تحليلات

رفع الدعم السلعي وتأثيره على حياة الملايين من المواطنين

أثارت بعض التصريحات للمسئولين المصريين عن اقتراحات بخفض أو رفع الدعم على السلع تخوفات الملايين من المصريين خاصةً في ظل ارتفاع الاسعار والتضخم الذي تعاني منه البلاد بشكلٍ كبير في السنوات الاخيرة مع الازمات المتكررة نتيجة لبعض الاحداث سواء العالمية أو الناتجة عن فشل السياسات الاقتصادية للحكومة المصرية والتي تسببت في نقص الموارد الدولارية٬ بداية من انتشار العمليات الإرهابية ومحاربتها ثم انتشار فيروس كورونا وأعقبها الحرب الروسية الأوكرانية٬ هاتان الدولتان الموردين الاكبر للغلال والاقماع لمصر٬ ثم العدوان الإسرائيلي على غزة وتأثر الاقتصاد المصري بشكل مباشر من الأزمة باعتبارها الجار المباشر والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية على مر التاريخ٬ وتأثر التجارة العالمية سلبيًا بالصراع٬ وعلى رأسها تراجع ايرادات قناة السويس مما تسبب في نقص الموارد الدولارية٬ اضافة إلى انشاء مشروعات قومية بمئات المليارات كانت سبب كبير في تأثر المواطن المصري البسيط وتحمله مشقة زيادة اسعار كافة السلع.


وطبقا لإحصاءات رسمية، يبلغ عدد بطاقات الدعم الحكومي الغذائي، التي يحصل المواطنون بموجبها على السلع والخبز بأسعار مخفضة، 23 مليون بطاقة يستفيد منها نحو 72 مليون شخص.


وحسب تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي 27 مايو الماضي في مؤتمر صحفي، إن فاتورة الدعم للعام المقبل ستصل إلى 636 مليار جنيه، بزيادة 20% عن العام الحالي المنتهي في 30 يونيو 2024، والبالغة 530 مليار جنيه٬ مشيرًا إلى بعض الآراء أفادت أن الدولة المصرية تحتاج إلى أن تتحول إلى منظومة للدعم النقدي وليس الدعم العيني، بمعنى إعطاء مبلغ نقدي للمواطن بحيث يمثل ذلك المبلغ متوسط ما تتحمله الدولة من دعم له، بدلاً من دعم رغيف الخبز والسلع التموينية وبعض الخدمات.



ويتخوف المواطنين بشده من امكانية الغاء الدعم السلعي معتبرين أنه الطريق لإلغاء الدعم بشكلٍ كامل لأن التحول للدعم النقدي لن يكون مُجدي ولن ينفذ بالشكل الصحيح. وقال عدد من المواطنين رفضوا الإفصاح عن اسمائهم أن ذلك سوف يقضي على ملايين المستفيدين ولن يستفيد منه إلا اعداد قليلة خاصة إن الفارق كبير جدًا بين ما تراه الحكومة غير مستحق للدعم والواقع الفعلي٬ مشيرين أنه مع الاسعار الحالية المبالغ فيها جدًا فهناك فئات كثيرة تحت خط الفقر ومع ذلك تعتبرها الحكومة غير مستحقه ومنها ارتفاع اسعار الخدمات مثل شرائح الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من المرافق والتي تلتهم أحيانًا أكثر من نصف دخل الموظف معتبرين أن غالبية الموظفون مستحقون للدعم٬ وأضاف عدد من المواطنين من أصحاب المهن الحرة إن العديد من المهن تأثرت سلبًا بالظروف الاقتصادية ومنها توقف عن العمل خاصة مع توقف أعمال البناء منذ سنوات .




وصرح رئيس الوزراء أنه يبحث مع الخبراء فكرة التحول من الدعم السلعي للنقدي، معتقدًا أنه على المدى المتوسط سيكون هذا الدعم هو الحل الحقيقي لمصر، بحيث تظل منظومة الدعم قائمة، ولكن تصبح أكثر حوكمة، ويكون مبلغ الدعم محددًا ومعروفًا، بل وقابلاً للزيادة كل عام مع حدوث التضخم وفي ظل مؤشرات معينة”٬ مشيرًا إلى حوار مجتمعي لوضع التفاصيل والآليات في هذا الشأن٬ ونوّه بالاستعانة بـ “الحوار الوطني” وكذلك الخبراء الاقتصاديين محددًا نهاية عام 2024 الجاري كمهلة حتى يصل هؤلاء إلى تصور يفيد بما إذا كان الدعم النقدي هو النموذج الأفضل لمصر أم لا. وإذا كان هو الأفضل فما هي آليات تنفيذه”.


وأكد مصطفى مدبولي أنه إذا جرى التوافق يمكن بدء التطبيق تدريجيًا بدءً من العام المالي 2025-2026، قائلًا إن “مصر تحتاج أن تتحرك في تلك المنظومات كلها بثبات في طريق إصلاح اقتصادي حقيقي”.


وتعتبر الحكومة المصرية أن مخصصات الدعم تمثل ضغطا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة التي تعاني بالفعل من عجز كبير منذ سنوات في ظل نمو سكاني متسارع، ما دفع البلاد للجوء إلى المؤسسات المالية الدولية المانحة طلبًا للعون المالي لسد الفجوة في الإيرادات والمصروفات٬ وجاءت بداية الفكرة حين أعلن الرئيس السيسي توجه الدولة لوقف إصدار بطاقات التموين للمقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثًا، موضحًا رأيه بأن الذين يرغبون في الحصول على الدعم التمويني كان عليهم عدم الإقدام على الزواج في المقام الأول لكونهم غير قادرين على تحمل المسؤوليات المالية للزواج٬ وذلك خلال افتتاح مجمع إنتاج البنزين بشركة أسيوط لتكرير البترول 22 ديسمبر 2021  قائلاً: “لا يمكن أدى تاني بطاقة تموين لحد بيتجوز، لأنك لو بتتجوز ومستني الدولة تديك بطاقة تموين أنت مش قادر تصرف إزاى يعنى.. لأ ده كلام مش مظبوط”، مضيفًا: “كمان لما أخلف حد يأكلي عيالي! لن نضع بطاقة تموين لأكثر من فردين في اللي فات، وفي الجديد مفيش”..




وتصرف مصر عدة سلع أساسية للمواطنين شهريًا من خلال بطاقات دعم تعرف باسم “بطاقة التموين”، ويحصل كل مواطن مقيد بالبطاقة على 50 جنيهًا تنفق لاختيار أصناف من 27 سلعة تموينية متاحة لدى محلات مخصصة لذلك.


وأوضح مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية عمرو مدكور، في تصريحات، أن عدد بطاقات التموين في مصر يبلغ 23 مليون بطاقة يستفيد منها ملايين المواطنين، مؤكدًا التزام الوزارة بتوجيهات السيسي بعدم إصدار بطاقة تموينية جديدة لمن يتزوج حديثًا، مع الإبقاء على قاعدة بيانات مستحقي الدعم الحالية دون تغيير.


ومنذ عام 2018 تعمل الحكومة المصرية باستمرار على مشروع لتحديث بيانات المستفيدين من منظومة السلع التموينية، وتم حذف ملايين المستفيدين لعدم تطابق الشروط الموضوعة اضافة إلى حذف الوفيات، وفي المقابل تم ضم آخرين للمنظومة أبرزهم المستفيدين بنظام “تكافل وكرامة”٬ وسبق أن ذكر وزير التموين المصري على المصيلحي أنه تم حذف 10 ملايين من قاعدة بيانات منظومة السلع التموينية ليصل إجمالي عدد المستحقين إلى نحو 70 مليونا، مما وفر على الدولة نحو 5 مليارات جنيه سنويًا، وأرجع سبب الحذف إلى عدم أحقيتهم في الحصول على الدعم السلعي، بعد أن حددت الحكومة أبرز الاشتراطات للاستفادة من منظومة السلع التموينية وهي أن يحصل المواطن على راتب ثابت يبدأ من 7 آلاف جنيه، ومن يدفع فاتورة كهرباء تبدأ من 1200 جنيه، أو يدفع فاتورة لخط محمول بداية من 500 جنيه شهريًا، ومن يمتلك سيارة حديثة؟


وأيد فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، توجيهات السيسي بوقف إصدار بطاقات تموين للمتزوجين حديثًا أو المقبلين على الزواج، مبررًا بأن مصر تواجه زيادة سكانية ضخمة، حيث يصل معدل الزيادة الطبيعة في السكان -الفرق بين المواليد والوفيات- إلى نحو 1.8 مليون نسمة سنويًا، وتضيف هذه الزيادة أعباء ضخمة على الموازنة العامة للدولة سنويًا.


وتخطط الحكومة المصرية لتحويل نظام الدعم في البلاد من عيني إلى نقدي  يثير تساؤلات واسعة حول تأثير ذلك على حياة أكثر من 110 ملايين مصري يعتمد معظمهم على الدعم، ويعيش ثلثهم تحت خط الفقر أو فوقه بقليل.


وتؤكد موازنة العام المالي القادم، الذي سيبدأ في الأول من يوليو 2024، على أن “الحكومة تعتزم الاستمرار في التحول التدريجي إلى الدعم النقدي وشبه النقدي الذي يستهدف الفئات الأولى بالرعاية والمناطق الأكثر احتياجا”، وفقا لوزارة المالية٬ فيما يقول رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية قبل أيام، إنه سيتم إجراء “حوار وطني جاد” لوضع تصور لكيفية التحول إلى الدعم النقدي٬ وجاء الحديث عن هذه الخطة مع اتخاذ الحكومة المصرية، أكبر مستورد للقمح في العالم، قرار رفع سعر رغيف الخبز المدعوم لأول مرة منذ 3 عقود من خمسة قروش إلى 20 قرشًا، اعتبارا الأول من يونيو الجاري.


ويبلغ إجمالي الدعم في موازنة العام المالي الحالي، نحو 529.7 مليار جنيه٬ نحو “11.1 مليار دولار”، فيما يسجل في موازنة العام المالي المقبل، نحو 635.9 مليار جنيه “13.5 مليار دولار”.


ويؤكد الخبراء على أن “هذه الخطوات تأتي جميعها في إطار ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي”، والذي يُطالب مصر منذ البرنامج الأول للإصلاح الاقتصادي في العام 2016، بتحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي.



وفي أكثر من مناسبة، أكد صندوق النقد أن مصر مطالبة بتحويل الدعم العيني بما في ذلك دعم المحروقات والطاقة، إلى دعم نقدي من خلال التوسع في برامج شبكة الحماية الاجتماعية، مثل برنامج تكافل وكرامة، الذي تقدم الحكومة من خلاله مساعدات نقدية مشروطة لمساعدة الأسر الفقيرة والأكثر احتياجًا٬ والذي يتخوف منه المواطنون باعتبار أن برنامج تكافل وكرامة لم يشمل المستحقين الفعليين للدعم وإنما يمثل عدد قليل من الاسر الفقيرة بالإضافة إلى ضعف المبالغ الممنوحة.



وحذر عدد من خبراء الاقتصاد من أن الغاء الدعم السلعي، سيتسبب في ضغوط تضخمية على الطبقات الفقيرة، وفق الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده٬ مشيرًا إن “تطبيق الدعم النقدي قد يُحدث خللا في المجتمع المصري، وسيتجه بعض الأشخاص إلى استخدام هذه الأموال في مواضع لا تتعلق بالإعانة على الحياة اليومية من شراء السلع والخدمات٬ وقد يذهب بعض الأشخاص مقابل ما توفره الحكومة لهم من أموال نحو شراء المخدرات الرائجة ذات الأسعار المنخفضة، بدلاً من شراء السلع والخدمات التي تحتاجها الأسرة، وهو الأمر الذي سينعكس على المجتمع وقد يزيد من معدلات الجريمة، في ظل مستوى الفقر المرتفع الذي يعيش فيه المصريون. “


وقالت استاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، عالية المهدي، والتي شاركت في دراسة ميدانية واسعة أجريت قبل نحو 18 عامًا حول إمكانية تطبيق الدعم النقدي في مصر، حيث أظهرت رفض الأسر المصرية لهذا المقترح حينها٬ وقالت المهدي أن الحكومة كانت تريد تطبيق منظومة دعم نقدي في مصر، وطالبوا بإجراء دراسة ميدانية شملت نحو 5 آلاف أسرة، شاركت في إعدادها، لكن النتائج كانت غير مرحبة بمثل هذه الخطوة٬ وأظهرت أن 85 بالمئة من الأسر رفضت تطبيق الدعم النقدي بدلاً من الدعم العيني، نظرًا لتخوفات فيما يتعلق بإمكانية استغلال الأموال بشكلٍ غير مقبول من قبل بعض أفراد الأسرة وفي مقدمتهم رب الأسرة. كما أبلغوا بأن الأموال عادةً تتراجع قيمتها مع الوقت ومن الأفضل الحصول على السلع والخدمات المدعومة من الدولة”.


واعتبرت المهدي إن “برنامج تكافل وكرامة لا يتيح للأسر أي دعم اجتماعي لمواجهة متطلبات الحياة على الرغم من الشروط التي تضعها الحكومة والمعايير لاختيار المستفيدين”٬ وأنه يتيح مبلغ صغير للأسرة لا يكفي بطبيعة الحال شخص واحد حتى على مدار الشهر”.


وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي جدلاً كبيرًا بسبب غضب المصريين من استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية بين الحين والآخر وذلك عقب زيادة أسعار الخبز المدعم بنسبة 300 في المئة٬ كما شكك الخبراء في إمكانية أن يكون برنامج تكافل وكرامة مثال على نجاح منظومة الدعم النقدي في مصر وإن هذا البرنامج يعود إلى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، والحكومة لم تقوم بتطوير برنامج دعم نقدي جديد، ما قامت به ما هو إلا تغيير لاسم منظومة قديمة قائمة منذ عدة عقود. وهذا البرنامج متوارث من الحكومة السابقة ولا يقدم أي جديد فيما يتعلق بالدعم النقدي، وعلى العكس من ذلك يقدم مبالغ متدنية تصل إلى 650 جنيها للأسرة شهريًا  “14 دولارا”٬ ومنذ 4 أعوام، لم تنشر السلطات المصرية بيانات الفقر، في الوقت الذي تشير فيه تقارير عدة إلى أن نحو ثلثي سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أو فوقه بقليل إلى جانب ذلك، تؤكد تقارير محلية على “وجود بعض أشكال الفساد والمحسوبية في المحليات، تحول دون وصول الدعم إلى مستحقيه ضمن برنامج الدعم النقدي تكافل وكرامة”.


ويرى  إيهاب الخراط – ناشط سياسي – أن “الفساد والمحسوبية في المحليات تحد من وصول دعم برنامج تكافل وكرامة إلى مستحقيه”٬ والفساد مستشر في كل منظومة الدعم بما في ذلك الدعم العيني”.


وفي السادس من مارس الماضي، سمح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة، لتنفيذ إصلاح اقتصادي لطالما طالب به صندوق النقد الدولي القاهرة، منذ الاتفاق على برنامج تمويلي قبل عام ونصف العام تقريبا.


وحسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2023، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، سجلت مصر أدنى درجاتها عند 35 درجة، منذ أصبحت نتائج مؤشر مدركات الفساد قابلة للمقارنة في عام 2012، كما حلت في المرتبة 108 في التصنيف الذي يشمل 180 بلدا وإقليما، ويقيس المستويات المدركة لفساد القطاع العام لديها..لهذا يشير الخراط  إلى أن “الإقدام على خطوة الدعم النقدي دون القضاء على الفساد، سيزيد من انتشاره في ظل عدم وجود معايير محددة في الأساس لاختيار الأسر والمستحقين للدعم سواء النقدي أو العيني”.


ويضيف: “المعايير التي وضعتها الحكومة قبل سنوات بالنسبة لإلغاء الدعم للأسر غير المستحقة لم تكن واضحة تماما، حيث ألغت الدعم للكثير من الأسر التي تستحق ذلك. في المقابل إذا كان هناك معايير واضحة مثل استهلاك الكهرباء والسيارة والأصول العقارية، كان من الممكن أن يتم إلغاء الدعم لأغلب المصريين”.


وتواجه مصر ارتفاعًا حادًا في التضخم، حيث بلغ في أبريل الماضي نحو 31.8 بالمئة، وفق ما تظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فيما يقول البنك الدولي، إن مصر من بين “البلدان الـ10 الأكثر تضررا من تضخم الغذاء في العالم”.


لهذا تؤكد أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة عالية المهدي، أن “المزيد من الأموال في السيولة قد تؤدي لموجة تضخمية كبيرة، حتى لو كانت مؤقتة٬ مشيرةً أنها ضد تطبيق الدعم النقدي لأنه تضخمي٬ والحكومة تمنح الناس المزيد من الأموال في أيديهم دون أي زيادة تذكر في الإنتاج المحلي، وبالتالي النتيجة الطبيعية حدوث تضخم جامح وبالتالي مزيد من التضخم في الاقتصاد وارتفاع الأسعار. “


وتحدث الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، مؤخرًا، عن مبالغ نقدية يمكن منحها للمواطنين حال تطبيق الدعم النقدي، إذ يقول: “الدعم النقدي سيغطي عددًا من الخدمات وليس كل الخدمات، لو افترضنا أن تكلفة الدعم يصل إلى ألف جنيه (21 دولارا) للفرد الواحد في الشهر، وافترضنا أن الأسرة مكونة من 5 أفراد، فإنها بالتالي ستحصل على 5 آلاف جنيه شهريًا، وهذا مجرد مثال”.


وتعتبر المهدي أن “مبلغ ألف جنيه رغم قدرته الشرائية المحدودة، لكنه يمكن أن يزيد من الأسعار بشكلٍ كبير”، وتُشدد على أن “التضخم في الأخير يشعر به الفقراء”.


ورغم تصريحه ببحث فكرة الغاء الدعم السلعي واستبداله بالنقدي إلّا أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أكد مؤخرًا على أن الحديث عن إلغاء الدعم “غير صحيح على الإطلاق”٬ مشيرًا في مؤتمر صحفي، أن الدولة ملتزمة بتوفير الدعم، لكن كل ما تفعله الدولة هو ترشيد الإنفاق على الدعم، لافتًا إلى أن الدولة لجأت إلى تخفيف الأحمال في الكهرباء بسبب التكاليف العالية التي تنفقها الدولة على هذا القطاع.


وتقدم الدولة الدعم النقدي في شكل معاش شهري من خلال برنامج تكافل وكرامة الذي يوفر مساعدات مشروطة تستهدف الأسر الأكثر احتياجًا. ساعد الدعم النقدي نسبة صغيرة من الفقراء وقد يكون له دور في الحد من تفاقم نسب الفقر لكن بشكل محدود. يوفر برنامج تكافل وكرامة حوالي 620 – 740 جنيهًا للأسرة في الشهر، وبناءً على خط الفقر المدقع الذي حدده بحث الدخل والإنفاق منذ خمس سنوات عند 550 جنيهًا للفرد.




لم تنجح سياسة الدعم النقدي في رفع مستوى معيشة الأسر المستهدفة أو تحسين شبكة الأمان الاجتماعي بشكل عام أو الحماية من الفقر خصوصًا مع الأزمة الاقتصادية الحالية، ما زاد اعتماد السكان على الخبز المدعوم الذي لا يكلف الحكومة كثيرًا على خلاف التصريحات الرسمية. ومنع الدعم السلعي سيؤدي إلى توسيع دائرة الفقر والجوع خصوصًا أن رغيف الخبز هو العمود الأساسي في حصول أغلب المصريين على سعراتهم الحرارية المطلوبة٬ وتعتمد شريحة كبيرة من السكان على الخبز المدعم ومِنهم مَن هم على حافة الفقر وشرائح من الطبقة الوسطى التي تعد أكثر الفئات تضررًا من رفع الدعم السلعي وهم غير مستحقين للإعانة النقدية في ظل تطبيقاتها الحالية.


وتؤكد موازنة العام المالي القادم، الذي سيبدأ في الأول من يوليو، على أن “الحكومة تعتزم الاستمرار في التحول التدريجي إلى الدعم النقدي وشبه النقدي الذي يستهدف الفئات الأولى بالرعاية والمناطق الأكثر احتياجا”، وفقا لوزارة المالية لكنه سيسبب حالة من الضجر والضغط المتزايد على المواطنين خاصة وإن غالبية المواطنين يرون عدم العدالة في التطبيق وأن الهدف الاساسي هو الغاء الدعم بشكلٍ كامل بدون ايجاد حلول حقيقية أو فعلية.


شارك المقالة

مقالات مشابه

حديقة الحيوان بالجيزة ..تطوير أم استثمار خارجي؟

حديقة الحيوان أحد المعالم الهامة والرئيسية بمحافظة الجيزة٬ ثاني أكبر محافظة في مصر٬ وارتبط اسمها دائمًا كمتنفس للمواطنين البسطاء في

مشروع حديقة تلال الفسطاط.. هل ينجح في تعويض المواطن والمناخ؟!

اقتراب افتتاح مشروع حديقة تلال الفسطاط، عنوان تصدر الصحف المصرية وتناولت البرامج التلفزيونية الأهمية المنتظرة من وراءه كواجهة سياحية

رفع الدعم السلعي وتأثيره على حياة الملايين من المواطنين

أثارت بعض التصريحات للمسئولين المصريين عن اقتراحات بخفض أو رفع الدعم على السلع تخوفات الملايين من المصريين خاصةً في ظل ارتفاع الاسعار