الشارع المصري

انتشار المخدرات والحوادث والجريمة.. ظواهر تهدد صعيد مصر

تشهد مصر تحديات متصاعدة بسبب انتشار المخدرات، خاصة في الجنوب، حيث ترتبط هذه الظاهرة بارتفاع معدلات الجريمة، وتحديدًا جرائم العنف والقتل. وتشير التقارير إلى أن تعاطي المخدرات أصبح أحد العوامل المحورية التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والاجتماعية في البلاد.

 

وفقًا لآخر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أظهرت البيانات الرسمية انخفاضًا عامًا في معدلات الجريمة بنسبة 14% خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق، إلا أن الجرائم المرتبطة بالمخدرات ما زالت تشكل تهديدًا كبيرًا.

 

وتعد الفئة العمرية بين 18 و30 عامًا الأكثر تأثرًا بتعاطي المخدرات، مما يزيد من احتمالية تورط الشباب في أعمال عنف وجرائم خطيرة.

 

حوادث هزت مصر

 

جريمة المعادي

 

شهد حي المعادي بالقاهرة جريمة قتل بشعة، حيث تعرضت سيدة ثلاثينية لاعتداء وحشي بسلاح أبيض في أثناء عودتها من العمل. تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد صادمة للحادثة، مما أثار غضبًا واسعًا بين السكان.

 

إطلاق نار في المنصورة

 

تحولت مشادة كلامية داخل مقهى بمدينة المنصورة إلى حادثة دموية، حيث أطلق أحد الشباب النار عشوائيًا، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين. التحقيقات أكدت أن الجاني كان تحت تأثير المخدرات.

 

اختطاف طفل في الجيزة

 

في واقعة مؤلمة، اختطف طفل يبلغ من العمر 8 سنوات من أمام منزله بإحدى قرى الجيزة. طالب الخاطفون بفدية مالية ضخمة، لكن جهود الأجهزة الأمنية نجحت في تحرير الطفل والقبض على الجناة، الذين كانوا من معارف الأسرة.

 

جريمة أسرية في الإسكندرية

 

أطلق شاب النار على والده في منطقة سيدي بشر بالإسكندرية بعد خلافات حادة داخل الأسرة. الجريمة أثارت دهشة المحيطين، خاصة أن الجاني كان يُعرف بحسن سلوكه، لكنه تبين لاحقًا أنه يعاني من إدمان المخدرات.

 

تحرش جماعي في طنطا

 

شهدت مدينة طنطا حادثة تحرش جماعي بفتاة عشرينية خلال احتفالات رأس السنة، مقاطع الفيديو التي وثقت الحادثة أشعلت الغضب الشعبي، وتمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد هوية المتورطين وضبطهم.

 

 

المحرك الخفي لجرائم العنف

 

تشير الأبحاث إلى أن المخدرات تلعب دورًا كبيرًا في تصعيد جرائم العنف، إذ تؤثر على الجهاز العصبي بشكل يرفع مستويات العدوانية ويفقد السيطرة على السلوكيات. هذا الأمر يظهر بوضوح في قضايا القتل والانتحار والتحرش التي يُلاحظ فيها تورط المدمنين.

 

دور الدولة في مكافحة المخدرات

 

تشن وزارة الداخلية المصرية حملات مستمرة لضبط تجار المخدرات ومروجيها في جميع أنحاء البلاد، مع التركيز على المناطق الجنوبية.

وتنظم الدولة برامج توعوية تستهدف الشباب في الجامعات والمدارس لتسليط الضوء على مخاطر الإدمان.

كذلك توفر مصر مراكز علاجية وإعادة تأهيل لضحايا الإدمان لمساعدتهم على العودة إلى المجتمع.

 

تأثير المخدرات على قطاع التعليم

 

في العام الماضي و بداية العام الحالي، تصاعدت حوادث العنف بين الطلاب في المؤسسات التعليمية، مما أثار تساؤلات حول العلاقة بين المخدرات وهذه الظاهرة.

 

الخبراء يؤكدون أن انتشار المخدرات بين الشباب يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية وزيادة معدلات الشجار والعنف داخل المدارس والجامعات.

 

تتصدر المخدرات قائمة التحديات التي تواجه مصر اليوم، لما لها من تداعيات اجتماعية وأمنية خطيرة، مكافحة هذه الظاهرة تتطلب تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني، بالإضافة إلى دعم الأسر لمواجهة هذا الخطر وحماية الشباب من الوقوع في فخ الإدمان.

 

 

أكد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي لعلاج الأطفال والبالغين، أن المواد المخدرة تؤثر بشكل مباشر على سلوك الإنسان، حيث يؤدي تعاطيها إلى زيادة إفراز مادة الدوبامين في الدماغ، مما يضاعف طاقة المتعاطي بشكل غير طبيعي.

 

وأوضح أن هذه الزيادة الحادة في الدوبامين ترتبط بارتفاع معدلات العنف لدى المدمنين، مشيراً إلى أن السلوك العدواني الناتج عن التعاطي لا يكون له أي مبرر، حتى في ظل الهلاوس السمعية والبصرية التي يعاني منها المدمن.

 

البطالة

 

وأضاف فرويز، في تصريحات لمنصة “MENA“، أن البطالة تُعد من العوامل الرئيسية التي تدفع الأفراد نحو تعاطي المخدرات، حيث يهرب العاطلون من واقعهم إلى الإدمان، وهو ما يزيد من معاناتهم بدلاً من حل مشكلاتهم. وأوضح أن الأشخاص الذين لديهم عمل مستقر أقل عرضة للإدمان، مما يؤكد وجود علاقة وثيقة بين المخدرات والبطالة والفقر والجريمة. كما شدد على أن السبب الأساسي في السلوك العدواني للمتعاطين هو الارتفاع الكبير في مستويات الدوبامين داخل الدماغ.

 

وتطرق استشاري الطب النفسي إلى أنماط الشخصيات الأكثر عرضة للإدمان، موضحاً أنها تشمل الشخصية السيكوباتية، تليها الشخصية الحدية، ثم الشخصية العصابية والسلبية الاعتمادية، وهي أنماط تتسم بعدم الاستقرار العاطفي والسلوكي، مما يجعل أصحابها أكثر عرضة للانخراط في الإدمان.

 

وأشار فرويز إلى أن انتشار المخدرات يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة معدلات الجريمة، محذراً من خطورة المخدرات المستحدثة، التي تُعتبر الأخطر على الإطلاق، بسبب تأثيرها القوي في رفع مستويات الدوبامين، مما يجعل المتعاطين أكثر اندفاعاً لارتكاب الجرائم العنيفة.

 

وفيما يتعلق بعلاج الإدمان، أوضح فرويز أن معظم دول العالم لا توفر العلاج المجاني للمدمنين بسبب الأعداد الكبيرة للمتعاطين والحاجة المستمرة للخدمات العلاجية. وأكد أن بعض الأنظمة الصحية تعتمد على جداول زمنية لعلاج المدمنين، بحيث يتم تحديد مواعيد متأخرة قد تصل إلى ستة أشهر، وهو ما يؤدي في كثير من الحالات إلى فقدان المدمن الرغبة في العلاج والعودة إلى الإدمان.

 

 

تغير السلوك البشري وتسبب الهلاوس والعدوانية

 

قال الدكتور محمد عبدالقادر، استشاري الطب النفسي بمركز إرادة لعلاج الإدمان، إن تعاطي المخدرات يؤثر بشكل مباشر على كيمياء الدماغ، مما يؤدي إلى تغيرات حادة في السلوك البشري، أبرزها الإصابة بالضلالات العقلية أو التهيؤات، مثل اعتقاد الشخص بأن هناك من يحاول إيذاءه أو قتله.

 

وأضاف عبدالقادر، في تصريحات لمنصة “MENA“، أن هذه الضلالات غالباً ما تكون مصحوبة بهلاوس، مثل سماع أصوات تتحدث عنه بصورة سيئة، ما يدفعه إلى ردود فعل عدوانية قد تصل إلى مهاجمة الآخرين دون مبرر حقيقي. وأشار إلى أن مدمن المخدرات قد يشكل خطراً على من حوله في أي لحظة، لا سيما عند تعاطي مخدر “الشابو” أو “الكريستال”، الذي يُعد من أخطر أنواع المخدرات المنتشرة حالياً، لما له من تأثيرات سلبية شديدة، تشمل الهياج العصبي، الهوس، والأرق المزمن، نتيجة تأثيره القوي على كيمياء الدماغ، مما يدفع المتعاطي إلى سلوكيات عدوانية غير متوقعة.

 

وتابع استشاري الطب النفسي أن المواد المخدرة بشكل عام تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية: المهدئات، المهلوسات، والمنشطات، مشيراً إلى أن “الشابو” من المواد المنشطة، تماماً مثل الحشيش، لكنه ذو تأثير أكثر حدة. وأوضح أن تعاطي المخدرات يرتبط بشكل وثيق بالإصابة بالأمراض النفسية، بدءاً من اضطرابات الشخصية وصولاً إلى الأمراض الذهانية الخطيرة.

 

وأكد عبدالقادر أن هناك اختلافات جوهرية في تأثير المخدرات على الأفراد، وفقاً لحالتهم النفسية قبل التعاطي، إذ إن بعض الأشخاص يكونون مصابين باضطرابات نفسية قبل الإدمان، في حين أن آخرين يطورون أمراضاً نفسية بسبب التعاطي المستمر، ما يجعل العلاج أكثر تعقيداً.

 

 

الشابو وراء تصاعد الجرائم

 

وأكد استشاري الطب النفسي، أن الانتشار الواسع لمخدر “الشابو” أو “الكريستال ميث” يُعَدُّ سببًا رئيسيًا في تصاعد الجرائم البشعة مؤخرًا، نظرًا لتأثيره الكيميائي القوي على الدماغ والسلوك البشري.

 

ما الشابو؟

 

الشابو، المعروف علميًا بالميثامفيتامين، هو مادة كيميائية شديدة الإدمان تُصنَّع معمليًا على شكل بلورات بيضاء أو زرقاء لامعة، وتُعرف أيضًا بأسماء مثل “الكريستال ميث” أو “الثلج”. يُعَدُّ الشابو من أخطر المخدرات الاصطناعية التي تؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى زيادة مستويات الدوبامين في الدماغ، وهو ما يسبب شعورًا مؤقتًا بالنشوة والطاقة.

 

مخاطر الشابو الصحية والسلوكية

 

يؤدي الشابو إلى ظهور هلاوس سمعية وبصرية، وضلالات عقلية، مما يدفع المتعاطي إلى سلوكيات عدوانية وغير متوقعة.

 

الإدمان السريع

 

يعد الشابو من أكثر المخدرات قدرةً على التسبب في الإدمان بسرعة، مما يجعل عملية العلاج والتعافي منه تحديًا كبيرًا.

 

انتشار الشابو

 

أشارت تقارير إعلامية إلى تزايد انتشار مخدر الشابو في مصر، خاصة في مناطق الصعيد، حيث كان يُعتبر في البداية مخدرًا لفئة معينة بسبب ارتفاع سعره، لكنه أصبح متاحًا بشكل أوسع، مما أدى إلى زيادة معدلات الإدمان والجرائم المرتبطة بتعاطيه.

 

وفي هذا السياق، حذرت الجهات الصحية من خطورة هذا المخدر، نظرًا لارتباطه بزيادة معدلات الجرائم العنيفة، حيث يدفع تأثيره القوي على الدماغ المتعاطين إلى ارتكاب أفعال عدوانية دون وعي أو إدراك.

 

إحصائيات حول تعاطي الشابو

 

وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن تعاطي المخدرات يُسهم في حوالي 600 ألف وفاة سنويًا على مستوى العالم، وترتبط 80% من هذه الوفيات بالمواد الأفيونية، وعلى الرغم من أن هذه الإحصائيات تشمل جميع أنواع المخدرات، إلا أن الانتشار المتزايد لمخدرات مثل الشابو يثير القلق بسبب تأثيراتها المدمرة على الأفراد والمجتمعات.

 

دعوة للتوعية والعلاج

 

في ضوء هذه المخاطر، يشدد الدكتور عبدالقادر على أهمية التوعية بمخاطر الشابو، وضرورة تقديم الدعم والعلاج للمدمنين، بالإضافة إلى تعزيز دور الأسرة والمجتمع في الوقاية من الإدمان ومكافحته.

 

اقرأ أيضًا:

 

إدمان الانترنت هل هو سبب ارتفاع معدلات الطلاق في مصر؟

 

ما الذي يدفع الشباب “للهجرة بأي ثمن” من مصر؟

 

“خليها تعنس” كيف عزف الشباب عن الزواج بسبب قائمة المنقولات

 

تحديات مواقع التواصل الاجتماعي وسعي الشباب المصري وراء الثراء

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية