سياسة

مدبولي يوضح نحن لا نبيع الدولة لكن نعظم الأصول



تستخدم الحكومات أداة بيع الأصول كأحد الأدوات المالية لتحقيق أهداف اقتصادية لتحويل الأصول المملوكة للدولة إلى سيولة نقدية، عن طريق البيع أو الخصخصة.

ويتم استخدام هذه الأداة من أجل تقليص الدين العام، وجذب الاستثمار، إضافة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية.


ولعل أبرز الدول التي عملت على بيع جزء من أصولها هي اليونان، بعد اقتراحات من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي للخروج من أزمتها الاقتصادية، كما أن الهند، أحد أكبر الاقتصادات في العالم لجأت إلى خصخصة جزء من شركاتها العامة من أجل جذب المزيد من الاستثمار وتحسين الاقتصاد.


وفي مصر قدمت الحكومة مشروعًا أثار الكثير من الجدل، من أجل إنشاء لجنة تصفية الأصول تتبع وزارة المالية بهدف تحقيق 20 – 25 مليار جنيه سنويًا للخزينة من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة.


وبين مؤيد لمشروع الحكومة يرى أنه الطريق الأمثل للخروج من الأزمة المالية الحالية، اتهمت الحكومة “ببيع الدولة”، ليرد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الغرض هو تعظيم الأصول وليس بيع الدولة.


وتساءل الكاتب الصحفي دندراوي الهواري، عن الفارق، بين أن يقرر مستثمر أجنبي إقامة مصنع على الأراضي المصرية، أو شراء مصنع مقام فعلياً؟.


وتابع الهواري في مقال له حول ادعاء “بيع الدولة”، أن الفارق الوحيد أن البعض يرى أن قدوم المستثمر لإقامة مصنع يعد قيمة مضافة للمصانع القائمة، مشيراً إلى أنه في كلتا الحالتين، سواء قرر شراء مصنع أو أسسه، لا يمكن انتزاع مسماه الحقيقي، وهو “استثمار” وضخ عملات صعبة في البلاد، وفتح أبواب رزق أمام الملايين للعمل.


وأشار الهواري إلى أن فئة من المصريين يتعاملون مع الاقتصاد برومانسية مفرطة، مؤكداً أن عالم المال والأعمال، لا يعترف بلغة العواطف من أي نوع، وأن لغته الوحيدة والرسمية، هي المصالح والمنافع المتبادلة.


وأوضح الكاتب الصحفي أن ما تفعله الحكومة هو إجابة على سؤال تم طرحه خلال السنوات الماضي، وهو “أين الاستثمارات الأجنبية، ولماذا لا تتخارج الدولة وتمنح الفرصة كاملة للقطاع الخاص، للعمل والاستثمار في ظل ما يحصده القطاع العام من خسائر فادحة؟”.


بينما عبر وائل جمال، الباحث الاقتصادي ورئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن استيائه من القرار، في محورين، الأول أن الأصول القابلة للبيع عادة تكون أصولاً رابحة، وبالتالي تحرم عملية بيعها الدولة من الأرباح.


أما الأمر الثاني هو أن حصيلة البيع تدخل خزينة الدولة مرة واحدة فقط نظير صفقة البيع، وبعد ذلك تكون الدولة ملزمة بتوفير سيولة دولارية للمستثمر، لجني أرباحه بالدولار وليس بالعملة المحلية، وهذا يمثل عبئًا إضافيًا.



أعلنت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أنها تستهدف بيع حصص في أربع شركات حكومية أو أكثر بقيمة 3.6 مليار دولار خلال العام المالي 2025/2024، وذلك بحسب ما تعهدت به الحكومة لصندوق النقد الدولي.


وقالت الحكومة في الأوراق المقدمة لقرض صندوق النقد الدولي والتي نشرها “الصندوق” على موقعه الإلكتروني، إن مصر تستهدف بيع أربعة أصول أو أكثر في قطاعي الطاقة والتصنيع بقيمة 3.6 مليار دولار في العام المالي المقبل في شكل تدفقات من النقد الأجنبي”.

وتهدف الحكومة من وراء بيع هذه الأصول إلى خفض الدين العام وزيادة التدفقات الدولارية.


وفتح هذا البيان الكثير من التعليقات حول بيع أصول الدولة المصرية، وهو ما نفاه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء خلال لقائه مع الصحفيين في العاصمة الإدارية الجديدة.


وقال مدبولي: “فكرة استغلال أصول الدولة غير المستغلة لا يعنى أننا نبيعها، مؤكداً أن الحكومة تعمل من خلال شراكة اتفاق مع القطاع الخاص لإعادة تشغيل المصانع أو الهناجر المتوقفة ولا تبيعها”.


وتابع “مدبولي” أن الحكومة تعمل على إعادة عمل الأصل المعطل وغير المنتج وغير المستغل”، مشيراً إلى أن الحكومة حريصة على استغلال الأصول المتوقفة، وإعادة عملها وخلق فرص عمل للمصريين، ليكون منها عائد للدولة، والاستفادة منها وتحقيق كل الأهداف”.


وأكد مدبولي إن الحكومة أعلنت عن سياسة وثيقة ملكية الدولة، وبرنامج طروحات، الذي تم الإعلان عنه للوثيقة التي أصبحت معروفة للجميع وهو ما نعمل عليه الآن.


وقال الخبير مصطفى شفيع، إن برنامج طروحات الشركات يمثل جزءاً من حل الأزمة التي يعانيها الاقتصاد من نقص النقد الأجنبي، ولن يحل الأزمة كما تعول عليه الحكومة بشكل كامل.


وأضاف شفيع، أن بيع حصص من الشركات، ليس الحل العاجل للأزمة الراهنة حيث يتطلب تنفيذه وقتاً من الزمن، لطول مدة المفاوضات التي تستغرقها هذه الصفقات، حول سعرها ونسبة الحصص المخصصة للبيع، لذلك لا يعد هذا البرنامج الأساس الذي يمكن أن تراهن عليه الحكومة لمعالجة أزمة نقص النقد الأجنبي، وسد الفجوة الدولارية.



وطالب صندوق النقد الدولي الحكومة المصرية ببذل جهد أكبر لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة ويشمل هذا تسريع برنامج الطروحات الحكومية.


وقال الدكتور مصطفى يوسف، الباحث في التمويل الدولي والدراسات الاقتصادية، إنه يثمّن بيع الأصول للمستثمرين المصريين سواء في الداخل من قبل رجال الأعمال أو في الخارج، حيث إن أكثر من 11 مليون مصري في الخارج كان يحوّلون أكثر 35 مليار دولار سنويًا.


وأشار الخبير الاقتصادي أنه منذ قيام الجمهورية الجديدة، في 3 يوليو 2013 فإنها تستورد أكثر من 70% من احتياجاتها الغذائية أو السلع الوسيطة، بالإضافة إلى زيادة القروض الخارجية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليارا، كما زادت الديون الداخلية والصادرات غير البترولية.


وأكد يوسف أن قرار بيع الأصول المملوكة للدولة سينعكس بالسلب على المواطن المصري، بسبب غياب مصادر للعملة الأجنبية.

كما توقع الخبير الاقتصادي زيادة التضخم ومعدلات الفقر، مشيراً إلى أن الاقتصاد لن يتحسن إلا بوجود خطة تنمية حقيقية ومواجهة المشاكل.


ويرى أستاذ الاقتصاد السياسي وخبير الاقتصاد الدولي، الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن قرار الحكومة المصرية إبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة هو رسالة موجهة لصندوق النقد الدولي وللمستثمر المصري الذي ارتأت اللجوء إليه كحل وسط في ظل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها.


وأضاف الخبير الاقتصادي، أن الحكومة تريد أن تقول للمستثمر المصري إنها ملتزمة بتطبيق القرارات التي اتخذتها مؤخرا والمتعلقة بالمساواة بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص في الالتزامات والواجبات.



في عام 2014 أجرت مصر تعديلات قانونية تسمح للحكومة ببيع الأصول، ويحظر قانون تنظيم الطعن على عقود الدولة رفع الدعاوى القضائية من أطراف ثالثة ضد العقود التي تبرم مع الدولة.


ويعني هذا أن الأطراف المشاركة في عقود الدولة فقط هي التي يمكنها رفع دعوى قضائية بشأنه ما لم يدان أي من أطراف تلك العقود بجريمة التعدي على المال العام.


ويرى الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني، أن بيع أصول الدولة هو جريمة يحاسب عليها القانون، وتعدياً على حقوق الأجيال القادمة.


وأشار في منشور عبر فيسبوك: “أن الحكومة أعلنت عن توجهها لإنشاء لجنة لتصفية الأصول تتبع وزارة المالية بهدف تحقيق عوائد مالية تتراوح بين 20 و25 مليار جنيه سنويًّا للخزينة العامة للدولة، وذلك من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة”.


وتابع الميرغني: “اسم اللجنة تصفية الأصول، جريمة في حق المال العام وملاك المال العام، ومبلغ 25 مليار جنيه يعني 500 مليون دولار، بينما كانت تصريحات محمد معيط وزير المالية السابق أنه سيتم بيع أصول في حدود 6.5 مليار دولار سنوياً وبيان الحكومة تحدث عن نحو 25 مليار جنيه، ولا نعلم أي الأرقام نصدق؟”.


وأشار إلى أن “الحديث عن بيع الأصول أو تصفيتها بهدف تخفيض ديون أجهزة الموازنة العامة، والأرقام جميعها متضاربة، تحدثوا عن تخصيص 1% من الناتج المحلي الإجمالي وبيع الأصول لتخفيض الدين العام، وهذا العام الناتج 17100 مليار جنيه، إذن ما نسبته 1% تساوي 171 مليار جنيه.


وأوضح الميرغني “أنه إذا كانت الديون المحلية لأجهزة الموازنة العامة في 30/6/2023 من واقع الحساب الختامي بلغت 7119.5 مليار جنيه والديون الخارجية 2545.5 مليار جنيه يعني أننا نتحدث عن 9.6 تريليون جنيه ديون، فكم تمثل الـ 25 مليار جنيه منها؟”.


واختتم الخبير الاقتصادي منشوره بأن موازنة العام الجديد تفيد أن على الحكومة سداد فوائد ديون بقيمة 1834.5 مليار جنيه، وهو ما يعني أن قيمة الـ25 مليار المشار إليها تمثل نحو 1.4% من فوائد الدين، لكنه يضيف 1606.1 مليار أقساط مستحقة على القاهرة؛ بما يعني أن إجمالي الأقساط والفوائد سيمثل نحو 3440.6 مليار جنيه، وعليه فإن قيمة تصفية الأصول المزمعة 25 مليار جنيه سوف تمثل نحو 0.7% من الفوائد وأقساط الدين فقط.



لكن البعض تحدث عن أن هناك أصولاً استراتيجية في مصر سيتم بيعها، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً لمصر.


وهو ما نفاه وزير الاستثمار حسن الخطيب على لسان النائب البرلماني والكاتب الصحفي مصطفى بكري، الذي قال إن وزير الاستثمار، شدد على ضرورة الحفاظ على الأصول الاستراتيجية للدولة والاحتفاظ بها للأجيال المقبلة.


وأضاف بكري في تصريحات متلفزة “إن الدكتور حسن الخطيب وزير الاستثمار، أكد أن هدف الوزارة ليس بيع أصول الدولة؛ بل تعظيم العائد على الاستثمارات من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، أو عبر خصخصة الإدارة”.

ونقل البرلماني، عن الوزير قوله إن جذب الاستثمار الأجنبي يبدأ بتوفير مناخ جاذب للاستثمار المحلي وحل جميع المشاكل التي تواجه المستثمرين المصريين، معتبرًا أن حل مشاكل المستثمر المحلي من شأنه أن يجذب المستثمر الأجنبي.


ولفت إلى إعلان وزير الاستثمار أن “رسالة مصر خلال الفترة السابقة لم تكن جاذبة للاستثمار وكان بها الكثير من الشوائب”.


وشدد بدوره على أهمية وجود سياسة مالية ونقدية واضحة وتوحيد الضرائب في ضريبة موحدة لمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

وطالب بكري بضرورة تطبيق وثيقة ملكية الدولة بشكل كامل وإعادة النظر في دور الدولة في القطاعات الاقتصادية وإتاحة فرصة أكبر للقطاع الخاص.


وكشفت الحكومة عن وثيقة رسمية تؤكد على التزام الحكومة بعدم استخدام الحصيلة الصافية لبيع الأصول في تأسيس شركات تملكها الدولة وأجهزتها أو لزيادة القاعدة الرأسمالية لشركات مملوكة للدولة.


اقرأ أيضًا:







مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية