تحليلات

هل تعوض “أنهار الصعيد وسيناء الخمسة” عن سد النهضة؟



أزمة سد النهضة بدأت تأخذ منحىً آخر، بعد تعثر المفاوضات الأخيرة بين مصر وإثيوبيا، وإعلان إثيوبيا بدء الملء الخامس لسد النهضة، ضاربة بكل محاولات الاتفاق عرض الحائط.


وحذرت مصر مراراً وتكراراً من تجاهل إثيوبيا لحصة مصر، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي، إن مصر “ليست ضد أي مشروع تنموي تتم إقامته في أي دولة، وهذه ثوابت الدولة المصرية، لكن لا بد أن يتم ذلك بما لا يؤثر، ولا يضر بحصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، وهذا هو الشيء الأهم”.


وتوقع خبراء أن يتم التخزين هذه المرة عند منسوب 625 متر مكعب، ومن المتوقع أن يصل إلى منسوب 640 متر مكعب، بإجمالي تخزين 64 مليار متر مكعب، ما سيتسبب للمرة الأولى في التأثير المباشر على مستوى المياه في بحيرة ناصر ويعني دخول مصر مرحلة حرجة.

وزير الري المصري، كان قد أشار أنه ليس هناك أي تطور جديد في مفاوضات سد النهضة، مؤكداً أن المفاوضات انتهت ولا عودة لها بالشكل المطروح لأنه استنزاف للوقت.

وأضاف أن أي سد يتم إنشاؤه على مجرى النيل يؤثر على مصر، وهناك تأثيرات يمكن مواجهتها وأخرى لا يمكن.


ولكن ما هو الحل للخروج من الأزمة؟، حيث استبعد خبراء وجود حل عسكري يدخل مصر في حرب مفتوحة، كما أن أضرار ضرب السد لم تعد ممكنة بسبب كمية المياه التي تكفي إلى إغراق السودان وأجزاء كبيرة من مصر.


لكن عالماً مصرياً هو الدكتور محمد سيد علي حسن، أستاذ هندسة الفضاء والنانو بإحدى جامعات اليابان، كشف عن دراسة جديدة لحل أزمة سد النهضة التي ستعاني منها مصر على مدار العقود القادمة.



أطلق العالم المصري على الدراسة الجديدة التي أطلقها اسم، “خمسة أنهار جديدة في مصر”، ونشرها عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، ولاقت تفاعلاً كبيراً من قبل متابعيه.


وأكد الأكاديمي المصري أنه بعد الملء الخامس لسد النهضة والشح المائي فإن مستقبل مصر الزراعي والمائي أصبح يحتاج إلى تدخل عاجل لإنقاذه.


وقال “حسن” إن النهر الأول الذي اقترحه، هو نهر عجيب للغاية، إذ أن اتجاهه هو عكس اتجاه نهر النيل، حيث ينبع من جبال البحر الأحمر في الشمال ويتجه جنوباً، ماراً بوادي قنا ليصب في النيل عند ثنية قنا.


وأشار أستاذ هندسة الفضاء، أن هناك  ثلاثة أنهار أخرى تمر في أودية “الأسيوطي” و”طرفة” و”سنور” لتصب جميعاً في النيل في محافظات أسيوط، وسوهاج، والمنيا، وبنى سويف. 


وتابع أستاذ علم النانو أن النهر الخامس سينبع من جبال جنوب سيناء ليصب في البحر المتوسط عند العريش.


طائرات الاستمطار الصناعي


يعتمد المشروع الذي أصدره العالم المصري على فكرة الاستمطار الصناعي، رغم اعترافه ببعض المخاطر التي ستنتج عنه، إلا أنه أكد أن الاستمطار سيكون مؤقتاً بفترة زمنية معينة، وبعدها سيتم الاستغناء عنه.


وأكد أستاذ علم النانو في اليابان أن الاستمطار الصناعي أصبح ضرورياً، مقترحاً أن نبدأ لفترة مؤقتة في منطقة “جبل الطور” بسيناء و”جبل رأس غارب” في الجهة المقابلة بمحافظة البحر الأحمر.

وتابع حسن أن الاستمطار، والمعروف أيضاً باسم المطر الصناعي، هي محاولة لاستجلاب أو زيادة هطول الأمطار صناعياً.


وأكد أستاذ هندسة الفضاء أنه “عادةً ما يستخدم الاستمطار لدرء الجفاف أو الاحتباس الحراري على نطاق أوسع.

وأشار الأكاديمي المصري، أنه “بالرغم من فائدته إلا أنه له بعض الأضرار، مؤكداً أن عملية الاستمطار من الممكن أن تكون لفترة زمنية محددة وليست دائمة حتى يتكون غطاء نباتي طبيعي كافي يجعل المطر يسقط طبيعياً لمئات السنين القادمة”.


وحالياً تستخدم عدة دول عربية الاستمطار الصناعي، مثل السعودية والإمارات وسلطنة عُمان والمغرب، وأخيرًا الأردن، التي تعد ثالث أفقر دولة في العالم من حيث حصة الفرد من المياه.



رغم نجاح فكرة الاستمطار الصناعي بشكل متفاوت في عدد من البلدان العربية وغيرها، إلا أن هناك العديد من المشكلات التي تواجه هذه الفكرة.


أكبر المشكلات التي قد تواجه مصر في تنفيذ هذا المشروع هو ارتفاع التكلفة المادية الناتجة عن تطبيق هذه التقنية فضلاً عن عدم جدواها الاقتصادية، وعدم تطور تقنيات الاستمطار بالقدر الكافي، إضافة إلى انخفاض نسب نجاحها إلى 10% أو أقل من ذلك في بعض الأحيان.


لكن العالم المصري أكد أن الاستمطار سيكون صناعياً لفترة وجيزة، وأن الأمور ستسير بشكل طبيعي في المراحل التالية من المشروع، وأن نسب نجاحها ستكون كبيرة للغاية، بخلاف أماكن أخرى حول العالم.


كما أن من المشكلات التي تواجه المشروع هي احتمال تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في عملية بذر أو تلقيح السحب بالسلب على صحة الإنسان والحيوان والبيئة عمومًا.


إذ أنه من المحتمل اختلاط آثار مادة “يوديد الفضة” السامة بمياه الأمطار وتسربها من ثم للمحاصيل الزراعية أو مياه الشرب السطحية.


طريقة الاستمطار الصناعي


أكد العالم المصري أنه بعد بحث ودراسة رشحت منطقة الطور بسيناء ورأس غارب لعدة أسباب طبوغرافية، “تشكل الطبوغرافية أساساً خرائط لدراسة مشاريع التخطيط و الاستصلاح و استعمال الأسطح” ومناخية وديموغرافية “الديموغرافية هي علم السكان أو الدراسات السكانية أو الديموغرافيا هو فرع من علم الاجتماع والجغرافيا البشرية، يقوم على دراسة علمية لخصائص السكان المتمثلة في الحجم والتوزيع والكثافة والتركيب والأعراق ومكونات النمو”.


وأضاف الباحث والأكاديمي أنه يوجد أودية جافة كثيرة في منطقة جبال البحر الأحمر تنبع من أعالي الجبال وتتجه للنيل غرباً والبحر الأحمر شرقاً، مؤكداً أن تلك الأودية في السابق كانت أنهاراً ولكنها جفت من آلاف السنين، وهو نفس ما حدث في سيناء.


وتابع الدكتور محمد حسن أن السحب والغيوم تتواجد سنوياً لمدة 7 أشهر ولكنها لا تمطر طبيعياً إلا نادراً أو قليلاً فوق المنطقة المقترحة لإجراء عملية الاستمطار والتي يبدأ تواجد الغيوم فوقها تحديداً من 19 أكتوبر ويستمر لمدة 7.2 أشهر، وتنتهي في حوالي 25 مايو من كل عام.


وأشار في دراسته أن أكثر شهور السنة غيوماً في منطقتي رأس غارب والطور هي شهر ديسمبر، حيث تكون السماء ملبدة بالغيوم أو غائمة في الغالب بنسبة 24٪ من الوقت في المتوسط.

وحول المعلومات والبيانات التي حصل عليها، أكد أنها من مواقع علمية تتيح معرفة المناخ لأي بقعة في العالم على مدار العام، مشيراً إلى أن تلك المواقع التخصصية تقدم بيانات شاملة حول درجات الحرارة، والأمطار، والرطوبة، وغيرها من المعلومات المناخية.


وفيما يتعلق بالسبب الثالث لاختيار هذه الأماكن، أرجعها العالم المصري إلى السبب الديموغرافي لإعادة توزيع سكان مصر عن طريق زيادة الرقعة الزراعية وتوفير مصادر جديدة للمياه العذبة للزراعة والشرب في مناطق يصعب وصول الماء العذب إليها مثل مدن سيناء والمدن المطلة على البحر الأحمر، علاوة على ذلك مصادر مياه نهر النيل ستزيد بعيدا عن القادمة من الجنوب.


وحول الآلية المقترحة لجعل المطر يسقط طبيعيا بعد الاستمطار المؤقت، أشار العالم المصري إلى إيجاد أو إنشاء بيئة طبيعية تسمح بنزول المطر بشكل طبيعي، مؤكداً أن هذا الأمر يؤدي إلى خفض درجات الحرارة عن طريق غطاء نباتي على الأرض والمرتفعات.



انتهى الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا الذي سبق إطلاقه العام الماضي بالفشل ولم يسفر عن أية نتيجة.


وأكد هاني سويلم وزير الري، أن مخاطر سد النهضة ستكون في حالة الجفاف الممتد وهي حالة قد تستمر لسنوات، وخلالها يتم استنزاف مخزون السد العالي.


وأشار الوزير أنه في نفس الوقت ستكون هناك كميات من المياه مخزنة في بحيرة السد الإثيوبي لتوليد الكهرباء، مضيفاً أنه في هذه الحالة فإن حياة المواطنين في مصر والسودان لها أولوية ولابد من خروج كميات المياه في بحيرة السد الأثيوبي للبلدين.


وأكد سويلم أن التفاوض طوال المفاوضات السابقة كان في هذه النقطة ومعها نقطة ما بعد الجفاف المطول، مؤكدا أن هذا هو أخطر موقف يمكن أن تتعرض له مصر والسودان ولذلك فهما يبحثان عن اتفاق قانوني ملزم يوضح طريقة التعامل في حالة الجفاف و مرحلة إعادة الملء وكيفية التعامل مع المياه.


الدكتور عباس شراقي، خبير الموارد المائية قال إن إثيوبيا بدأت عملية الملء الخامس، ويستمر التخزين حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر المقبل.


وتوقع شراقي، في تدوينة له، على موقع “إكس”، “تويتر سابقاً، أرفقها بصور للأقمار الاصطناعية، أن تخزن أديس أبابا خلال الملء الحالي “23 مليار متر مكعب إضافي، ليرتفع منسوب المياه المخزنة خلف السد من 41 مليار متر مكعب -وهو المنسوب الحالي- إلى 64 مليار متر مكعب”.


وقال خبير الموارد المائية، إن “الملء الخامس يختلف كثيراً عن التخزينات السابقة، ففي الأعوام الماضية لم يكن يمكن لإثيوبيا أن تفتح بوابات التصريف خلال موسم التخزين بسبب عدم اكتمال بناء السد، وفي الوقت الحالي اكتمل البناء الخرساني، ويمكن لإثيوبيا أن تفتح بوابات التصريف خلال الملء، لتسمح بمرور جزء من المياه إلى السودان ومصر؛ لذلك القرار بيد أديس أبابا”.


سد النهضة


قالت مصادر داخل وزارة الري والموارد المائية في حكومة مصطفى مدبولي، إن الحكومة تدرس حالياً العديد من المقترحات التي قدمت لوزارة الري خلال الأشهر الأخيرة.


وقال المصدر لـ”MENA“، إن مخاطر سد النهضة بدأت منذ وضع حجر الأساس لهذا المشروع، لكن الخطورة زادت عقب الملء الخامس للسد.


وأشار المصدر أن عدداً من الباحثين تقدموا بحلول لأزمة سد النهضة، كما أن هناك عدة دراسات ودوريات لجامعات دولية نتج عنها حلول للأزمة، مؤكداً أن حل الأزمة ليس بهذه السهولة التي يتحدث عنها البعض.


واقترح باحثون سيناريو لحل الأزمة تساعد فيه البلدان الثلاثة بعضها البعض، منها على سبيل المثال، استخدام العلماء النماذج الهيدرولوجية لمحاكاة سيناريوهات مختلفة وتحديد كمية المياه التي ستكون متاحة في اتجاه مجرى النهر في ظل ظروف تشغيل مختلفة.


ويرى الباحثون أنه عندما يكون هناك نقص كبير في تدفق المياه في اتجاه السودان ومصر، يجب على إثيوبيا زيادة تدفق المياه؛ ويمكنها أن تقلل تدفق المياه بعد ذلك عندما يقل هطول الأمطار على أثيوبيا.

وأطلق الباحثون على هذه الدراسة اسم دورية “نيتشر”، والمؤلف الأول لهذه الدراسة هو محمد بشير، من قسم الهندسة الميكانيكية والفضاء والهندسة المدنية في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة.


اقرأ أيضًا:







مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية