نافعة: على فتح أن تبدي مرونة أكبر في التوصل لاتفاق مع حماس
اللواء سمير فرج: موقف حماس سيتغير بعد صعود ترامب
أستاذ علاقات دولية يحذر من تسليح لجنة الإسناد المجتمعي
لقاءات ومشاورات استمرت لمدة ثلاثة أيام جمعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقيادات من حركة فتح من جهة، وقيادات من حركة حماس من جهة أخرى، لبحث عدد من القضايا كان على رأسها التوافق على إنشاء لجنة إسناد مجتمعي في غزة.
وتتبع لجنة الإسناد المجتمعي السلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس عباس، وتتحمل اللجنة إدارة قطاع غزة.
مصدر أمني مصري مطلع قال إن اللقاء سعى لتحقيق الوحدة الفلسطينية وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، لافتاً إلى أن حركتي فتح وحماس أبدتا مزيداً من المرونة والإيجابية تجاه إنشاء لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة.
المصدر ذاته أكد في تصريحات صحفية أن الاجتماعات شأن فلسطيني خالص والجهود المصرية هدفها توحيد الصف الفلسطيني والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق.
أسامة حمدان، القيادي في حركة حماس، قال إن أجواء اللقاء مع حركة “فتح” في القاهرة كانت إيجابية وصريحة، لافتاً إلى أنه تم النقاش حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها، دون تفاصيل أكثر.
في المقابل كشف القيادي في حركة فتح، أيمن الرقب، أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة.
وأكد الرقب أنه تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها، ولفت إلى أن هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل.
بدا واضحاً خلال اللقاء وجود نقطتي خلاف بين الطرفين، كان أبرزها مرجعية لجنة الإسناد المجتمعي للسلطة الفلسطينية، لكن في النهاية وافقت حركة حماس على المقترح، بحسب تصريحات للدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح.
أما النقطة الثانية فقد تحدث عنها الخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، في لقاء مع منصة “MENA”، بأن هناك نقطة خلاف جوهرية تطفو على السطح عند أي لقاء يجمع حركة فتح مع حركة حماس، وهي اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحل الدولتين، وهو ما ترفضه حركة حماس.
وأضاف الخبير الاستراتيجي أن هناك مساعٍ مصرية، وجهود مضنية يبذلها الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل لم شمل البيت الفلسطيني في هذا الظرف العصيب الذي يمر به قطاع غزة.
اللواء سمير فرج أشار أيضاً إلى أن هناك شبه اتفاق نتج عن اللقاءات بين فتح وحماس، يتعلق باليوم الثاني للحرب على غزة، بعد خروج الاحتلال الإسرائيلي، وهي إنشاء لجنة لإدارة غزة، وكلت لها 4 مهام وهي، تسيير الناحية الإدارية في القطاع، وتوزيع المعونات الإغاثية على شعب غزة، وإعداد خطة إعمار القطاع، وإصدار قرار رئاسي بشأنها من الرئيس الفلسطيني.
وحول إمكانية توصل الجانبين إلى اتفاق، أوضح اللواء، أنه يجب الانتظار عدة أيام، لننتظر ما هو موقف ترامب من الصراع الدائر، وما قراراته في وقف الحرب على قطاع غزة، لأن الخطب الجماهيرية تختلف عن القرارات الرئاسية.
فرج أوضح أيضاً أن موقف حركة حماس سيتغير بناءً على تغير موقف ترامب فيما يتعلق بالحرب، وستتخذ حماس قراراً إما باستكمال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية أو وقفها.
الخلاف بين فتح وحماس بدأ منذ عدة عقود، وسط تباين في الرؤى لكلا الاتجاهين اللذين يسعيان لتحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي القابع في أراضيهم منذ عام 1948.
بدأ الخلاف بين فتح وحماس أيدولوجياً، فكل حركة اختارت طريقاً للتحرير تختلف عن الأخرى، حيث اختارت حركة فتح فكرة التسوية من أجل تحقيق أفضل المكتسبات للشعب الفلسطيني، بينما اختارت حركة حماس فكرة مقاومة الاحتلال ولا سبيل غيره.
وتجلى الخلاف بين حركتي فتح حماس، عقب اتفاقية أوسلو بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إسحاق رابين عام 1993، حيث اعترفت حركة فتح بإسرائيل، كما اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير ممثلاً للشعب الفلسطيني، لتعلن حركة حماس رفضها وبشدة اتفاق أوسلو حتى الآن.
في عام 2005 فاز الرئيس محمود عباس برئاسة السلطة الفلسطينية، في انتخابات قاطعتها حركة حماس، حيث حصد عباس 66% من أصوات الناخبين.
لكن ثمة متغير حدث هذا العام، غير من طبيعة الصراع الفلسطيني مع إسرائيل، وهو موقف الاحتلال من الانسحاب من قطاع غزة، لتعلن حماس بعض التغيرات في مواقفها، كان أبرزها الموافقة على دولة فلسطينية بحدود عام 67 دون الاعتراف بإسرائيل، كما تغير موقفها إزاء العملية الانتخابية برمتها.
ففي عام 2006 قررت الحركة الدخول إلى المعترك الانتخابي، لتحقق 74 مقعداً من أصل 132، مقابل 45 مقعداً فقط لحركة فتح، ليكلف الرئيس الفلسطيني، رئيس مكتب حماس السياسي إسماعيل هنية بتشكيل حكومة، قاطعتها حركة فتح والمجتمع الدولي، لتكون بداية لشرارة المواجهة بين فتح وحماس.
عدة معارك وقعت بين الطرفين في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل العشرات، لينتهي المطاف بانسحاب قيادات الأجهزة الأمنية لفتح من قطاع غزة، وتعلن حماس سيطرتها على القطاع بشكل كامل.
الدكتور حسن نافعة الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن هناك العديد من المفاوضات التي جرت بين الطرفين في السابق، دون أن تؤدي إلى نتيجة حقيقية ملموسة على الأرض، والضحية في النهاية هو المواطن الفلسطيني.
وطالب نافعة في تصريح خاص لمنصة “MENA” كافة الأطراف المعنية بمحاولة التوصل إلى اتفاق، خاصة في الظروف الراهنة التي يمر بها قطاع غزة، وسط ما يقرب من 50 ألف شهيد ومفقود، مضيفاً “حان الوقت للاتفاق”.
وطالب أستاذ العلوم السياسية السلطة الفلسطينية بالاتسام بقدر أكبر من المرونة والوطنية في ظل الظرف الراهن، ومحاولة الوصول إلى حل يتفق مع آمال الشعب الفلسطيني.
الدكتور إبراهيم جلال فضلون أستاذ العلاقات الدولية، قال إن اللقاء يأتي سعياً لتوافق وطني في ظل الأزمة الحالية من عمر القضية الفلسطينية، وهو ما أصبح ضرورة في الوقت الحالي.
وأضاف فضلون في لقاءٍ مع منصة “MENA“، أن مصر تواصل دورها التاريخى لدعم فلسطين وجمع الشتات الفلسطيني بالمحادثات بين فتح وحماس، والتي جاءت بدعوة مصرية كريمة جعلت الأجواءً الإيجابية تسود اللقاءات التي عُقدت مؤخرًا بين الحركتين.
وتابع أستاذ العلاقات الدولية أن فكرة تشكيل لجنة بمشاركة الفصائل الفلسطينية كانت أبرز محاور المناقشات، وهي لجنة “الإسناد المجتمعي” لإدارة شؤون القطاع والشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة أو الشتات كونها شأن فلسطيني خالص ويتم بالتوافق الوطني.
وقال إن حركة حماس لها الحق في رفض أن يشرف أفراد من الأمن الفلسطيني التابع للسلطة على لجنة الإسناد المجتمعي، بسبب الخلافات الجوهرية بينهما، والتي تعمقت أكثر منذ السابع من أكتوبر.
وعن تفاصيل شكل اللجنة، أشار أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن اللجنة سيقتصر عملها على توزيع المساعدات الاغاثية على الناس في قطاع غزة على أن يتم تشكيلها من شخصيات مستقلة واعتبارية من قطاع غزة وتتكون من 8 إلى 11 عضواً يكون فيها كل شخص مسؤول عن إدارة ملف واحد.
وأكد فضلون أنه على الرغم من وجود فجوات كبيرة بين الحركتين فيما يتعلق بتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي وآليات عملها، فحماس تحاول ألا يكون هناك أي ارتباط بين اللجنة والحكومة الفلسطينية، كونها تُريد أن تكون مستقلة ولها ميزانية مستقلة ولا تتبع لخزينة الحكومة الفلسطينية، وأعتقد أن ذلك لن يحدث، لا سيما بعد الضربة القاضية وتكاليفها في السابع من أكتوبر 2023، على العكس من رؤيتها أن مفتاح وقف الحرب والعدوان على الشعب الفلسطيني هو العودة لاتفاق 2 يوليو الماضي وتطبيق القرار 2735. وصولاً لعودة النازحين والإعمار وصفقة تبادل.
وأردف أستاذ العلاقات الدولية، بشكل المقترح الفتحوي في المقابل، بإجراء تعديل وزاري في حكومة “محمد مصطفى” لخمس وزارات، تشارك حماس في تسمية وزرائها، وحتى الآن لم يتم التوافق على ذلك، وذلك قد يحدث فقط تخفيفاً على أزمة أهل غزة والتجويع المتعمد من قبل الاحتلال، الذي يتحمل بجرائمه المسؤولية السياسية وقبلها الإنسانية والأخلاقية مع من عاونهم من الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي بدوله ومؤسساته ومنظماته، ممن يجب محاسبتهم ومحاكمتهم العادلة.
وأبدى خلدون تخوفه من شرط حماية عمل اللجنة، باقتراح التواصل مع عائلات وعشائر فلسطينية غزاوية في مصر لتولي حماية عمل اللجنة في توزيع المساعدات وتكون “مسلحة بأسلحة خفيفة” متسائلاً، “كيف لهم التسليح داخل سيادة مصرية؟.
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن هذه الفكرة لن تحدث ولن تقبل بها الحكومة المصرية وقواتها المسلحة حفاظاً على الأمن القومي المصري.
وأبدى خلدون توافقه مع رفض حماس تولي أمن اللجنة من أفراد أمن فلسطينيين يتبعون للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتجاوز احتمال رفض الحكومة الإسرائيلية لعمل أفراد يتبعون للأجهزة الأمنية الفلسطينية.
اقرأ أيضًا:
ماذا قدمت الوساطة المصرية خلال عام من العدوان على غزة؟
أهداف تنموية وأمنية.. لماذا تنشئ الحكومة مدينة رفح الجديدة؟
كواليس العبور لمصر من معبر رفح.. مأساة يرويها نازحون