سياسة
حيدر قنديل
هشام قاسم في حوار خاص لـ منصة “MENA”: لا أعامل الحوار الوطني بجدية.. وكاميلا هاريس الأقرب للفوز بالانتخابات الأمريكية
في ظل تطورات سياسية واقتصادية متسارعة، يبرز هشام قاسم كصوت بارز ينتقد الوضع الراهن في مصر.
بعد تعرضه للحبس بسبب معارضته للنظام الحاكم ومنعه من المشاركة في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، يواصل قاسم تسليط الضوء على الأزمات التي تواجه البلاد.
في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، يحدد قاسم النقاط الرئيسة التي تعيق تقدم مصر، بدءًا من التدهور الاقتصادي والتحديات العسكرية وصولاً إلى نقده للسياسات الحالية مثل إغلاق المحلات عند الساعة العاشرة مساءً.
كما يتناول قاسم مستقبل الحوار الوطني وتوقعاته بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بالإضافة إلى تقييمه لاتفاقيات السلام وأثرها على مصر.
في هذا السياق، يطرح قاسم رؤيته حول كيفية تجاوز الأزمات وبناء نظام سياسي واقتصادي جديد، مما يعكس تحليلاً عميقاً للوضع الداخلي والخارجي في مصر والمنطقة.
هل تحققت أي إنجازات بعد مرور 72 عامًا على يوليو 1952؟
نحن لسنا بحاجة إلى مرور 72 سنة، لأن الإجابة كانت واضحة بعد مرور 15 سنة فقط، في تلك الفترة، بدأ تدمير اقتصاد رائد وحقيقي ومن أهم الاقتصادات في المنطقة، بالإضافة إلى ثلاث هزائم عسكرية، وضياع القدس بعد الهزيمة الثالثة، وهذه حقيقة يتجاوزها الناس.
لكن عبد الناصر قام بتصفية كل زملائه تقريبًا ما عدا السادات وحسين الشافعي، وتخلص من عبد الحكيم عامر وحمله المسؤولية.
منذ ذلك الحين، ما يحدث في مصر هو محاولة تجاوز ما حدث خلال هذه الـ15 عامًا، ولكن بشرط وحيد وهو استمرار النظام كما هو عليه.
لذلك، هذه الـ72 سنة لا يمكن وصفها بالوقت الضائع، بل هي استمرار لحالة من الشلل وتحجيم مصر ومنعها من الوصول إلى حجمها الحقيقي الذي كان من المفترض أن تكون عليه.
ما تعليقك على الوضع الاقتصادي الراهن في مصر؟
أعتقد أنه في عام 2011 عندما حدثت حالة التمرد الشعبي، كان الاقتصاد المصري قد وصل إلى نهايته في ظل الحكم.
فقد كان الناتج القومي تريليون وثلاثمائة مليار جنيه، بينما كان من المفترض أن يكون الحد الأدنى 7 تريليون.
حدث التمرد الشعبي، وكان من المفترض بعده أن نبدأ بتحرير الاقتصاد ونعود كما كنا قبل مسيرة تخريب الاقتصاد التي بدأت عام 1952، واشتدت عام 1961 عندما بدأت حركة التأميمات.
وكان من المفترض أن يكون هناك مساحة أكبر للقطاع الخاص، فتدخل النظام الحالي بالحلول الاقتصادية الخاصة به وهي الاقتراض ورفع الإنفاق العام وقصره على الطبقة السياسية التي تدين له بالولاء.
وانتهى الأمر بإقامة مشاريع بدون جدوى اقتصادية وبدون دراسات كافية، وبتكاليف مضاعفة نتيجة الفساد وانعدام الرقابة. أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة يمكننا القول فيها إنها مسألة وقت قبل حدوث تصدعات في الاقتصاد تؤدي إلى نهاية الحكم.
ما هي الحلول للخروج من الأزمات الاقتصادية في مصر؟
بالتأكيد هناك حلول للخروج من الأزمات الاقتصادية، لكن الحل الأساسي يكمن في تغيير السياسات الحالية، لأنه يفرض هيكلًا معينًا على الاقتصاد يكون الغرض الأساسي منه هو استمرار فئات ما؛ ولكن إذا بدأت إدارة هذا البلد على أساس التنافس وحسن الإدارة، فإن هذا يعني التحول للأفضل.
وطبعًا التفاصيل فيما سيحدث من تحرير للاقتصاد ستطول، ولكن الأساس هو إنهاء الهيكل الذي فرض على الاقتصاد.
ما تعليقك على حملة تخفيف الأحمال وإغلاق المحلات عند الساعة 10 مساءً؟
إن لفظ “تخفيف الأحمال” هو تعبير مهذب٬ وهذا التخفيف يحدث عندما تكون الدولة غير قادرة على توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمواصلات.
نأمل أن يكون هذا وضعًا مؤقتًا وأن تجد الدولة حلاً له، وليس أن يسير الأمر عكس الاتجاه وتتفاقم الأزمة في مرافق أخرى.
أما بالنسبة لقرار إغلاق المحلات، فهو قرار يحتاج لمعالجة مشكلة انقطاع الكهرباء بإجراءات قد تؤدي إلى زيادة السخط من المواطنين أو أصحاب المحلات ليس حلاً فعالاً.
هناك طرق أخرى لتخفيف الأحمال، مثل منع الهدر في المجتمعات الجديدة، وخصوصًا العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تُستهلك الإضاءة طوال كبير، من غير المنطقي ترك هذا الهدر وتقطيع الكهرباء في المدن التي تشهد نشاطًا وعمرانًا.
ما رأيك في تعامل الحكومة المصرية مع الحرب في غزة؟
فيما يتعلق بتعامل الحكومة المصرية مع حرب غزة، هناك مشكلة في التعليق، لأن معظم المعلومات التي نحصل عليها عن الوضع تأتي من الإعلام الدولي والإقليمي والإسرائيلي.
لم أجد حتى الآن مصادر كافية يمكنها شرح الطرح المصري أو وجهة النظر المصرية بوضوح.
دائمًا ما نجد نفيًا لما يُنشر دوليًا، وبيانات صماء خالية من التفاصيل وغير واضحة.
لذا، يفضل عدم التعليق حتى تنتهي الأزمة ويكون لدينا مزيد من المعلومات لتكوين رؤية أوضح لما يحدث.
ما رأيك في قرار تصفية بعض الشركات بما في ذلك شركة المعادن التي تُعد أكبر شركة في الشرق الأوسط؟
قرار تصفية الشركات تأخر عدة سنوات، الأصل أن معظم تلك الشركات تأسست كشركات قطاع خاص ثم تأُممت.
بعض الشركات، مثل شركة المعادن، تأسست في الستينيات ودخلت الدولة كلاعب اقتصادي، وحققت بعض النجاح بسبب احتكارها للسوق، إما بمنع منافسيها محليًا أو منع استيراد السلع التي تنتجها.
هذا أضعف قدرات تلك الشركات وجعلها عاجزة عن تطوير نفسها وفقًا لقانون المنافسة الذي كان الأساس في تطوير الشركات سواء من القطاع الخاص أو دوليًا.
احتكار التصنيع من قبل الدولة يعد نموذجًا انتهى منذ ثلاثين عامًا أو أكثر، بالإضافة إلى أن إدارتها كانت دائمًا مع أهل الثقة، مما أضعف الإدارة والهيكل الإداري.
أغلب الشركات التي تم بيعها شهدت تحسنًا في الكفاءة الإدارية وبدأت تحقق أرباحًا وتستطيع المنافسة.
إنه قرار اقتصادي سليم، لكن الدولة ما زالت تحاول إيقاف السوق الحر والمنافسة لتستمر في التحكم في الاقتصاد، وبالتالي تؤخر اتخاذ القرار.
ماذا يحدث إذا شنت إسرائيل هجومًا على لبنان وما هو حال المنطقة بعد ذلك؟
المشكلة هنا هي أننا نملك معلومات كبيرة عن طرف واحد، وهو دولة إسرائيل، بما في ذلك قوتها العسكرية وقدرتها، والوضع السياسي فيها وتأثير ذلك على مجريات الحرب وما بعدها، حتى مع وجود رئيس وزراء مثل بنيامين نتنياهو، الذي يُعد الأطول مدة في منصب رئيس الوزراء وهو سياسي داهية بالرغم من معارضيه ووجود اتهامات جنائية ضده، إلا أنه لا يزال قادرًا على الاستمرار في الحكم.
الوضع واضح هنا، على سبيل المثال، هناك وثيقة إسرائيلية سربت للإعلام أو تم تداولها تتحدث عن أنه في حالة اندلاع حرب مع حزب الله، من المحتمل أن ينقطع التيار الكهربائي لمدة ثلاثة أيام في بعض المدن، وقد لا تتمكن حوالي 40% من القوى العاملة من العمل طوال مدة الحرب.
كما قد تواجه إسرائيل هجومًا غير مسبوق بمئات الصواريخ التي تحمل رؤوسًا تتراوح حمولتها بين 50 كجم إلى عشرة أضعاف ذلك.
أما الطرف الآخر، فلا يوجد سوى تهديدات ووعود وحديث عن جرائم إسرائيل.
من الصعب تقديم تقدير عسكري لشكل الرد أو تقدير سياسي لتداعيات المواجهة، وتحديد ما إذا كان الوضع السياسي سيتغير في لبنان وإيران.
كل هذه مجرد تخمينات ولن تتضح الصورة إلا في حالة حدوث مواجهة حقيقية.
كيف ترى الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
هذا الأمر معقد ويطول الحديث فيه، لكن في تقديري أن كامالا هاريس ستفوز. بعد أن كانت الانتخابات تغلب عليها طابع الموات بين رئيس تثار الشكوك حول قدرته على العمل لفترة أخرى بسبب وضعه الذهني والصحي، والرئيس السابق ترامب بكل المشكلات التي ارتكبها، أصبحت كامالا هاريس دماء جديدة ضخت في المعركة الانتخابية. أعتقد أن فرصها كبيرة ولها الأولوية للفوز في الانتخابات الأمريكية.
ما تعليقك على احتلال إسرائيل لمحور صلاح الدين؟
هذا يعد خرقًا واضحًا للمعاهدة، ونحن ما زلنا في انتظار رد الفعل المصري ولا نعلم كيف سيتم التعامل مع هذا الاختراق.
لا أعتقد أن هذه المسألة ستتطور لمواجهة عسكرية، فإسرائيل تدعي قيامها بذلك بسبب وجود أنفاق، ولم نستطع التأكد من وجود تلك الأنفاق حتى الآن.
لكن تظل المسألة قيد الانتظار، ولا ندري كيف سيتم تسوية هذه المسألة، فهل ستستمر إسرائيل في هذا الخرق مدة طويلة أم ستنهي وجودها العسكري في هذا المعبر في القريب العاجل؟
هل استفادت مصر من معاهدة كامب ديفيد؟
بالتأكيد استفادت مصر. كانت الحرب التي تسبب فيها جمال عبد الناصر عندما طرد المراقبين الدوليين أو قوات حفظ السلام في سيناء وأغلق مضيق تيران، ورطة، وكان لابد من أن يكون مستعدًا للحرب بدلاً من إعلان الحرب وهو غير جاهز. وبالتالي، تم احتلال سيناء وضياع القدس للأبد تقريبًا.
من الصعب العودة إلى حدود 4 يونيو 1967. وفي حرب 1973، تم تحرير حوالي 4500 كم من أصل 60 ألف كم من مساحة سيناء، وتم تحرير الباقي من خلال اتفاقية كامب ديفيد وصولاً إلى طابا التي تم تحريرها عبر التحكيم. لذا، استفادت مصر من كامب ديفيد. وهناك من يسأل في إسرائيل عن استفادتهم من كامب ديفيد، وآخرون يقولون إن سيناء كانت مقابل محمد بسيوني السفير الذي ظل لديهم لمدة 17 عامًا، ولم يستطيعوا إحراز أي تقدم سياسي مع مصر أثناء فترة وجوده هناك.
وبالتأكيد، في جميع الصراعات السياسية والعسكرية، لم يفز الطرف العربي سوى باتفاقية كامب ديفيد واتفاق وادي عربة.
ما تعليقك على عودة الحوار الوطني وهل حقق ما نرجوه منه؟
يحدث الحوار الوطني كلما أصبح الحكم في مأزق سياسي أو اقتصادي أو عسكري. إذا عدنا إلى بيان مارس 1968 الذي أصدره جمال عبد الناصر عندما دخل في أزمة سياسية، سيبدو الأمر كما لو كانت مصر على وشك أن تصبح جزءًا من العالم الديمقراطي والحكم الصالح، وهذا لم يحدث بالطبع.
بمجرد قدرته على تجاوز الأزمة، تراجع عن كل شيء. حدث ذلك أيضًا في بداية حكم السادات، وانتهى بحديثه عن “أنياب ومخالب الديمقراطية” والبطش بالمعارضة في نهاية حكمه. أيضًا، في ظل حكم مبارك، ظل في الحكم 30 عامًا، وحدثت احتجاجات على طريقة التزوير في الانتخابات، وكان الرد “خليهم يتسلوا”.
لا آخذ الحوار الوطني على محمل الجد، فمنذ أكثر من عام، لا نرى أي تقدم فيه، ويريدون عمل جزء آخر له، ولم أعد أتابع هذا الأمر.
ما آخر المستجدات حول الحزب الذي ستنشئه؟
في وقت ما في سبتمبر، سيصدر البيان التأسيسي، وسيبدأ العمل على جمع التوكيلات للحزب.
لا أعلم إذا كنا سنتعرض لمضايقات تمنعنا من تحرير التوكيلات للوصول إلى العدد القانوني اللازم للتأسيس أم لا، لكن سنجتهد وسنطرح الفكرة.
وفَاة هشام عوف كانت بالنسبة لي مؤلمة سياسيًا وإنسانيًا، فقد افتقدته لأنه كان إنسانًا رائعًا على المستوى الإنساني، وكان أكثر شخص أستشيره وأبحث معه عن حلول، واعتبرته شريكًا، وقد تأثرت بشدة بغيابه.
ولكن سيعلن عن الحزب القائم على أساس العودة إلى اقتصاد ونظام سياسي حر، يتسع لمشاركة أوسع في صنع القرار وتحمل تبعاته.
إن المخرج من التردي الذي أوصلته نظام 1952، باحتكار القرار السياسي والاقتصادي والعسكري، ثم التنصل من المسؤولية وتحميل التبعات للشعب، هو من خلال نظام جمهوري حقيقي قائم على تداول السلطة.
بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟ تصاعدت أزمة سيارات ذوي الهمم بعد إعلان الحكومة وقف استيرادها، إذ ألقى هذا
محمد الإمبابي
رحلة لـ منصة “MENA” في قلب العالم الموازي لصناعة الدواء في مصر كيف يصنع الدواء من ماكينات الحلوى؟ مصانع “بير السلم” تبيع الأدوية على
محمد مصطفى
رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة بعد تسارع التحركات الإثيوبية المتعلقة بسد النهضة وإنشاء قاعدة عسكرية وميناء
أيمن مصطفى
جميع الحقوق محفوظه ©2024