تستعد الأحزاب والقوى السياسية للانتخابات البرلمانية؛ بوضع خطط واستراتيجيات لتطوير للتواصل مع المواطنين؛ لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، وسط مشهد سياسي متباين. ففي حين تسعى الأحزاب الموالية للحكومة إلى تعزيز سيطرتها عبر تحالفات انتخابية، تبدي أحزاب المعارضة مخاوفها من تضييق المساحة السياسية وتأثير تعديلات قوانين الانتخابات على فرصها. كما تتصاعد التساؤلات حول مدى نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، في ظل مطالبات بضمان تكافؤ الفرص لجميع القوى السياسية.
رأى مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الاستعداد للانتخابات يجب أن يكون عملية مستمرة، وليس مجرد تحرك مفاجئ في فترة زمنية محددة. وأوضح أن أي حزب لا يمكنه تحقيق نتائج إيجابية دون عمل دؤوب ومثابر لبناء صلة حقيقية مع الناس، وهو أمر يرتبط بقدرات الحزب، والظروف المحيطة، والفرص المتاحة لممارسة النشاط السياسي بفعالية.
وأضاف الزاهد لمنصة “MENA”، أن هناك فئات معينة، مثل رجال الأعمال، يمكنهم دخول المنافسة بشكل سريع عبر حملات دعائية باهظة الثمن، مستغلين قدرتهم على تقديم المساعدات العينية مثل الزيت والسكر أو حتى الأموال، لكسب تأييد الناخبين. وأوضح أن هؤلاء لا يحتاجون إلى الوقت والجهد الذي يتطلبه أي حزب معارض، خاصة الأحزاب التي تنتمي إلى الفقراء، ولا تمتلك دعمًا من رجال الأعمال، أو البيروقراطية، أو أعيان الريف.
واعتبر أن مثل هذه الأحزاب تحتاج إلى عمل مستمر ومتصل لبناء قاعدتها الشعبية والتواصل مع الجماهير، في ظل تحديات سياسية واقتصادية تعيق نشاطها مقارنة بالمنافسين المدعومين من قوى المال والسلطة.
وأكد مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن النظام الانتخابي هو المحدد الأساسي لكيفية إدارة العملية الانتخابية، حيث يرتبط به تشكيل التحالفات، وتوزيع القوى السياسية، وفرص التمثيل المختلفة. وأوضح أن أفضل النظم الانتخابية هو نظام القائمة النسبية، باعتباره الاختراع البشري الأكثر عدالة في تمثيل جميع الأطياف المجتمعية، مقارنة بنظامي الفردي والقائمة المغلقة المطلقة، اللذين يعتمدان على مبدأ الفائز يحصد كل شيء، مما يؤدي إلى إقصاء أي قوى سياسية تحصل على أقل من 50% + 1 من الأصوات.
وأشار الزاهد إلى أن التمثيل النسبي يضمن لكل حزب حصته العادلة داخل المجالس النيابية، وفقًا لحجم كتلته التصويتية، وهو ما يعزز تمثيل التنوع المجتمعي، بدلاً من أن يقتصر البرلمان على أصحاب المصالح الشخصية والمقربين من السلطة والثروة، كما يحدث في كثير من الأحيان.
وأضاف أن النظام الانتخابي يجب أن يُصمم بطريقة تشجع مشاركة القوى المجتمعية المختلفة، وليس فقط تلك القريبة من مراكز النفوذ السياسي والاقتصادي، لافتًا إلى أن الأنظمة الانتخابية في العالم تميل بشكل عام إلى منح الأفضلية لأصحاب النفوذ والمال، مما يجعل من الضروري النظر إلى النظام الانتخابي من زاوية تحقيق العدالة في التمثيل.
كما شدد على ضرورة مراعاة عدة معايير في تصميم النظام الانتخابي، من بينها توزيع الدوائر الانتخابية، ونسبة المقاعد المخصصة للقوائم النسبية والمطلقة والمقاعد الفردية، بالإضافة إلى مدى توافق النظام مع المعايير الدستورية التي سبق أن حددتها المحكمة الدستورية العليا، مثل ضبط حدود الدوائر، والتجانس الثقافي والمجتمعي، والتوازن في عدد السكان، ونسبة التمثيل لكل نائب.
وتابع الزاهد حديثه بأن الانتخابات لا تصنع واقعًا سياسيًا جديدًا بالكامل، لكنها تعكس الأوضاع القائمة قبل إجرائها، مشددًا على أن شكل المشاركة السياسية سيكون العامل الحاسم في تحديد مخرجات الاستحقاقات المقبلة.
وأكد مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن التحالفات في الانتخابات والعمل الحزبي ليست مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لأي قوى سياسية تخوض السباق الانتخابي. وأوضح أن مناقشة هذا الملف تجري بشكل مستمر داخل الاجتماعات الحزبية واجتماعات الحركة المدنية الديمقراطية، حيث يتم بحث سبل التنسيق المشترك في ضوء المعطيات السياسية والبيئة العامة.
وأضاف الزاهد أن هناك عدة أشكال للتحالفات، من بينها التنسيق في الانتخابات الفردية، بحيث يتم تفادي التنافس بين الكتل السياسية المتحالفة، عبر توزيع الدوائر الانتخابية بشكل يضمن لكل طرف فرصة أفضل. وأشار إلى أن هذا المبدأ تم التوافق عليه حاليًا، حيث يمكن أن تتجه الكتلة التصويتية لكل حزب إلى دعم المرشح الأكثر قدرة على المنافسة داخل دائرته، بناءً على عوامل مثل قبوله الجماهيري، قدرته على التواصل، وتحالفاته مع القوى الفاعلة في الدائرة.
ونوه بأن دعم المرشحين سيتم وفقًا لمعايير واضحة، حيث سيتم اختيار المرشحين الأقرب إلى توجهات القوى المتحالفة، لضمان تكوين جبهة انتخابية قوية. كما شدد على أن أي تحالف انتخابي يجب أن يستند إلى اتفاق واضح على البرنامج السياسي، سواء كان ذلك بالنسبة للمرشحين في النظام الفردي أو القوائم النسبية، حيث إن الانتخابات البرلمانية ليست انتخابات محلية، بل هي استحقاق يعكس هموم الوطن بأكمله.
وأشار الزاهد إلى أن البرنامج الانتخابي يجب أن يكون شاملاً ويعبر عن قضايا المواطن الأساسية، مثل الإصلاح الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، والتعليم، والسكن، والصناعة، والزراعة. وأوضح أن العديد من هذه القضايا تم تناولها في كتاب “أفق الخروج”، الصادر عن الحركة المدنية الديمقراطية، والذي يتضمن رؤية واضحة للسياسات البديلة التي يمكن طرحها في الانتخابات.
أكدت الحركة المدنية الديمقراطية أنها اتخذت قرارًا بعدم خوض الانتخابات وفقًا لما يُعرف بنظام “الكفيل”، أي تحت جناح حزب موالٍ للسلطة أو تحت راية حزب شارك في صياغة التشريعات التي تعارضها الحركة. وأوضحت أن هذا القرار ليس جديدًا، بل سبق أن تم تطبيقه في الانتخابات النيابية السابقة، انطلاقًا من رفضها للقوائم المدعومة من مؤسسات الحكم، والتي تحظى بفرص أكبر للدخول إلى البرلمان بفضل هذا الدعم.
وأضافت الحركة لمنصة “MENA“، أن المشاركة في الانتخابات عبر نظام الحصص أو تحت رعاية أجهزة الدولة يتطلب موافقة مسبقة من المؤسسات الرسمية، وهو ما يجعل الترشح مقتصرًا على الأحزاب القريبة من السلطة، والتي ترتبط بعلاقات وثيقة مع هذه الأجهزة، خاصة الجهاز الأمني الذي يعد الراعي الأساسي لهذه الائتلافات.
فيما شدد الزاهد على أن الحركة المدنية لن تشارك في الانتخابات إلا ضمن تحالفات ديمقراطية حقيقية، تضم قوى سياسية تحمل مشروعًا للتغيير السلمي، وتتبنى رؤية واضحة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بما يتماشى مع مبادئها. وأكدت أنها ترفض الانضمام إلى أي قوائم انتخابية تتشكل تحت إشراف السلطة، أو تلك التي تمثل امتدادًا لمؤسسات الحكم، مشيرة إلى أن مشاركتها ستكون فقط في إطار تحالفات مستقلة تسعى إلى تحقيق تغيير حقيقي.
ولفت الزاهد إلى أن عرض الانضمام مع حزب “مستقبل وطن” خلال الانتخابات البرلمانية الماضية قُدم إلينا بعد اجتماع الهيئة العليا للحزب، لكنه رُفض فورًا لعدم سماعنا لأي اقتراح رسمي منهم. وأوضح قائلاً: “رفضنا الفكرة برمتها قبل وضع أي شروط لنا أو لهم. كيف يمكننا الدخول إلى نظام الكفالة الذي يُعتبر الممر الوحيد أمام الأحزاب لضمان مقاعد داخل المجلس، خاصةً أن دخول مجلس النواب يعتمد على إذن بعض الأجهزة الأمنية للائتلاف؟”
فيما أكد الدكتور محمود الملواني أن حزب الدستور فتح باب الترشح أمام أعضائه، حيث تم توزيع استمارات الترشح وبدء دراسة جدوى للمناطق الانتخابية المستهدفة. وأوضح أن كل حزب داخل الحركة المدنية الديمقراطية يستعد بشكل منفرد، ويقدم مرشحيه وفقًا للتوزيع الجغرافي لهم، مضيفًا: “سندرس قدرتنا على الترشح، وإذا كنا قادرين على تقديم قائمة كاملة تنافس في الدوائر الأربع على مستوى الجمهورية في الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
اقرأ أيضًا:
الانتخابات البرلمانية في مصر.. ماذا ننتظر من “مجلس الشعب” الجديد؟ | 1
اتحاد التزكية.. هيمنة “طلاب من أجل مصر” على الانتخابات الجامعية
بعد إقالة السيسي 11 مستشارا رئاسيًّا.. قصة الرؤساء مع التعيين والإقالة
تعيين نائبين لمدبولي حقائق يوضحها وزير شؤون المجالس النيابية