الشارع المصري

قبل نهاية ولايته الأولى بأيام.. البلشي يتحدث لمنصة “MENA” عن الحريات وأوضاع الصحفيين الاقتصادية وأزمة المواقع الإلكترونية | 1

تكتل الملكية جزء من أزمة الصحفيين الاقتصادية

مشروع الإجراءات الجنائية يعيد إنتاج الوضع السائد

أزمة الصحافة في مصر أزمة محتوى بسبب القيود المفروضة عليها

سلم نقابة الصحفيين جسر بين الدولة والمواطنين

رسالتي للدولة لا تزرعوا الإحباط

تراكم الغضب والخطر يؤديان للانفجار وهو ليس في مصلحة الوطن أو المواطن

لا أعارض استفادة الصحف القومية من ممتلكاتها ولكن بضوابط واضحة

العمل السياسي غير ممنوع في نقابة الصحفيين لكن الحزبي مرفوض

 

 

قبل عامين، كان صعود خالد البلشي إلى منصب نقيب الصحفيين المصريين مفاجأة للعديد من المراقبين، خاصة وأنه كان مرشحًا يخوض هذا المنصب لأول مرة. وخلال عامين من ولايته، تعامل البلشي مع عدد كبير من الملفات النقابية والسياسية.

 

يؤكد البلشي أن السياسة والصحافة لا يمكن الفصل بينهما، فكل مقال يحمل رؤية سياسية، وطريقة تناول الموضوعات هي رؤية سياسية بحد ذاتها، ولكنه يرفض تحويل النقابة إلى ساحة صراعات حزبية.

 

وفي حواره مع منصة MENA، يرى البلشي أن أزمة الصحافة في مصر هي أزمة محتوى نتيجة للقيود المفروضة على الصحافة. ويعتقد أن الحل يبدأ من رفع هذه القيود. كما كشف عن “عودة الباب الدوار” إلى السجون، حيث تم الاتفاق العام الماضي على تصفية ملف الصحفيين المحبوسين تدريجيًا، ولكن الأمر عاود التزايد مجددًا.

 

وأشار البلشي إلى أن جزءًا من أزمة الصحفيين الاقتصادية يكمن في تكتلات الملكية، سواء في الصحف القومية أو في “المتحدة”، وأن الحل يكمن في منح حرية الإصدار للصحف. وناشد الدولة دعم الصحافة للخروج من أزمتها، معتبرًا أن الصحافة دفعت ثمنًا كبيرًا في الفترة الانتقالية.

 

وبسؤاله.. كيف ترى وضع الصحافة في مصر؟

 

الصحافة المصرية تمر بوضع صعب جدًا، وهذا ناتج عن القيود المفروضة عليها على مستويات عدة، سواء في القدرة على الحركة أو في التعبير عن الناس. وقضية الصحفيين المحبوسين هي انعكاس لهذه الأزمة، إذ لدينا العديد من الصحفيين في السجون بسبب ممارستهم لعملهم. مثل حالة الصحفي أحمد سراج، الذي أجرى حوارًا مع زوجة صحفي محبوس، فوجد نفسه متهمًا في قضية تحمل العديد من الاتهامات. وهذا يشير إلى أن الوضع صعب للغاية، وأن مستوى الحريات غير لائق في الصحافة بشكل عام.

 

وعلى المستوى القانوني، نحن بحاجة إلى تعديلات قانونية كبيرة. أعتقد أن المؤتمر العام السادس كشف عن الكثير من مطالب الصحفيين، سواء فيما يخص الصحفيين المحبوسين أو تغيير التشريعات التي تحكم هذا القطاع. الصحفيون يحتاجون إلى قانون لتداول المعلومات. كيف يمكن أن تكون هناك صحافة دون تداول للمعلومات؟ كما أننا بحاجة إلى تطبيق الاستحقاقات الدستورية، مثل منع الحبس في قضايا النشر.

 

كذا تراجع الحريات أو القدرة على التعبير عن الناس سينعكس بشكل مباشر على شكل المهنة وعلى وضع الصحف، وبالتالي على مبيعاتها لأن المواطنين لن يجدوا أنفسهم في الصحف. وهذا يتسبب في أزمة اقتصادية للصحفيين. الاستبيان الأخير الذي أجراه المؤتمر العام السادس كشف عن تهديد خطير لهذه المهنة، مما يتطلب تفاعلًا من جميع الأطراف بما في ذلك السلطة. الصحافة ليست خطرًا، بل هي بمثابة جرس إنذار بوجود مخاطر يجب الانتباه إليها. وأي تعامل حكيم مع الصحافة يجب أن يعترف بأنها أداة فاعلة في تنمية المجتمع بشرط أن تتمكن من عكس المشكلات الحقيقية للناس.

 

قبل انتخابك كنت متهمًا بتمثيل تيار سياسي هدفه “اختطاف النقابة”.. كيف ترى العلاقة بين السياسة والصحافة؟

 

نقابة الصحفيين، التي تأسست في عام 1940، أكدت حرية ممارسة السياسة. الصحافة والسياسة مرتبطتان بشكل وثيق. عندما أتحدث عن قضايا الناس ومشاكلهم، فهذا نوع من السياسة. وعندما أتحدث عن قضايا الحريات، فإن ذلك أيضًا يدخل في نطاق السياسة. وممارسة العمل السياسي داخل النقابة غير ممنوع، لكن العمل الحزبي مرفوض. نحن نؤكد أن عباءاتنا الحزبية تظل خارج النقابة، ولكن لا مانع من أن يكون لدينا رؤية سياسية، فكل مقال أكتبه يحمل رؤية سياسية، واختيار الموضوع الذي أكتب عنه هو أيضًا رؤية سياسية. لكن لا يمكن تحويل النقابة إلى ساحة لصراعات حزبية بين أطراف معينة.

 

عندما تم انتخابي، كان يُتوقع أن يتحول مجلس النقابة إلى ساحة صراع حزبي، لكن هذا لم يحدث. النقابة هي بيت الجميع والنقيب هو نقيب للجميع. وستظل الرؤية السياسية هي الحاكمة في التعامل مع القضايا، ولكن من المهم عدم الانحياز لأي تيار سياسي.

 

وكيف تقيم نتائج الاستبيان خلال المؤتمر العام؟

 

كما قلت، هذه أزمة متكاملة تبدأ من تحرير الصحافة من القيود المفروضة عليها، وتحريرها في التعامل مع قضايا الناس. نحن نبيع منتجًا هو الصحافة، وإذا لم يجد المواطن نفسه في هذا المنتج، فلن يشتريه. يجب أن نُدرك أن الصحافة دفعت ثمنًا كبيرًا نتيجة لتصنيفها من قِبل مختلف الأطراف بالطريقة التي يرونها. خلال الفترة الانتقالية، الصحافة تحملت أعباءً كبيرة. ولذلك يجب أن تشترك جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة، في تقديم الدعم للخروج من هذا المأزق. فإذا فقدت الصحافة قوتها الداخلية، سنخسر كثيرًا.

 

من الجانب الآخر، هناك حلول نقابية وتشريعية يجب اتخاذها. مثلًا، لابد من النظر في مسألة الحد الأدنى للأجور، وكذلك في قانون العمل الذي ينظم طبيعة عملنا. لدينا رؤية شاملة بشأن هذا الموضوع. على الصعيد النقابي، يجب أن يُعاد النظر في قيمة البدلات بشكل جاد، خاصة في ضوء الظروف التي نشأت عن الأوضاع الانتقالية، والقيود المفروضة على الصحافة، بصرف النظر عن المسئول عن تلك القيود. الصحافة تحملت تكلفة كبيرة، وإذا أردنا أن نخرج من هذا الوضع الحالي، يجب أن نعمل على استعادة صحافة قوية قادرة على التعبير عن الناس والمنافسة في سوق صحفي منضبط.

 

كذلك، هناك ضرورة للعمل على تحسين الأجور سواء من خلال تعديل القوانين الحاكمة أو من خلال طريقة الانضمام للنقابة. من المقترح أن يتم تطبيق الشمول المالي كشرط للانضمام للنقابة، لإيقاف ظاهرة الاتجار بالعضويات. نعلم أن بعض الصحف تتلقى أموالًا مقابل تعيين الصحفي وإرسال أوراقه للنقابة، لكن مع تطبيق الشمول المالي، سيكون على الصحيفة تقديم راتب لا يقل عن الحد الأدنى للأجور عبر حساب بنكي يمكن التحقق منه.

 

هناك إجراءات داخلية يجب أن تتم، ومسؤولية تقع على عاتق الدولة في تطوير هذه المهنة وهذه الصناعة، وتغيير عقلية التعامل مع الصحافة داخل نقابة الصحفيين. هذا جزء أساسي، رغم أن الطريق طويل، إلا أنه يمكن اتخاذ بعض الإجراءات الجزئية السريعة، مثل المطالبة بصرف بدل النقابة لجميع الصحفيين سواء كانوا مفصولين أو غير ذلك، عدا المسافرين منهم وفقًا للقواعد المنظمة.

 

في لقائي مع رئيس المجلس الأعلى للإعلام، خالد عبد العزيز، تم التطرق إلى أهمية عدم ترك الصحفيين فريسة لسيطرة إدارة الصحف. هذه الملفات تتحرك داخل النقابة، وقد اتخذت النقابة خطوات واسعة في هذا المجال، ونحاول تسريع وتيرة العمل مع المجلس الأعلى للإعلام في هذا الصدد. كانت آخر المحادثات بين النقابة والمجلس الأسبوع الماضي.

 

فيما يخص الأوضاع الاقتصادية أيضًا، هناك ملف الفصل التعسفي الذي نحاول اتخاذ خطوات واسعة فيه خلال العامين الماضيين، ولكن جزءًا من أزمة الفصل التعسفي يتضمن تكتل الملكية. شئنا أم أبينا، هناك تكتل للملكية في الصحف ووسائل الإعلام. لأن هذا التكتل يتحكم في السوق، لذا يجب فك تكتلات الملكية وإطلاق حرية الإصدار، فهي الحل الطويل الذي يؤدي إلى تراجع سيطرة هذه التكتلات على سوق الصحافة. حتى يتم تفعيل القوانين التي تمنع هذه التكتلات، والتي تمثل عقبة في ملف الفصل التعسفي وكذلك في ملف التعيينات. فإذا كان 80% من السوق في يد كتلتين، وإذا قررت إحدى الكتل إيقاف التعيينات، سينشط تجار العضويات، لأن الكتلتين الكبيرتين لا تعين صحفيين جدد.

 

بالحديث عن تكتل الملكية.. ما تفسيرك للانتقادات التي تعرضت لها بسبب علاقة النقابة بالشركة المتحدة؟

 

أولاً، المتحدة تمثل تكتلًا من تكتلين في سوق الإعلام، والآخر هو الصحف القومية. هناك فارق بين التعامل مع الوضع الحالي ومحاولة تفكيكه على المدى الطويل. لا يمكنني أن أقاطع الشركة المتحدة لأنها تمتلك نحو 30 إلى 40% من سوق الإعلام، ونحو 30% من أعضاء الجمعية العمومية يعملون في المتحدة. لذلك، أتفاوض معهم في قضايا مثل الصحفيين المحبوسين، التعيينات، والفصل التعسفي.

 

الانتقاد في الأساس كان موجهًا إلى حفل جائزة التفوق الصحفي. ما حدث هو أننا كنا نبحث عن رعاة للحفل، وكان تقديرنا أننا سنجذب عددًا كبيرًا من الرعاة، ولكن هذا لم يحدث. لم يأتِ سوى راعٍ واحد في اللحظة الأخيرة. وكان عرض المتحدة أن تتحمل كافة التكاليف حتى لو لم يوجد رعاة آخرون. في المؤتمر السادس، لم يأتِ سوى راعيين فقط. كنا نعتقد أننا سنتمكن من جذب عدد كبير من الرعاة، لكن ذلك لم يحدث. فهل مطلوب مني أن أقاطع المؤسسات الإعلامية وأن لا أطور علاقتي بها لخدمة أعضاء الجمعية العمومية؟ أما بالنسبة للسؤال المهم: هل أثرت العلاقة بين المتحدة والنقابة على سياسة النقابة؟ لا، لم يحدث ذلك. خطابنا لم يتغير، بل نحن اشتبكنا مع قضايا لم يكن يتوقع أحد أن نتدخل فيها، مثل قانون الإجراءات الجنائية وقانون المسؤولية الطبية، وكذلك تحالفنا مع النقابات المختلفة. بل إن خطابًا مهمًا تم إذاعته لأول مرة على شاشات المتحدة في يوم حفل الجوائز، وكان يتعلق بقضية الصحفيين المحبوسين. للمرة الأولى، تم بث خطاب يطالب بالإفراج عن 21 صحفيًا محبوسًا، وهو ما يعكس موقف النقابة الثابت في هذه القضية.

 

الحقيقة أنني كنقيب للصحفيين لا يمكنني قطع علاقتي بأي مؤسسة صحفية حتى لو كانت تمثل تكتل ملكية. اليوم، أتفاوض مع الهيئة الوطنية للصحافة في قضايا مثل الصحفيين المؤقتين، وغدًا سألتقي مع المتحدة لمناقشة قضايا الفصل التعسفي. قد أنجح في مفاوضات وأفشل في أخرى، ولكن الأهم هو أنني أحتفظ باستقلال الخطاب النقابي طوال الوقت. يجب أن يعكس هذا الخطاب احتياجات الصحفيين. وأعتقد أن هذا كان واضحًا سواء في نتائج المؤتمر العام السادس أو في خطابات النقابة حول قضايا الحريات والمعارك النقابية التي خاضتها النقابة خلال الفترة الماضية. لم تحاول أي جهة فرض خطاب علينا أو إجبار النقابة على التراجع عن خطاب معين.

 

 

يظل سؤال “الحريات أم الخدمات” بوصلة لفئات ليست قليلة من الجمعية العمومية.. ما الأهم؟

 

الحرية أولاً، لأن الحرية هي التي ستجلب كل شيء. فالحرية تعني وجود صحافة قوية قادرة على التفاوض. في غياب الحريات، تصبح النقابة هي المسؤولة عن الدفاع عن كل شيء. لكن عندما كانت الصحافة قوية، كانت المؤسسات نفسها قادرة على الدفاع عن مصالح العاملين بها. الحرية تعني أن الصحافة قادرة على التأثير على الأطراف المختلفة، ولديها قدرة أكبر على الانتشار، وهو ما يعني تحسين الأوضاع الاقتصادية. لذلك، فإن الحرية في الصحافة هي الأولوية، ولا يعني ذلك إلغاء الخدمات. على العكس، الحرية تدعم الخدمات، لأنه عندما تكون حرًا وقادرًا ومؤثرًا، يمكنك الحصول على خدمات جيدة ومؤثرة. والدليل على ذلك هو أننا خلال العامين الماضيين، وفي الوقت الذي كنا نصدر فيه خطاب الحريات، تمكنا من الحصول على شقق إسكان أفضل وخدمات علاجية محسنة. كما دخلنا في مفاوضات هامة في ملف العلاج، حتى أن عدد تأشيرات الحج زاد من 35 تأشيرة إلى 80 تأشيرة هذا العام. هذه أمثلة صغيرة على قدرتنا على تقديم الخدمات، ولكن في النهاية، ملف الخدمات مهم، لكن الحرية في الصحافة تعني قدرتها على الحركة والتفاوض، وقدرة الصحفي على أن يعيش حياة كريمة.

 

هل أثرت احتجاجات سلم النقابة على وضعها أو تسببت في مشاكل لك؟

 

سلم النقابة هو مساحة حرة ضيقة، وله رمزية مهمة. إذا تعاملنا مع الصحافة على أنها تُضيء لنا مناطق الخطر أو أنها إحدى الأدوات المهمة في الدولة، فلن يكون التواجد على سلم النقابة مشكلة. هذا ما ظهر بوضوح في قضية فلسطين، حيث خرجت أول مظاهرة كبيرة ضد العدوان الإسرائيلي والهمجية على مستشفى المعمداني من سلم النقابة. أغلق نحو 4 آلاف مواطن الشارع، وكان ذلك بموقف حضاري.

 

لكن حدث بعض الخروج عن النص، فجلسنا للتفاوض مع أطراف مختلفة، وكانت هناك استجابة جيدة. على سبيل المثال، عندما تم إلقاء القبض على بعض المتظاهرين، تدخلنا للتفاوض معهم وتم الإفراج عنهم جميعًا.

 

سلم النقابة له رمزية كبيرة، وهي تعكس حيوية النظام ورؤية النظام للحرية. من الطبيعي أن يكون هناك قواعد عمل تنظم التواجد على السلم، وهذا موضوع نقاش داخل الجمعية العمومية. ولكن الأهم هو أن اللجوء إلى السلم يكون عندما يتوجه الناس بصوت يحمل كلمتهم إلى الدولة. لذلك، السلم يُعتبر جسرًا بين الدولة والمواطنين. مصداقية هذا الجسر تعتمد على أن يكون ذا اتجاهين، يحمل مشكلات المواطنين إلى الدولة، ويحمل الحلول أو الردود في الاتجاه المعاكس.

 

اقرأ أيضًا:

 

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

 

الدستورية العليا تنتصر لحرية الصحفيين

 

تباين حول حق الانتساب “للصحفيين الإلكترونيين”

 

سؤال لا يغيب.. محاولة لالتقاط صورة لمحمد حسنين هيكل

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية