لعبت الشركات الأمنية الخاصة دورا مساعدا لوزارة الداخلية بعد ثورة 25 يناير 2011، إذ توسعت خلال السنوات الأخيرة بدعم من الوزارة، التي ترى في هذا النمو وسيلة لتخفيف الأعباء وتوجيه الجهود الأمنية نحو المهام الأكثر خطورة.
في ذلك، اعتبر اللواء محمد نجم، الخبير الأمني، أن شركات الأمن الخاصة في مصر أصبحت تمثل إحدى أدوات المشاركة الشعبية في دعم الأمن العام، خاصة بعد التغيرات الأمنية التي شهدتها البلاد عقب ثورة 25 يناير.
وأوضح نجم أن تصاعد التحديات الأمنية بعد 2011 حمّل وزارة الداخلية أعباءً ضخمة، دفعتها إلى التفكير في تفريغ جزء من مهامها التقليدية، مثل تأمين المنشآت والمناسبات الجماهيرية، لصالح شركات أمنية خاصة، لتتمكن من التركيز على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وأضاف في تصريحات لمنصة “MENA“: “قبل أحداث يناير، كانت وزارة الداخلية منخرطة في تفاصيل كثيرة من حياة المصريين، ما سبّب ضغطًا كبيرًا على الجهاز الأمني. ومن هنا جاء التوجه إلى دعم شركات الأمن الخاصة كوسيلة لتخفيف هذا الضغط، دون التفريط في السيطرة الأمنية”.
وأشار اللواء نجم إلى أن هناك بحثًا أُجري مؤخرًا حول دور المشاركة الشعبية في دعم الأمن، وأظهر أن هذه المشاركة تأخذ ثلاث صور رئيسية:
أولًا، تقديم المعلومات للأجهزة الأمنية من قبل المواطنين المتعاونين في سرية تامة؛
ثانيًا، الدعم المعنوي والشعبي للأجهزة في مواجهة الإرهاب؛
وثالثًا، الاعتماد على شركات الأمن الخاصة لتأمين المباني والمؤسسات، مثل البنوك، الشركات، والمباريات الرياضية.
وشدد نجم على أن شركات الأمن الخاصة توسعت خلال السنوات الأخيرة بدعم من وزارة الداخلية، التي ترى في هذا النمو وسيلة لتخفيف الأعباء وتوجيه الجهود الأمنية نحو المهام الأكثر خطورة، مشيرًا إلى أن دور هذه الشركات أصبح مكملًا لا غنى عنه في المشهد الأمني المصري.
قال اللواء محمد نجم، الخبير الأمني، إن السلاح المستخدم من قبل عناصر شركات الأمن الخاصة يجب أن يُعامل بنفس درجة الخطورة كأي سلاح مرخص يُمنح للمواطنين، مشيرًا إلى أن الرعونة في الاستخدام أو غياب التدريب الكافي قد تؤدي إلى نتائج كارثية.
وأكد نجم أن الشركات لا تُمنح تصاريح بحمل السلاح إلا في حالات محدودة للغاية، وبعد التأكد من تدريب الأفراد تدريبًا متكاملًا يخضع لمعايير صارمة. وأضاف: “نحن لا نسمح باستخدام السلاح إلا في أضيق الحدود، وهناك التزام بتطبيق القانون على أي مخالفة في هذا الصدد”.
وأوضح الخبير الأمني أن “مصلحة الأمن العام” تلعب دورًا رقابيًا مباشرًا على تلك الشركات، إلى جانب جهاز الأمن الوطني، مؤكدًا أنه لا توجد محاولات لاختراق هذه الشركات، وأن الأجهزة الأمنية تتابعها بشكل دوري.
وفي مقارنة بين شركات الأمن الخاصة في مصر ونظيرتها في الخارج، أشار نجم إلى أن هناك اختلافًا جوهريًا، خاصة عند مقارنة النموذج المصري بما يُعرف بشركات مثل “بلاك ووتر” الأمريكية. وقال: “شركات مثل بلاك ووتر استخدمت في أعمال قتالية واحتلال بعض الدول، بينما شركات الأمن في مصر تعمل في إطار قانوني واضح لدعم الأمن العام، ومساعدة وزارة الداخلية في تأمين المؤسسات والمنشآت، دون أي مهام عسكرية أو خارجية”.
وشدد نجم على أنه من المستحيل أن تتحول شركات الأمن الخاصة في مصر إلى تهديد للأمن القومي، مرجعًا ذلك إلى وجود ضوابط قانونية صارمة تحكم عملها. وأردف: “أي شركة تخرج عن هذه الضوابط يُسحب ترخيصها فورًا، وتُخضع لرقابة متواصلة من الجهات المختصة، وعلى رأسها مصلحة الأمن العام”.
أكد اللواء محمد نجم، الخبير الأمني، أن هناك اشتراطات صارمة يتم تطبيقها على كل من يرغب في إنشاء شركة أمن خاصة أو العمل داخلها، موضحًا أن جميع العاملين – بمن فيهم أصحاب الشركات – يخضعون لكشف أمني وجنائي شامل، يشمل مراجعة خلفيتهم السياسية، والتأكد من عدم تورطهم في أي أعمال إجرامية سابقة.
وقال نجم: “لا يُسمح لأي شخص له سجل جنائي أو انتماء سياسي مشبوه بدخول هذا القطاع. عملية الفحص دقيقة للغاية، وتتم تحت إشراف أجهزة مختصة، والمراقبة مستمرة طوال فترة عمل الشركة”.
وتابع: “منذ تعديل القانون، لم يعد من السهل على أي شخص التلاعب أو التسلل إلى هذا القطاع، وهو ما ساعد في ضبط المنظومة بشكل كامل”.
وأكد اللواء أحمد صالح، عضو مجلس النواب، أن التشريعات الحالية المنظمة لعمل شركات الأمن الخاصة في مصر كافية لضمان عدم خروجها عن إطار القانون، مشددًا على أهمية التطبيق الصارم لهذه القوانين على أرض الواقع.
وقال صالح في تصريحات خاصة: “الأمن رسالة، والمسؤولية فيها مشتركة بين الدولة والمواطن، الذي عليه أن يلتزم بالقوانين ويحترم النظام العام. شركات الأمن الخاصة جزء من هذه المنظومة، لكنها تخضع لضوابط رقابية واضحة”.
وأوضح أن القانون لا يحدد عددًا أقصى لشركات الأمن الخاصة داخل مصر، ولكن يُشترط على أي شخص يرغب في تأسيس شركة من هذا النوع أن يستوفي مجموعة من الشروط القانونية، وأهمها أن يخلو سجله من أي جرائم جنائية، خاصة الجرائم المخلة بالشرف. وتابع: “إذا كشفت التحريات أن هناك أحكامًا على المتقدم، خاصة إذا كانت في قضايا بلطجة أو عنف، فلا يمكن بأي حال إصدار ترخيص له”.
وكشف النائب أنه يمتلك شركة أمن خاصة بنفسه، ويقوم بتجديد ترخيصها سنويًا وفق الضوابط المنصوص عليها، وأبرزها أن يكون مدير الشركة من خلفية شرطية أو عسكرية. وأضاف: “القانون يشترط أن يكون مدير الشركة ضابط شرطة أو جيش سابق، وفي حال وجود عضو بمجلس الإدارة عليه حكم جنائي، يكون هذا من اختصاص الأمن العام الذي يرفض التصريح مباشرة”.
وشدد اللواء أحمد صالح على أن “الضوابط والتشريعات القائمة توفر رقابة كافية على هذا القطاع، ولا يوجد ما يدعو للقلق، طالما أن هناك التزامًا بالتطبيق والمتابعة من الجهات المختصة”.
قال رمضان محمد، المحامي والمستشار القانوني والباحث الحقوقي، إن القانون منح وزير الداخلية سلطة إصدار قرار بإلغاء الترخيص في عدد من الحالات المحددة، أبرزها فقدان أحد الشروط الأساسية التي منح بموجبها الترخيص.
وأوضح أن من بين الحالات التي تستوجب الإلغاء، تصفية الشركة أو اندماجها مع شركة أخرى، أو زوال شخصيتها القانونية لأي سبب من الأسباب، بالإضافة إلى عدم قيام الشركة بتصحيح المخالفات التي أشار إليها القانون خلال فترة إيقاف الترخيص.
وأكد أن هناك أيضًا حالات استثنائية تتعلق بضرورات الأمن القومي، تُمكِّن وزير الداخلية من اتخاذ قرار الإلغاء حفاظًا على المصلحة العامة.
وشدد المستشار القانوني على أن الشركة تُلزم، فور إلغاء الترخيص، بتسليم الأسلحة والذخائر إلى قسم أو مركز الشرطة الذي صدر منه الترخيص، وذلك خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ الإلغاء، للتصرف فيها وفقًا لأحكام القانون.
كما أشار إلى أن الشركة تُلزم كذلك بتسليم جميع الأجهزة والمعدات التي حصلت على ترخيص بها، إلى الجهة المختصة التي أصدرت الترخيص، ليُجرى التصرف فيها لصالح الشركة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، ووفقًا للإجراءات والضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
قال رمضان محمد، المحامي والمستشار القانوني والباحث الحقوقي، إن القانون ينص على معاقبة كل من يباشر نشاط حراسة المنشآت أو نقل الأموال بدون ترخيص، أو أثناء فترة إيقاف النشاط، بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، دون الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قوانين أخرى.
وأضاف أن العقوبة تشمل أيضًا من يرتدي زيًّا أو يستخدم علامات أو نياشين تخص القوات المسلحة أو الشرطة، أو يستعمل أجهزة أو معدات غير مرخص بها من الجهات المختصة، مع الحكم بمصادرة المضبوطات. كما يُعاقب من يقوم بتسليم أسلحة أو ذخائر كعهدة شخصية للقائمين بأعمال الحراسة بالشركة.
وانتقد المستشار القانوني الفقرة (ج) من المادة الثالثة من القانون، التي تشترط لصدور الترخيص ألا يكون قد صدر ضد الشخص حكم بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، أو ما يماثلها من جرائم في القوانين الخاصة، أو بعقوبة مقيدة للحرية.
وأكد أن النص بصيغته الحالية واسع وفضفاض، وقد يؤدي إلى حرمان أشخاص من الحصول على الترخيص بسبب صدور أحكام في جرائم بسيطة، مثل قضايا التبديد بإيصالات الأمانة، أو قضايا قائمة المنقولات الزوجية، أو حتى الضرب البسيط، وهي جرائم لا ترقى لدرجة تستوجب هذا النوع من الحرمان.
وأوضح أن هناك عدة أسباب تستدعي إعادة النظر في هذا النص، أولها أن كثيرًا من المواطنين قد تصدر ضدهم أحكام غيابية في محاضر كيدية دون علمهم، وثانيها أن هذه النوعية من الجرائم يجوز فيها التصالح قانونًا، وبالتالي لا ينبغي أن تترتب عليها عقوبات تمس الحقوق المهنية.
وطالب رمضان محمد بأن يقتصر الحرمان من الترخيص فقط على من صدرت ضدهم أحكام نهائية في جرائم جسيمة تتعارض مع طبيعة نشاط الحراسة، مثل جرائم القتل، أو الاتجار في المواد المخدرة، أو حيازة الأسلحة النارية، أو الجرائم المخلة بالشرف والاعتبار مثل السرقة وخيانة الأمانة.
طالب رمضان محمد، المحامي والمستشار القانوني والباحث الحقوقي، بإجراء تعديلات تشريعية جوهرية على بعض مواد قانون شركات الحراسة ونقل الأموال، مؤكدًا أن القانون الحالي به عدد من الثغرات التي قد تفتح المجال لمخاطر أمنية جسيمة، فضلًا عن فرض رسوم غير مبررة.
وأشار لمنصة “MENA“، إلى أن المادة (8) من القانون تشترط على الشركة سداد رسم لا يجاوز 100 ألف جنيه لصالح وزارة الداخلية مقابل الحصول على الترخيص لمدة 3 سنوات، وهو ما اعتبره رسمًا مبالغًا فيه ولا يستند إلى مبرر قانوني أو أمني حقيقي.
وقال: “دور وزارة الداخلية في هذا الملف يجب أن يركز على الرقابة والتحقق من عدم تشكيل كيانات مسلحة خارجة عن إطار الدولة، أما فرض الرسوم فلا علاقة له بتحقيق هذه الغاية، وبالتالي يجب مراجعة هذا النص بما يحقق التوازن بين الرقابة الأمنية وعدم إثقال كاهل الشركات بتكاليف غير مبررة”.
وفي السياق ذاته، دعا رمضان محمد إلى استحداث مادة جديدة تتيح مشاركة جهاز المخابرات العسكرية إلى جانب وزارة الداخلية في الإشراف على شركات الأمن والحراسات الخاصة، وذلك لمنع تكرار سيناريوهات سابقة، مثل ما حدث في عام 2013 وما تلاه، عندما استُخدمت بعض الكيانات كغطاء لتكوين جماعات مسلحة.
وأوضح أن خطر تكوين هذه الجماعات لا يهدد الأمن الداخلي فقط، بل يمتد ليؤثر على الأمن القومي في الداخل والخارج، ما يوجب تدخل القوات المسلحة وأجهزتها الاستخباراتية لحماية الدولة من هذا التهديد.
أما بخصوص العقوبات المنصوص عليها في المادة (16)، فأكد أنها لا تتناسب مع حجم وخطورة الجرائم التي تنظمها، حيث تكتفي بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة، أو الغرامة التي لا تتجاوز 50 ألف جنيه، مع منح القاضي سلطة تطبيق أي من العقوبتين أو الجمع بينهما.
وقال إن هذه العقوبات “بسيطة جدًا” في مواجهة جرائم على درجة عالية من الخطورة، مثل مباشرة نشاط شركة حراسة دون ترخيص، وهو ما قد يؤدي إلى تكوين تشكيلات مسلحة خارج إطار الدولة، أو ارتداء زي الشرطة أو القوات المسلحة، أو تسليم ذخائر كعهدة شخصية، مما قد يترتب عليه ارتكاب جرائم إرهابية أو أعمال عنف.
واختتم حديثه بالمطالبة بتغليظ العقوبات المنصوص عليها في المادة (16) لتصل إلى السجن المشدد والغرامات المغلظة، مع النص صراحة على اعتبار هذه الجرائم تهديدًا مباشرًا للأمن القومي، بما يستدعي ردعًا حقيقيًا لكل من تسول له نفسه خرق القانون أو تهديد استقرار الدولة.
اقرأ أيضًا:
من العريش.. السيسي وماكرون: لا للتهجير
الدول العربية تدرك جديّة ترامب بشأن غزة
جدل الإجراءات الجنائية.. التنصت على المكالمات بالقانون