بعد رفع أسعاره بنسب تتراوح بين 11% إلى 33%، يتساءل الناس في مصر.. هل أصبح “الحج” للأثرياء فقط؟ الأرقام الواردة من مؤسسات الدولة وشركات السياحة تكشف ارتفاع أسعار أداء الفريضة المقدسة بشكل يجعلها بعيدة المنال عن الطبقات الفقيرة وحتى كثير من الطبقة المتوسطة، ويقصرها على الأغنياء فقط.
تبدأ أسعار الحج من 225 ألف جنيه، “لا تشمل تذاكر الانتقال كالطيران أو الباخرة”، فيما يصل ما يعرف بـ”الحج السياحي الفاخر” إلى 580 ألف جنيه، و”الاقتصادي” إلى 295 ألف جنيه، حسب برامج وزارة السياحة وإعلانات الشركات.
وقبل ساعات، أعلنت وزارة الداخلية التكاليف والمستندات والأوراق المطلوبة من الفائزين بحج القرعة لعام 2025، لاستكمال إجراءات السفر والتعليمات التي يجب على الحجاج اتباعها في أثناء أداء فريضة الحج. ويكون السداد لكامل قيمة تكاليف الحج، وهي 22 ألفًا و300 جنيه، خارج ثمن الرحلة نفسه ودون تذكرة السفر بالطائرة “يتم تحديدها بمعرفة الشركة القابضة لمصر للطيران في وقت لاحق”.
كما يُلزم الفائز بالقرعة بسداد أي تكاليف إضافية قد تفرضها السلطات السعودية. ويعتبر عدم السداد خلال الفترة المشار إليها بمثابة تنازل منه عن فرصة الحج.
حميدة مصطفى، مستشارة تأمين وتسويق سياحي وتنظيم رحلات الحج والعمرة، تؤكد لمنصة “MENA” أن ارتفاع أسعار رحلات “الحج الحكومي” يأتي لعدة أسباب، على رأسها سعر الصرف وارتفاع الدولار الأمريكي والريال السعودي مقابل الجنيه المصري، فضلًا عن ارتفاع أسعار الطيران. كل هذه العوامل أخرجت طبقات كاملة من تلبية أمنياتها بأداء الحج، حيث لم تستطع الطبقات الفقيرة ولا حتى المتوسطة أداء الفريضة بسبب الأسعار المرتفعة، واقتصر الحج على طبقات الـVIP و الهاي كلاس” فقط.
وأضافت حميدة مصطفى أن الشعب المصري، بطبيعته، شعب متدين ويعشق شعائر الحج، ويتمنى أداءها، وأن يزور بيت الله الحرام وبقية المشاعر المقدسة ومدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن الأسعار المرتفعة ومعدلات التضخم الحالية أصبحت تقف عائقًا كبيرًا أمام تحقيق أحلام الملايين.
وأوضحت أن ارتفاع تكاليف تذاكر السفر وأسعار السكن، بالإضافة إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، أدى إلى تعقيد الوضع بشكل أكبر، حيث تتعامل شركات السياحة مع الجانب السعودي بالريال السعودي أو الدولار الأمريكي.
هذا الوضع انعكس بصورة واضحة على ارتفاع تكاليف حج القرعة وحج الجمعيات الخيرية، مما جعل فريضة الحج بعيدة عن متناول معظم الشرائح الفقيرة وحتى جزء كبير من الطبقة المتوسطة، واقتصرت بشكل كبير على طبقات الـVIP والهاي كلاس.
كشف مصدر بوزارة السياحة لمنصة “MENA” أن أسعار الحج السياحي للعام 2025، والمعلنة من قبل الوزارة، تعتمد على نوع برنامج الرحلة، بخلاف تذاكر الطيران أو الباخرة. وتتمثل الأسعار فيما يلي:
برنامج “خمس نجوم أ”: إقامة بفنادق على مسافة تصل إلى 250 مترًا من ساحة الحرم الشريف، بتكلفة 580 ألف جنيه.
برنامج “خمس نجوم ب”: إقامة بفنادق بين 250 و1250 مترًا من الحرم الشريف، بتكلفة 520 ألف جنيه.
برنامج الحج الاقتصادي “طيران”:
“اقتصادي أ”: موسم كامل بفنادق تصل مسافتها إلى 1250 مترًا من الحرم الشريف، بتكلفة 295 ألف جنيه.
“اقتصادي ب”: موسم كامل بفنادق تبعد بين 1250 و2000 متر عن الحرم الشريف، بتكلفة 275 ألف جنيه.
“اقتصادي ج”: تسكين الحجاج بالمناطق المعتادة، بتكلفة 250 ألف جنيه.
برنامج الحج السياحي البري:
“سياحي بري أ”: إقامة بفنادق تصل مسافتها إلى 1250 مترًا، بتكلفة 260 ألف جنيه.
“سياحي بري ب”: إقامة بفنادق تبعد بين 1250 و2000 متر، بتكلفة 245 ألف جنيه.
“سياحي بري ج”: بتكلفة 225 ألف جنيه.
وأوضح المصدر أن شركات السياحة بدأت في تلقي طلبات الحج السياحي بمستوياته الثلاثة (الخمس نجوم، الاقتصادي، والبري) من المواطنين الراغبين في أداء مناسك الحج منذ 20 نوفمبر الجاري ولمدة شهر، وذلك بعد اعتماد الوزارة للضوابط والقواعد المنظمة للحج السياحي، وفقًا لأحكام قانون 84 لسنة 2022، وقانون شركات السياحة رقم 38 لسنة 1977. ومن المقرر إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار الفائزين يوم 23 ديسمبر المقبل.
توقع أمين صندوق الاتحاد العام للغرف السياحية، إيهاب عبد العال، أن تُخفِّض الشركات أسعار الحج الاقتصادي والبري هذا العام. وأكد على أهمية تجنب التعامل مع الوسطاء والسماسرة الذين يقدمون عروضًا وهمية للحج الرخيص، والتي كانت سببًا في أزمة وفيات الحجاج خلال العام الماضي.
وذكر عبد العال لمنصة “MENA” أنه تم تخصيص العدد الأكبر من التأشيرات هذا العام للمستويين الاقتصادي والبري، بهدف إتاحة الفرصة لكافة الشرائح المجتمعية للحصول على تأشيرات الحج السياحي. وأوضح أن مستويات الحج السياحي تشمل:
خمس نجوم: “مستوى أ” و”مستوى ب”.
اقتصادي: “مستوى أ – ب – ج”.
بري: “مستوى أ – ب – ج”.
وأكد أنه تم إنهاء نشاط 36 شركة سياحة بسبب ارتكابها مخالفات العام الماضي، مما تسبب في وفاة عدد من الحجاج.
أوضح عبد الناصر محمد، الخبير في الشأن الاقتصادي، لمنصة “MENA“، أن تكلفة حج القرعة، التي كانت تاريخيًا أرخص من الحج السياحي، زادت بشكل كبير نتيجة خفض الجنيه المصري وارتفاع التضخم. وأشار إلى أن “حج القرعة” يتم برعاية الحكومة المصرية، ويتم خلاله اختيار عدد محدد من المتقدمين لأداء فريضة الحج.
وأضاف أن قانون تنظيم الحج ينص على أن تتولى وزارات الداخلية، والسياحة، والتضامن الاجتماعي، وجهات وهيئات الدولة تنظيم رحلات الحج كل عام. أما الجهات المنفذة للحج فهي وزارة الداخلية، والشركات السياحية، والمختصة بشؤون التضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى الجهة التي تحددها السلطة المختصة.
وقال محمد إن أغلب المتقدمين هذا العام لأداء الفريضة هم من لم يؤدوا الفريضة من قبل، على عكس السنوات الماضية، حيث كان العديد يكررون الحج أكثر من مرة. ولكن ارتفاع الأسعار حال دون ذلك.
وأكد محمد أن مصر بها أكثر من 100 مليون مواطن، وأن خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار رفع تكاليف الحج، مما جعله الأغلى في تاريخ البلاد. كما أن ارتفاع الدولار والريال مقابل الجنيه زاد من تكاليف السكن والخدمات الأخرى في السعودية المرتبطة بموسم الحج. وأضاف أن بنوكًا مصرية وفرت قروضًا بفترة سداد تصل إلى 10 سنوات لغير القادرين، بعد أن أجازت دار الإفتاء المصرية ذلك شرعًا.
وأوضح مصدر بغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة لمنصة “MENA” أن القفزة الكبيرة في الأسعار أدت إلى تراجع إقبال العديد من الراغبين في أداء الفريضة. وأشار إلى أن بعض الشركات السياحية تعتزم تقديم تخفيضات على الأسعار أو رفع جودة الخدمات المقدمة لتسهيل أداء الفريضة للمواطنين.
وتواصل شركات السياحة تلقي طلبات المواطنين الراغبين في أداء الحج السياحي بمستوياته الثلاثة: الخمس نجوم، والاقتصادي، والبري. وأوضح المصدر أن آخر موعد لإدخال الجوازات في الحج السياحي 2025 سيكون يوم 5 ديسمبر المقبل.
وقبل ساعات، تمكن قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية من ضبط 6 شركات سياحية تعمل دون ترخيص، لاتهامها بالنصب على المواطنين الراغبين في أداء الحج والعمرة.
اقرأ أيضًا:
الحجاج في مقصلة سماسرة التأشيرة ولهيب الشمس
بعد إفلاس واحدة من أكبر 3 شركات في العالم..هل السياحة المصرية في خطر؟
بعد خفض التضخم هل يشعر المواطن بتغيير في الأسعار؟
التداعيات الاقتصادية لتصريحات مدبولي عن الحرب.. هل نشهد موجة غلاء جديدة؟
