6600 سفينة تتجه نحو رأس الرجاء الصالح بسبب أوضاع المنطقة.. وخسائر القناة تزيد عن 6 مليارات دولار.
تشير نظرة التكتلات الملاحية الكبرى إلى تشاؤم يستمر حتى منتصف مارس 2025، فيما يرى مستشار بحري أن القناة ستعود لسابق عهدها بحلول عام 2026.
تتصاعد التساؤلات حول مستقبل قناة السويس وسط تباين في التصريحات، فبينما أعلن أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن المؤشرات منذ 19 نوفمبر الماضي أظهرت توجه أكثر من 6600 سفينة نحو طريق رأس الرجاء الصالح نتيجة للتوترات في المنطقة، قدم الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة، تطمينات بأن تطوير 15 ميناءً تجارياً سيسهم في التغلب على مشاكل النقل البحري. السؤال الذي يطرحه المتابعون الآن هو: هل بدأ نجم قناة السويس في الأفول، أم أنها ستظل عصية على التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على سلاسل الإمداد العالمية؟ نناقش في السطور التالية هذه التساؤلات.
التجارة الدولية وتغطية الطلبات
أوضح الدكتور أحمد الشامي، مستشار النقل البحري وعضو الجمعية العامة للشركة القابضة للنقل، وخبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى، في حديثه لمنصة “MENA”، أن هناك فرقاً بين تطوير قناة السويس وتطوير الموانئ.
فقد عبرت القناة 23 ألف سفينة بحلول 30 يونيو 2023، بإجمالي حمولات تجاوزت ملياراً ونصف المليار طن، مما وفر إيرادات تقارب 10 مليارات دولار. ورغم أن الإيرادات شهدت نمواً ملحوظاً حتى أكتوبر 2023، إلا أن الوضع تغير في نوفمبر بسبب تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية، فضلاً عن الانخفاض الموسمي في حركة التجارة الدولية خلال هذه الفترة من العام.
وأشار الشامي إلى أن لجوء أكثر من 6600 سفينة إلى طريق رأس الرجاء الصالح بسبب الأوضاع الراهنة، بحسب تصريحات ربيع، قد أثر سلباً على القناة. وأضاف أن الأوضاع الحالية في الشرق الأوسط تظل غير مستقرة في ظل توسع الحرب الإسرائيلية إلى لبنان واليمن، وتأثير ذلك على مدن إسرائيلية مثل حيفا وإيلات، مما قد يؤدي إلى تراجع إيرادات قناة السويس إلى أقل من 5 مليارات دولار إذا استمرت الأزمة.
التكتلات الملاحية الكبرى
أضاف الشامي أن التكتلات الملاحية الكبرى تتبنى نظرة متشائمة تجاه المستقبل حتى منتصف مارس 2025 على الأقل. حتى مع انتهاء الأزمة في ذلك الوقت، فإن ارتفاع أسعار الشحن سيستمر حتى نهاية العام. وأشار إلى أن قناة السويس قد تضطر إلى رفع رسومها في فبراير لتعويض الانخفاض في الإيرادات، حتى لو لم يتحقق تعافٍ كامل.
وبالنسبة للصراع الإسرائيلي، يرى الشامي أن الردود القوية لحزب الله قد تجعل إسرائيل تعيد حساباتها، مما قد يسهم في إنهاء الأزمة بحلول 2025. كما توقع أن تعود قناة السويس إلى سابق عهدها في عام 2026، خاصة مع أعمال التوسعة والتطوير التي تقوم بها.
التنمية المستدامة
أشار الشامي إلى أن تطوير الموانئ جزء من استراتيجية التنمية المستدامة، حيث يتم تحسين الخدمات اللوجستية والانتقال إلى موانئ من الجيل الرابع والخامس والسادس. وأضاف أن مصر ملتزمة بخطة التنمية 2030، رغم الأزمات الاقتصادية الحالية، مع التركيز على منطقة السخنة لتصبح مركزاً رئيسياً لخدمات الترانزيت بحلول عام 2027.
تحويل الأزمة إلى فرصة
من جانبه، قال الدكتور عبد الناصر محمد، خبير التجارة الدولية والنقل البحري، لمنصة “MENA” إن مصر نجحت في تحويل الأزمة الحالية إلى فرصة عبر تطوير الموانئ وتخفيض رسوم العبور بقناة السويس، مما قد يجذب السفن مرة أخرى للمرور عبر القناة.
النقل عبر نهر النيل
أوصى عبد الناصر محمد بضرورة تفعيل النقل عبر نهر النيل والإسراع في تشغيل طريق القاهرة – كيب تاون لتجاوز تحديات منطقة باب المندب والبحر الأحمر.
الدكتورة دينا صادق
تكامل اقتصادي
أكدت الدكتورة دينا صادق، مستشارة اللوجستيات بالاتحاد الدولي لرجال الأعمال، أن مشاريع الربط بين مصر وإفريقيا ستسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وزيادة كفاءة قناة السويس والموانئ المصرية لاستيعاب السفن العملاقة.
ذكر الدكتور حمدي برغوث، خبير النقل في الأكاديمية العربية للنقل البحري، لمنصة “MENA“، أن مصر تمتلك خمسة موانئ بحرية دولية، تمثل واجهة لـ 15 دولة إفريقية حبيسة أو بدون موانئ. وأكد أن الموانئ المصرية تتمتع بموقع استراتيجي متميز وتقدم خدمات لوجستية عالية الجودة.
خلال مشاركته في فعاليات الجلسة النقاشية بعنوان “مرونة الخدمات اللوجستية في مواجهة الاضطرابات في البحر الأحمر”، والتي عقدت في السعودية، أوضح أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن الأوضاع الراهنة في منطقة البحر الأحمر تشكل أزمة استثنائية غير مسبوقة، وتحديًا أمنيًا كبيرًا أثر سلبًا على استدامة سلاسل الإمداد العالمية ومعدلات عبور السفن عبر القناة وتدفق البضائع.
وأشار ربيع إلى الإحصائيات التي سجلت تراجعًا في حركة الملاحة بالقناة، حيث انخفض عدد السفن المارة من 25,887 سفينة خلال العام المالي 2022-2023 إلى 20,148 سفينة خلال العام المالي 2023-2024. كما انخفضت الإيرادات من 9.4 مليار دولار خلال 2022-2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023-2024.
وأكد رئيس الهيئة أن البيانات منذ 19 نوفمبر الماضي أظهرت أن أكثر من 6,600 سفينة اتخذت طريق رأس الرجاء الصالح نتيجة التوترات الراهنة في المنطقة.
وشدد ربيع على أن قناة السويس اتخذت منذ بداية الأزمة سلسلة من التدابير والإجراءات لتقليل تأثير الأزمة وضمان التدفق الآمن لحركة الملاحة. ومن بين هذه الإجراءات فتح خطوط اتصال مباشرة مع كافة الخطوط الملاحية واتحادات ومشغلي السفن، وعقد لقاءات دورية مع المنظمة البحرية الدولية وغرفة الملاحة الدولية. كما استحدثت الهيئة مجموعة من الخدمات الملاحية، مثل صيانة وإصلاح السفن، مكافحة التلوث، خدمات التزود بالوقود، إزالة المخلفات الصلبة، خدمات الإسعاف البحري، وتبديل الأطقم البحرية باستخدام زوارق الهيئة. إلى جانب ذلك، دخلت القناة في شراكات لتنفيذ استثمارات جديدة تشمل تطوير الموانئ وإنشاء أرصفة حاويات بالتعاون مع وزارة النقل.
وأضاف أن قناة السويس، رغم الاضطرابات، لا تزال الممر الملاحي الأكثر أهمية وأمانًا مقارنة بالطرق الأخرى، مثل طريق رأس الرجاء الصالح الذي يفتقر للاستدامة والخدمات البحرية. وأشار إلى أن القناة نجحت في الحد من انبعاثات الكربون بمقدار 51 مليون طن خلال العام الماضي وحده.
في سياق متصل، قال الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة، خلال كلمته في المنتدى اللوجستي العالمي بالعاصمة السعودية الرياض، إن مصر استشعرت التغيرات الأمنية في المنطقة، واتخذت إجراءات لتوفير احتياجات البلاد وتطوير الأدوات اللوجستية لتصدير المنتجات. وأضاف أن الدولة قامت بتطوير 15 ميناء تجاريًا لتحسين كفاءة النقل البحري، مما سيعزز الربط بين الموانئ المصرية على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ومنه إلى العالم.
يُشار إلى أن المنتدى اللوجستي العالمي انطلق اليوم في الرياض، ويشمل جلسات رئيسية تناقش قضايا التجارة العالمية، أحدث التطورات التقنية في القطاع اللوجستي، التقنيات الصديقة للبيئة، واستثمارات البنية التحتية.
وفي كلمة خلال حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب أكاديمية الشرطة في مصر، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن قناة السويس تأثرت بشدة نتيجة للتطورات “الخطيرة في المنطقة” المستمرة منذ عدة أشهر. وأوضح أن القناة فقدت ما بين 50 إلى 60% من إيراداتها خلال الأشهر الثمانية الماضية، مقدرًا الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار.
اقرأ أيضًا:
مشروع مبنى القبة التاريخي لقناة السويس.. ما وراء التطوير؟
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.. مؤشر الخطر وهامش التطور
بعد تصريحات مدبولي عن خسائر قناة السويس.. هل هناك نية لتأجيرها أو بيعها؟
بعد تراجع عائداتها .. قناة السويس حائرة بين التوترات الجيوسياسية والطرق البديلة للنقل البحري