ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أصدر تعليمات قد تُجبر عشرات المنظمات العاملة في مجال الإغاثة العالمية على تعليق برامجها بشكل فوري، في إطار قرار مفاجئ بوقف معظم أشكال الدعم الخارجي. وفي تطور متزامن، كشفت مصادر أن البيت الأبيض وافق على شحنة جديدة من القنابل المتطورة زنة 2000 رطل إلى إسرائيل، في خطوة تثير جدلًا دوليًّا وسط تصاعد العمليات العسكرية الأخيرة!
كشفت وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة أن التوقف المفاجئ والشامل للمساعدات الخارجية الذي فرضته إدارة ترامب لا يشمل الدعم العسكري المُقدَّم لإسرائيل ومصر، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية الطارئة.
وأشارت نيويورك تايمز في تطور مُتصاعد، أبلغ البيت الأبيض البنتاغون بموافقته على شحن دفعة جديدة من القنابل عالية التدمير (زنة 2000 رطل) إلى إسرائيل، والتي كان الرئيس بايدن قد أوقف إرسالها فجأةً الصيف الماضي، في محاولة لثني الجيش الإسرائيلي عن تدمير أجزاء كبيرة من مدينة رفح الفلسطينية. لكن رغم ذلك، واصلت القوات الإسرائيلية قصف المدينة، في تحدٍ للمحاولات الأمريكية السابقة لكبح التصعيد.
كشف مسؤول في البيت الأبيض، طلب عدم الكشف عن هويته نظرًا لحساسية المعلومات، أن الشحنة تحتوي على 1,800 قنبلة من طراز MK-84. وأشار المسؤول إلى أن الجيش الأمريكي يعتبر هذه القنابل شديدة التدمير وغير مناسبة للقتال في المناطق الحضرية. ومع ذلك، قامت إدارة بايدن بشحنها إلى إسرائيل خلال حربها ضد حماس في غزة، قبل أن يتم تعليق هذه الإمدادات.
وأوضحت نيويورك تايمز أن وزير الخارجية ماركو روبيو أصدر مذكرة رسمية حول وقف المساعدات الخارجية، تتضمن توجيهات لكيفية تنفيذ الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب يوم الإثنين، فور تنصيبه.
وتلزم المذكرة جميع الموظفين المعنيين ببرامج المساعدات الخارجية بعدم تخصيص تمويل جديد أو استقبال طلبات تمويل، كما تأمر بإصدار أوامر “وقف العمل” للجهات التي تلقت منحًا.
أثار انتشار هذه المذكرة على الإنترنت حالة من الذعر بين المنظمات الدولية التي تعتمد على المساعدات الأمريكية، والتي تشمل برامج مكافحة الأمراض، وتقليل وفيات الأطفال، والتخفيف من آثار التغير المناخي.
بدأت عدة منظمات دولية في التحضير لوقف أنشطتها بشكل فوري، مع احتمال تسريح الموظفين أو تعليق رواتبهم، نتيجة للتجميد المفاجئ للمساعدات الأمريكية.
وفي الوقت الذي شمل فيه القرار معظم برامج المساعدات، استثنت المذكرة الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية كلًا من إسرائيل ومصر من هذا التعليق، إلى جانب ضمان استمرار دفع رواتب العاملين في إدارة تلك المساعدات العسكرية.
وتواصل إسرائيل ومصر تلقي تمويل عسكري مباشر من الولايات المتحدة، ما يتيح لهما شراء الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية، إضافة إلى تغطية تكاليف برامج التدريب العسكري.
ونوهت نيويورك تايمز أن قرار تعليق المساعدات الخارجية امتد ليشمل المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وتايوان، ولبنان، بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى، بما فيها أعضاء في حلف الناتو.
ورغم هذا القرار، فإن أغلب الدعم العسكري الطارئ المخصص لأوكرانيا قد تم تسليمه بالفعل قبل صدوره. كما توقّع مسؤولون في إدارة بايدن مسبقًا أن الرئيس ترامب سيعمل على وقف المساعدات العسكرية لكييف، نظرًا لمواقفه المتحفظة والمتشككة تجاه دعمها.
وفي السياق ذاته، كان ماركو روبيو من بين 15 عضوًا جمهوريًا في مجلس الشيوخ الذين صوّتوا في أبريل الماضي ضد تشريع يهدف إلى تمويل إمدادات الأسلحة لأوكرانيا.
من جانبها، رفضت وزارة الخارجية الأمريكية الإدلاء بأي تعليق رسمي حول هذه التطورات عند استفسار الصحفيين.
أصبح دعم إسرائيل عسكريًا قضية خلافية في الولايات المتحدة، حيث تزايدت الانتقادات الموجهة إلى السياسات الأمريكية التقليدية التي تقدم مساعدات عسكرية ضخمة لإسرائيل.
وجاءت هذه الانتقادات بعد الهجمات الإسرائيلية المدمرة ضد الفلسطينيين في غزة، والتي تم تنفيذ معظمها باستخدام قنابل أمريكية الصنع، عقب هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023.
وفي أعقاب اندلاع الحرب، وافق الرئيس السابق جو بايدن على تقديم 26 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل، بينما تعهد ترامب بمواصلة هذا الدعم في حال إعادة انتخابه.
وذكرت نيويورك تايمز أن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر أيضًا تعرضت لانتقادات، لا سيما من أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس.
في العام الماضي، وافق الكونغرس على 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية لمصر، لكنه اشترط تخصيص 320 مليون دولار منها فقط بعد مراجعة وزارة الخارجية لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من الانتقادات المستمرة من بعض النواب الديمقراطيين والمنظمات الحقوقية، وافق وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في سبتمبر الماضي على صرف المبلغ بالكامل.
أمرت المذكرة الجديدة مسؤولي وزارة الخارجية بإنشاء قاعدة بيانات مركزية تضم جميع المساعدات الخارجية المقدمة من الحكومة الأمريكية، على أن يتم مراجعة جميع هذه المساعدات والموافقة عليها من قبل ماركو روبيو أو من يفوضه.
وأشارت نيويورك تايمز أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان أن المساعدات الخارجية تتماشى مع السياسة الخارجية الأمريكية الموحدة، وأكد أشخاص اطلعوا على المذكرة لصحيفة نيويورك تايمز صحة الوثيقة.
كما تنص المذكرة على أن مدير مكتب التخطيط السياسي في الوزارة سيضع خلال 30 يومًا معايير لمراجعة جميع المساعدات الخارجية.
ويشغل هذا المنصب حاليًا مايكل أنتون، الذي عمل سابقًا في مجلس الأمن القومي خلال إدارة ترامب الأولى.
ويُعرف أنتون بكتاباته المثيرة للجدل، وأبرزها مقاله الشهير عام 2016 بعنوان “انتخابات الرحلة 93″، حيث دعا المحافظين إلى اتخاذ إجراءات جذرية لإعادة تشكيل أمريكا بدلاً من الالتزام بالوضع الراهن.
المصدر:
https://www.nytimes.com/2025/01/25/us/politics/us-foreign-aid-egypt-israel.html