سياسة

بعد منافسته مجموعة السبع الكبار .. المكاسب العشر لانضمام مصر إلى الـ “بريكس”

 

•      التخلص تدريجيا من شروط صندوق النقد الدولي وتحكم الدولار وتوقيع اتفاقيات تجارية باستخدام العملات المحلية مثل الجنيه واليوان الصيني والروبل الروسي.

 

•      انعاش السياحة والاستثمار وقناة السويس ودعم التنمية المستدامة ومعالجة قضايا السيولة من خلال عضويتها في بنك التنمية الجديد.

•      تبادل الخبرات والمعلومات في الرقمنة والذكاء الاصطناعي والطاقة البديلة والهيدروجين الأخضر والتنمية الزراعية والبني التحتية.

•        تأمين استيراد السلع الضرورية كالقمح وغيره وخلق فرص عمل جديدة والوصول إلى أسواق 40% من سكان العالم.

 

 

بريكس” مصطلح جديد عرفه العالم قبل سنوات، والآن يمثل واحد من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، حيث تمثل الدول المنضوية تحت لواءه 30% من حجم الاقتصاد العالمي بما يقارب نحو 56.65 تريليون دولار، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم، ولديها احتياطات من النقد الأجنبي تصل لـ 4 تريليونات دولار أمريكي، هذا بقياس امكانات وقدرات دوله الخمس وهي الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، قبل أن يضم خمس دول أخرى، هي مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا، ليصبح التكتل 10 دولة قابلة للزيادة٬ حيث تضيف الدول الجديدة ما يقرب من 3 تريليون دولار إلى اقتصادات مجموعة “بريكس” وعندما تتوسع يصبح اسمها الجديد “بريكس بلس” أو “بريكس + “، على غرار مجموعة “أوبك بلس”.

 

ما يعزز دورها ومكانتها في الاقتصاد العالمي، وسط توقعات بأن تهيمن المجموعة مجتمعة على الإقتصاد الدولي بحلول عام 2050، متجاوزة مجموعة السبع الكبار.

 

 

 

 تأسست “بريكس” من قبل البرازيل وروسيا والهند والصين عام 2006، وعقدت أول قمة لها عام 2009 مع 4 أعضاء فقط، ثم أضافت جنوب إفريقيا في العام التالي 2010، وعقب الحرب الروسية الأوكرانية، وما رافقها من عقوبات غربية علي روسيا، وإعادة تشكيل نظام عالمي جديد، ازداد الاهتمام بتكتل “بريكس” من طرف العديد من الدول، خاصة في ظل الاتجاه نحو تكتلات جيوسياسية واقتصادية جديدة، وأيضًا بحث روسيا عن شركاء داعمين لها في وجه العقوبات الاقتصادية الغربية.

 

 

 وتهدف “بريكس” إلي تسريع النمو الاقتصادي الشامل، وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي فضلاً عن تشجيع التنمية الاقتصادية وتنمية المهارات وتحقيق الأمن والسلام والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ، وتعزيز الأمن الغذائي العالمي والتعاون في العلوم والبحوث والتطور التكنولوجي وترشيد استخدام الطاقة.

 

 

وسعت مصر منذ عام 2017 للانضمام لعضوية المجموعة للاستفادة من الفرص والمزايا الكثيرة للمجموعة وخاصة على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار وتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية، من خلال توفير قنوات تمويلية جديدة إضافة لصندوق النقد والبنك الدوليين وليس بديلاً عنهما وتعزيز ثقة المجتمع الدولي وزيادة الاستثمارات وتقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي، والتوجه نحو التبادل التجاري بالعملات المحلية، وكان لمصر ما أرادت حيث تم دعوتها رسميًا مع عدد من الدول الأخرى خلال اجتماعات القمة الـ 15 لتجمع بريكس، في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، للانضمام لعضوية التجمع اعتبارا من يناير 2024.

 

 

 وبمجرد أن تقدمت مصر بطلب الانضمام إلى منظمة “بريكس” وأصدار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا بالموافقة على اتفاقية تأسيس وانضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة “بريكس” شهدت عوائد سندات مصر الدولية ارتفاعًا ملحوظًا بعد، ما جعل الحكومة المصرية تعلن في يوم الأربعاء 30 أغسطس 2023، عن إنشاء وحدة خاصة تعنى بالتعاون مع “بريكس” بعد أيام من اتفاق قادة التجمع على دعوة ست دول من بينها مصر، للانضمام إليه اعتبارًا من أول يناير 2024.

 

 

وقالت رئاسة مجلس الوزراء المصري في بيان على صفحتها الرسمية بموقع فيس بوك، إن المجلس عقد اجتماعا برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، حيث تم الموافقة على إنشاء “وحدة بريكس” بالمجلس، لتعنى بملفات التعاون مع التجمع وتضم الوحدة في عضويتها الوزراء والمسؤولين المعنيين، وكان ذلك أول خطوة فعلية بعد طلب الانضمام للتكتل، ومن شأنها تعزيز مكاسب مصر على مختلف المستويات وخاصة الاقتصادية منها وهذه الوحدة تعمل علي زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والتبادل التجاري والصادرات بين مصر ودول التجمع، وكذلك الحصول على تمويلات للتنمية المستدامة والمشروعات القومية التي تقيمها الدولة وتوفير احتياجات البلاد من السلع الأساسية.

 

 

 

وفي أغسطس 2023، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن مصر تتطلع للعمل على “إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية”٬ وأضاف: “أثمن إعلان تجمع بريكس دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتبارا من يناير 2024 ونعتز بثقة دول التجمع كافة التي تربطنا بها علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة” .

 

 

وأصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، وقتها، تحليلاً سلط الضوء فيه على أن انضمام مصر لـ”بريكس“، يعد تأكيدًا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

 

وتعلي مجموعة بريكس، روح الاحترام المتبادل والتفاهم والمساواة في السيادة والتضامن والديمقراطية والانفتاح والشمول وتعزيز التعاون والتوافق، وهي بدأت رحلة التخلي عن الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية العالمية، وتمثل تلك الخطوة أولى مراحل نهاية التعامل بالدولار الأمريكي الذي يهيمن على الاقتصاد العالمي منذ عقود طويلة، حيث تتطلع العديد من دول العالم إلى الانضمام لـ “بريكس” للاستفادة من الوضع الاقتصادي والسياسي الجديد في العالم، كالأسواق والاستثمارات الجديدة، وحال توسع المجموعة وتطوير علاقاتها ستدفع الكثير من دول العالم للتخلي أيضا عن الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية العالمية، ما يفقد الدولار عرشه الذي جلس عليه عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.

 

 

ويؤكد تجمع “بريكس“، أن الكرة الأرضية علي أعتاب عالم متعدد الأقطاب، حيث تقدمت 23 دولة حتى الآن، بطلبات رسمية للانضمام إلى مجموعة “بريكس“، من أصل 40 دولة تبدي رغبتها للانضمام للتكتل، ومن الدول التي طلبت الانضمام إلى “بريكس” رسميا البحرين وبنجلاديش وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وهندوراس وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والكويت والمغرب ونيجيريا وفلسطين والسعودية والسنغال وتايلاند وفنزويلا وفيتنام.

 

وخلال قمة بريكس التي عقدت في جنوب أفريقيا، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن خطوات التخلي عن الدولار لا رجوع فيها.

 

 

وفي عام، 2015 بدأت مرحلة جديدة في تاريخ “بريكس” عندما أطلقت المجموعة بنك التنمية الجديد وحاليًا تسعى لتدشين عملة جديدة وموحدة، وحسب تصريحات للرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، بأن مجموعة “بريكس” تفوقت على مجموعة السبع اقتصاديًا، مؤكدًا أن وجود ثلاثة أعضاء من بريكس في مجموعة العشرين يعزز الدفاع عن مصالح دول الجنوب، فيما أيد الرئيس الصيني شي جين بينغ توسيع مجموعة “بريكس“، وذلك في كلمة ألقاها نيابة عنه أحد وزرائه في منتدى أعمال “بريكس” في جوهانسبرج.

 

 

ولانضمام مصر لـ “بريكس“، عدة مزايا ومكاسب اقتصادية، يمكن أن نلخصها في: يمكن للقاهرة توقيع اتفاقيات تجارية باستخدام العملات المحلية مثل اليوان الصيني والروبل الروسي وغيرهما، لتخفيف الضغط على طلب الدولار، وعقد صفقات استثمارية بين الدول الأعضاء بالتجمع، وحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وخاصة أزمة الدولار، والتي يتطلب التغلب عليها زيادة موارد النقد الأجنبي من خلال زيادة الصادرات وإتاحة فرص تصديرية للمنتجات المصرية، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة من الدول الأعضاء، ورفع عوائد قناة السويس والسياحة ودعم التنمية المستدامة، ومعالجة قضايا السيولة من خلال عضويتها في بنك التنمية الجديد، والحصول على المنح والقروض الميسرة بفوائد مخفضة بما يخفف من شروط صندوق النقد الدولي والتجارة بعملات بديلة للدولار، واستيراد مواد خام بأسعار منخفضة، وتبادل الخبرات والمعلومات في الرقمنة والذكاء الاصطناعي والطاقة البديلة والهيدروجين الأخضر، والتنمية الزراعية، والبني التحتية، و تأمين استيراد السلع الضرورية كالقمح وغيره، وخلق فرص عمل جديدة والوصول إلى أسواق 40% من سكان العالم، وزيادة فرص الاستثمار مع دول تمثل نحو 25% من الإنتاج العالمي، وتنويع الاحتياطات النقدية، والتأثير دوليًا وتحقيق المصالح الوطنية والعربية والافريقية، وزيادة التواجد الدبلوماسي وتبادل وجهات النظر، وتعزيز الأمن القومي ومواجهة التهديدات الأمنية وتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي.

 

 

وشاركت مصر في بنك التنمية الجديد بأقصى حصة للحصول على 2.1% من قوة التصويت بالبنك، ما يسمح لها بدعم أجندة التنمية المستدامة، ومعالجة قضايا السيولة، والترويج للإصلاحات الاقتصادية والاستثمارية بمصر خلال السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما أن انضمام مصر لمجموعة بريكس سيفيد قطاع السيارات من حيث نقل الخبرات وإمكانية تدشين شراكات مع شركات بدول التكتل وتوطين الصناعة المصرية من خلال الاستفادة من خبرات الدول المشاركة في زيادة معدلات التصنيع والإنتاج وخلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية.

 

 

وتسعي “بريكس” بعد ضم مزيد من الأعضاء لتعزيز مكانتها باعتبارها تحالفًا دوليًا للجنوب وزيادة الموارد وتدشين العديد من المشاريع التنموية وتعزيز شبكات التعاون عبر منطقة عالمية أوسع، وتأمين الممرات البحرية الرئيسية في إطار مبادرات التعاون الاستراتيجي، والوصول إلى أسواق جديدة وتنويع التجارة والاستثمار وتحقيق التقدم في العديد من المجالات.

 

 

وإجمالا ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول مجموعة بريكس، لتصل إلى 31.2 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 28.3 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع بلغت 10.5% كما ارتفعت قيمة الصادرات المصرية لدول التجمع لتسجل 4.9 مليار دولار فضلا عن زيادة الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى مصر حيث أظهرت بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن مساهمة الاستثمارات التراكمية لدول البريكس سواء الخمسة المؤسسين أو الأعضاء الجدد في مصر بلغت نحو 17.4 مليار دولار حتى سبتمبر 2023.

 

أبو بكر الديب
أبو بكر الديب كاتب صحفي وباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث ورئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث ومدير تحرير جريده البوابة نيوز من القاهرة ومحلل للأحداث الاقتصادية والسياسية بعدد من القنوات الفضائية الدولية والعربية.

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية