تفاجأ العالم قبل أيام معدودة، بمقطع فيديو مدته تقارب الـ10 دقائق، نشره حزب الله اللبناني، عبر منصات التواصل الاجتماعي، فيه تصوير جوي واضح، ومسح لمناطق عسكرية بشمال اسرائيل وميناء حيفا.
يمثل ذلك الفيديو، مهارات عسكرية بالغة من حزب الله اللبناني، لخلقه لطائرة بدون طيار، على هيئة طائر الهدهد، لتصوير ورصد قواعد هامة لإسرائيل.
وجرت تلك العملية، التي جاءت لمسح القواعد في إسرائيل، دون التمكن الإسرائيلي، من رصدها أو السيطرة عليها، مما يمثل ويفصح عن القوة الفائقة عند حزب الله، في عملية المسح الجوي داخل الأجواء الإسرائيلية.
امتنان السياسيون
أظهر عدد كبير من السياسيين، والمتابعين لعملية طوفان الأقصى، سعادة وامتنان بالغين، من عملية الرصد الجوي لمنطقة شمال إسرائيل وحيفا، بعد أن جرى السيطرة على رفح الفلسطينية، ومحور فيلاديلفيا.
وفي ذلك الإطار، أبدى أحمد دومة، الناشط السياسي والشاعر، امتنانه لعملية الرصد الجوي لقواعد إسرائيل العسكرية.
حيث قال دومة، عبر منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك: والله طبطب على قلبي الهدهد، الله يديم رعب الشمال، ويجعل النصر قريب.
فيما قال مدون آخر، إن المسألة لم تكن في الهدهد، بل في صاحبه الذي كان يكتب ويقول ويفعل “بسم الله”، قيمة الهدهد أن طوّعه سليمان ليكون جنديًّا من جنود التوحيد، يسافر ويستطلع في سبيل الله، ويجلب خبايا أهل الشرك والطواغيت ليكون عمله فاتحة هدم عروشهم.
ويضيف المدون عبر منشور على فيسبوك، “وهدهدنا كذلك قيمته ليست في تقنيّته وتطوّرها ولا قدرته، على الاختراق والتصوير، قيمته في أنّ اليد التي صنعت والتي أطلقت وجمعت، لم ترد إلّا أن يُعبد الله وحده في الأرض، وأن ترغم أنوف المستكبرين الظالمين”.
الهدهد اظهر الضعف الإسرائيلي
بالنظر إلى ما قام به المسير التابع لحزب الله، الذي جُسم على هيئة طائر الهدهد، يظهر ضعف عسكري، واختراق شديد الخطورة والقوة تجاه الجيش والنظام الإسرائيلي.
وفي هذا الشأن، يقول الكاتب عمار علي حسن، الباحث في علم الاجتماع السياسي، إن هدهد حزب الله، هو أحد مظاهر ضعف القدرات العسكرية الإسرائيلية، يُضاف إلى ما رأيناه في الشهور الأخيرة، من توعك تام في غزة، وفشل استخباراتي على مستوى واسع، وتفكك وارتجال في بنية ذلك الجيش، وضعف في القيادة.
ويضيف حسن، لمنصة “MENA“: وكذلك القدرة على الصد والرد، وبذلك فإن إسرائيل التي كانت تتحدث عن امتلاكها لرادارات لاقطه، تمكنها من اكتشاف أي ذبابة، بخلاف القبة الحديدية التي يدعي أنها تقدر على تعقب أي معادية، رأينا وقت إطلاق النار على إسرائيل من إيران لم تستطع الرد بل كانت بمساعدة ٦ دول أخرى، ومع ذلك، وصلت بعض الصواريخ، واصابت الأهداف رغم أنها ليست الصواريخ فائقة القوة التي تملكها إيران.
ويتابع الباحث في علم الاجتماع السياسي: “الآن هدهد حزب الله، يكشف جانب آخر من ضعف الدفاع الجوي، وكذلك الرادارات والمعلومات عند الجيش الإسرائيلي، وهذا أهم ما أوضحه، بجانب أن حزب الله لديه قدرات عسكرية لا يستهان بها، ويعمل بشكل علمي منضبط ومنظم، ويقوم بالأساس على جمع المعلومات الدقيقة عن العدو، التي يمكن أن يصور ناحية إذا قامت الحرب، فضلاً عن الحرب النفسية التي تمارسها ضد الخصم الإسرائيلي”.
كل الاحتمالات واردة
بعد أن وجه حزب الله، ذلك المسير لمسح شمال إسرائيل وبعض القواعد العسكرية، ظهرت اختلافات للمحليين العسكريين والخبراء، في الآراء والتصورات، عن رد فعل إسرائيل، تجاه ما يعرف عسكريًا باختراق السيادة.
ليكشف عمار علي حسن، خلال التصريحات الخاصة لمنصة “MENA“، إن كل الاحتمالات واردة، وحزب الله بعد أن عرض كل تلك المعلومات، هو يريد أن يمارس ردعًا يمنع إسرائيل، ونتنياهو يريد أن يهرب إلى الأمام بعد أن فشل في غزة.
ويؤكد الكاتب والباحث في علم الاجتماع، إنه لا أفق لجيش نتنياهو في القطاع، وفي الوقت ذاته الألم القوي الذي يتعرض له، وضربات حزب الله التي تمثل المساندة لعزة، ومن ثم وارد أن تشتعل الحرب، وما الهدهد إلا محاولة لتجنب هذا الخيار من خلال الردع.
أكذوبة الجيش الذي لا يُقهر
أظهر حِراك حزب الله، العسكري والتكنولوجي أمرًا غاية في الأهمية، وهو كذب مقولة الجيش الذي لا يقهر، خصوصًا بعد اختراق المجال الجوي الإسرائيلي، دون معرفة جيش الاحتلال، وكذلك دون رصد عملية مسح منطقة ميناء حيفا.
وبهذا الصدد، يقول النائب طلعت خليل، عضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين، إن المقاومة التي بدأت في السابع من أكتوبر، جعلت مما لا شك فيه إن نظرية الجيش الذي لا يقهر أمر غير صحيح بالمرة، والمساندة التي تأتي من حزب الله، أو جماعات الحوثي اليمنية، هي اهداف مشروعة للمقاومة في غزة، وبالتالي أي إجراء تتخذه المقاومة أمام ذلك العدو المتكبر والمتغطرس الذي يقتل الاطفال والنساء، نشجعه ونحييه.
ويضيف خليل، خلال تصريحات خاصة لمنصة “MENA“: كل التحية لحزب الله، لما قام به من عمليات عسكرية وتكنولوجية داخل الأجواء الاسرائيلية، وهذا أمر جيد جدًا، ويأتي في إطار المقاومة المشروعة للمنطقة العربية، لأنها ليست معركة فلسطين بل هذا صراع عربي إسرائيلي، وكل من يتداخل في ذلك الصراع العربي الإسرائيلي فله كل التقدير والاحترام.
ويتابع: أيًا كانت أبعاد مسح شمال إسرائيل من خلال هدهد حزب الله، فإن الخاسر بشكلٍ خاص هي إسرائيل وامريكا حتى لو اشتعلت المنطقة، فأمريكا لها مواقع عسكرية بالخليج أكمله هي في مرمى نيران الحوثيين، وهو أمر معروف سواء بالخليج أو سوريا لذلك يخشون التوسع في رقعة الحرب.
السؤال ما زال موجودًا
لتبقى الاسئلة كما هي، هل ستدرك إسرائيل كونها ضعيفة ويسهل التمكن منها، واختراق قواعدها، وهو ما يلزمها إنهاء العدوان الغاشم على غزة، وسحب قواتها من رفح الفلسطينية ومحور فيلاديلفيا، “صلاح الدين” في مسماه القديم.
أم يزداد الطين بللًا، ويدفع نتنياهو بقوات الاحتلال بشكلٍ موسع لخلق مساحة أكبر من التدمير، وهو الأمر الذي يزيد التوترات وعدم السلام في المنطقة، واتساع رقعة الحرب، دون خشية للقرارات الدولية، ومجلس الأمن الذي جرى اللجوء له مسبقًا، بواسطة بضعة دول على رأسهم، جنوب افريقيا إحتجاجًا على الإبادة العرقية في غزة.