سياسة

للمرة الأولى منذ 4 عقود.. تحركات مصرية عسكرية نحو القلب الإفريقي

اللواء سمير فرج: التحرك العسكري المصري له هدف واضح

أستاذ العلاقات الدولية: مصر تدرب الجيش الصومالي في مواجهة إثيوبيا

مساعد وزير الخارجية الأسبق: محاولة جادة لتعزيز العلاقات مع القرن الإفريقي

 

أعلن العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ غريب، المتحدث العسكري، أن الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، تفقد عددًا من وحدات القوات المسلحة المقرر مشاركتها في إحدى مهام الاتحاد الإفريقي.

 

وأكد صقر أن “مشاركة القوات المسلحة المصرية في البعثة الأممية تأتي في إطار دور مصر الريادي على الصعيدين الإقليمي والدولي، ومساهمتها الفاعلة في مواجهة تحديات السلم والأمن الدوليين وإرساء مبادئ السلام والاستقرار”.

 

وطالب صقر العناصر المشاركة بأن يكونوا “نموذجًا يحتذى به في الانضباط والالتزام والعمل بشرف وأمانة”، مشيرًا إلى أنهم “خير سفراء لمصر والقوات المسلحة خارج حدود الوطن”.

 

من جانبهم، توقع خبراء عسكريون أن تكون البعثة العسكرية المصرية ضمن مهام القوات المصرية المشاركة في بعثات الأمم المتحدة، فيما أشار آخرون إلى ارتباطها باتفاقية الدفاع المصرية الصومالية الموقعة في يوليو الماضي.

 

 

انسحاب إثيوبي

 

الدكتور، إبراهيم جلال فضلون، أستاذ العلاقات الدولية قال إن استعداد القوات المصرية للمشاركة في مهمة إفريقية تأتي قبيل انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال بحلول ديسمبر 2024، وهو الموعد المقرر لانتهاء مهمة بعثة الاتحاد الإفريقي.

 

وأضاف فضلون في لقاء مع منصة “MENA“، أن مصر بنهاية الشهر الماضي، وفي تحرك هو الأول من نوعه منذ نحو أربعة عقود، سلمت مساعدات عسكرية للصومال عبر طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة هبطتا في مطار مقديشو.

 

وتابع أنه بعد توقيع “بروتوكول تعاون عسكري” مع مقديشو، عرضت مصر المشاركة في قوات حفظ السلام الجديدة، لتخرج إثيوبيا بتحذيرها، وأنها “تراقب بيقظة التطورات في منطقة القرن الإفريقي التي قد تهدد أمنها القومي”.

 

وأكد أن إثيوبيا عبّرت عن قلقها من تحوّل بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال إلى “بعثة باسم ومهمة جديدتين” تحت مسمى بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال، معتبرة أن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى “المجهول”، مؤكداً في الوقت ذاته أنها تناست تعطيش الشعب المصري عبر سد النهضة.

 

وحول الهدف من البعثة العسكرية المصرية للصومال، قال أستاذ العلاقات الدولية إن هذه الخطوة تستهدف تعزيز العلاقات بين البلدين عبر “تطبيق الاتفاقيات على أرض الواقع”، وهو لتدريب القوات الصومالية والمشاركة في قوات حفظ السلام، في ضوء محددات أبرزها دعم مقديشو في مواجهة الإرهاب والحفاظ على وحدة أراضيها.

 

وتابع أنه يمكن القول بل الجزم بإنها خطوة مصرية إجرائية ولا تستهدف أي تصعيد، رغم تعقيداتها للاستراتيجية الإثيوبية المتوترة علاقاتها مع مصر بشأن سد النهضة الإثيوبي، ومع الصومال بشأن وجودها في ميناءٍ تراه مقديشو يهدد سيادتها.

 

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية أن هناك 3 أهداف لمصر من حضورها العسكري في الصومال، والتي تبدأ من مساعدة الجيش الصومالي، ورفع كفاءته القتالية للتعامل مع عمليات “منظمة الشباب الإرهابية” عبر الخبرات الكبيرة للجيش المصري، وثانياً دعم وحدة الأراضي الصومالية برفع كفاءة قواتها المسلحة، وثالثاً تعزيز مشاركة مقديشو في تأمين قناة السويس من باب المندب.

 

واختتم فضلون حديثه بأن مصر لا تتدخل عسكرياً ولا تلجأ إلى القوة الخشنة، وهذا أسلوبها في التعامل مع الأزمات، وبالتالي، فهذا التعاون الجديد مبنيٌّ على علاقات البلدين وأهمية دعم استقرار مقديشو في ظل تنامي دور إثيوبيا وتركيا وغيرهم من الدول.

 

قناة السويس

 

شهدت قناة السويس خسائر بأرقام قياسية، وصلت إلى 6 مليارات دولار، بسبب هجمات جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن على السفن في مضيق باب المندب، وهو أدى إلى تراجع السفن العابرة لقناة السويس.

 

 

وأرجع الخبير العسكري اللواء سمير فرج إرسال قوات مصرية لمهام إفريقية إلى أنها خطوة تأتي في إطار تأمين المدخل الجنوبي لقناة السويس.

 

وعن الأسباب الأمنية المتعلقة بإرسال قوات مصرية إلى الصومال، قال اللواء سمير فرج، الخبير العسكري الاستراتيجي، إن هذه المهمة التي تستعد لها القوات المصرية تأتي في إطار الدفاع عن الصومال ضمن القوات الأمنية للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية.

 

وأضاف فرج في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” أن هذه القوات لم تذهب من أجل الدفاع عن الصومال، وإنما من أجل تأمين الصومال.

 

وتوقع فرج أن المهمة الأساسية لهذه القوات هي تأمين المدخل الجنوبي لقناة السويس، وتحديداً في مدخل باب المندب، مشيراً إلى الأهمية الاقتصادية لقناة السويس باعتبارها أحد أهم مصادر الدخل القومي.

 

وفيما يتعلق بعلاقة القوات المصرية على أرض الصومال بأزمة سد النهضة، أشار الخبير العسكري إلى أنه لا يوجد علاقة مباشرة في هذا الملف، وإنما لها علاقة غير مباشرة من خلال رحيل القوات الإثيوبية من الصومال لتحل القوات المصرية محل القوات الإثيوبية.

 

وعن اتخاذ مصر خطوات تصعيدية ضد جماعة أنصار الله الحوثيين، أكد فرج أن مصر لن تتخذ مثل هذه الخطوات لأن الحوثيين هدفهم هو الاحتلال الإسرائيلي وليس مصر، رغم خسائر قناة السويس من هجمات الحوثي.

 

الصومال استراتيجيا

 

وتابع الخبير الاستراتيجي حديثه بأن الصومال تمثل لمصر أهمية “جيوسياسية”، إضافة إلى إفشال مساعي إثيوبيا في إنشاء قاعدة عسكرية لها مع “أرض الصومال”، وهو ما يرتبط بالاحتواء السياسي لدول جوار إثيوبيا.

 

وإقليم أرض الصومال هو محمية بريطانية سابقة أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترف به المجتمع الدولي.

ووقع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي مذكرة تفاهم مطلع العام الجاري مع إثيوبيا، ليحق لإثيوبيا بموجب هذه الاتفاقية استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضي الصومال لمدة 50 عاماً.

 

وأعلنت القاهرة ومقديشو رفضهما لهذه الاتفاقية في أكثر من مناسبة، وهو ما استدعى اجتماعاً عربياً طارئاً آنذاك أدان الاتفاق وتضامن مع الموقف الصومالي، الذي اعتبر الاتفاقية باطلة وغير مقبولة.

 

فرج أشار أيضاً إلى أن هذه القوات ستشارك في تدريب الجيش الصومالي، لردع الحركات الإرهابية التي يواجهها الجيش الصومالي هناك واستمرار الأعمال الإرهابية المسلحة ضد مقديشو.

 

 

توسيع العلاقات الإفريقية

 

وشهدت مصر خلال الفترة الأخيرة العديد من الاتفاقيات مع دول القرن الإفريقي، حيث بدأ وزير الخارجية الجديد السفير بدر عبدالعاطي أولى رحلاته الخارجية إلى الصومال وجيبوتي، لافتتاح أول خط طيران مباشر بين الدول الثلاث.

 

وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية أولى اهتماماً بالغاً بملف إفريقيا، وخاصة في ظل أزمة سد النهضة، بعدما تقطعت السبل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد محاولة اغتياله.

 

بيومي اعتبر أيضاً في تصريح لمنصة “MENA“، أن حجم التحديات الحالية التي تواجهها مصر كبير للغاية في ظل التهديدات من البحر الأحمر، واتفاقية إثيوبيا مع “صومال لاند”، وهو ما يحتم على مصر الوقوف لها بالمرصاد.

 

وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن مصر تحقق أكبر قدر من الترابط مع دول القرن الإفريقي لما تمثله من عمق استراتيجي للأمن القومي المصري.

 

اقرأ أيضًا:

 

هل يتدخل الاتحاد الأفريقي في حل أزمة منابع النيل؟

 

أزمة أرض الصومال.. ترقب مصري حتى تنصيب ترامب

 

جهود مصرية لتقنيين أوضاع السودانيين في مصر

 

سعي مصري خليجي.. ما جاذبية الاستثمارات في البحر الأحمر؟

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية