الشارع المصري
نادية شحاتة
“منع فيلم الملحد” يُشعل أزمة بين المخرج والمنتج
“الفكر لا يواجه بالمنع” بهذه العبارة فجر المخرج المصري محمد العدل أزمة تأجيل فيلم “الملحد” الذي كان من المقرر عرضه في 14 أغسطس الجاري، لكنه منع من العرض بصورة مفاجئة وسط تضارب في التصريحات بين منتج الفيلم أحمد السبكي والمخرج محمد العدل.
بدأت الأزمة مطلع الشهر الحالي بعد طرح المنتج أحمد السبكي الإعلان الترويجي للفيلم، الذي قوبل بهجمة شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهمه الكثيرون بالإساءة إلى الدين الإسلامي والمتدينين.
ويصور الفيلم قصة الطبيب يحيى الذي نشأ في أسرة سلفية متشددة، حيث ينتمي والده إلى جماعات تطبق الشريعة الإسلامية بالقوة.
يرفض يحيى هذا النمط من الحياة ويعلن إلحاده، مما يؤدي إلى صراع محتدم بينه وبين والده، الذي يدعو على المنبر إلى استتابة الملحدين وقتلهم إذا لم يعودوا عن إلحادهم.
ورغم تأكيد السبكي، في أكثر من مناسبة، على أنه مسلم ولا يرضى بالإساءة للدين الإسلامي، إلا أن تصريحاته لم تهدئ من روع الجمهور الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين استمروا في مهاجمة الفيلم بضراوة.
وقبل يومين فقط من موعد العرض، فجر المخرج محمد العدل الأزمة بإعلان أن الفيلم منع من العرض.
ألمح العدل إلى الأزمة عبر حسابه على “فيسبوك” بقوله: “الفكر يواجه بالفكر مش بالمنع والحكم للناس!”، ثم أفصح عن تأجيل العرض واعتذر لأصدقائه الذين دعاهم لحضور الفيلم، موضحًا أنه لا يعرف سبب عدم عرضه في موعده، وأن الإجابة لدى الرقيب.
نشر العدل صورة من تصريح الرقابة الذي أشار إلى أن “الفيلم لا يشوه الدين الإسلامي قط بل يكشف الحجاب عن بعض الذين يفسرون الإسلام على أهوائهم”.
الفن أقوى من المنع والموت
لم يصمت مؤلف الفيلم إبراهيم عيسى، حيث كتب عدة تدوينات على “X” (تويتر سابقًا)، قائلاً: “ماذا فعل العظيم نجيب محفوظ حين منعوا روايته أولاد حارتنا؟ كتب رواية جديدة. ماذا فعل العظيم عبدالرحمن الشرقاوي حين منعوا عرض مسرحيته الحسين ثائراً؟ كتب مسرحية جديدة، واستمرت أولاد حارتنا والحسين ثائراً تقرآهما الأجيال وتخلد في الوجدان والعقل. الفن أقوى من المنع ومن الرصاص بل ومن الموت، يموت المفكر وتخلد الفكرة، يموت الفنان ويخلد فنه”.
كما نشر عيسى صورة من مواد الدستور 65 و67 المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، معلقاً عليها: “الملحد ليس مجرد فيلم سينمائي بل هو الدولة المدنية الحديثة التي ندافع عنها ونحترم دستورها”.
تضارب بين المنتج والمخرج
أكد السبكي أن الفيلم لم يمنع، وأن قرار التأجيل جاء فقط لاستكمال بعض أعمال المونتاج والمكساج.
نفى العدل هذا الادعاء، مؤكداً أن الفيلم كان جاهزاً للعرض في موعده. وحتى كتابة هذه السطور، لم تطرح أي إعلانات جديدة حول موعد العرض الجديد.
المنع بأمر شفهي
دفع هذا التضارب في التصريحات بعض مستخدمي السوشيال ميديا إلى التكهن بأن التأجيل ليس سوى حيلة إعلانية تهدف إلى جذب الأنظار وزيادة الإقبال على الفيلم.
ونفى الناقد الفني طارق الشناوي، ذلك في تصريحات إعلامية، مرجحاً أن الحملة ضد الفيلم أدت إلى تدخل مسؤول كبير – لم يذكر اسمه – طالب المنتج أحمد السبكي شفهيًا بعدم عرض الفيلم، دون إصدار قرار رسمي.
وأضاف الشناوي أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تتحكم في الساحة الفنية والمسؤولين على حد سواء، لكنه توقع أن تنتهي الأزمة خلال أسبوع.
الملحد وتاريخ من الأزمات
ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها فيلم “الملحد” لأزمات. بدأ مشروع الفيلم منذ 2018، لكنه تعطل بسبب دعوى قضائية أقامها المخرج نادر جلال بسبب فيلم آخر يحمل نفس الاسم في 2014. لم يحقق الفيلم نجاحاً يُذكر، رغم استغلاله للوضع السياسي المعادي للجماعات الإسلامية حينها، مما دفع المخرج والمنتج لتغيير الاسم إلى “يحيى”، قبل أن يصلوا إلى تسوية تُعيد الاسم إلى “الملحد” مرة أخرى.
ومع بدء تصوير الفيلم، تعطلت العملية مرة أخرى بسبب أزمة أثارها المؤلف عيسى بتصريحاته حول حادثة الإسراء والمعراج، ما دفع الممثل الراحل مصطفى درويش للانسحاب من الفيلم بعد أربعة أيام من التصوير.
واعتبر درويش تصريحات عيسى هجوماً على الإسلام، رغم تأكيده أن الفيلم نفسه لا يشجع على الإلحاد ولا يسيء للدين الإسلامي.
ويرجح الناقد الفني مصطفى الكيلاني أن الفيلم يدفع ثمن مواقف مؤلفه إبراهيم عيسى وتصريحاته الذي يعتبرها الإسلاميون معادية للدين؛ رغم كونها لا تخرج في الأغلب عن محاولات تنقيح التراث، والوقوف ضد أوضاع اجتماعية منسوبة للدين، وكذلك مشاركته في مؤسسة “تكوين”.
ويشير الكيلاني في تصريحات لمنصة “MENA” إلى أن أعمال المؤلف لاقت الكثير من الجدل بداية من فيلم “مولانا” و”الضيف” و”صاحب المقام” ومسلسلات “فاتن أمل حربي” و”حضرة العمدة” الذين ناقشوا أوضاع اجتماعية يقف وراءها في الاغلب رجال الدين، والتفسير الخاطئ للنصوص الدينية أو استخدام أحاديث موضوعة يرفعها البعض فوق القرآن نفسه.
ويستبعد الكيلاني أن تكون أزمة الفيلم مجرد حيلة إعلانية، مشيراً إلى أن التأجيل سيؤدي إلى خسارة نسبة من شاشات العرض، وأن الفيلم لم يمنع قانونياً، إذ حصل على التصاريح والموافقات اللازمة.
يؤكد الكيلاني أن ما حدث هو مجرد تأجيل بسبب الحملة التي شنت ضد الفيلم قبل حتى مشاهدته.
يذكر أن المحامي المصري أيمن محفوظ تقدم قبل 48 ساعة من العرض الخاص للفيلم، بإنذار لوزير الثقافة لتغيير اسم الفيلم باعتبار أن تعريف اسم الفيلم بـ ال يدل على مساواة فكرة الإلحاد بالتدين، وأنها فكرة جديرة بالمناقشة.
اقرأ أيضًا:
إدمان القمار الإلكتروني والجريمة
وزير الأوقاف الجديد وتحدي تجديد الخطاب الديني
الفرق الغنائية المصرية بين الماضي والحاضر
حفلات التخرج الجامعية.. ونائبة برلمانية تطالب بوضع حد للتجاوزات
عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،
بسنت عادل
“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى
محمود فهمي
عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين
حيدر قنديل
جميع الحقوق محفوظه ©2024