سياسة

تصاعد التوترات بين مصر وإسرائيل.. ماذا بعد التصريحات؟

تتزايد التوترات بين إسرائيل ومصر بشكل يومي، بدءًا من 7 أكتوبر، مرورًا باحتلال محور فلادلفيا، وصولًا إلى التصعيد الأخير في التصريحات بين البلدين. في هذا السياق، برزت تصريحات اللواء أحمد صفي الدين، رئيس هيئة تدريب الجيش المصري، والتي أكدت جاهزية القوات المسلحة المصرية لمواجهة أي تهديدات خارجية. جاءت هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة تصاعدًا مستمرًا في التوترات الأمنية، وتهدف إلى طمأنة الشعب المصري والعربي بأن الجيش المصري مستعد تمامًا لحماية الأمن القومي المصري، في مواجهة أي محاولات للمساس بسيادته.

 

تثير هذه التصريحات العديد من التساؤلات حول الدوافع وراءها والتوقيت الذي جاءت فيه، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية الأخيرة والعلاقات المتقلبة بين مصر وإسرائيل.

 

وأعربت إسرائيل عن قلقها من الجيش المصري، إذ اعتبر رئيس الأركان الإسرائيلي المنتهية ولايته هرتسي هاليفي، أن التهديد الأمني المصري قد يتغير في أية لحظة، قائلًا أمام خريجي دورة ضباط في مدينة حولون، الأربعاء الماضي، إنه قلق مما سماه “التهديد الأمني من مصر”، معتبرا أنه” لا يشكل تهديدا حاليا ، لكن الأمر قد يتغير في لحظة.

 

في هذا السياق، يُطرح سؤال رئيسي: هل هذه التصريحات تعد ردًا على القلق الإسرائيلي المتزايد بشأن تحديث القدرات العسكرية المصرية؟ وهل تشير إلى تحول في السياسة الدفاعية لمصر في ظل المتغيرات السياسية الإقليمية؟

 

تعكس تصريحات اللواء صفي الدين ربما إشارة إلى تطور في نية مصر لتوضيح مواقفها في ظل الضغوط الإقليمية، حيث تهدف إلى إرسال رسائل واضحة حول التزامها باستقرار المنطقة وأمنها. في الوقت نفسه، تفتح هذه التصريحات الباب لعدد من الأسئلة حول التنسيق بين القيادة السياسية والعسكرية المصرية، وكذلك عن التأثير المحتمل لهذه الرسائل على العلاقات العسكرية والأمنية مع إسرائيل، فيما اعتبر البعض هذه التصريحات مؤشرا على تحول في السياسة الدفاعية المصرية.

 

 

طمأنة الشعب المصري

 

أكد السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تصريحات اللواء أحمد صفي الدين، رئيس هيئة تدريب الجيش، بشأن جاهزية القوات المسلحة المصرية تأتي في إطار طمأنة الشعب المصري والعربي، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الأركان الإسرائيلي حول تسليح الجيش المصري.

 

وأوضح مرزوق في حديثه لمنصة “MENA“، أن المؤسسة العسكرية المصرية لديها استراتيجية واضحة للتدريب والاستعداد لمواجهة أي تهديدات، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة ليست فقط على أهبة الاستعداد عسكريًا، بل تحرص أيضًا على التواصل مع المجتمع المصري لتعزيز الثقة في قدرتها على حماية الوطن.

 

وأضاف أن الفترة الأخيرة شهدت “لغطًا كبيرًا” من الجانب الإسرائيلي، إذ صدرت اتهامات لمصر بتهريب مساعدات إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، فضلًا عن مزاعم بشأن وجود حشود عسكرية مصرية في سيناء أو تغييرات في الخرائط. وأكد أن القوات المسلحة المصرية تعمل على توضيح الحقائق والرد على مثل هذه الادعاءات من خلال رسائل واضحة للشعب المصري وللجهات التي قد تفكر في اتخاذ خطوات غير محسوبة تجاه مصر.

 

السفير معصوم مرزوق: مصر لا تتراجع

 

وحول توقيت التصريحات، أوضح مرزوق أن القوات المسلحة لا تحتاج عادة إلى إصدار بيانات بشأن جاهزيتها، لأن ذلك من بديهيات عملها. ولكن كثرة التصريحات الإسرائيلية دفعت الجيش إلى إرسال رسالة لها أبعاد متعددة، أهمها التأكيد على أن مصر لا تتراجع أمام أي تهديد لأمنها القومي.

 

 

وأشار إلى أن هذه الرسائل ليست تهديدًا مباشرًا، وإنما هي توضيح لواقع راسخ مفاده أن مصر لن تسمح بأي تجاوزات تمس أمنها القومي. وأكد أن الجيش المصري، الذي خاض آخر مواجهة مباشرة مع إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، ما زال حاضرًا في الدراسات والأبحاث الإسرائيلية كمصدر قلق واستعداد دائم.

 

وعن تأثير هذه التصريحات على العلاقات العسكرية بين مصر وإسرائيل، أوضح مرزوق أن العلاقات بين الجانبين تمر بتوتر مكتوم، مشيرًا إلى أن التعاون بينهما يقتصر على الجوانب الأمنية المتعلقة بمكافحة التهريب، لكنه لا يتعدى ذلك إلى تعاون عسكري حقيقي بسبب السياسة الإسرائيلية تجاه المنطقة.

 

وفيما يتعلق بالتنسيق بين القيادة السياسية والمؤسسة العسكرية في إصدار مثل هذه التصريحات، أكد مرزوق أن رئيس الجمهورية، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، على دراية كاملة بالخطوات التي تتخذها المؤسسة العسكرية، مشيرًا إلى أن قرارات الجيش تأتي في إطار عمل مستمر لضمان الجاهزية التامة.

 

اعتبر السفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الرسالة التي وجهها اللواء أحمد صفي الدين بشأن تسليح القوات المسلحة المصرية تهدف في المقام الأول إلى طمأنة الشعب المصري والعربي حول جاهزية الجيش المصري وقدرته على حماية الأمن القومي.

 

وأوضح رخا في حديثه لمنصة “MENA” أن المنطقة تمر بتحديات أمنية خطيرة، سواء بسبب الاعتداءات الخارجية على سيادة الدول أو تهديدات التنظيمات الإرهابية، مما يثير مخاوف لدى البعض بشأن قدرة مصر على التصدي لهذه التهديدات.

 

وأضاف أن التصريحات الصادرة عن القيادات العسكرية تأتي في هذا السياق لتأكيد أن مصر مستعدة لمواجهة أي تهديد، دون أن يعني ذلك نية الهجوم أو الاعتداء، مشددًا على أن الحق في الدفاع عن النفس مكفول وفقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

 

وفيما يتعلق بتزامن هذه التصريحات مع ما ورد عن رئيس الأركان الإسرائيلي بشأن تسليح الجيش المصري، أشار رخا إلى أن امتلاك مصر للأسلحة ليس سرًا، إذ يتم شراء الأسلحة من مصادر خارجية إلى جانب التصنيع المحلي.

 

جرأة خارقة للقوانين الدولية

 

ولفت إلى أن استخدام هذه الأسلحة وتطويرها هو ما يصنع الفارق، مستشهدًا بحرب أكتوبر 1973، حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من تحقيق إنجاز عسكري رغم الفارق في التسليح.

 

وشدد رخا على أن هذه التصريحات لا تمثل ردًا رسميًا على أي مخاوف إسرائيلية، بل هي موجهة بالأساس للمواطنين المصريين، مؤكدًا أن إسرائيل، التي وصفها بأنها “ولاية أمريكية”، تعتمد على الدعم العسكري الأمريكي وتتصرف بجرأة خارقة للقوانين الدولية، مما يجعلها مصدر التهديد الحقيقي في المنطقة.

 

وأضاف أن إسرائيل تسعى دومًا لتوجيه الأنظار إلى إيران، رغم أن الأخيرة تخضع للرقابة الدولية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، بينما تمتلك إسرائيل أسلحة نووية دون أي رقابة، بل إن بعض مسؤوليها هددوا باستخدامها.

 

وأوضح أن إسرائيل تتدخل في شؤون الدول بحجج مختلفة، بينما تستمر في انتهاك اتفاقيات السلام التي وقّعتها، مؤكدًا أن مصر تلتزم بالاتفاقيات رغم الخروقات الإسرائيلية، مثل استمرار احتلال محور صلاح الدين.

 

عزلة إسرائيل

 

وفيما يتعلق بوجود قنوات دبلوماسية لتخفيف التوتر بين مصر وإسرائيل، أوضح رخا أن مصر تتفاوض دائمًا من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة، لكنه شدد على أن السياسات الإسرائيلية على المدى البعيد تشكل تهديدًا لكيانها نفسه، نظرًا لممارساتها التي تزيد من عزلة إسرائيل وتعمّق الكراهية ضدها في المنطقة.

 

وختم حديثه بالتأكيد على أن إسرائيل لا تخشى القوة العسكرية، بل تخشى السلام الحقيقي، لأن استقرار المنطقة قد يؤدي إلى هجرة عكسية لسكانها، مما يهدد مستقبل المشروع الصهيوني بأكمله.

 

اقرأ أيضًا:

 

صور الأقمار الصناعية تُظهر حجم الدمار الهائل في رفح

 

صور الأقمار الصناعية تُظهر حجم الدمار الهائل في رفح

 

العودة المستحيلة.. مأساة المهجّرين شمال شرق سيناء

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية