ترجمات

حصريًا: اليونان تسعى لإقناع مصر بالضغط على حفتر لرفض اتفاق تركيا-ليبيا البحري

علم موقع “Middle East Eye” أن اليونان تعتزم مطالبة مصر بالتدخل لإثناء الحكومة الليبية في الشرق، المدعومة من خليفة حفتر، عن التصديق على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا.

 

من المتوقع أن يثير وزير الخارجية اليوناني، جورج غيرابيتريتس، هذا الملف مع نظيره المصري، بدر عبد العاطي، خلال اجتماعهما يوم الأربعاء، بحسب ما أفاد به مسؤولان إقليميان مطلعان لموقع “Middle East Eye”.

 

وكانت الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا في طرابلس قد وقّعت في عام 2019 اتفاقًا مثيرًا للجدل مع تركيا لترسيم الحدود البحرية، مع تجاهل المطالب اليونانية بمناطقها الاقتصادية الخالصة، بما في ذلك عبر جزر رئيسية مثل كريت ورودس.

 

تحول محتمل في توازنات المتوسط

 

ردّت اليونان على ذلك الاتفاق البحري في العام التالي بتوقيع اتفاق خاص بها مع مصر, وعارضت ليبيا الشرقية، الخاضعة لسيطرة حفتر، الطموحات التركية منذ سنوات، والتي تحظى بدعم من القاهرة وأبوظبي.

 

وأي خطوة من جانب شرق ليبيا لتأييد الموقف التركي ستُمثل تحولًا جذريًا في شرق البحر المتوسط، حيث تأمل القوى الإقليمية في تطوير احتياطيات الغاز الطبيعي التي يُعتقد أنها غنية ومربحة.

 

وستُشكل هذه الخطوة دفعة كبيرة لمسعى أنقرة لترسيخ نفسها كقوة بحرية في المنطقة، إذ إنها ستعني أن جميع الفصائل الليبية أصبحت مصطفة مع المطالب التركية.

 

وإذا تم المضي قدمًا في الاتفاق، فقد يُعيد ذلك إشعال التوترات البحرية في المنطقة، والتي شهدت في صيف عام 2020 اقترابًا خطيرًا من الصراع بين اليونان وتركيا.

 

 

قلق متصاعد في شرق المتوسط

 

تشعر اليونان وقبرص بالفعل بحالة من الاستنفار، لكن أي اعتراف رسمي بالمطالب البحرية التركية قد يفتح جبهة توتر جديدة، هذه المرة مع إسرائيل.

 

فالدول الثلاث اليونان، وقبرص، وإسرائيل تسعى منذ سنوات إلى تطوير حقول الغاز في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى مشروع لإنشاء كابل كهربائي بحري يربط بينها، لكن هذه الخطط واجهت عراقيل وتوقفت في مسارها.

 

وقال أحد المسؤولين الإقليميين لموقع Middle East Eye إن مصادقة ليبيا الشرقية، التي يقودها حفتر، على الاتفاق البحري مع أنقرة، قد تُوفر غطاءً دبلوماسيًا للحكومة السورية الجديدة لعقد اتفاق مماثل مع تركيا، يشمل شمال قبرص، الإقليم المنشق الذي لا تعترف بسيادته سوى أنقرة.

 

صدام حفتر يفتح قنوات الحوار مع تركيا

 

في خطوة كانت قبل أعوام قليلة غير واردة، بدأ صدام حفتر، نجل القائد العسكري الليبي خليفة حفتر، فتح قنوات تواصل مع أنقرة، ما يشير إلى تحوّل لافت في مواقف شرق ليبيا المدعوم من والده، ووصفت زيارة صدام إلى تركيا في أبريل الماضي بالمفصلية، حيث تكشف عن تقارب غير مسبوق بين الجانبين.

 

ويضع هذا التوجه شرق ليبيا في مواجهة مباشرة مع الاتفاق البحري الموقع بين مصر واليونان عام 2020، وهو اتفاق لم تعترف القاهرة بكامل المطالب اليونانية ضمنه، خصوصًا ما يتعلق بالمناطق الاقتصادية الحصرية حول جزر كريت ورودس، لكنه يتعارض في جزء كبير منه مع الاتفاق البحري الذي وقعته حكومة طرابلس مع تركيا في 2019.

 

وفي يونيو الماضي، شكّل مجلس النواب الليبي في طبرق لجنة خاصة لمراجعة ذلك الاتفاق البحري المثير للجدل، والذي أبرمته حكومة طرابلس المعترف بها دوليًا.

 

قبل سنوات قليلة، كان من المستبعد تمامًا أن تلوّح ليبيا الشرقية، الخاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر، بإمكانية الانفتاح على تركيا، الخصم الإقليمي الأبرز خلال مرحلة النزاع الليبي. غير أن ما كان مستحيلًا بالأمس، بات اليوم واقعًا قيد التشكّل، في انعكاس مباشر للمتغيرات السريعة التي تعصف بالتوازنات في شرق المتوسط.

 

ففي عام 2019، أطلق حفتر حملة عسكرية واسعة للسيطرة على العاصمة طرابلس، بدعم صريح من الإمارات ومصر وروسيا، وفي المقابل، تدخلت تركيا بشكل حاسم، وأرسلت قوات لحماية حكومة الوفاق، ما غيّر مسار المعركة وأعاد ترسيم خطوط الصراع.

 

اليوم، تتغير الاصطفافات بشكل لافت، إذ يسعى حفتر وأبناؤه وفي مقدمتهم صدام حفتر إلى فتح صفحة جديدة مع أنقرة، وبحسب مصدر تركي مطّلع تحدّث لموقع Middle East Eye، فإن عائلة حفتر تسعى لتعزيز العلاقة مع الحكومة التركية، مع تفضيل إبقاء مسألة التصديق على الاتفاق البحري في حالة “تجميد مدروس”، دون حسم قاطع في الوقت الراهن.

 

 

بين ثروات النفط وصراع الزعامة

 

في قلب الصراع الليبي، يقف النفط كجائزة استراتيجية يتنافس عليها الطرفان المتنازعان. فبينما تقود حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس الغرب الليبي، يُمسك خليفة حفتر بزمام الأمور في الشرق، ويعتمد على مجلس النواب في طبرق برئاسة عقيلة صالح كغطاء سياسي لتحركاته.

 

لكن التحرك الأخير من قبل طبرق لإعادة النظر في الاتفاق البحري مع أنقرة لا يُتوقع أن يترتب عليه تغييرات حقيقية، بحسب بيلغهان أوزتورك، الباحث في “المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية” (GISR). وقال أوزتورك لموقع Middle East Eye، إن تحرك عقيلة صالح يبدو أقرب إلى محاولة لإثبات الحضور في المشهد، وسط تصاعد نشاط الدبيبة وحفتر على الساحة الدولية.

 

وأضاف: “فرص أن تترتب على هذه المناورة نتائج دولية مؤثرة تبقى ضئيلة للغاية، فالمسألة ترتبط في جوهرها بصراع داخلي على النفوذ والشرعية”.

 

تهدئة هشة تحت الاختبار

 

في ذروة التوتر الإقليمي عام 2020، شكلت مصر عنصرًا حاسمًا في التحالف مع آنذاك، وكانت العلاقات المصرية-التركية في حالة عداء علني، وكانت ليبيا إحدى أبرز ساحات التنازع السياسي والعسكري.

 

فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وصل إلى الحكم بعد إطاحته بمحمد مرسي، الرئيس المنتخب والمدعوم من أنقرة، أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فاستمر حتى عام 2019 في رفض الاعتراف بشرعية السيسي، ما عمّق الهوة بين البلدين.

 

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة محاولات حثيثة لتقريب المسافات، وعودة تدريجية للحوار بين الجانبين، لكن هذه المصالحة لا تزال هشة، وأي تحرك مصري ضد اتفاق بحري بين تركيا وشرق ليبيا قد يُعيد توتير العلاقات، ويعيد إشعال الخصومة التي بدأت بالكاد تخفّ وتيرتها.

 

رابط المصدر:

 

https://www.middleeasteye.net/news/exclusive-greece-to-lobby-egypt-against-haftar-led-libya-endorsing-turkey-libya-maritime-deal

 

Hosam Sabri
مترجم صحفي، خبير في ترجمة وتحليل التقارير الصحفية، والمواد الصحفية ذات الطابع الاستقصائي، ملتزمًا بالدقة والموضوعية.

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية