لا شـك في أن كرة القدم ليست مجرد لعبة بالنسبة للمصريين، بل تُعد أحد الاهتمامات الرئيسية التي تجذب مختلف الأعمار السنية والفئات المجتمعية، ولذلك يُعد المنتخب الوطني الأول تحت مجهر “الجميع” سواء كان الشارع الكروي أو النقاد والخبراء بشكلٍ مستمر، الأمر الذي يخلق حالة من الجدليّة المتواصلة حول إدارة وأداء ونتائج الجهاز الفني للمنتخب.
وقبل أن يقرر الاتحاد المصري للعبة فسخ التعاقد مع المدير الفني البرتغالي “روي ڤيتوريا” في فبراير الماضي بسبب سوء النتائج، كانت قد أظهرت كافة استطلاعات الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي تطلع معظم الجماهير المصرية لتولي حسام حسن مسئولية المنتخب، نظرًا لما يتمتع به من تقدير كـعميد لاعبي العالم السابق وأحد أهم اللاعبين في مصر، حيث حقق العديد من الإنجازات رفقة المنتخب الوطني وأكثر لاعب سجل له أهداف، كما لعب مع قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك على التوالي، كما لعب بعدها للعديد من الأندية العريقة مثل المصري البورسعيدي والاتحاد السكندري والترسانة، وكمدرب قام حسام حسن بتدريب نصف فرق الدوري المحلي تقريبًا منذ العام ٢٠٠٨ حتى تولى مسئولية المنتخب وكان أبرزهم الزمالك، أيضًا يتمتع حسام حسن وتوأمه إبراهيم الذي زامله مشواره الكروي والتدريبي مع جميع الفرق بشكلٍ شبه كامل سواء كلاعب في مركز الظهير الأيمن أو مديرًا للكرة فيما بعد بـ”كاريزما” خاصة مع الجماهير والإعلام، نظرًا للحماسة التي تظهر على تصرفاتهما داخل وخارج الملعب دائمًا، خاصة مع المنتقدين لهم “الأمر الذي يراه البعض عصبية زائدة” وقد أدت لمشكلات مع الكثيرين ومنهم بعض زملاء الملعب لهما !
ليتولى التوأم حسن مسئولية المنتخب الوطني رسميًا في السادس من فبراير الماضي، ومنذ ذلك الوقت وانقسمت الآراء حول قرار اتحاد الكرة، وذلك على الرغم من تصدر مصر معهما للمجموعة الأولى في تصفيات كأس العالم ٢٠٢٦ بعشر نقاط بعد خوض مباراتين، فاز في الأولى على بوركينافاسو بهدفين لهدف، وتعادل في الثانية مع غينيا بيساو بهدف لمثله.
ويرى المعارضين للقرار عدم كفاية حماسة وتاريخ التوأم لقيادة المنتخب، حيث لهما تجربة تدريبية دولية وحيدة مع منتخب الأردن، الأمر الذي لا يرتقي لتطلعات منتخب أحفاد الفراعنة، إضافة إلى تخوفهم من عدم إجادة التوأم التعامل مع المحترفين وعقليتهم التي تستوجب تعامل خاص في الفريق “على حد قولهم” وذلك على خلفية ما تم تداوله مؤخرًا حول نشوب مشكلة بين التوأم ونجم ليڤربول الانجليزي محمد صلاح، بعد إصرار اللاعب على علاجه من الإصابة التي ألمت به خلال كأس الأمم الإفريقية الأخيرة في إنجلترا والبقاء هناك حتى إستكمال تعافيه منها، في حين كان يرى التوأم حسن وقتها ضرورة قدوم اللاعب لمصر، إضافة إلى عدم إستدعاءه لنجم أرسنال الإنجليزي محمد النني لعدم قناعته الفنية به في الوقت الراهن.
نستطلع من تصريحات خاصة أبرز آراء الخبراء والنقاد التي أثارت جدلاً واسعاً في الآونة الأخيرة، إضافة إلى أراء الجماهير المصرية حول المنتخب الوطني وتوقعاتهم لمشواره تحت قيادة “التوأم حسن” في التحديات المقبلة، في التقرير التالي:
في البداية أكد شوقي غريب المدير الفني السابق للمنتخب الوطني لـMenaPress على أن نجاح تجربة حسام حسن يُعد نجاح لتجربة المدير الفني الوطني بعد أن فشلت تجربة المدير الفني الأجنبي مؤخرًا بتردي نتائج البرتغالي ڤيتوريا، مشيرًا إلى أن عدم الاعتماد على المدرب المصري للمنتخب أدى لاختفاءه من على الساحة العربية والإفريقية مؤخرًا، وذلك على عكس ما كانت عليه الأمور سابقًا مع المدربين الكبار أمثال محمود الجوهري وعلي أبو جريشة ومحسن صالح، وبالتأكيد المعلم حسن شحاتة صاحب إنجاز الثلاثية القارية في الأعوام ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٠، الأمر الذي يحتاج من الجميع دعم فكرة المدير الفني الوطني، لافتًا إلى التجارب التدريبية التونسية والجزائرية والمغربية.
كما قال “غريب” أنه لا يجب التسرع في الحكم على أداء الفريق في هذا الوقت القصير، وأن أي جهاز فني يحتاج وقت حتى يصل للتجانس المطلوب ويصل للجميع الفكر العام له في القيادة الفنية، مؤكدًا على أن اختيارات اللاعبين للمنتخب حق أصيل للجهاز الفني بعيدًا عن أي تدخلات خارجية، وهو من سيسأل عن النتائج في النهاية.
وأنهى شوقي غريب حديثه بأن توجيه النقد لأي جهاز فني في أي مكان في العالم أمر وارد وطبيعي، ويجب أن يقوم كل شخص بعمله، ولكن يجب أن يكون نقد بناء للصالح العام وليس نقد هدام، وهنا النقطة المفصلية في النقد ليس أكثر.
كما أكد أحمد الكأس المدير الفني للمنتخب الوطني للناشئين “تحت ١٧ عامًا” لـMena Press على مجمل ما قاله “غريب” وأضاف أن حسام حسن يمتلك الكثير على المستويين الفني والشخصي ليقدمه لمنتخب بلاده ويجب دعمه ليصل لأهدافه المستقبلية، خاصة وأن حسام حسن سبق وحقق إنجاز كبير مع المنتخب الأردني بتأهله لملحق كأس العالم لأول مرة في تاريخهم.
كما أكد مهاجم المنتخب الوطني السابق أن معظم البطولات التي تحققت لمصر كانت على يد المدربين الوطنيين وليس الأجانب، وذلك على الرغم من أن هناك بعض الأجانب ظهروا بشكلٍ جيد مع المنتخب على مدار تاريخه، أمثال الإنجليزي مايكل سميث والذي حصل مع مصر على كأس الأمم الإفريقية العام ١٩٨٦، والبرتغالي كارلوس كيروش والذي كان له رؤية فنية مميزة.
على جانب آخر أكد حلمي طولان نجم المنتخب الوطني السابق وأحد أهم مدربي الدوري المصري لـMena Press على استمرار موقفه الرافض تمامًا لتولي حسام حسن مَهمة تدريب المنتخب الوطني ولديه عدة أسباب أهمها، أن حسام حسن ومعه كل المجموعة التي انضمت للجهاز الفني غير مؤهلين علميًا وتنقصهم الخبرات العملية الكافية لقيادة فريق بحجم منتخب مصر، ويجب أن يعلموا جيدًا أن كرة القدم الآن تحتاج لدراسة أحدث ما توصلت له اللعبة في العالم، ولا تحتاج لـ”الفهلوة” !
وأستكمل “طولان” أن كرة القدم علم ومرتبط بالعديد من العلوم الأخرى مثل التشريح ووظائف الأعضاء والتغذية وعلم النفس الرياضي، وكل هذه أمور يجهل بها الجهاز الفني الحالي، وهو ما يظهر واضحًا في طرق لعب المنتخب وخططه الفنية والتي عفا عليها الزمن، ولكن طالما أن هناك مجاملات ومعايير اختيار غير محددة فلن تأتي أي اختيارات بجديد على الكرة المصرية للأسف الشديد !
وأكد “طولان” على أن اللجان الإلكترونية المدفوعة من “التوأم حسن” كانت وراء إظهار الرأي العام الرياضي بأنه داعم لهما وبقوة، الأمر الذي وصفه “طولان” بالمخالف للحقيقة على أرض الواقع !
أضاف نجم المنتخب الوطني والقلعة البيضاء السابق أن ما يتردد حول النتائج الإيجابية للمنتخب مع حسام حسن “أكذوبة” حيث أنه تصدر المجموعة بعشر نقاط جاء أولاً استكمالاً لمشوار الجهاز الفني السابق، وثانيًا بفوز غير مقنع وبتعادل، ومازال أمامه ٦ مباريات مقبلة أمام منتخبات إثيوبيا وغينيا بيساو وبوركينا فاسو وجيبوتي وسيراليون،ويحتاج إلى ١٥ نقطة لحسم الصدارة والتأهل لكأس العالم، مع ضرورة الفوز على غينيا بيساو وبوركينا فاسو لحسم الصدارة، الأمر الذي سيظهر الوعي الخططي لهذا الجهاز الفني جيدًا.
أنهى “طولان” حديثه مؤكدًا على أن منتخب مصر خسر مدربًا كبيرًا ويمتلك خبرة عالمية ورؤية فنية مميزة مثل “كيروش” وكفى أنه كان وراء ظهور لاعبين لم نكن نسمع عنهم وأصبحوا نجومًا مع المنتخب الآن، أمثال محمد عبد المنعم وعمر كمال عبد الواحد “الأهلي” وضم عمر مرموش المحترف في صفوف فرانكفورت الألماني.
أما الناقد الرياضي فتحي سند كان قد وجه رسالة للمدير الفني للمنتخب المصري حسام حسن وطالبه بضرورة ضبط أعصابه والتركيز في كل كلمة تصدر عنه في التعامل مع الجميع خلال الفترة المقبلة وذلك لحساسية موقفه الآن كـمسؤول، الأمر الذي يستوجب منه تغييرًا كبيرًا في كافة التعاملات.
وأكد فتحي سند خلال رسالته لـ”التوأم حسن” أنه بالتأكيد يوجد من يتصيد الأخطاء لكما وهناك من سيوجه بعض النقد اللاذع من حين لآخر وهذا أمر وارد، ولكن هناك أيضًا من يدعمكما وينتظر منكما النجاحات الكبيرة مع المنتخب، فعليكما أن تتفهما كل وجهات النظر وتحتويا الجميع.