وافق مجلس الوزراء المصري، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قرار رئيس الجمهورية بشأن محضر تشكيل “مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي”، والذي تم توقيعه في 15 أكتوبر 2024.
موافقة مصرية تلتها موافقة من الجانب السعودي، حيث أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” أن مجلس الوزراء السعودي، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وافق على محضر تشكيل المجلس خلال جلسة عقدت في الرياض.
يهدف المجلس الجديد إلى تعزيز التواصل والتعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، ويتولى رئاسته عن الجانب المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومن الجانب السعودي ولي العهد محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء.
يتألف المجلس من مجموعة من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة بالمهام الموكلة إليهم، ويعقد اجتماعات دورية بالتناوب بين البلدين، بالإضافة إلى عقد اجتماعات استثنائية عند الحاجة.
مجلس التنسيق الأعلى سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية السعودية المشتركة.
بدأت أعمال اللجنة العليا المصرية السعودية المشتركة في عام 2010، خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقد شهدت اللجنة عدة اجتماعات بين الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت، ووزير التجارة والصناعة آنذاك، رشيد محمد رشيد، ومن الجانب السعودي وزير التجارة والصناعة عبدالله بن أحمد زينل. وكان أول لقاء بين الجانبين في 5 أكتوبر 2010.
كانت اللجنة تهدف منذ نشأتها إلى دراسة برنامج التعاون في المجال الصناعي بين وزارتي التجارة والصناعة في البلدين، بهدف تعزيز علاقات التعاون والاستفادة من الإمكانات المتوفرة في كلا البلدين لتحقيق تعاون مشترك في هذا المجال، ومناقشة العقبات بين الجانبين والعمل على تذليلها في إطار العلاقات الثنائية.
واستمرت أعمال اللجنة حتى الدورة الـ18، التي جرت في الفترة من 9 إلى 10 أكتوبر من العام الجاري، وشارك فيها ممثلون من وزارات التجارة، والطاقة، والثقافة، والاستثمار، والتعليم، والصحة، والموارد البشرية، والتنمية الاجتماعية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والرياضة، والمالية، والصناعة والثروة المعدنية، والسياحة، والبيئة والمياه والزراعة، والنقل والخدمات اللوجستية، والبلديات والإسكان، والشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والإعلام، والبنك السعودي المركزي، والهيئة العامة للتجارة الخارجية، والهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، والهيئة العامة للغذاء والدواء، والصندوق السعودي للتنمية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، واتحاد الغرف السعودية.
ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة العربية السعودية في النصف الأول من عام 2024 بنسبة 41٪ مقارنةً بالنصف الأول من العام الماضي، الذي سجل ما يقارب الـ6 مليارات دولار، ليصل إلى حوالي 8 مليارات دولار.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغ إجمالي قيمة التبادل التجاري بين مصر والسعودية نحو 6.5 مليار دولار خلال أول 8 أشهر من عام 2024، ارتفاعًا من 4.9 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت 1.6 مليار دولار وبنسبة ارتفاع قدرها 32.7%.
جاء الارتفاع المسجل في التبادل التجاري نتيجة لزيادة كل من الصادرات والواردات بين البلدين. حيث سجلت الصادرات المصرية إلى السعودية نحو 2.2 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، مقابل 1.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي 2023، بارتفاع بلغ 1.5 مليار دولار وبنسبة زيادة قدرها 29.4%.
وقال رجل الأعمال أيمن الجميل إن تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي يُعد قوة دافعة لعلاقات البلدين ويعزز الاقتصاد والاستثمارات المشتركة. وأضاف أن هذه الخطوة تعكس ازدهار العلاقات بين البلدين، خصوصًا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، كما تعكس الجهود المتواصلة لتعزيز التعاون بينهما في شتى المجالات بما يحقق مصالح الشعبين المصري والسعودي وشعوب المنطقة، ويسهم في الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة.
وأوضح الجميل أن التجارة والاستثمارات المتبادلة تلعب دورًا محوريًا في تنمية العلاقات وتعزيز مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن هناك نحو 7500 شركة مصرية تعمل في المملكة العربية السعودية، مما يسهم في توفير 80 ألف فرصة عمل. كما أشار إلى أن السوق المصري مفتوح أمام الاستثمارات السعودية في جميع القطاعات مثل الزراعة والصناعة والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة، والكهرباء وغيرها، مما يعزز فرص النمو والازدهار في المنطقة.
أكد مقدم برنامج “على مسئوليتي” على قناة صدى البلد، أحمد موسى، أن هناك 14 إشكالية “لم يتم تحديدها” في هذه الاتفاقية، مشيرًا إلى أن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، تعهد بحلها قبل نهاية العام الجاري. وأضاف أن الاتفاقية ستضمن حماية الاستثمارات في مصر والسعودية.
وأشار موسى إلى أن الاتفاقية ستسلك المسار القانوني في كل من مصر والسعودية، حيث ستعرض على الحكومة ثم على البرلمان للحصول على الموافقة. وأكد في الوقت نفسه أن الاتفاقية ستكون ذات أولوية لتعرض على البرلمان المصري بشكل عاجل لتطبيقها في غضون الشهرين المقبلين.
كما أكد أن هذه الاتفاقية ستعرض في الجانب السعودي على مجلس الوزراء ثم على مجلس الشورى، وهي الجهة النيابية في المملكة العربية السعودية، وبعد ذلك ستدخل حيز التنفيذ.
ورحب الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي لمجلس التنسيق الأعلى، معتبرًا أن هذه الخطوة ستدفع تقدم التعاون بين مصر والسعودية في مختلف المجالات بإرادة من القيادة السياسية في البلدين.
وأضاف محسب في لقاءٍ مع منصة “MENA“، أن مصر نجحت في إدارة علاقاتها الخارجية رغم التوترات والصراعات الإقليمية، من خلال التركيز على بناء علاقات متوازنة ومستدامة على المستويين الدولي والإقليمي، بما يحقق مصالح الشعب المصري، خاصة في الجانب الاقتصادي.
وأشار إلى أن “المجلس يشكل نواة لتفعيل العلاقات بين البلدين، ويعكس إرادة قوية لتوسيع التعاون في مختلف المجالات والقضايا الإقليمية بين القاهرة والرياض.”
وقال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، إن دول الخليج، وتحديدًا المملكة العربية السعودية، تربطها علاقة مباشرة مع مصر باعتبارها أكبر شريك اقتصادي للدولة المصرية.
وأضاف في لقاءٍ مع منصة “MENA” أن الهدف من إنشاء المجلس هو زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة العربية السعودية، وكذلك تعزيز الاستثمارات التجارية والاقتصادية بين البلدين.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الاقتصاد السعودي بدأ يعتمد بشكل أكبر على أشكال استثمارية متنوعة، مما فتح آفاقًا جديدة للتعاون مع دول بحجم مصر للاستفادة من الطاقات البشرية الهائلة والتسهيلات الاستثمارية.
وتابع أن الاقتصاد السعودي كان يعتمد لسنوات طويلة على السياحة الدينية فقط، المتمثلة في الحج والعمرة، بالإضافة إلى بعض الصناعات البترولية، لكن الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة غيرت هذا المفهوم خلال السنوات الماضية.
وعن العائدات التي سيحققها المجلس للمواطنين في كل من مصر والسعودية، أشار شعيب إلى أن المجلس سيعمل على حل الأزمة التي تعرضت لها مصر نتيجة نقص الدولار، مما أدى إلى خلل في ميزانها التجاري، حيث تستورد مصر بقيمة 90 مليار دولار بينما تصدر بنحو 45 مليار دولار. وأكد أن المجلس سيعمل على توطين الصناعة لزيادة الناتج المحلي في مصر، وبالتالي سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف شعيب أن قطاع السياحة يعد من أهم القطاعات الاستثمارية في مصر، حيث يحقق عائدات تقدر بـ14.4 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الدولة تخطط لدفع عجلة السياحة للوصول إلى 50 مليار دولار.
وأوضح أن هناك العديد من الملفات المشتركة بين مصر والسعودية، خاصة ملف الطاقة، حيث يوجد ربط كهربائي بين البلدين. كما توقع أن يسهم المجلس في خفض معدلات البطالة في مصر، خاصة مع المشاريع التي سيتم ضخها في السوق المصري.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن هذه الاتفاقية تعد بمثابة نواة لفكرة السوق العربية المشتركة، خاصة مع تنامي فكرة التجمعات الإقليمية مثل مجموعة العشرين والبريكس. وشدد على أنه من الأولى أن يكون هناك كيان عربي يجمع الدول للاستفادة المتبادلة بين الدول ذات العجز والدول ذات الفائض، مما يعزز الاستثمارات الاقتصادية.
وفيما يتعلق بالفرق بين مجلس التنسيق الأعلى واللجنة المصرية السعودية المشتركة، أكد شعيب أن مجلس التنسيق أضاف بعدًا سياسيًا إلى البعد الاقتصادي، بعد أن أصبح يرأسه الرئيس عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. كما يضم المجلس أعلى القيادات السياسية في البلدين، بخلاف المجلس السابق الذي كان يقتصر على وزيري التجارة والصناعة في كلا البلدين، مما أضفى صبغة سياسية على الاتفاق.
وتوقع شعيب أن يتم إبرام اتفاقية مشابهة بين مصر والإمارات، خاصة بعد صفقة رأس الحكمة، التي ضخت فيها الإمارات 35 مليار دولار، مما يجعلها الشريك الاقتصادي الأول لمصر.
اقرأ أيضًا:
صفقات الاستثمار الإماراتية في مصر.. من المستفيد؟
هروب كبير لرؤوس الأموال المصرية.. السعودية أبرز الوجهات
للمرة الأولى.. الحكومة تعلن طرح شركات للقوات المسلحة بالبورصة