الشارع المصري

بعد 22 عاما من الجمود.. ماذا ننتظر من قانون العمل الجديد؟

يعد مشروع قانون العمل الجديد خطوة هامة في تحديث المنظومة العمالية في مصر، إذ يأتي بعد أكثر من 22 عامًا من عدم تعديل القانون القديم، رغم التغيرات العميقة التي شهدها سوق العمل.

 

القانون الجديد يسعى لتحقيق التوازن بين حقوق العمال، وضمان مصالح أصحاب الأعمال، وتعزيز دور الحكومة في تنظيم بيئة العمل، مما يجعله محورًا للنقاش داخل البرلمان وبين مختلف الأطراف المعنية. وفي هذا السياق ترصد منصة “MENA” ماهية قانون العمل الجديد، وهل يشمل المصريين بالداخل والخارج؟، كما يتم الكشف عن أهم مميزاته وعيوبه، وأسباب موافقة نواب واعتراض آخرين عليه.

 

أكد النائب عادل أبو الفضل، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن مناقشة مشروع قانون العمل الجديد شملت 12 مادة إصدار بالإضافة إلى مادة واحدة من القانون الموضوعي، موضحًا أن مواد الإصدار تتضمن أحكامًا عامة، انتقالية، ووقتية.

 

 

انتقال الصناديق

 

وأشار أبو الفضل في تصريحات لمنصة “MENA”، إلى أن الأحكام الانتقالية تتعلق بانتقال صناديق مثل صندوق التدريب وصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى الأحكام الخاصة بإلغاء القانون القائم بمجرد صدور القانون الجديد. كما أكد أن القانون يمنح سلطة إصدار القرارات الوزارية المنظمة لكل من وزير العمل ووزير العدل، حيث سيصدر الأخير قرارات خاصة بالمحاكم العمالية الجديدة، والتي سيتم إنشاؤها على غرار المحكمة الاقتصادية ومحكمة الأسرة.

 

وأوضح النائب أن من بين المواد المهمة في القانون مادة وقتية تلزم كل منشأة بإرسال بيانات جميع العاملين لديها للجهات الإدارية المختصة في الأول من يناير من كل عام، اعتمادًا على السجلات المسجلة لديها.

 

وكشف أبو الفضل أن القانون الجديد يتضمن 25 تعريفًا جديدًا لمصطلحات أساسية مثل:

 

الأجر وعناصره، حيث تم ربطه بالإنتاج لتحقيق التوازن بين حقوق العمال ومصلحة المستثمرين.

العامل، والاتفاقية الجمعية، والمنازعة الجمعية، والتفاوض الجماعي.

الجهة الإدارية المختصة، والتوجيه المهني، والكيانات القطاعية المنشأة بالقانون.

وأكد أبو الفضل أن تعديل تعريف الأجر جاء ليتماشى مع قانون التأمينات الاجتماعية، نظرًا لارتباطه الوثيق بقانون العمل.

 

التوازن بين الأطراف

 

وأوضح أبو الفضل أن القانون يهدف إلى تحقيق التوازن بين ثلاثة أطراف رئيسية وهي:

 

الحكومة، التي تستفيد من تشغيل العمالة وزيادة الإنتاجية بما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد القومي.

أصحاب الأعمال، الذين يتحملون تكلفة الأجور، مما يستدعي وجود توازن يحفظ حقوقهم.

العمال، الذين يسعون لضمان حقوقهم المالية والمعنوية في بيئة عمل عادلة.

 

وأكد رئيس لجنة القوى العاملة أن ملاحظات اتحاد العمال تم أخذها بعين الاعتبار خلال مناقشة القانون، حيث استمعت اللجنة إلى مجلس إدارة الاتحاد وتم عرض ملاحظاته على الحكومة، مشيرًا إلى أن بعضها تم الاستجابة له بالكامل.

 

وفي ختام حديثه، شدد النائب عادل أبو الفضل على أن القانون الجديد لا يواجه اعتراضات جوهرية، بل يسعى لتحقيق التوازن بين أطراف المنظومة العمالية، متمنيًا أن يسهم في تحسين بيئة العمل في مصر.

 

 

دستور العمل المصري

 

أكدت النائبة سولاف درويش، نائب رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن قانون العمل الجديد يمثل “دستور العمل المصري”، مشيرة إلى أن هذا القانون جاء بعد 22 عامًا من عدم تعديل قانون العمل السابق، رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت على سوق العمل خلال هذه الفترة.

 

وأوضحت درويش في تصريحات لمنصة “MENA”، أن أولى خطوات تحديث القانون بدأت عام 2017، عندما طرحت الحكومة مشروع قانون جديد للعمل، وخاضت مشاورات مكثفة حتى الوصول إلى صيغة توافقية بين أطراف العملية الإنتاجية الثلاثة وهم: العمال، وأصحاب الأعمال، والحكومة، مشيرة إلى أن القانون الجديد جاء بناءً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومخرجات الحوار الوطني الذي استمر على مدار العامين الماضيين، إلى أن دخل القانون مرحلة المناقشة في البرلمان.

 

وشددت النائبة على أن القانون يمثل ركيزة أساسية لتنظيم العملية الإنتاجية، حيث يضمن حقوق المستثمر، وحقوق العامل، ويحافظ على استقرار الدولة اقتصاديًا، مضيفة: “هذا القانون هو قانون لجميع الأطراف، حيث تمت صياغته بالتوافق بين الجميع، وأكد معالي وزير العمل خلال مناقشته أنه جاء بعد عدة جلسات حوار بين جميع أطراف الإنتاج، سواء داخل مجلس الوزراء أو في البرلمان خلال عامي 2022 و2023.”

 

واستعرضت النائبة بعض أهم النقاط التي يتضمنها القانون الجديد، ومن أبرزها:

 

إلغاء استمارة 6 بصيغتها القديمة، التي كانت تتيح إنهاء خدمة العامل بشكل تعسفي.

زيادة إجازات المرأة العاملة، بما يعزز دورها في سوق العمل ويحمي حقوقها.

تحديد الأجر وفقًا لمبدأ “الأجر مقابل العمل”، لضمان حقوق العمال وعدم استغلالهم.

إدراج العمالة غير المنتظمة ضمن القانون، مع منحهم مزايا إضافية تحفظ حقوقهم.

إدخال تعريفات جديدة مثل “ربات البيوت” ضمن فئات العمالة المشمولة بالقانون.

 

الاعتراضات والمناقشات داخل البرلمان

 

وحول اعتراض بعض النواب على القانون، أكدت درويش أن الاختلاف في الآراء أمر طبيعي داخل البرلمان، وأن أي نائب له الحق الكامل في الموافقة أو الاعتراض على أي قانون وفقًا لقناعاته، مؤكدة أن الميزة الأساسية في التشريع هي التجرد التام من أي انحيازات، فالنواب يمثلون الشعب، وليسوا مع طرف ضد الآخر. لدينا حرية كاملة في النقاش، وإذا وُجدت أي مواد تحتاج إلى تعديل، فإن القاعة مفتوحة لجميع الاقتراحات والتعديلات.

 

وأضافت أن عدد النواب المعترضين كان محدودًا جدًا، حيث اعترض نائب أو اثنان فقط على بعض المواد، لكن الغالبية العظمى وافقت على القانون من حيث المبدأ.

 

في ختام حديثها، أكدت النائبة أن القانون الجديد عادل ومتزن، مشيرة إلى أنه لا يحتوي على “عيوب جوهرية”، لكنه قد يتطلب بعض التعديلات البسيطة خلال مناقشاته في البرلمان، مؤكدة أن روح القانون ترتكز على تحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل، بما يضمن بيئة عمل مستقرة للجميع.

 

أكد مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد عمال مصر، أن قانون العمل هو الإطار التشريعي الذي ينظم علاقات العمل بين العمال وأصحاب الأعمال في القطاع الخاص داخل مصر، مشيرًا إلى أنه بمثابة “دستور العمل” الذي يحدد حقوق وواجبات كل طرف.

 

 

لا يشمل العاملين بالخارج

 

وأوضح البدوي لمنصة “MENA”، أن القانون لا يشمل المصريين العاملين بالخارج، كما أنه يختلف عن القوانين المنظمة للعاملين في قطاع الأعمال العام والجهاز الإداري للدولة، حيث يخضع كل منهما لقانون مختلف. ومع ذلك، في حالات عدم وجود نصوص محددة في قانون قطاع الأعمال العام، يتم الرجوع إلى قانون العمل باعتباره الأكثر تنظيمًا لعلاقات العمل.

 

وحول الاعتراضات على القانون، أشار البدوي إلى أن هناك دائمًا صراعًا بين الطرفين، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى عدم تحقيق القانون لأهدافه المنشودة. مضيفًا: كان هناك اتفاق منذ البداية على أن يحمل قانون العمل الجديد فلسفة مختلفة، إذ لا يمكن أن يكون مجرد تعديل للقانون القديم، بل يجب أن يركز على تحقيق الأمان الوظيفي للعمال في القطاع الخاص.

 

وأوضح أن الكثير من الشباب يترددون في العمل بالقطاع الخاص خوفًا من فقدان وظائفهم فجأة، مما يجعلهم يتجنبون بناء مستقبلهم المهني والاقتصادي في هذا القطاع. مؤكدًا أن ضمان الأمان الوظيفي يعد أحد المحاور الأساسية التي يجب أن يقوم عليها القانون.

 

أشاد البدوي ببعض التعديلات الإيجابية التي تم إدخالها على القانون، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة وذوي الهمم، وإنشاء صندوق لدعم العمالة غير المنتظمة، إضافة إلى تأكيد دور المحاكم العمالية.

 

إلا أنه أوضح أن هناك خلافات لا تزال قائمة مع أصحاب الأعمال، أبرزها مسألة عقود العمل، حيث يرفض أصحاب الأعمال فكرة العقود الدائمة، ويطالبون بأن يكون لهم الحق المطلق في تحديد نوعية العقود، وهو ما يراه البدوي أمرًا غير صحيح.

 

وعقب قائلًا: المفترض أن يتم تحديد نوع العقد بناءً على طبيعة الوظيفة نفسها، وليس وفقًا لرغبة صاحب العمل. إذا كانت الوظيفة دائمة، فيجب أن يكون العقد دائمًا، وإذا كانت مؤقتة، فيجب أن يكون العقد مؤقتًا، مثلما يحدث في دول العالم المتقدمة.

 

 

تأثير العلاوة

 

وأشار البدوي إلى مشكلة العلاوة في القانون الجديد، حيث كانت سابقًا 7% من الأجر الأساسي، لكنها أصبحت الآن 3% من الأجر التأميني. مضيفًا أن هذا التغيير قد لا يكون مشكلة للعمال في المؤسسات التي تدفع أجورًا منتظمة، لكنه يمثل ظلمًا للفئات التي يتم التأمين عليها بمبالغ أقل من رواتبها الفعلية، حيث سينخفض مقدار العلاوة التي يحصلون عليها بشكل كبير.

 

وختم البدوي حديثه بالتأكيد على ضرورة إعادة النظر في نسبة العلاوة بحيث تعود إلى 7% من الأجر الأساسي لضمان عدم الإضرار بحقوق العمال، خاصة في القطاعات التي لا تلتزم بالتأمين على الأجور الحقيقية للعاملين لديها.

 

اقرأ أيضًا:

 

جدل حول قانون المسؤولية الطبية.. الأطباء تصعد وسط تضامن نقابي

 

حقنا من الأرباح فين.. احتجاجات عمالية “بكيما أسوان”

 

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

 

السفير رخا لمنصة MENA: الموقف العربي حاسم أمام التهجير.. ومصر في المقدمة

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية