سياسة

محاولة أوكرانية للإيقاع بين مصر وروسيا


أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الثاني عشر من الشهر الحالي، أن الجيش الروسي قصف سفينة بالبحر الأسود محملةً بالغلال خلال توجهها إلى مصر، مرفقةً بصور لحطام السفينة على موقع التواصل “تليجرام”، وسط صمت مصري وروسي.


ولفت السفير محمد عرابي، وزير خارجية مصر الأسبق، إلى أن بعض الأعمال في الحروب من الصعب أن نقول عنها إنها مقصودة بعينها، مضيفًا: “لو افترضنا أن روسيا ضربت هذه السفينة رغم أني لم أسمع عن حدوث ذلك بالفعل، فإن هذه الضربة لن يكون مقصودًا بها مصر بل تمت لكونها خرجت من الموانئ الأوكرانية”.



وأشار أحمد مصطفي، رئيس مركز أسيا للدراسات والترجمة إلى وجود أكثر من سيناريو محتمل لهذا الأمر، منهم أن تكون روسيا بالفعل ضربت هذه السفينة لافتراض الاستخبارات الروسية وجود أسلحة بهذه السفينة وأنها متجهة إلى دولة ما عدوة لروسيا مثلا، لافتًا إلى أنه لا يوجد حتى في وسائل الإعلام الروسية أي خبر حول هذا الشأن.


ونوه مصطفى في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” بأن السيناريو الآخر هو محاولة إشعال الفتنة والإيقاع بين دولتين كبيرتين وحليفتين مثل روسيا ومصر، مؤكدًا أن هذا شيء متوقع وخصوصًا أن الغرب يلجأ دائماً إلى تأجيج الصراع بين روسيا وحلفائها، لأن روسيا استطاعت أن تصنع حلفاء كثر لها على مستوى العالم وتسقط الكثير من الأقنعة والحواجز.


وأوضح أن محاولة الدول الغربية لإشعال الفتنة بين روسيا وحلفائها طبيعية، بعدما زعم فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي مؤخراً أن هناك أكثر من ٣٥ دولة أخرى تريد الانضمام إلى مجموعة بريكس، ما يعد انتصارًا على كل العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، بالإضافة إلى كل النجاحات التي تقوم بها روسيا داخل أفريقيا خصيصًا في غرب أفريقيا والدول الناطقة باللغة الفرنسية.


واستبعد مصطفى في النهاية أن تكون هذه العملية حقيقية، لافتًا إلى أن الانتصارات التي تحققها روسيا، باتت مدعاة للتشويش والتشويه.


وأشار إلى أنه لا يوجد أي رد مصري فعلي على مثل هذه الحادثة المختلقة، وأننا ما نزال نجهل مصداقية هذه الظاهرة وحقيقتها، مضيفًا: “وكوني خبيرًا في الشأن السياسي، لم أجد ولم أسمع عن هذا يحدث حتى في القنوات الروسية أو قنوات المقاومة، لذلك أشك في مصداقية هذا الموضوع وأن السفينة كانت متجهة إلى مصر بالفعل”.




وأوضح مصطفى أن موسكو في شهر يناير الماضي شحنت ما يقدر بـ٤٠٠ ألف طن من القمح الروسي إلى مصر، مكافأةً لدخولها تحالف “بريكس” والذي أصبح “بريكس بلس”، وأن روسيا تعلم تماما حجم التحديات التي تمر بها مصر وحساسية العلاقة؛ لأن مصر تمشي على خيط رفيع جدا بين الشرق متمثل في روسيا والصين وبين الغرب متمثل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.


ونبه رئيس مركز أسيا للدراسات والترجمة إلى أن الطلب يزداد على المواد الغذائية في فصل الشتاء، مشيرًا إلى أن شائعة ضرب سفينة الغلال المصرية لو كانت حقيقية؛ ستؤدي إلى ارتفاع سعر القمح العالمي في بورصة القمح؛ كون روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول المصدرة للقمح عالمياً.



ورأى أحمد إنه للأسف يزال الخبراء الروس والعرب والمراسلون الذين يتحدثون عن هذه الحرب لا يدركون، أن بوتين أيضاً له أصول أوكرانية، ويتعامل مع الدولة الأوكرانية ومع النظام الأوكراني على أنها دولة شقيقة، وأن الشعب الأوكراني جزء أصيل من الشعب الروسي؛ ولهذا يتعامل بشتى أشكال الإنسانية.

وشدد على أن بوتين يرى أن الشعب الأوكراني مغلوب على أمره من النظام غير الشرعي المدعوم من واشنطن ومن لندن، والذي يقول عن نفسه أنه إسرائيل أوروبا، مضيفًا: ” وبالتالي هو يتعامل مع هذا النظام بهذا المنطق وهذا الشكل، فلا يمكن أن نقول إن روسيا تريد أن تجوعهم بدليل أنه كان لنا أصدقاء في الحرب الروسية على الحدود وقالوا إن الجنود الروس كانوا يطعمون المحتاجين الأوكرانيين الذين كانوا على الحدود بين روسيا”.



وقال اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات الأسبق إن هذا تصريحات الرئيس الأوكراني مجرد فرقعة عسكرية قام بها زيلينسكي ليُقَوِد العلاقات بين مصر وروسيا، لافتًا إلى اعتقاده بأن هذه دعاية سوداء بالنسبة لزيلينسكي نظراً لعدم وجود شيء يفعله في ظل الفشل الزريع الذي يلاحقه، فيحاول أن يسوء سمعة روسيا في معظم الدول وخصوصاً مصر، مشيرًا إلى أن الأمر لم يتداول عبر الإعلام.




وقال معصوم مرزوق، السفير والكاتب والسياسي، إنه لا يعتقد أن روسيا استهدفت سفنًا مصرية في الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن سفينة أوكرانية استُهدفت بالفعل ومن الممكن أن تكون قادمة لمصر أو لأي دولة أخرى، لأن مصر لم تصرح بأي شيء عن هذا الأمر.


وأضاف مرزوق في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أنه لو كانت روسيا تريد إحداث وقيعة بين مصر وأوكرانيا فإنها لن تستفيد أي شيء من هذا الأمر لأن موقف مصر حيادي بين الدولتين والأهم هو مصلحتنا الاقتصادية ولا ندعم أوكرانيا في الهجوم على روسيا ولا العكس، لافتًا إلى أن سعر الغلال ارتفع بالفعل لأن جزء كبير من حبوب الغلال يأتي من روسيا و أوكرانيا؛ فكون البحر الأسود الذي كان يعد المنفذ الرئيسي تتم فيه الآن عمليات عسكرية، أصبحت الغلال عرضة لارتفاع كبير في الأسعار في الفترة المقبلة.


اقرأ أيضًا:







مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية