اقتصاد

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟

محمد الإمبابي

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟

تصاعدت أزمة سيارات ذوي الهمم بعد إعلان الحكومة وقف استيرادها، إذ ألقى هذا القرار بظلاله على العديد من الأطراف، بما في ذلك الذين يستخدمون هذه السيارات لأغراضهم الشخصية، والمخالفين الذين استغلوا التيسيرات للاستيراد والإتجار.


أدى تزايد المخالفات في استيراد هذه السيارات إلى دخول العديد من غير المستحقين إلى المنظومة، بما فيهم شخصيات ذات نفوذ يصعب تطبيق العقوبات عليهم.



أعلن مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة، في مؤتمر صحفي يوم 24 يوليو، عن وقف منظومة استيراد سيارات ذوي الهمم حتى ضبط المنظومة، وأعقب هذا القرار تشكيل لجان في جميع المحافظات للتحقيق في المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين.



صرح منتصر زيتون، رئيس شعبة السيارات بمحافظة كفر الشيخ وصاحب شركة الزيتون للاستيراد، بأن أسعار “جوابات” استيراد سيارات ذوي الهمم تتراوح بين 25 و100 ألف جنيه، ما جعل هذا الملف مجالًا لتجارةٍ مربحةٍ على مدار السنوات الماضية.


وأضاف زيتون في تصريح خاص لمنصة “MENA” أن أغلب المخالفين سارعوا بتوفيق أوضاعهم القانونية، مؤكدًا أن النسبة الأكبر من السيارات المخالفة أوروبية وفارهة، ولن تفرض سوى الضرائب عليها بسبب إعفائها من الجمارك بموجب اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية.


وأوضح زيتون أن النسبة الأكبر من المتضررين من القرار هم أصحاب الإعاقة الحقيقية، الذين يتكبدون الخسائر نتيجة وقف استيراد السيارات التي كانت تشكل لهم تيسيرًا كبيرًا في حياتهم اليومية.




قالت تقارير لجان التفتيش المروري والجمارك إن عددًا كبيرًا من السيارات الفارهة المستوردة بموجب تسهيلات ذوي الهمم يستخدمها غير المستحقين.


وأوضح المهندس عصام غنايم، خبير سوق السيارات والاستيراد، أن السبب المعلن لوقف الاستيراد، وهو مكافحة المخالفات، صحيح، إلا أن بعض العاملين في سوق السيارات يشيرون إلى دوافع أخرى غير معلنة.


ولفت غنايم في تصريح خاص لمنصة “MENA” إلى أن من بين هذه الأسباب تخفيف الضغط على الدولار، إلى جانب شكاوى الوكلاء المحليين من انخفاض المبيعات، ما أدى إلى عدم قدرتهم على الالتزام بالكميات المحددة في العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية، وهو ما قد يهدد بسحب الوكالات، خاصة بعد فتح الاستيراد بشرط توفير مكون دولاري للشركات.



بغض النظر عن الأسباب، تكمن الأزمة الحقيقية في أن كثيرًا من ذوي الهمم الذين استوردوا السيارات بموجب التيسيرات الحكومية، يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة خسائر كبيرة، بعدما جلبوا السيارات للاستفادة من توفير 30 إلى 40 ألف جنيه، والآن يعانون من احتجاز سياراتهم.



كشف المستشار أسامة أبو المجد، نائب رئيس شعبة القاهرة للسيارات ورئيس رابطة تجار السيارات، أن قرار وقف دخول سيارات ذوي الهمم المفاجئ لم يميز بين المستوردين الذين جلبوا السيارات لأغراض شخصية حقيقية وبين من استغل التيسيرات للتجارة والربح، موضحًا أن المخالفة لا تُرصد إلا بعد الترخيص، ما يزيد من تعقيد المشكلة.


المستشار أسامة أبو المجد، نائب رئيس شعبة القاهرة للسيارات ورئيس رابطة تجار السيارات


وأوضح أبو المجد في تصريح خاص لمنصة “MENA” أن تداعيات القرار أدت إلى توقف أكثر من 10 آلاف سيارة في الموانئ، مع فرض رسوم الأرضيات التي يتحملها إما المعاق أو الشركات الاستثمارية الحاصلة على تراخيص مزاولة النشاط.


وأضاف أن الموانئ تعاني من نقص القدرة على استيعاب المزيد من السيارات، ما أدى إلى تأخير تفريغ حمولات بعض الكونترات الواردة، وبموجب القانون، تفرض غرامة قدرها 140 دولارًا يوميًا في حالة عدم إفراغ الحاوية خلال 14 يومًا من وصولها، وتُدفع الغرامة لشركات الشحن الأجنبية.



وأشار أبو المجد إلى أن السيارات التي تنتظر في الموانئ لمدة أربعة أشهر تدخل تحت بند “المهمل”؛ ما يعرضها للمصادرة من قبل الجمارك، ما يزيد من الخسائر المالية على كلا الطرفين، في وقت تحتاج فيه الدولة للحفاظ على الاستثمارات وتنميتها وفقًا لخطة الدولة الاقتصادية.



بالإضافة إلى الخسائر المالية التي تتكبدها الشركات، أوضح أبو المجد أن الشركات تواجه أزمة ثقة مع ذوي الهمم الذين دفعوا أموالهم لاستيراد السيارات من خلال هذه الشركات، متوقعًا أن تؤدي هذه الأزمة إلى تصاعد النزاعات القانونية بين الطرفين في الفترة المقبلة، مع احتمالية حدوث تقاضٍ بين ذوي الهمم والشركات.


أضاف غنايم أن السيارات المتوقفة بالموانئ معرضة للتلف بسبب طول فترة الانتظار أو المصادرة، مشيرًا إلى أن الغرامات المفروضة قد تدفع ذوي الهمم إلى الامتناع عن استلام سياراتهم لعدم قدرتهم على دفع التكاليف، لافتًا إلى أن رؤوس أموالهم مجمدة في سيارات مخزنة لم يتمكنوا من الحصول عليها منذ صدور القرار، ما زاد من التكاليف التي يتعذر على التجار أو المشترين تحملها.



برهن غنايم على صحة حديثه بالإشارة إلى أن الميناء صادرت عددًا من السيارات تحت بند “المهملات” بعد انقضاء فترة الأربعة أشهر، وبيعها الجمارك في مزاد بزيادة نحو 100 ألف جنيه، متوقعًا أن يؤدي استمرار القرار وتداعياته إلى رفع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة، ما سيعمق أزمة الركود في مبيعات السيارات.



فيما رفض مصطفى عصمت، مدير مكتب الشحات غتوري رئيس مصلحة الجمارك، التعليق على الأسباب أو التداعيات، مؤكدًا أن الأمر يخص رئيس الوزراء ولا يملك مكتب الجمارك معلومات حوله.



اقترح أبو المجد مجموعة من الحلول للتعامل مع الأزمة، مشددًا على الإفراج الفوري عن جميع السيارات المنتظرة في الموانئ مع الاحتفاظ بخطاب الترخيص النهائي، وذلك بالتوازي مع قيام اللجان المشكلة بفحص وتدقيق السيارات ومصادرة المخالف منها، مع السماح للمستفيدين الحقيقيين من ذوي الهمم بالاستفادة من المزايا الممنوحة لهم، مضيفًا أنه على المدى الطويل، يمكن تمييز سيارات ذوي الهمم من خلال لوحة معدنية بلون مميز لتسهيل ضبط المخالفين وتعزيز التعاون مع السائقين.



كما طالب زيتون بإعفاء ذوي الهمم من دفع رسوم الأرضيات للميناء، والتي وصلت الآن إلى 16 ألف جنيه للسيارة الواحدة وقابلة للزيادة، مقترحًا سرعة إنهاء الفحص من قبل اللجان، وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، فإنه يفضل الإفراج الفوري عن جميع السيارات مع استمرار عمل اللجان.


أكد غنايم أن الحكومة هي من صنعت الأزمة بحجز المركبات فجائيًا، وكان من الأفضل منح مهلة لتوفيق الأوضاع. وأشار إلى أن ضبط الملف يبدأ من آليات الترخيص في وحدات المرور، من خلال إلزام صاحب السيارة بالكشف الطبي للتأكد من استحقاقه للسيارة.


أوضحت رانيا رمسيس، إحدى المتضررين من قرار وقف استيراد سيارات ذوي الهمم، أن هذا القرار تسبب في خسارة مالية كبيرة لذوي الهمم، مشيرة إلى أنه لا ينبغي تحميل الجميع مسؤولية قلة قليلة من المخالفين.


وأكدت أن ملف ذوي الهمم يحتاج إلى إعادة هيكلة، حيث أن العديد من الامتيازات التي منحها الرئيس لم تُفعل بشكل حقيقي، ما يؤدي إلى مواجهة العديد من الصعوبات.


وأشارت رمسيس إلى أنها واجهت صعوبات عديدة في الحصول على كارت الخدمات المتكاملة، بسبب المعاملة المهينة والإجراءات المعقدة في المجالس الطبية المتخصصة، ما جعلها ترفض العودة مجددًا. موضحةً أن إصدار الكارت قد يستغرق عامًا أو حتى عامين بسبب بطء الإجراءات وسوء المعاملة.



في نهاية حديثه، تساءل المهندس عصام غنايم عن كيفية دخول كميات كبيرة من السيارات الفارهة، مثل بوجاتي فيرون وفيراري ولامبورجيني، والتي يتجاوز سعرها 50 مليون جنيه، رغم قرار وقف الاستيراد بسبب عدم توافر مكون دولاري خارجي لأغلب وكلاء السيارات.


اقرأ أيضًا:






شارك المقالة

مقالات مشابهة

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،

بسنت عادل

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى

محمود فهمي

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين

حيدر قنديل