أعلنت الحكومة المصرية انتهاء خطة تخفيف الأحمال بعد استيراد شحنات من الغاز الطبيعي وزيت الوقود بقيمة مليار و180 مليون دولار،
بما يكفي لتشغيل محطات الكهرباء، وفقًا لحديث رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
ولأن الاستيراد ليس حلاً جذريًا لأزمة الطاقة في بلد يعاني منذ أكثر من عامين من شبح نقص العملة الأجنبية،
وما ترتب على ذلك من زيادة في أسعار جميع السلع والخدمات تقريبًا،
قدمت مها عبد الناصر عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي طلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي
ووزيري الكهرباء والبترول، حول خطة الحكومة لحل مستدام وعادل لتأمين مصادر الطاقة دون تحميل المواطن أعباء إضافية متوقعة
في ظل التلويح بحاجة الحكومة لتقليل فاتورة الدعم عامة والطاقة خاصة.
منتصف يوليو 2023 بدئت أزمة الطاقة تلوح في الأفق مع أنباء عن تراجع إنتاج آبار الغاز المصرية ونضوب بعضها،
وتضاربت الأسباب ما بين سوء الاستخدام لتلك المصادر لتشغيل محطات الكهرباء، وبين استنزاف الحقول بشكل أجهدها.
عددًا من منظمات الطاقة كشفت عن انخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي لأقل مستوى منذ عام 2018،
ما يرفع من أسهم تزايد الاستيراد خلال العام الحالي على الأقل، في ظل التعويل على بدء عمليات الاستخراج من حقل “نرجس”
والذي قُدرت إجمالي الاحتياطي منه بنحو 2.5 تريليون قدم مكعب، مع العلم أن مصر لا تمتلك منه إلا 10% فقط،
في حين تمتلك شركتي شيفرون ” الأميركية، و”إيني” الإيطالية باقي الأسهم مناصفة.
لا يقف تراجع الإنتاج من الغاز كسبب وحيد لأزمة الطاقة التي تعيشها البلاد، بل أيضًا ارتفاع الطلب خلال الأشهر الخمسة الأولى
من 2024 بمقدار 671 مليون متر مكعب، ضاعف من أزمة الطاقة وزيادة ساعات قطع الكهرباء من ساعة لاثنين وصولاً إلى ثلاث وأربع ساعات في بعض المناطق.
أسامة كمال وزير الكهرباء الأسبق، أوضح أن تراجع إنتاج الغاز الطبيعي من حقل ظهر طبيعي بعد سنوات من بدء تشغيله،
لأن أقل نسبة سنوية لتراجع الإنتاج من الحقول عامة، تُقدر بـ10% وبعد أكثر من 5 سنوات فإن الانخفاض حاليًا يقدر بنحو 50% على أقل تقدير،
مضيفًا أن فاتورة استيراد الغاز الطبيعي اللازم، لإنهاء أزمة تخفيف الأحمال خلال شهور الصيف الحالية ربما تصل إلى ملياري دولار أو أكثر.
اقرأ أيضاً:
إلغاء قانون الطوارئ سابقة تاريخية.. تصريح برلماني مصري في حقوق الإنسان
قانون تعارض المصالح.. كيف جمع وزراء بين مناصبهم وأعمالهم؟
خطة الحكومة المصرية لتعزيز انخراط الشباب في العمل السياسي
تعيين نائبين لمدبولي حقائق يوضحها وزير شؤون المجالس النيابية
في ظل توصيات صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن مصادر الطاقة، فإن من البديهي أن يتحمل فاتورة استيراد الغاز الطبيعي المواطنين،
أي ترتفع أسعار الكهرباء، والتي مهد لها رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في مايو الماضي،
حيث جعل ارتفاع فاتورة دعم الكهرباء سببًا لخطة تخفيف الأحمال، ما يهدد برفع متتالي لأسعار الكهرباء مع التوسع في الاستهلاك وارتفاع فاتورة الشحنات.
أزمة الوقود لا يقتصر أثرها على الكهرباء فقط كما يعتقد البعض، فمن المنتظر أن ترفع لجنة التسعير التلقائي للوقود
أسعار البنزين والسولار بما ينعكس على أسعار النقل والمواصلات، والسلع جميعًا لأن تكلفة النقل
أحد عوامل تسعير المنتجات، وكلها تصب في رفع تكلفة المعيشة على المواطن.
وعن تكلفة عدم توافر مصادر الطاقة للمصانع والخسائر الاقتصادية المترتبة على ذلك فلا تمتلك مصر إلى الآن بيانات عنها
كما لم تصدر جهات تقديرات حولها، إلا أن النائبة أوردت تقارير عن خسائر جنوب إفريقيا من تخفيف أحمال الكهرباء من 2007 إلى 2019 بنحو 2.3 مليار دولار.
أضف أن ضخ الحكومة مليارات الدولارات لاستيراد الطاقة، من شأنه تهديد موقف مصر مع صندوق النقد الدولي وإعادة سيناريو العام الماضي،
الذي توقف فيه الصندوق عن إعطاء مصر الشريحة الثانية من القرض المتفق عليه،
ما يحد من المصادر الدولارية التي تعتمد عليها مصر حاليا لتعويض تراجع عائدات قناة السويس لأدنى مستوى في تاريخها،
ولم يعد أمامنا سوى أيام لنرى هل فعلا صندوق النقد في طريقه لتأجيل مناقشة الشريحة الثالثة من القرض للمرة الثانية بعد أن أجلها إلى 28 يوليو الجاري.
طلب الإحاطة الموجه للحكومة من مها عبد الناصر عضو البرلمان ركز أيضًا على الطاقة الشمسية
ولماذا لا تلجأ لها الحكومة كحل مستدام يناسب موقع مصر الجغرافي داخل حزام شمسي؟
وزير الكهرباء الأسبق الدكتور أسامة كمال، أكد أن الحكومة بالفعل استخدمت الطاقة الشمسية في الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية،
لكن ارتفاع التكاليف لا يسمح بتطبيقها إلا في حدود معينة.
أضاف أن الاعتماد على الطاقة الشمسية سيتوسع فور فرض الحكومة استخدامها في المصالح الحكومية كافة والكمبوندات السكنية الجديدة والبنوك،
بما يقلل من فاتورة الاستهلاك لهذه المؤسسات ويوفر الطاقة بنسبة 40% من الاستهلاك الموجه للكهرباء،
وتابع أن إنشاء مراوح الرياح أرخص وأسرع حاليا من الخلايا الشمسية.
وأشار كمال أن مصر تنتظر الطاقة النووية المولدة من مفاعل الضبعة بحلول 2026، قادرة على إنهاء أزمة الطاقة جذريًا،
مضيفًا أن لحين تبني الحكومة حلا للأزمة، يجب على وزارة الكهرباء العمل على صيانة الكابلات والتخلص من التوصيلات الغير شرعية
وغيرها لتقليل فاقد الشبكة الذي يصل إلى 20%، وأخيرًا على المواطن اتباع سياسة ترشيد الاستهلاك أيضًا.
توفير مصادر الطاقة ليست الأزمة الجديدة على الحكومة أو المواطن بل أنها متجددة مع كل نقص في إنتاج الحقول
وعدم القدرة على تعويضه بالاستيراد، لذا ينبغي أن تتحرك الوزارات المعنية بعيدًا عن الصندوق القديم للحكومات السابقة
عبر انتهاج خُطة واضحة لتوزيع مصادر الطاقة بما يضمن استدامة الطاقة بشقيها المتجددة والغير متجددة، وتوجيهها للاستخدامات المناسبة لها.