سياسة

مصير غامض لـ 16 مصريا محتجزا لدى ميليشيات الدعم السريع

تشهد الحدود الجنوبية لمصر أزمة إنسانية جديدة مع تصاعد الأحداث في السودان، حيث يواجه عدد من المواطنين المصريين مصيرًا مجهولًا بسبب احتجازهم من قِبل ميليشيات الدعم السريع.

 

تعود القصة إلى ثلاثة أشهر ماضية، حين اعتقلت ميليشيات الدعم السريع 16 سائقًا مصريًا في مدينة دنقلا الواقعة شمال السودان. هذه المدينة، التي كانت مركزًا تجاريًا نشطًا، باتت اليوم واحدة من النقاط الساخنة في ظل الحرب الأهلية المتفاقمة.

 

في تطور موازٍ، أكدت عائلات سبعة مصريين آخرين أن ذويهم من التجار والعمال محتجزون أيضًا لدى نفس الميليشيات. هذا الوضع يضع مزيدًا من الضغط على الحكومة المصرية للتدخل من أجل إطلاق سراحهم.

 

وأعلنت قوات الدعم السريع، عبر بيان رسمي ألقاه اللواء أبو شتال، أنها قررت حظر تصدير السلع السودانية إلى مصر، مهددة بمهاجمة أي ناقلة برية متجهة إلى الحدود المصرية. هذا الإعلان أثار انتقادات واسعة، خاصة أن الحكومة السودانية نفسها لم تصدر قرارًا مماثلًا.

 

انتهاك واضح للقوانين الدولية

 

يرى مراقبون أن وجود القوات المصرية داخل السودان، في ظل هذه الأزمة الشبيهة بالحرب الأهلية، جاء لدعم استقرار المنطقة وحماية الأمن القومي لكلا البلدين.

 

 

وفي هذا السياق، صرح اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، لمنصة “MENA” قائلاً: “تواجد القوات المصرية في السودان يهدف لتعزيز قدرات الجيش السوداني ودعم استقراره. لكن احتجاز المواطنين المصريين يعد انتهاكًا صريحًا للأعراف والقوانين الدولية”.

 

وأشار رشاد إلى أن الخارجية المصرية لا تزال تندد بهذه الممارسات، وتطالب الدول الداعمة لقوات الدعم السريع بالضغط عليها للإفراج عن المحتجزين.

 

تدخل الجيش السوداني

 

وأضاف اللواء رشاد: “الجيش السوداني لن يدخر جهدًا في تحرير الأسرى المصريين كجزء من عملياته ضد ميليشيات الدعم السريع. هذه الجهود تحتاج إلى تنسيق ودعم دولي لضمان إطلاق سراحهم سريعًا”.

 

الدور الإقليمي والمصالح الدولية

 

وفيما يتعلق بالتدخلات الإقليمية، قال رشاد إن الإمارات العربية المتحدة، التي ترتبط بمصالح استراتيجية مع قوات الدعم السريع، قد تتجنب التدخل المباشر حفاظًا على علاقاتها، لا سيما فيما يتعلق باستغلال الموارد المعدنية في السودان.

وتابع: “رغم ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في الضغط على هذه القوات لإنهاء هذه الانتهاكات الإنسانية”.

 

خيارات مصر

 

وعن احتمالية تدخل مصر لتحرير مواطنيها، أوضح رشاد أن “التدخل العسكري يبقى خيارًا مطروحًا في حال تحديد مواقع الدعم السريع بدقة، لكن هذا سيعتمد بشكل أساسي على تنسيق الجهود مع الجيش السوداني”.

 

أما عن الدعوات التي تطالب بطرد اللاجئين السودانيين من مصر كرد فعل على هذه الأزمة، وصفها رشاد بأنها غير منطقية وغير إنسانية.

وواصل: “اللاجئون السودانيون الذين لجأوا إلى مصر هم ضحايا الظروف الحالية، ولا علاقة لهم بتصرفات قوات الدعم السريع. مصر تحتضنهم انطلاقًا من دورها الإنساني والتاريخي”.

 

في ظل الأزمة المتصاعدة بالسودان، تُثار تساؤلات حول النهج الذي تتبعه مصر للتعامل مع احتجاز مواطنيها من قِبل ميليشيات الدعم السريع. ويؤكد الخبراء أن الحلول الدبلوماسية تبقى الخيار الأمثل، بعيدًا عن ردود الفعل المتسرعة أو التصعيد بالمثل.

 

 

وفي هذا السياق، قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية الأسبق للشؤون الإفريقية، إن مصر تضع سلامة مواطنيها داخل وخارج البلاد على رأس أولوياتها، وتبذل كل الجهود الممكنة للحفاظ عليهم. وأوضح في تصريح خاص لمنصة “MENA” أن: “الدولة المصرية تتحرك بدقة شديدة من خلال الأجهزة الأمنية والخارجية، التي تصدر البيانات اللازمة وتنسق مع الأطراف الدولية المعنية لحل أي أزمة تخص المصريين بالخارج”.

 

وأضاف الحفني أن هناك نظامًا دقيقًا تعمل به مصر لجمع المعلومات والتصرف بناءً عليها، داعيًا إلى الثقة في الإجراءات التي تقوم بها الدولة.

وأشار إلى أن منصات التواصل الاجتماعي، التي تروج لمعلومات غير موثقة حول الأزمة، لا يجب أن تكون مصدرًا للاعتماد، حيث قال: “هذه المنصات قد تنقل روايات مغلوطة من أفراد مجهولين، وبعضها قد يكون صادقًا أو كاذبًا، لذا يجب الحذر منها”.

 

المصريون السبعة المحتجزين لدى قوات الدعم السريع

 

 

مصر تحتضن الجميع

 

وأوضح السفير أن مصر منذ آلاف السنين كانت ملجأ لكل اللاجئين، حيث احتضنت السوريين بعد أزمتهم، واللبنانيين إثر أزمتهم الاقتصادية، بالإضافة إلى الفلسطينيين منذ نكبتهم، وأخيرًا السودانيين الهاربين من الصراع الداخلي.

 

وشدد الحفني على أن الدعوات التي تطالب بطرد اللاجئين السودانيين من مصر كرد فعل على احتجاز المصريين، غير لائقة ولا تعبر عن المبادئ الإنسانية التي تتمسك بها الدولة المصرية. وقال: “السودانيون ضيوف في مصر، وما يُثار عن طردهم أو التضييق عليهم لا يتفق مع قيمنا ولا مع الدور المصري التاريخي”.

 

 

 

في جانب آخر من الأزمة، يعبر السودانيون أنفسهم عن استنكارهم لاحتجاز المصريين أو غيرهم من قبل ميليشيات الدعم السريع. ويصف بشير يونس، المختص بالشأن السوداني وقضايا اللاجئين، هذا التصرف بـ”غير الأخلاقي”.

 

وقال يونس في تصريحات خاصة لـ”MENA“: “من المؤسف أن تُقحم ميليشيات الدعم السريع مواطني دولة شقيقة كمصر في صراع داخلي ليس لهم فيه أي دور”.

 

وأضاف أن حل هذه الأزمة يتطلب تدخلًا دوليًا وإقليميًا، مقترحًا أن تلجأ القوات المسلحة المصرية إلى وسطاء من دول أخرى للتأثير على الميليشيات. وتابع: “قد يكون التواصل غير الرسمي مع بعض المستشارين التابعين للدعم السريع، عبر وسطاء، حلاً مناسبًا لضمان الإفراج عن الرهائن”.

 

وأكد يونس أن السودان حكومة وشعبًا لا يرضى بهذه التصرفات، مشددًا على أن تصرفات الميليشيات لا تمثل إرادة السودانيين، الذين يقدرون العلاقة التاريخية مع مصر ويدركون أهمية الحفاظ على سلامة المواطنين المصريين.

 

اقرأ أيضًا:

 

خبراء: “حميدتي” لا يملك قراره.. والتجار سيدفعون ثمن حماقته بالركود

 

اتهامات حمدتي لمصر وإيران.. حقيقة أم مناورات سياسية؟

 

الحرب السودانية تكبد الاقتصاد المصري خسائر بالمليارات

 

أزمة أرض الصومال.. ترقب مصري حتى تنصيب ترامب

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية