهم سرقة السلاح، إذ هناك من يبيع هذه الأسلحة للفلسطينيين من داخل إسرائيل.
اقرأ أيضًا:
أهداف تنموية وأمنية.. لماذا تنشئ الحكومة مدينة رفح الجديدة؟
الاحتلال الصهيوني يكمل سيطرته على محور فيلاديلفيا وسط صمت مصري.. ما الأمر؟
جهود مصرية مكثفة لاحتواء التصعيد وعدم اشتعال حرب إقليمية بالمنطقة
ردود فعل الساسة المصريين تجاه حادثة اغتيال هنية والمفاوضات المصرية