تعتزم مصر مع مطلع العام المقبل، طرح 10 شركات في البورصة، 4 منها مملوكة للجيش المصري، ومن بينها عدد من البنوك، وذلك ضمن برنامج الطروحات الحكومية للعام المقبل 2025.
وبحسب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فإن هناك بنوكًا ستخضع للاستثمار المباشر، مثل “القاهرة” التابع للبنك المركزي المصري، وكذلك المصرف المتحد والإسكندرية.
ومن الشركات المملوكة للجيش المصري، هناك محطات البنزين “شيل أوت” و”الوطنية”، حيث سيتم الاستثمار فيهما في النصف الثاني من العام المقبل 2025، ضمن برنامج طروحات الحكومة ذاته الذي أعلنه رئيس الوزراء.
كما أن هناك نية لبيع عدد من الشركات الأخرى، منها شركات للأدوية وأخرى للبلاستيك، بالإضافة إلى محطة رياح جبل الزيت، في عملية الاستثمار التي تعكف على تنفيذها مجلس الوزراء.
ينظر المهتمون بموضوع طروحات الأصول المصرية إلى أن هذا العدد من الشركات في طرح واحد قد يعجز عن جذب سيولة كافية في البورصة المصرية. وبذلك، يجب أن تكون عملية الطروحات على فترات متباعدة، وبعدد قليل من الأصول والشركات.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور سمير رؤوف، الباحث الاقتصادي وخبير أسواق المال، إن طرح العشر شركات يأتي بالتوافق مع شروط صندوق النقد الدولي، حيث تقوم الدولة بتخارج الاستثمارات من قطاع الأعمال العام، وتعتبر شركات القوات المسلحة الأربعة غير معلنة الميزانية، ما يستدعي بيعها وفقًا لرؤية صندوق النقد الدولي.
ويضيف رؤوف في تصريحاته الخاصة لمنصة “MENA“: “البورصة تطلب الإعلان عن الميزانيات، وكل ما يخص الشركات يجب أن يكون معلنًا وفقًا للقواعد الاقتصادية العالمية، والتخمين أو التفكير في هوية المستثمر الذي سيشتري أصول الدولة، فهذا يرجع إلى السوق الرئيسي للبورصة، سواء في الكتاب العام أو الخاص، وما يحتويه من شروط للباحثين عن الطروحات الجديدة للدولة. وبالتالي، نحن أمام نوعين من الطرح، ويمكن لأي شخص الدخول فيهما، بما في ذلك المستثمرين الأفراد.”
ويتابع: “مصر عكفت على خطة لطرح عدد من الأصول والشركات المصرية، حيث تم تحديد 36 شركة حتى الآن. السؤال هنا هو: هل البورصة ستستوعب تلك الأصول التي يُخطط لطرحها أم لا؟ وهل السيولة ستستوعبها أم لا؟ وبذلك، من المفترض أن يكون لدى مصر بدائل أخرى للتمويل، دون الاعتماد على الطروحات والاستثمارات، أو أن يكون هناك طرح عام أو خاص للبيع المباشر أو وفقًا للبورصة.”
في وجهة نظر مخالفة، تظهر مزاعم بأن استثمارات الشركات والمؤسسات الحكومية والأصول التابعة للجيش هي قرارات صائبة ومدروسة جيدًا، وتحظى بتأييد من الخبراء الاقتصاديين.
ووفقًا لذلك، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن مصر إذا كانت تعتزم طرح بعض الأصول في البورصة المصرية، فإن هذا العمل يأتي لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات في بعض الشركات القائمة لتحقيق أفضلية وزيادة إنتاجيتها.
ويؤكد الشافعي في تصريحاته الخاصة لمنصة “MENA“: “أن تلك الإجراءات تأتي لتحقيق احتياجات السوق المحلي من منتجات هذه الشركات، وبناء عليه ما تقوم به الإدارة والحكومة المصرية شيء جيد يحسب لها، لأنها تراعي في عين الاعتبار زيادة مساهمة القطاع الخاص وتلبية احتياجات المواطنين من السلع والاحتياجات المتعلقة بالاستثمارات فيها.”
وأشار إلى أن ما قامت به الحكومة واختارته من حلول هي الحلول المتاحة والمعروضة، وهي نفسها التي اتفق عليها الباحثون والخبراء الاقتصاديون، والتي لاقت قبولًا من المؤسسات المصرية والمالية الخاصة بالدولة، مما يدل على صواب وصحة القرار، متوقعًا أن تأتي العوائد والنتائج خلال مدة قصيرة.
ويوضح: “هناك فارق كبير بين الاستثمار وطرح الأصول والشركات في البورصة، لأن هذه البورصة مصرية في الأساس. والعمل هذا في الأساس يهدف إلى زيادة قاعدة مالكي أسهم الشركات والأصول التي يتم طرحها، وبالتالي الدولة تحصل على ما تستحق من أموال هذه الشركات، وفي نفس الوقت تضخ دماء جديدة في هذه الشركات لتحقيق أفضلية اقتصادية في السوق المصرية.”
ويضيف الخبير الاقتصادي في تصريحاته لمنصة “MENA”، أن المزاعم بشأن تشغيل الشركات والاستثمار فيها لأنها خاسرة غير صحيحة، لأن جميعها شركات رابحة، مثل شركة مياه “صافي”، ومحطات البنزين “الوطنية” و”شيل أوت”، بالإضافة إلى أن بنكَي “الإسكندرية” و”القاهرة” يحققان أرباحًا ولا يندرجان تحت مسمى الأصول والشركات الخاسرة.
بين هذا وذاك، قال الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادي ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الإعلان عن استكمال برنامج الطروحات يأتي في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، والإجراءات التي اتخذتها الدولة لزيادة مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية. وبالفعل، حدث تأخر بعض الشيء في الإعلان عن استكمال برنامج الطروحات في الفترة الأخيرة، ولكن هذا كان يرجع إلى عدم استقرار البيئة الاقتصادية أو الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال العامين الماضيين.
وأضاف أبو زيد في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“: “مع الإعلان عن طرح مجموعة من الشركات والبنوك في إطار برنامج الطروحات الحكومية، فهذا يعطي دلالة على استمرار الحكومة في دعمها للقطاع الخاص خلال زيادة مشاركته في التنمية الاقتصادية”، مؤكدًا: “وزيرة التنمية الاقتصادية رانيا المشاط، صرحت بأنه حدث زيادة في نسبة الاستثمارات الخاصة بالقطاع الخاص، بلغت 700 مليار جنيه، وهو ما يعادل 43٪، وهو ما يعطي مؤشرًا على المضي قدمًا في زيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية.”
واستطرد: “هذا له انعكاسات إيجابية على النظرة للبيئة الاقتصادية للاستثمار في مصر، خاصة مع المؤسسات المالية الدولية في الخارج. وبالتأكيد، أن الخطوات التي تتخذها مصر إيجابية، وهذا يأتي ضمن البرنامج الإصلاحي الذي أقرته الحكومة المصرية منذ 2016، وبعد ذلك برنامج صندوق النقد الدولي الذي بلغت قيمته 8 مليار دولار، وهو جزء من الخطة الإصلاحية.”
ويؤكد الخبير الاقتصادي ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية في تصريحاته الخاصة لمنصة “MENA” أن من يعتقد أن ما تقوم به مصر سيسبب مشكلات مستقبلاً هو اعتقاد خاطئ، لأن الإصلاح الاقتصادي الذي اتخذته الحكومة ونفذته مع صندوق النقد الدولي هو برنامج وطني خالص، بناءً على الإمكانيات والشروط التي تمكن الحكومة من تحقيق المتطلبات، وليس فرضًا من صندوق النقد الدولي على الحكومة المصرية.
اقرأ أيضًا:
للمرة الأولى.. الحكومة تعلن طرح شركات للقوات المسلحة بالبورصة
مصر توقع اتفاقية جديدة مع السعودية.. الأهداف والأبعاد الاقتصادية
ما حظوظ “صيادي البردويل” أمام الاستثمار الأجنبي؟
عودة بطرس غالي للمشهد الاقتصادي.. من المستفيد؟