اقتصاد
الدكتور أحمد عبد الدايم، أستاذ التاريخ السياسي والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة
هل تنجح خطة الحكومة المصرية في تحقيق الأمن الغذائي؟
تواجه الدول حول العالم تحديات متزايدة في تأمين احتياجاتها الغذائية، خاصة في ظل التغيرات المناخية، وتقلبات الأسواق العالمية، والأزمات الجيوسياسية التي تؤثر على سلاسل الإمداد.
وتسعى الحكومات إلى تبني سياسات زراعية متقدمة، تهدف إلى زيادة إنتاج المحاصيل الاستراتيجية، التي تُعد العمود الفقري للأمن الغذائي والاقتصادي.
وتحتاج مصر، على وجه الخصوص، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المحاصيل الأساسية مثل القمح والزيوت، من خلال توسيع الرقعة الزراعية وتطوير نظم الري واستنباط أصناف زراعية أكثر إنتاجية، إلا أنها تواجه هذه الخطط تحديات معقدة تتعلق بشح المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتأثيرات مشروع سد النهضة، مما يفرض على الدولة تبني حلول مبتكرة لتحقيق أهدافها الغذائية.
وصرح الدكتور أحمد عبد الدايم، أستاذ التاريخ السياسي والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة، بأن قضية تأمين الغذاء كانت وما زالت تشغل الشعوب عبر التاريخ، مشيراً إلى أن “البحث عن الطعام وتلبية الاحتياجات المعيشية كان محور اهتمام الأمم طوال العصور”.
وشدد عبد الدايم في تصريحات صحفية، على أن التطورات الحديثة، مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، دفعت الدول إلى السعي لتأمين غذائها وحاجاتها الأساسية بشكل أكثر إلحاحاً، من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي وتأمين سلاسل الإمداد.
وأشار عبد الدايم إلى أن الدولة المصرية لم تكن بعيدة عن هذه الجهود، خاصة وأنها تقترب من نهاية خطتها الخمسية الحالية لعام 2025، وتستعد للانطلاق في خطتها الخمسية المقبلة لعام 2030.
وقال: “وضعت الحكومة المصرية في خطتها المستقبلية تعزيز مخزون المحاصيل الاستراتيجية، مثل الأرز، القمح، السكر، الذرة، البطاطس، الفاصوليا، الفول السوداني، القطن، الخضروات، والفواكه، بهدف تحقيق الأمن الغذائي”.
وأوضح عبد الدايم أن “توجيهات الرئاسة المصرية صدرت بإعداد دراسات شاملة لاختيار أفضل أنواع المحاصيل، وفقاً لاستراتيجية الدولة، مع التركيز على نظم الري الحديثة، ومنظومات معالجة مياه الصرف وتحلية المياه، وكذلك الصوب الزراعية”.
وبين أن هذه الجهود تهدف إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية واستصلاح الصحراء، من خلال اعتماد وسائل زراعية تتناسب مع طبيعة الأراضي والمناخ لكل منطقة.
وأضاف عبد الدايم: “رغم وجود بعض المحاصيل الاستراتيجية التي يصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، إلا أن هناك محاصيل أخرى يسهل تحقيق هذا الهدف فيها”، مستشهدًا بتصريحات وزير الزراعة السابق، السيد القصير، الذي أكد أن مصر حققت خلال الخطة الخمسية الحالية اكتفاءً ذاتياً في 9 مجموعات محصولية، مثل الخضروات والفواكه، مع وجود فائض للتصدير.
ونوه عبد الدايم بأن مصر اقتربت أيضاً من تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر، ونجحت في تضييق الفجوة الإنتاجية في محاصيل أخرى مثل القمح والذرة والفول، مؤكدًا أن الخطة الخمسية المقبلة ستركز بشكل كبير على المحاصيل الاستراتيجية، لما لها من أهمية في تحقيق الأمن الغذائي والاقتصادي للدولة المصرية.
خطة الحكومة لرفع نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية
ولفت أستاذ التاريخ السياسي والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إلى أن قطاع الزراعة يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد القومي المصري، إذ يساهم بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي، ويستوعب أكثر من 25% من القوى العاملة المصرية، مشيرًا إلى أن القطاع يلعب دوراً محورياً في تأمين الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، وهو ما دفع الرئاسة المصرية إلى منحه اهتماماً خاصاً، مدعوماً بدعم كبير ومتواصل من الحكومة.
وتابع قائلًا: “الحكومة المصرية تولي اهتماماً كبيراً بقطاع الزراعة من خلال زيادة الاستثمارات الموجهة إليه، وتنفيذ العديد من المشروعات الزراعية القومية الكبرى”، مضيفًا أن استصلاح الصحراء وزيادة الرقعة الزراعية بأكثر من 3.5 مليون فدان خلال الفترات الماضية والقادمة يعزز من تأمين المحاصيل الاستراتيجية وزيادة إنتاجها.
وأشار إلى أن مشروعات مثل توشكى الخير، الدلتا الجديدة، مستقبل مصر، وتنمية شمال ووسط سيناء، إلى جانب مشروعات تنمية الريف المصري وشرق العوينات، تلعب دوراً محورياً في تنفيذ خطة الدولة لزيادة إنتاج المحاصيل الاستراتيجية وتوفيرها للسوق المحلية والتصدير.
أعمال لجنة الزراعة والري في مجلس النواب
وأشار عبد الدايم إلى أن لجنة الزراعة والري في مجلس النواب الحالية أولت اهتماماً كبيراً بمناقشة استنباط أصناف جديدة من القطن تتلاءم مع التغيرات المناخية وندرة المياه، بهدف زيادة حجم الصادرات المصرية من القطن، مؤكدًا أن الحكومة، في برنامجها الجديد المقدم لمجلس النواب، وضعت خطة متكاملة لزيادة المخزون من المحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح، الأرز، الذرة، الفول، والفاصوليا، مشيراً إلى أن هذه المحاصيل تمثل الركائز الأساسية للأمن الغذائي المصري، وهي السلع الغذائية الأساسية للدولة.
وشدد على أن المشروعات القومية الزراعية هي جزء أساسي من رؤية الدولة لتحقيق الأمن الغذائي والاقتصادي، وضمان استدامة الإنتاج الزراعي في مواجهة التحديات العالمية.
خطة وزارة الزراعة خلال الفترة 2025 – 2030
وأكد عبد الدايم أن وزارة الزراعة تولي اهتماماً خاصاً بهذا الملف باعتباره مفتاح تحقيق الأمن الغذائي في البلاد، موضحًا أن الوزارة وضعت برنامجاً من ثلاثة محاور أساسية، أولها التوسع الأفقي عبر إضافة أراضٍ جديدة من خلال المشروعات القومية الكبرى مثل استصلاح مليون ونصف فدان، ومشروعات توشكى والعوينات وغيرها، ثانيها التوسع الرأسي، من خلال استنباط أصناف عالية الإنتاجية وتبني ممارسات زراعية حديثة، والتوسع في الزراعات المحمية، وثالثها تقليل الفاقد في الإنتاج من خلال التخزين الجيد وإنشاء صوامع كبيرة.
وقال، إن وزارة الزراعة تواصل جهودها لاستكمال مشروع ميكنة منظومة الحيازة الزراعية وبناء قاعدة بيانات حديثة، لضمان وصول دعم الدولة لمستحقيه في مجال الأسمدة ومستلزمات الإنتاج، ما يعزز الأمن الغذائي المصري ويسهم في استدامة القطاع الزراعي.
المشكلات التي تواجه زيادة المحاصيل الاستراتيجية
وأكمل بأن هناك العديد من التحديات التي تواجه الدولة المصرية في تنفيذ مخططها لزيادة المحاصيل الاستراتيجية، موضحًا أن أولى هذه المشكلات تتمثل في سد النهضة وما قد ينتج عنه من إيرادات ضعيفة لنهر النيل إذا حدثت مواسم أمطار قليلة في إثيوبيا.
وأضاف عبد الدايم: “بالنسبة لمحصول القمح، يواجه تحقيق الاكتفاء الذاتي صعوبة نظرًا لمحدودية المساحة المتاحة والمياه المتوفرة. إذ أن تحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب زراعة 6.5 مليون فدان، وهو أمر غير متاح حالياً، مشيرًا إلى أن “منظومة الزيوت تواجه تحديات مشابهة، إذ يتطلب استخراج الزيوت من محاصيل مثل القطن وفول الصويا زيادة في المساحات المزروعة، ولكن التوسع في زراعة هذه المحاصيل يتنافس مع محاصيل أخرى تحتل أولوية أكبر ضمن الخطط الاستراتيجية.
وأكد عبد الدايم أن هناك ضعفاً في التوسع بخدمات الإرشاد الزراعي والقوافل البيطرية، بالإضافة إلى حملات الرقابة على سوق المبيدات لحماية المزارعين، كما أن ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة ومبيدات وأجور العمالة يزيد من العبء على الفلاحين.
إمكانية التغلب على التحديات
واقترح وضع خطة متكاملة للتوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية، سواء في الأراضي القديمة أو الجديدة، مع توفير تقاوي عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض بأسعار مناسبة للفلاحين، مؤكدًا على ضرورة دراسة أسباب تراجع المساحات المزروعة لبعض المحاصيل الأساسية، والبحث في معوقات تصدير الحاصلات الزراعية.
كما شدد على أهمية توسيع مساحة الأراضي المزروعة في المناطق الصحراوية باستخدام الموارد المائية الجوفية وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي، وعلى ضرورة الانتهاء من المشروعات الكبرى الجاري تنفيذها في الدلتا الجديدة ومستقبل مصر وسيناء وتوشكى.
وتابع: “من المهم تحسين إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية من خلال استنباط أصناف جديدة تكون أكثر إنتاجية وأقل احتياجاً للمياه، كما أن دعم المشروعات التي تخدم قطاع التصنيع الزراعي، مثل مصانع التعبئة والتغليف والإنتاج الحيواني، يعد عاملاً أساسياً في تعزيز القطاع الزراعي”.
واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية تبني تقنيات حديثة لتطوير نظم الري ورفع كفاءة استخدام الموارد المائية، ما يضمن استدامة الإنتاج الزراعي ويعزز الأمن الغذائي للدولة المصرية.
عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،
بسنت عادل
“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى
محمود فهمي
عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين
حيدر قنديل
جميع الحقوق محفوظه ©2024