عانت مصر في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، من تداخل المناصب مع الشخص الواحد.
لتجد أن شخصاً يجمع بين سلطتين في آنٍ واحد، بينهما تعارض أيدلوجي وسياسي، بما يضر مصلحة المواطن.
ففي برلمان عام 2010، وما قبله، كان هناك 7 وزراء جمعوا بين عضويتهم في مجلس الشعب، وبين منصبهم الوزاري.
وهو ما يتعارض مع طبيعة الوظيفة، ليحدث تداخل في السلطات، إذ أن السلطة التشريعية تعمل على محاسبة السلطة التنفيذية.
وفي حالة جمع الوزير بين منصبه في الحكومة وترشحه في البرلمان، فمن سيقوم على استجوابه؟، ولمن ستقدم طلبات الإحاطة، والبيان العاجل، وغيرها من أشكال المراقبة على الحكومة.
ولكن في عام 2013، وتحديداً في شهر نوفمبر، أصدر الرئيس المؤقت حينها عدلي منصور، قانون تعارض المصالح.
كما تحظر المادة الحادية عشرة من القانون نفسه على المسؤول الحكومي تقديم الخدمات الاستشارية، سواء مدفوعة الأجر، أو غير مدفوعة.
ويعد الجمع بين عمل المسؤول الحكومي وبين عضوية مجالس إدارة الشركات، أو المشروعات التجارية الخاصة، أو العمل فيها تعارضًا مطلقًا،
بحسب المادة السادسة من قانون تضارب المصالح المنشور بالجريدة الرسمية، بتاريخ 13 نوفمبر 2013.
وتوسع القانون ليشمل الوظائف التي قد تضر بمصلحة المواطن، أو يعطي المنصب أفضلية لصاحب الوظيفة.
كما منع القانون بشكل تام، الجمع بين منصب الوزير، وبين عضوية مجلس النواب.
ولكن من خلال المتابعة للحكومات المتعاقبة، تبين أن هناك من جمع بين منصبه كوزير وبين وظيفة أخرى بالمخالفة لأحكام القانون.
ويعرف تعارض المصالح في القانون، على أنه كل حالة يكون للمسئول الحكومي أو الشخص المرتبط به مصلحة مادية أو معنوية،
بشرط أن تتعارض هذه المصلحة تعارضًا مطلقًا أو نسبيًا مع ما يتطلبه منصبه أو وظيفته من نزاهة واستقلال،
وحفاظ على المال العام أو أن تكون سببًا لكسب غير مشروع لنفسه أو للشخص المرتبط.
وهناك التعارض المطلق، وهو كل حالة يترتب عليها ضرر مباشر أو محقق للمصلحة أو الوظيفة العامة.
أما التعارض النسبي فهي كل حالة يحتمل فيها وقوع ضرر للمصلحة أو الوظيفة العامة.
وقال، عبدالله المغازي، أستاذ القانون الدستوري والبرلماني السابق، “إن الوزير أو المحافظ يمنع من التواجد في أي عمل خاص
بسبب القسم الذي حلف به أمام رئيس الجمهورية لرعاية مصالح الشعب”.
وأضاف في تصريحات صحفية، على أنه وفقا لقانون تضارب المصالح لا يجب أن يجمع الوزير بين منصب حكومي ومنصب في القطاع الخاص،
خصوصا إذا كان المنصب الخاص له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمكان الذي يتواجد به.
وشدد على أنه وفقًا للقانون والدستور لا يحقّ لأي وزير أن يتقاضى راتبًا من أي مكان سوى الوزارة المختص بها،
وذلك للحفاظ على هيبة المنصب الرفيع، ومصالح الشعب التي لا يجب أن تتعارض مع أي مصالح شخصية.
وحول جمع عدد من الوزراء ونوابهم بين وظيفة في القطاع الخاص، والمنصب الحكومي، أشار إلى أنه “إن صحّ هذا الأمر يجب على الوزير أن يستقيل من الوزارة أو منصبه في القطاع الخاص،
مشيراً إلى أنه إذا عمل رئيس الوزراء بأي استثناء لبعض الوزراء فهو يرتكب خطأ 100% من الناحية الدستورية والقانونية”.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي رأوا أنه يجب على الوزراء ونوابهم الاستقالة من وظائفهم الخاصة أو الاستقالة من الحكومة.
وقال أحمد الجوهري، إن هناك عدم تكافؤ في الفرص بين الشركات أو البنوك التي تضم وزراء إلى صفوفها، وبين البنوك والشركات الأخرى.
وأضاف الجوهري، في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن الوزير تتاح له عدة معلومات بسبب منصبه،
متسائلاً، هل سيفيد الوزير البنك الذي يعمل به بهذه المعلومات؟، أم سيحتفظ بها لنفسه ويضل المؤسسة التي يعمل بها.
ثريا نجم الدين هي الأخرى، رأت أن يكون هناك وقفة من قبل رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسي حيال هذا الأمر.
وتابعت في تغريدة لها على موقع “إكس”، “تويتر” سابقاً، أن الرئيس السيسي لن يسمح بأي فساد من هذا النوع.
ووضع أستاذ القانون الدستوري والبرلماني السابق، عبدالله المغازي، تخيلاً مفاده أن وزيرًا كان مسؤولاً عن مناقصات في وزارته،
وشركته ستكون موجودة، متسائلاً كيف سيتم التعامل مع الأمر بشفافية؟
معتبراً أن ما يحدث هو فساد يلزم معه تدخل الجهات المعنية والاضطلاع بدورها لأن هذا الأمر يخل بتكافؤ الفرص.
اقرأ أيضا:
خطة الحكومة المصرية لتعزيز انخراط الشباب في العمل السياسي
الأموال الساخنة مخاطرة جديدة لاقتصاد مصر فهل تلعب الحكومة بالنار؟
حزب الغد يطالب الحكومة الجديدة بمراجعة منظومة الدعم
ماذا يريد المواطن من الحكومة الجديدة؟
وفور إعلان التشكيل الوزاري الجديد للدكتور مصطفى مدبولي وإنهاء مراسم القسم الدستوري أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي،
بدأ الوزراء الجُدد في الدخول تحت دائرة مراقبة الجمهور، لتظهر كل المعلومات عن الوزير ووظائفه.
وبالبحث والتدقيق حول هذا الأمر تبين أن كل هذه الأمور معلنة بالفعل،
وأن بعض الشركات والبنوك تفخر بوجود “الوزير الفلاني”، ضمن هيكلها الإداري والتنظيمي.
من أشهر الأسماء التي جمعت بين وظيفة الوزير ومنصب في شركة خاصة، هو وزير المالية أحمد كوجك.
ويعمل كوجك في منصب عضو في طلعت مصطفى ممثلا للمال العام، عن حصة مصر للتأمين في الشركة.
ولكن بعد أيام من حالة السخط على منصات التواصل الاجتماعي،
قالت مجموعة طلعت مصطفي القابضة، إنها تلقت خطابا من شركة مصر للتأمين بصفتها عضواً بمجلس إدارة المجموعة،
يفيد باستقالة أحمد كجوك من تمثيله لها في عضوية مجلس إدارة طلعت مصطفي القابضة نظرا لتعيينه وزيرا للمالية.
كما استقال وزير الاستثمار حسن الخطيب من عضوية مجلس إدارة شركة إيديتا،
وكذلك استقال شريف الكيلاني نائب وزير المالية من عضوية مجلس إدارة شركة “إعمار مصر”.
كما استقال الوزير محمد شيمي وزير قطاع الأعمال من شركة كادنيس للطاقة التابعة لمجموعة العرجاني.
تقدم أعضاء مجلس النواب ببيانات عاجلة وطلبات إحاطة حول مدى ملائمة تعيين وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط
“عضواً مستقلاً غير تنفيذي” لأحكام الدستور والقانون، وعلى رأسهم النائب عبدالمنعم إمام.
مصطفى بكري عضو مجلس النواب، أشار إلى أنه تحدث مع الوزيرة في جمعها بين منصبها الحكومي وعضويتها في بنك أبوظبي.
وقال بكري” سألت الوزيرة، ونفت أنها تتقاضى أي مكافآت بالدولار، ولا تتقاضى راتبًا شهريًا،
كما أنها قالت لي إن البنك شركة مصرية مساهمة، وأرقامها في البورصة ويمكن الرجوع إليها”.
وأشار “بكري” أن اختيار الوزيرة لعضوية مجلس إدارة البنك جاء بموافقة رئيس الوزراء “مصطفى مدبولي” والبنك المركزي، والأجهزة الرقابية،
ولفت “بكري” إلى أن الأمر عُرض على المستشار القانوني لمجلس الوزراء،
الذي أكد عدم وجود تعارض في المصالح بين عملها الوزاري، وعضويتها في مجلس إدارة البنك.
وأثار إعلان مصرف أبوظبي الإسلامي ضجة بسبب تعيين وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط “عضواً مستقلاً غير تنفيذي” بمجلس إدارته ضجة واسعة.
وطالب نشطاء بأنه يجب على “رانيا المشاط”، أن تحذو حذو الوزراء ونوابهم والاستقالة من منصبها في بنك أبوظبي الإسلامي.