شهدت العلاقات المغربية الأثيوبية تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، ما أثار تساؤلات حول تأثير هذا التعاون على العلاقات المصرية المغربية في ظل الأزمة المستمرة بين مصر وأثيوبيا بشأن سد النهضة.
وجاءت الزيارة المرتقبة لبيرهانو جولا، رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الأثيوبية، إلى المغرب لتسلط الضوء على التحالفات الجديدة التي تتشكل في منطقة القرن الأفريقي، تزامنًا مع استمرار القاهرة في تعزيز وجودها العسكري بالصومال، في وقتٍ تواصل فيه أديس أبابا موقفها المتشدد بشأن ملء سد النهضة.
توقعات بزيارة أبي أحمد إلى المغرب قريبًا
قال الدكتور سيد مكاوي، أستاذ العلاقات الدولية، إن زيارة بيرهانو جولا، تأتي ردًا على زيارة سابقة لوفد عسكري مغربي إلى أثيوبيا، مشيرًا إلى أن البلدين يتعاونان في مجال مكافحة الانفصالية والإرهاب، وأن تحسن العلاقات بين الرباط وأديس أبابا ليس وليد اللحظة وأنه ثمرةً لسياسة المغرب الأفريقية التي نجحت في استعادة المغرب لمقعدها في الاتحاد الأفريقي، ومحاولة المغرب نشطة لكسب مؤيدين جدد لسياسة الحكم الذاتي للصحراء الغربية بديلا لاستقلال الصحراء الذي تدعمه الجزائر أو حق تقرير المصير كما تراه الأمم المتحدة.
وفي نفس السياق كانت زيارة الملك محمد السادس لأديس أبابا في 2016 ومن المتوقع أن يزور آبي أحمد المغرب قريبًا ردًا لهذه الزيارة.
وأكد مكاوي في تصريح خاص لمنصة “MENA” أن تعزيز التعاون بين المغرب وأثيوبيا في المجال العسكري وفي المجال الاقتصادي بما ذلك إنشاء المغرب لمصنع أسمدة بقيمة ٣.٧ مليار .
اتفاقية دفاع مشترك بين القاهرة والرباط
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن العلاقة بين مصر والمغرب راسخة ووثيقة، وأن الرباط تقيم علاقات مع دول كثيرة بما يخدم مصالحها ولا يمكن افتراض أن علاقاتها مع أديس بابا تستهدف المصالح المصرية بحال من الأحوال، مؤكدًا ضرورة تذكر أن إشكالية مصر مع أثيوبيا ليس الصراع، بل رفض أديس بابا التعاون مع مصر لحل المشكلات العالقة بين البلدين ومحاولاتها فرض أمرا واقعا على مصر في مسألة سد النهضة، وهو أمر يتعارض مع حقوق مصر التاريخية والطبيعية في مياه النيل.
وأشار مكاوي إلى أن الموقف العربي والإسلامي داعم للقاهرة والخرطوم في مسألة نهر النيل لأنها مسألة بقاء أو فناء، فالقاهرة والرباط تربطهما اتفاقية دفاع مشترك في إطار جامعة الدول العربية، وسبق أن أرسلت الرباط قوات عسكرية إلى مصر للمشاركة في حرب أكتوبر ١٩٧٣ إلى جانب القوات المصرية.
ولفت إلى أن أزمة أثيوبيا تتمثل في تحويلها مسألة سد النهضة لأداة سياسية لحل مشاكلها الداخلية وخصوصا الصراع بين العرقيات المختلفة من أمهرة وتيجراي والأورومو على النفوذ السياسي والمكاسب الاقتصادية؛ بتأطير مصر والسودان كعدو خارجي يريد الشر بأثيوبيا.
فاطمة التامني عضو مجلس النواب المغرب
زيارة رئيس الأركان الأثيوبي ليست موجهة ضد مصر
وقالت فاطمة التامني عضو مجلس النواب المغربي، إن زيارة رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الأثيوبية إلى المغرب ليست موجهة ضد مصر؛ فالعلاقات المصرية المغربية اتسمت على مر عقود بالقوة على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية أيضًا، لكن كل دولة تنظر إلى مصالحها بالطريقة الخاصة بها سياسيًا، مشددة على عدم ربط الخلاف بين مصر وأثيوبيا بزيارة “جولا” إلى المغرب؛ لأن الرباط تسعى فقط لتحقيق مصالح اقتصادية عبر شراكات عديدة ليست مع أثيوبيا فحسب بل كل الدول الأفريقية.
وأضافت التامني في حديثها إلى منصة “MENA” أن جزء مهم من زيارة “جولا” إلى المغرب يتمثل في رغبة الرباط في سحب أثيوبيا اعترافها بجبهة البوليساريو، على غرار ما فعلته دول أفريقية عديدة، بعد توطيد المغرب لشراكات استراتيجية مع هذه الدول وانعكاس هذا على القرارات السياسية خاصة فيما يتعلق بجبهة البوليساريو، في الوقت الذي تحاول فيه الجزائر حشد الاعتراف بالجبهة على المستويين العربي والأفريقي.
أهداف اقتصادية وعسكرية
وأشارت عضو مجلس النواب المغربي إلى أن المغرب يعمل على تعزيز الدبلوماسية الخاصة به عن طريق اتفاقيات تعاون اقتصادية وسياسية وعسكرية مع العديد من بلدان القارة الإفريقية، من خلال إبرام الكثير من الصفقات والمشاريع والشراكات التنموية المختلفة، وهذا ما تتبعه دول القارة، بل دول العالم كافة، مؤكدة أن التعاون بين المغرب وأثيوبيا بدأ منذ ما يقرب من عقد، وتطور على مستويات عديدة طبقًا لرؤية القيادة المغربية.
وأوضحت التامني أن المغرب لم ولن تكون طرفًا يُسبب ضررًا إلى مصر في أي وقت، مؤكدة أن ما يُشاع حول أن هذه الزيارة موجهة لا أساس له من الصحة، مشددةً أن التعاون بين المغرب وأثيوبيا يأتي في إطار سعي الأولى تنويع شركائها العسكريين بما يحقق الوحدة الأفريقية ويحقق المصالح المتبادلة بين الجانبين.
سحب الاعتراف بالبوليساريو
من جانبه، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، أن زيارة رئيس الأركان الأثيوبي إلى المغرب تأتي في ظل رغبة أثيوبية في تعزيز تعاونها مع دول شمال أفريقيا خاصة المغرب، وهي توصف في علم السياسة بالتحركات المضادة، خاصة وأنها تأتي ردًا على الانتشار العسكري المصري في الصومال، واصفًا إيها بأنها نوعٌ من استعراض القوى أمام دولة كبيرة بحجم مصر.
المغرب تسعى لاستقطاب أصوات أفريقية
وأضاف خبير العلاقات الدولية، أن هدف الزيارة تبادل المعلومات وتعزيز التعاون العسكري لتحقيق مصالح البلدين، خاصة وأن المغرب وأثيوبيا لديهما علاقات قوية في العقد الأخير بشكلٍ ملحوظ، تحديدًا منذ زيارة الملك محمد السادس في 2016 إلى أثيوبيا، مؤكدًا أن توقيت الزيارة لا يرتبط بالتطورات في القرن الأفريقي، لكن المغرب تحاول كسر جبهة الاعتراف بالبوليساريو، لأن الكثير من الدول اعترفت بها وأثيوبيا كانت من أوائل هذه الدول.
وأشار خبير العلاقات الدولية، إلى أن الهدف الأساسي هو العمل على سحب الاعتراف الأثيوبي بجبهة البوليساريو وهذا ما نجح فيه المغرب مع دول أخرى، وبالفعل سحبت بعض الدول اعترافها بالبوليساريو؛ ليس هناك توجيه أي شيء ضد مصر، فالعلاقات بين مصر والمغرب متشباكة في كافة المجالات، لكن لكل بلد حساباته الخاصة، والمغرب تولي أهمية كُبرى للصحراء الغربية، كما أن الجزائر على الجانب الآخر تسعى لحشد الدعم للاعتراف بالبوليساريو.
المغرب تدعم مصر في ملف سد النهضة
وأكد الدكتور أحمد، أن المغرب متضامنة مع الموقف المصري بضرورة الوصول إلى اتفاق عادل حول تشغيل سد النهضة واحترام الحقوق المائية لمصر، مشيرًا إلى استحالة وقوف المغرب ضد حقوق مصر المائية، وأن توطيد التعاون بين المغرب وأثيوبيا، يمكن أن يجعل الرباط تلعب دور الوسيط بين مصر وأثيوبيا والسودان؛ للدفع بالجانب الأثيوبي كي يصل إلى اتفاق يُرضي كل الأطراف، حول تشغيل السد.
اقرأ أيضًا:
لقاء مفاجئ في وقت حرج.. ما دلالات الزيارة المصرية لإريتريا؟
الصناعة في مصر: مشكلات تمويلية وحلول بيروقراطية
هل بدأ الاستثمار الإماراتي في تعمير شبه جزيرة سيناء؟
رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة | تقرير