أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، الاثنين الموافق 25 نوفمبر، قرارات بتعيين رؤساء جدد للهيئات الإعلامية والصحفية، مما أثار موجة من النقاشات بين الصحفيين والإعلاميين حول التطلعات المنتظرة لتطوير منظومة الإعلام في مصر. القرار الذي جاء في توقيت حساس يُلقي الضوء على الرؤية المستقبلية لمستقبل الصحافة والإعلام في البلاد.
جاء أبرز هذه القرارات بتوقيع الرئيس السيسي على القرار الجمهوري رقم 518 لسنة 2024، بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لفترة تستمر أربع سنوات. وقد تم اختيار خالد محمود عبد العزيز رئيسًا للمجلس، مع تعيين نخبة من الأعضاء، بينهم المستشار عبد السلام عبد المجيد عبد السلام نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود أحمد ممتاز رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى صقر ممثلًا للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وعبد المحسن سلامة عثمان من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وعلا الشافعي صحفية، وعصام الأمير إسماعيل إعلامي، وعادل حمودة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والأستاذة الدكتورة منى الحديدي ممثلة للمجلس الأعلى للجامعات.
الصحفي أشرف عباس أوضح أن تعيين خالد عبد العزيز، وزير الرياضة الأسبق، لرئاسة المجلس يثير تساؤلات حول مدى ارتباط خبراته السابقة بمجال الإعلام. وبيّن أن التوجه قد يكون مرتبطًا بإعادة هيكلة قطاع الإعلام الرياضي، مما يجعل خبراته مبررًا للاختيار. وأضاف أن المطلوب حاليًا رؤية واضحة تتجاوز تغيير الأشخاص إلى إصلاح السياسات، لضمان حرية الإعلام والنهوض به.
وأشار عباس إلى وجود أسماء بارزة في التشكيل الجديد، مثل عادل حمودة وأحمد المسلماني، ممن يمتلكون خبرات طويلة في المجال الصحفي، لكنه تساءل عن كيفية ترجمة هذه الخبرات إلى خطط تطوير فعالة. كما أبدى استغرابه من بقاء بعض الشخصيات في مواقعها دون تغيير، متسائلًا إن كان ذلك يعود لإنجازاتهم السابقة أم لعدم وجود بدائل.
وأوضح عباس أن الصحفيين واجهوا في السابق مشكلات مع رؤساء الهيئات، مثل ضعف التواصل وغياب الشفافية في بعض القرارات، خاصة المتعلقة بحجب المواقع الإعلامية. وأعرب عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة تعاونًا أكبر بين الصحفيين والهيئات المعنية، مع قرارات واضحة ومعلنة تعكس رؤية جديدة للإعلام في مصر.
وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة أن يتجاوز التغيير الشكل إلى المضمون، مشددًا على أن السياسات الداعمة للإعلام الحر هي الأساس لبناء منظومة إعلامية حديثة تلبي تطلعات المجتمع وتواكب التطورات العالمية.
في سياق التعيينات الأخيرة التي شهدتها الهيئات الإعلامية، والتي تأخرت عن الفترة السابقة بعد تعيين عبد الصادق الشربجي رئيسًا للهيئة الوطنية للصحافة، قال إبراهيم خالد، الكاتب الصحفي، إن الحديث كان يدور حول الدكتور ضياء رشوان كرئيس للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وكان الجميع ينتظر أن تتم التعيينات على مستوى الحدث وأن يُجرى إصلاح شامل للملف الإعلامي. لكنه تفاجأ بأن التعيينات الأخيرة لم يتم الانتهاء من دراستها بشكل كامل بعد، مما أثار تساؤلات حول مهنية الإجراءات المتخذة.
وتعجب خالد في حديثه لمنصة “MENA“، من تعيين وزير الشباب والرياضة على رأس ملف الإعلام، مؤكدًا أن ذلك يشير إلى وجود صراع في التعيينات يتم وفقًا لما وصفه بـ “منطق الشلة”.
ورغم ذلك، أشار إلى أن بعض الأسماء المُعينة في المناصب الجديدة تتمتع بخبرة في مجال الإعلام، مثل عصام الأمير الذي شغل منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وعبد المحسن سلامة، نقيب الصحفيين السابق ورئيس مجلس إدارة الأهرام السابق. إلا أنه تساءل عن دور بعض الشخصيات الأخرى مثل أحمد المسلماني، الذي كان كاتبًا صحفيًا في الأهرام ولديه برنامج “الطبعة الأولى” على قناة دريم، ليُعين لاحقًا على رأس إدارة قنوات ماسبيرو، وهو أمر اعتبره غريبًا.
وتابع خالد قائلاً: “إنني أتعجب من استبعاد الدكتور ضياء رشوان، رغم أنه كان مرشحًا قويًا لهذا المنصب، ويبدو أن التعيينات الأخيرة هي نتيجة لترشيحات مقربين من القيادة السياسية، وقد تم استبعاد رجال محسوبين على مسؤولين سابقين”.
وفيما يتعلق بالترشيحات، أضاف خالد: “آخر منصب تقلده الأستاذ أحمد المسلماني كان مستشارًا سياسيًا لرئيس الجمهورية السابق عدلي منصور، وأنا أرى أن هذه الترشيحات تنبع من منطق الشلة، وأعتقد أن ذلك كان له دور في التغييرات التي شهدناها في الآونة الأخيرة، بما في ذلك إقالة مستشارين مقربين من رئيس الجمهورية. هذه التغيرات كان لها تأثير واضح على ملف الإعلام”.
من جهته، أكد الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن الصحافة والإعلام لعبا ولا يزالان يلعبان دورًا مؤثرًا وقويًا في المجتمع. وقال في تصريح خاص إن “الإعلام لا يتراجع”، مشيرًا إلى أن الأحداث المهمة التي نشهدها تدل على ضرورة وجود صحافة قوية وإعلام فاعل. وأضاف أن الصحافة والإعلام، سواء كانت إلكترونية أو ورقية أو إذاعية وتلفزيونية، يجب أن تُعزز وتدعم كمنظومة واحدة لتوصيل المعلومات الصادقة والموثوقة.
وأوضح سلامة أن تغطية الأحداث الهامة، مثل حرب غزة أو الحرب الروسية الأوكرانية، لا يمكن أن تتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فقط، بل يجب أن يكون هناك صحفيون حاضرين في الميدان لتغطية هذه الأحداث بشكل دقيق وواقعي. وأضاف: “من الضروري أن يكون لدينا مشروع للنهوض بالصحافة والإعلام في الفترة القادمة.”
وعلق خالد داود، الصحفي والسياسي المصري الذي عمل كمراسل لقناة الجزيرة في الأمم المتحدة، على صفحته الرسمية على فيسبوك بعد إعلان رئيس الجمهورية للتعيينات الأخيرة، قائلاً: “كل التقدير للأستاذ خالد عبد العزيز الذي تم تعيينه رئيسًا للمجلس الأعلى للإعلام. لا أعرفه شخصيًا، لكن سمعت الكثير من الثناء على إدارته لملف الشباب والرياضة منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك. ولكن لم أقرأ في سيرته الذاتية الطويلة أنه كان له أي علاقة أو خبرة في مجال الإعلام. ولذلك، أطالب بتعيين الأستاذ ضياء رشوان نقيب الصحفيين السابق رئيسًا لهيئة علوم الفضاء في ضوء خبرته الطويلة في الإعلام. ربنا يخلي إعلامنا شباب ورياضة علطول ويعمل اللي فيه الخير”.
اقرأ أيضًا:
عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا
الدستورية العليا تنتصر لحرية الصحفيين
مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. مستقبل العدالة على المحك