تحليلات

حكاية الُمناخ و«منع السباحة ورفع الرايات السوداء» على شواطئ مصر!

 

قبل أيام قليلة ماضية، فوجئ المصطافون في عدد من محافظات مصر الساحلية مثل” الاسكندرية ومطروح وبورسعيد” بتحذيرات من المسئولين من نزول المياه حرصاً على سلامتهم، فأغلق عدد كبير من الشواطئ ورفع الرايات السوداء.


وهنا تشابهت البيانات والحجج التي استندت اليها الجهات المسئولة لحظر السباحة بسبب ارتفاع أمواج البحر وسرعة الرياح وسوء الأحوال الجوية وبالأخير “فتش عن المناخ؛ ويري الخبراء أن رغم وقوع حوض البحر المتوسط في منطقة زلازل إلا أن منطقة شبه مغلقة ومن المستبعد حدوث تسونامي مدمر كما حدث في جنوب شرق أسيا، وأضافوا بأن ظواهر المد والجزر وراء انحسار المياه، وذكروا بأنه من المتوقع حدوث موجات قادمة خلال فصلي “الخريف والشتاء” كما أوصوا باتباع التعليمات حفاظًا على الأرواح.

وفي محافظة مطروح، أغلقت الأجهزة الأمنية، الشواطئ الواقعة على البحر المفتوح، بسبب حالة اضطراب البحر، ووجود نوة بحرية وارتفاع الأمواج، مع شدة تيارات السحب المائية، كما تم إغلاق الطرق المؤدية إليها، مع السماح بالسباحة في الشواطئ الآمنة الواقعة على خليج مرسى مطروح وناشدت المحافظة، رواد الشواطئ والمصطافين، بالالتزام بتعليمات مسئولي الشواطئ، مع استمرار إغلاق طريق كورنيش الأبيض الجديد، والتحذير من السباحة بشواطئ الأُبَيض، وأم الرَخَم، وعجيبة، وكذلك مزار كليوباترا، مع الابقاء على فتح الشواطئ الآمنة.

 


يقول الدكتور محمود شاهين، مدير عام التنبؤات والإنذار المبكر بهيئة الأرصاد الجوية ومدير المركز الإعلامي، نشاط الرياح والاضطرابات التي تضرب الملاحة البحرية قد تحدث بشكل متكرر طوال العام تزداد مرات ظهورها في فصل الخريف والشتاء مع تولد منخفضات قوية في البحر المتوسط ما تؤدي لارتفاع الأمواج بشكل كبير، ولم يدم التحذير لإغلاق الشواطئ لأكثر من 48 ساعة نظرًا لارتفاعات الأمواج التي تمثل خطورة على حياة المصطافين وأغلقت بعض الشواطئ على إثرها.


ويُعزي ” شاهين”: وجود ارتفاعات لمستوي مياه البحر نتيجة اختلال الكتل الهوائية سواء من منخفض الهند الموسمي الذي يسبب ارتفاعات شديدة في درجات الحرارة مصحوبًا برياح “شمالية غربية” التي تؤثر على السواحل الشمالي ومحافظات وجه بحري.


وأحيانا تتغير الظاهرة مع قدوم كتل هوائية من جنوب أروبا وعادةً تكون درجات حرارتها ألطف وأقل حرارة من المنخفض الجنوبي الهندي. وعند تقابل الكتلتين يحدث نشاط للرياح “تغير الكتل الهوائية المفاجئ” الأمر الذي ينشط الرياح على البحر المتوسط ما يسبب ارتفاع الأمواج نسبيًا وعادة تكون الارتفاعات أقل من مترين وإذا تجاوزتها يتم إغلاق الشواطئ على الفور.


أما في عمق البحر المتوسط إذا تجاوزت مترين ونصف المتر فتؤثر على الملاحة البحرية وتحكمها ارتفاعات محددة واتجاهات رياح محددة والتي يجب التعامل من قبل حماية الشواطئ.
ويواصل “شاهين”: التغير المناخي مع وجود منخفضات جوية تحدث في البحر المتوسط نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في البحر خلال هذه الفترة من العام وقدوم فصل الخريف ما يولد منخفضات تسبب في سرعة حركة الرياح التي يمكن توقع ارتفاع مستوي الأمواج بحسب طبيعة المنخفض وقيمة الضغط الجوي المصاحب لهذا المنخفض، علينا اتباع التعليمات الصادرة سواء في رفع رايات سوداء أو اغلاق بعض الشواطئ فعلينا الالتزام للحفاظ على حياة المواطنين.

 


وعن توقعات عالم الزلازل الهولندي المثير للجدل “فرانك هوغربيتس” بحدوث تسونامي في البحر المتوسط، حيث ربط فرضياته بحدوث الزلازل ويربطها بهندسة وحركة الكواكب.
يقول الدكتور “محمود عبد الراضي” أستاذ البيئة البحرية بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالغردقة:


“لا ننكر أن شرق المتوسط كله داخل الحزام الزلزالي وزلزال تركيا وجزيرة كريت في حوض المتوسط خير دليل لأننا لدينا شرخ زالزالي بين اللوح التكتوني الأفريقي” جزء من القشرة الأرضية الحاملة لقارة افريقيا” ونظيره اللوح التكتوني” القشرة الأرضية الحاملة لجزيرة العرب وجزء من أوروبا”٬ وهذا يمتد منذ مئات السنين ويمتد من القرن الإفريقي حتي أوروبا مرورًا بالبحر الأحمر وخليج العقبة، وهناك نشاط زلزالي في هذه المنطقة ولكنه لم يصل إلى الشدة التي تسبب تسونامي وليس لدينا ظواهر زلزالية أو بركانية مثل ما حدث في إيطاليا تؤدي لأي أنشطة غير طبيعية في حوض البحر المتوسط خاصة في السواحل المصرية الشمالية”.


تمكنت وزارة الري بالتعاون مع وزارتي الخارجية والبيئة، من الحصول على منحة بقيمة 31.4 مليون دولار من صندوق المناخ الأخضر، للاستفادة منها في تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية، بالإضافة إلى جزء تموله الحكومة المصرية؛ لتنفيذ المشروع.


وتعمل المشروعات التي تنفذها الهيئة العامة لحماية الشواطئ، على حماية الأراضي المنخفضة في دلتا نهر النيل، من تمدد البحر، أثناء النوات والعواصف الحادة. ويذكر أن التغيرات المناخية تهدد نحو 69 كيلومترا، من المناطق الحرجة، الأكثر احتياجًا للحماية على سواحل الدلتا، من مخاطر تغير المناخ وارتفاع سطح البحر.

 


بدوره يقول الدكتور وحيد إمام، رئيس الاتحاد النوعي للبيئة: منطقة حوض البحر المتوسط هي بالأساس منطقة زلازل، خاصة أن الأرض محمولة على 7 صفائح تكتونية أساسية تعمل بمنظومة حركات “زحزحة للقارات” التي فصلت القارات -التى كانت متلاصقة- تسبب هزات قوية وأخرى ضعيفة هي التي تعمل على فصل القارات فنجد أوروبا انفصلت على شمال إفريقيا، وتزداد الزلازل في منطقة شرق المتوسط كما حدث في تركيا وايطاليا وكريت.
ويضيف إمام: “الأوضاع في منطقة “المتوسط” آمنة لأنها حوض شبه مغلق به فتحة واحدة ناحية الجهة الغربية وهي مضيق جبل طارق التي تخرج وتدخل منه المياه على أعماق 150 مترًا، ومن الُمستبعد حدوث تسونامي لأنه حدوثة مرتبط بحدوث زلزال بقوة أعلى من 7 ريختر وتكون تأثيراتها أقل حيث يسير من مركز الزلزال على هيئة أمواج دائرية على بعد 150 كيلومتر ما يعني تأثر مصر في المرتبة الأولي”.

 


يفسر الدكتور محمود عبد الراضي، أستاذ البيئة البحرية بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالغردقة، حدث ظاهرة الموج الشديد في البحر المتوسط التي ترتبط بالأساس بسطح المياه وقوة الرياح وتتناسب معها بشكل طردي بمعني كلما اشتدت قوة الرياح اشتد الموج التي يتراوح ارتفاعه من “مترين إلى مترين ونصف” في أقصى الحالات يصل إلى ثلاثة أمتار وهي ظواهر طبيعية في البحر المتوسط وليست غربية.


كما تلاحظ انحسار المياه الشديد على الشواطئ المصرية وانكشاف أجزاء كبيرة من الساحل وهي ظاهرة مرتبطة بحركة المد والجزر التي تحدث بسبب قوة التجاذب بين الأرض والقمر ، وفي الظروف العادية تتحرك المياه في البحر المتوسط في حدود 40 سنتيمتر رأسي ويتكرر مرتين ونصف ويسمي مد وجزر نهاري وهذه أمور طبيعية ولكن في بعض الأحياء يحدث حالات المد الجزر الشديد التي تحدث عن واقتراب القمر من أقرب نقطة للأرض والشيء الوحيد التي يستجيب للتجاذب هي المياه التي ترتفع لأعلى نقطة في منتصف المجسم المائي أيًا كان سواء بحر أو محيط وعنا تقل لأقل نقطة على الأجناب مع يسبب انكشاف أجزاء كبيرة من السواحل.


وعند انحراف القمر عن المجسم المائي تبدأ المياه للعودة لوضعها الطبيعي ولكن تحدث قوة جذب الأرض للمياه تكون أعلى من المعتاد فيحدث خروج المياه على السواحل لأكثر من الوضع الطبيعي ما يسبب غرق بعض السواحل كما حدث في منطقة رأس البر وتعود الأمور لوضعها الطبيعي بعد ساعات.
وهنا تأتي عملية إغلاق الشواطئ لحماية المواطنين وتحسبًا لأن عملية عودة المياه في عملية المد تكون مصحوبة بتيارات المد “السحب” التي يمكن أن تسحب المصطافين وتسبب حالات غرق.


ويضيف عبد الراضي: “هذه الظواهر طبيعية وموجودة وتتكرر حدوثها ونفس الظواهر حدثت بعض الزلزال الذي ضرب تركيا وذكروا أن متوقع حدوث تسونامي ولكن الواقع حدوث أي جزر شديد نتيجة لتجاذب الأرض والقمر يتبعه مد عارم.
أما حدوث ظواهر مثل تسونامي في البحر المتوسط ليس مستحيلاً٬ ولكنه يرتبط بحركة زلازل قوية مثل حدوث زلزال في البحر المتوسط وأن تكون له توابع قوية وعالية جدًا بحيث تحدث تضارب في حركة المياه والأمواج وتسبب مد شديد على الشواطئ.


ويذكر أن شواطئ محافظة مطروح، تجذب حوالي 7 ملايين من المصطافين والسياح سنويًا، خلال موسم الصيف السياحي، وتتميز شواطئ مطروح، بالخصوصية والتنوع والطبيعة البكر والرمال البيضاء ونقاء المياه، وتشهد جميع الشواطئ، خلال موسم الصيف السياحي، إقبالاً كبيرًا من المصطافين، وتقصد الأسر التي لديها أطفال الشواطئ الواقعة على الخلجان، لتناسبها الأطفال والكبار الذين لا يجيدون السباحة، حيث تتميز بالأعماق المتدرجة وهدوء الأمواج.

 

 


يشار إلى أن وزيرة التنمية المحلية منال عوض عقدت اجتماعاً افتراضياً مع محافظي الإسكندرية وبورسعيد والبحيرة وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط، ونائب محافظ مرسى مطروح، لمتابعة آخر المستجدات الخاصة بالشواطئ في تلك المحافظات بسبب ورود توقعات بإمكانية حدوث بعض الزلازل في عدد من الدول المطلة على البحر المتوسط. وطالبت عوض بضرورة توافر جهاز السيطرة مع المسؤولين بكل مدينة تتبع لها الشواطئ للإبلاغ الفوري عند حدوث حالات الطوارئ وبسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة بصورة عاجلة لحماية المصطافين.

 


بدوره يقول خبير البيئة العالمي، الدكتور مجدي علام، البحر المتوسط ليس كالمحيط الهادي ولا الأطلنطي لأن كلاهما مساحات مائية ضخمة جدًا تنتشر بها بعض الجزر وهنا يكون من الطبيعية وجود أعاصير وتيارات مائية وظواهر مناخية مائية مختلفة كثل ما حدث في جنوب شرق أسيا في الزلزال الذي ضرب قاع البحر ومع ذلك أغرقت نحو 700 كيلو متر عمق في الأراضي.


كما يوجد مثلث يسمي “مثلث الظواهر المناخية” الأول هو عمق الظاهرة هل بسيط أم متوسط أو شديد وعادة البسيطة لا نشعر بحدوثة ثم المتوسط يشعر الناس بهزات بسيطة ثم الشديدة كما حدث في جنوب شرق أسيا وحدوث تسونامي من قاع البحر لأعلى مستوي ارتفاع للمياه، وهنا لا يمكن التعويل على ظاهرة واحدة لأنها تختلف من مكان لأخر بحسب جغرافيا الأماكن.


ويضيف علام: “ذوبان الجليد في القطب الشمالي و الجنوبي ويسبب في رفع مستويات سطح البحر خاصة أن الارتفاع 4 سنتميتر ذوبان في الجليد تسبب 40 سنتيمتر في ارتفاع مستوى المياه ومع زيادة موجات الرياح وتتحول إلى أعاصير علينا أن نتخذ التدابير الوقائية لأن الإعصار يقود تيارات مائية عالية ويسير مئات الكيلومترات وما ينتج عنه تأكل الشواطئ التي كلفت مصر 750 مليون دولار للحفاظ على الشواطئ ما بين فرعي رشيد ودمياط.
وعند حدوث الأعاصير الجوية الشديد مع زالزل في قاع البحر فتحدث الظواهر الجامحة التي تسبب خسائر كبيرة، ونتحول في هذه المرحلة من تغير المناخ إلى إنقلاب المناخ وهو الأكثر خطورة”.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

وسام حمدي
وسام حمدي صحفي تحقيقات استقصائية، يهتم بالصحافة البيئية والصحية وحقوق الإنسان، وحاصل على جوائز صحفية

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية