سياسة

صفحة جديدة في العلاقات المصرية التركية.. ماذا نقرأ عن زيارة السيسي لأنقرة؟


التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في زيارة رسمية للعاصمة التركية أنقرة، بعد نحو 12 عامًا من تعليق العلاقات بين البلدين.


ووصفت الزيارة، وفقًا لتصريحات المراقبين، بأنها “تاريخية”، وتعكس الإرادة المشتركة لتطوير العلاقات وتعزيز التعاون بين مصر وتركيا، إلى جانب توطيد العلاقات الدولية، التي تأتي على رأس أولويات البلدين.


ورغم التناقضات السابقة في أولويات السياسة الخارجية بين مصر وتركيا، فإن التغيرات العالمية والأحداث الجيوسياسية الإقليمية فرضت ضرورة إقامة شراكات قوية.


وكانت شهدت العلاقات بين البلدين انهيارًا بعد ثورة 2013 التي أطاحت بحكم محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت حليفًا للرئيس أردوغان.



عقد الاجتماع الأول خلال الزيارة، في مجلس التعاون الاستراتيجي بتنظيم تركي، وحضور مصري مهم، تلاه بيان أكد فيه، أهمية رفع مستوى الشراكة بينهما إلى مستوى إستراتيجي بمناسبة الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية في 2025.


ووقع الجانبان 17 مذكرة تفاهم في مجالات مختلفة تشمل التعليم العالي، السكك الحديدية، الطيران المدني، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى التعاون العلمي والاقتصادي والفني في الزراعة.


كما شملت الاتفاقيات مجالات الصحة والعلوم الطبية، ودعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسياحة والثقافة، والمواضيع المالية والاقتصادية، والعمل والتوظيف، وحماية البيئة، والتطوير العمراني.



أوضح أبو بكر الديب، الباحث في العلاقات الدولية، أن استئناف العلاقات بين مصر وتركيا يتيح العديد من المكاسب المهمة للطرفين، خاصة في مجالات مثل الغاز الطبيعي، مشيرًا إلى أن هذا التقارب قد يفتح الباب أمام انضمام تركيا لاحقًا إلى منتدى غاز شرق المتوسط.


وقال الديب في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، إن التعاون بين البلدين قد يمتد إلى التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط أو الأراضي المصرية، إذ يمكن أن تساهم تركيا في الاستثمارات وتقديم الخبرات الفنية، لافتًا إلى إمكانية لعب تركيا دور الوسيط في أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا.


وأضاف الديب أن العلاقات المتجددة قد تمكن البلدين من التعاون في حل المشكلات السياسية في ليبيا وتهدئة الأوضاع هناك، بالإضافة إلى الصراع في اليمن والقضية الفلسطينية، مما يساهم في تحقيق استقرار إقليمي أوسع.


وأكد الديب أن الزيارة تشكل فرصة حقيقية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وتركيا، إذ تسعى مصر إلى جذب الشركات والمستثمرين الأتراك، واستقطاب رؤوس أموال جديدة في قطاعات مثل الهندسة، الكيماويات، الأغذية، الأدوية، التصنيع الزراعي، والبناء والتشييد.


كما أوضح الباحث أن الصناعات الورقية، التغليف، الملابس الجاهزة والمنسوجات، تعد من بين القطاعات التي تنتشر فيها المصانع التركية، مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري، توفير فرص عمل جديدة، تعزيز الإنتاج المحلي، وزيادة الصادرات إلى السوق التركية ومنها إلى الأسواق الأوروبية.


واختتم الديب تصريحاته بالإشارة إلى الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تجنيها مصر من فتح باب الصادرات على مصراعيه إلى الأسواق الأوروبية عبر تركيا، مشيرًا إلى أن إجمالي الصادرات المصرية للاتحاد الأوروبي بلغ نحو 11.5 مليار يورو في عام 2023، منها حوالي 8.6 مليار يورو صادرات غير بترولية.



رغم الخلافات السابقة بين مصر وتركيا، وتباين مواقف الشعبين تجاه البلد الآخر، إلا أن الأوضاع الآن وردود الفعل تغيرت بشكل كبير عما كانت عليه في الماضي.


وبرز ذلك في تصريحات السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، إذ أكد أن زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا تمثل قفزة نوعية في العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أنها خطوة مهمة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات. ولفت إلى أن هذه الزيارة تجسد التطور الملحوظ الذي شهدته العلاقات المصرية التركية خلال الفترة الأخيرة.


من الجانب التركي، رأى السياسيون والخبراء أن استئناف العلاقات بين البلدين سيساهم بشكل أساسي في دفع التعاون الاستراتيجي والاقتصادي بينهما، بالإضافة إلى اتخاذ موقف موحد تجاه الحرب في غزة، والدعوة إلى ضرورة الوقف العاجل للقتال المستمر منذ أكتوبر الماضي.


كما تطرق الطرفان إلى مناقشة ملفات ذات اهتمام مشترك، مثل الأوضاع في ليبيا وسوريا، والحرب في السودان، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في الصومال، ما يعكس عمق التعاون بين الجانبين على الصعيدين الإقليمي والدولي.



صرح الدكتور عمرو هاشم، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن زيارة الرئيس السيسي إلى أنقرة تمثل تدشين صفحة جديدة في العلاقات بين مصر وتركيا، وذلك بعد قطيعة دامت أكثر من عقد إثر أحداث 30 يونيو 2013.


وأوضح هاشم في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن النقاشات بين الجانبين تناولت ملفات عديدة، أبرزها ملف غزة الذي يحتل مكانة بارزة في المحادثات، مؤكدًا أن الطرفين يسعيان إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، وضمان انسحاب إسرائيل، وتسهيل إدخال المساعدات الدولية إلى غزة.


وأضاف هاشم أن ملف سد النهضة والقرن الإفريقي يمثلان أهمية قصوى بالنسبة لمصر، إذ تتطلع إلى دعم تركي فعّال في هذا السياق، نظرًا لنفوذ تركيا المتزايد في منطقة القرن الإفريقي، سواء على الصعيد الاقتصادي أو العسكري، في إطار منافستها للقوى الإقليمية والدولية مثل الصين والدول الغربية.


وعن تقييمه لزيارة السيسي إلى أنقرة، أكد هاشم أن هناك معالم تعاون بين مصر وتركيا باتت تتضح في مجالات متعددة، سياسية واقتصادية ودفاعية، مما يعكس تحولًا إيجابيًا في العلاقات الثنائية بعد سنوات من الخلافات، مضيفًا أن المستقبل يبشر بمزيد من التقارب المثمر بين البلدين.


اقرأ أيضًا:






مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية