برز إسم وزير الخارجية المصري سامح شكري بعناوين برامج وصحف عالمية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، في قضية اتهام السيناتور الأمريكي مينينديز وزوجته بتلقي رشوة، لم تعثر السلطات الأمريكية في منزله على جزء منها.
اتهم القضاء الأمريكي السيناتور الديموقراطي الأبرز، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بالتآمر لارتكاب جرائم، والرشوة، والاحتيال والإبتزاز، مقابل خدمات غير مشروعة للسُلطات المصرية، شملت نقل معلومات عن المساعدات الأمريكية لمصر، ومعلومات عن موظفي السفارة الأمريكية بالقاهرة، برز فيها اسم وزير الخارجية الأمريكي سامح شكري، ورجل الأعمال المصري الأمريكي وائل حنا.
وعثرت السلطات الأمريكية بمنزل السيناتور على أموال نقدية بمئات آلاف من الدولارات، وسبائك ذهبية، لكنها لم تعثر على السبيكة الذهبية المثبت شراء حنا لها، قبل أسبوعين من لقاء جمع السيناتور وزوجته، بسامح شكري وزوجته، مع وائل حنا، فأين هي السبيكة الذهبية؟
من هو السيناتور بوب مينينديز؟
السيناتور الأمريكي الديموقراطي، هو برلماني مخضرم، منذ أكثر من 30 عامًا، ولكن ذاع صِيته في الآونة الأخيرة بعد اتهامه بتلقي رشوة من رجال أعمال، منهم فريد دعيبس، المطور العقاري المقيم في نيوجيرسي، وهو من أصول لبنانية، ووائل حنا، رجل أعمال مصري أمريكي وذلك مقابل تسهيل معلومات إلى مصر عبر وسطاء.
وهناك رجل أعمال لم يتم ذكر اسمه في القضية، لكنه اعترف وأصبح هو الشاهد في هذه القضية.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُتهم فيها مينينديز بتلقي رشوة، فقد سبق هذا الاتهام، اتهام أخر بتلقي رشوة من طبيب شهير في ولاية فلوريدا الأمريكية، إلا أن المحكمة لم تستطع حينها إثبات التهمة عليه.
ولكن في هذه المرة كان الحدث أكبر بكثير من سابقه، فقد وصل الاتهام إلى تسريب معلومات قد لا تعتبر سرية، إلا أنها تمثل انتهاكاً للقانون الأمريكي، لتعثر سلطات الأمن على أكثر من نصف مليون دولار أمريكي، و3 كيلو جرامات من الذهب، وهي أموال لا تناسب ماضي أسرته التي انحدرت من كوبا، ليعمل والده نجاراً، بينما امتهنت والدته مهنة الخياطة.
علاقة وزير الخارجية المصري سامح شكري بالسيناتور
لم يكن الرابط الأوحد بين شكري ومينينديز هو دراستهما للحقوق في بداية حياتهما، بل بدأت لقاءات عدة بين السيناتور الأمريكي مينينديز، بصفته رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ولكن زادت هذه اللقاءات بشكلٍ أوسع عام 2017، حيث كانت مصر في ذلك الوقت واحدة من أكبر الدول المستفيدة من المساعدات العسكرية الأمريكية، لكن وزارة الخارجية الأمريكية، حجبت 195 مليون دولار في نفس العام، وألغت مساعدات إضافية قدرها 65.7 مليون دولار بسبب أوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر.
ظهور وائل حنا
في هذه الأثناء ظهر اسم رجل الأعمال الأمريكي المصري وائل حنا، حيث نظم حفلات عشاء واجتماعات بين مينينديز ومسؤولين مصريين في عام 2018 ضغط خلالها المسؤولون على السيناتور الأمريكي بشأن وضع المساعدات العسكرية الأمريكية.
وتحدثت المحكمة عن أن حنا قدم سبيكة ذهبية، لم تعثر عليها السلطات الأمريكية، إلى السيناتور الأمريكي وأدرج نادين مينينديز زوجة السيناتور منذ 2020 بعد زوجها من السيناتور بأيام، على جدول رواتب شركته.
ممثلو الادعاء في محكمة مانهاتن الاتحادية قالوا إن مينينديز أخبر حنا في اجتماع عام 2018 بمعلومات سرية حول وضع المساعدات، حيث ذكرت لائحة الاتهام أن حنا أرسل رسالة نصية إلى مسؤول مصري مفادها أنه “رُفع الحظر على الأسلحة الصغيرة والذخائر إلى مصر”.
وأضاف ممثلو الادعاء أن الحكومة المصرية منحت في عام 2019 إحدى شركات حنا ترخيصاً لتصدير الأغذية “الحلال” من الولايات المتحدة إلى مصر على الرغم من افتقارها إلى الخبرة في شهادات الأغذية الحلال، بحسب ممثلوا الادعاء.
منصب على حافة الهاوية
محاكمة مينينديز في منهاتن ترددت أصداؤها في العاصمة المصرية القاهرة، فقد كلف الرئيس المصري رئيس وزرائه مصطفى مدبولي، مرةً أخرى بتشكيل حكومة جديدة، بعد اتهامات للحكومة الحالية بضعف في الأداء، وفشل خفض الأسعار بما يتناسب مع دخل المواطن، إلا أن الأمر ليس كما يبدو على الإطلاق.
محللون وساسة تحدثوا عن تغيير وزاريّ يشمل العديد من الحقائب الهامة على رأسها حقيبة وزارة الخارجية التي يترأسها سامح شكري، إلا أن الإعلان عن حتى أسماء متوقعة في التشكيل الجديد ما زال طي الكتمان، ليتساءل مراقبون عن سرية التعديلات والتكتم الشديد عليها حتى الآن.
شكري الذي بقى على رأس وزارة الخارجية منذ 10 سنوات، كانت كفيلة بتغيير الحكومة عدة مرات، إلا أن شكري لم يبرح مكانه في حكومات محلب، وشريف إسماعيل ومصطفى مدبولي.
وتولى شكري حقيبة الخارجية في فترة عصيبة، تقطعت فيها علاقات الدولة المصرية مع معظم دول إفريقيا، إضافة إلى تركيا وقطر، وما مشهد ميكروفون “الجزيرة” منا ببعيد، والتي أوضحت حجم العلاقة المشتتة مع قطر، إلا أن شكري عاد مسرعًا في مدينة العلا السعودية، للتصالح مع قطر، عقب صلح قادته الكويت لإعادة العلاقات القطرية الخليجية مرةً أخرى، ليشهد هذا الصلح إغلاق قناة الجزيرة مصر.
ورغم تراجع العلاقات الخارجية المصري مع العديد من البلدان حول العالم إبان فترة ولايته، إلا أن الرئيس المصري ظل متمسكًا بوزير خارجيته طوال هذه المدة.
لكن على ما يبدو أن الصفحة 22 في لائحة اتهام السيناتور الأمريكي سيكون لها رأي أخر في عزل شكري من منصبه والبحث عن بديل له خلال التعديل القادم، لمحاولة لملمة القضية التي أثارت الرأي العام الأمريكي.
التحقيقات تقول أن وائل حنا اشترى سبيكة ذهبية بالفعل قبل أسبوعين من لقاء جمعه مينينديز وزوجته، وسامح شكري وزوجته في عام 2018، لكن لم تعثر السلطات الأمريكية على السبيكة في منزل السيناتور الأمريكي، ليتبين حصول زوجة شكري على السبيكة.
ومما يؤكد حصول زوجة شكري على السبيكة ما قاله الشاهد الأول في القضية، بأن وائل حنا سلم السبيكة الذهبية علنًا لزوجة سامح شكري في فندق فورسيزون واشنطن خلال سبتمبر عام 2018.
وبحسب الشاهد، فإن موظفين من وزارة الزراعة الأمريكية – كانوا حضورًا في قضية توريد اللحوم الأمريكية لمصر عن طريق شركة حنا – انتابتهم صدمة مما حدث، ليتدخل وائل حنا بمزحة لتهدئة الموقف، قائلاً “المصريين متعودين على الهدايا، وليسوا جامدين مثلنا نحن الأمريكيين”، على حد وصف الشاهد.
تناول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تناولوا القضية مسار الجدل، مؤكدين أن رحيل شكري كان يجب أن يكون منذ زمن بسبب فشله في إدارة ملف العلاقات الخارجية لمصر، وليس بسبب تهدئة الأمر مع الولايات المتحدة الأمريكية.