سياسة

صندوق تحيا مصر٬ المساهمون فيه والعائد منه على المواطنين



فكرتان رئيسيتان ظهرتا تقريبًا في توقيت واحد عام 2014، الأولى فكرة صندوق تحيا مصر، والثانية هي مشروع قناة السويس الجديدة، وهذه حدث فيها إبهار من المصريين بجمع الأموال لحفر القناة التي تم افتتاحها بعد عام واحد من بداية الحفر.


غير أن فكرة صندوق تحيا مصر من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى تعد فكرة من خارج الصندوق، حملت معها أحلام وطموحات هدفها الوصول إلى اَلية تساعد الحكومة فى انجاز المشروعات التى لا تستطيع انجازها، وفى هذا التقرير سنتعرف على طبيعة هذا الصندوق وخصوصيته، والمساهمين فيه، وعوائده على المواطنين المصرييين.



برزت فلسفة إنشاء صندوق تحيا مصر في ذهن الرئيس السيسي للتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها البلاد حين تولى الرجل مسؤولية قيادتها، ولدعم العدالة الاجتماعية بين المواطنين، ولتكريس مبدأ المشاركة المجتمعية واعلاء المصلحة الوطنية على أي مغانم فردية.


وفى هذا السياق تم إنشاء صندوق تحيا مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 2014 وقرار رئيس الجمهورية رقم 84 لسنة 2015 ليكون عبارة عن شخصية اعتبارية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وليكون تابعًا لرئيس مجلس الوزراء، ويتمتع برعاية رئيس الجمهورية نفسه وعنايته. وفي أبريل 2021، وافق البرلمان المصري على تعديل قانون التأسيس، بما يسمح بإعفاء الصندوق من جميع الضرائب والرسوم القائمة والمستقبلية، بل صدر قبله قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1027 لسنة 2020 بشأن وسام جديد من طبقتين يسمى وسام تحيا مصر طبقا لحكم المادة 15 من قانون إنشاء صندوق بخصوص تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم، ونشأ مبنى الصندوق الرئيسي في مصر الجديدة مركز دعم اتخاذ القرار امتداد طريق النصر خلف مساكن شيراتون.




بلغ إجمالي التبرعات للصندوق مع انشائه من رجال الأعمال والمستثمرين عام 2014 حوالى 6.75 مليار جنيه، ثم وصلت سنة 2017 لحوالي 9 مليارات جنيه، وكل هذه المبالغ لا تساوى 10% من كان الرئيس يطمح إليه، فقد كان يرغب في أن تصل التبرعات لـ100 مليار دولار، حتى يمكن للدولة، على حد قوله، تحقيق خططها الطموحة في التطوير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.


وحتى سنة 2023 تجاوز إجمالي المساهمات التي ضخها الصندوق في مختلف القطاعات والمجالات على مستوى الجمهورية مبلغ 22 مليار جنيه، وتكلفت أنشطة الصندوق في مجال التطوير العمراني والإسكان البديل حوالي 7 مليارات جنيه، في حين تكلفت في مجال الرعاية الصحية، عبر الإجراءات الطبية المصاحبة لجائحة كورونا والمبادرات الصحية المتنوعة والأجهزة الطبية بالمستشفيات، حوالي 11 مليار جنيه، فى حين تكلفت مبادرات الحماية الاجتماعية حوالي مليار و300 مليون جنيه.


وبلغت مساهمات الصندوق، وفق البيان الرئاسي، في التمكين الاقتصادي وتوفير فرص العمل حوالي 400 مليون جنيه، والتعليم حوالي 531 مليون جنيه، وبرنامج رعاية الموهوبين حوالي 200 مليون جنيه، وقطاع الاستثمارات حوالي 400 مليون جنيه، فضلا عن التدخل في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية بمبلغ حوالي مليار جنيه.
وزادت التبرعات للصندوق سنة 2024 وزاد عليه المبلغ الذى خصصته الحكومة بطلب من الرئيس السيسى من المبلغ الذى اشترت به دولة الامارات العربية بحوالي 35 مليار دولار على دفعتين: الأولى 15 مليارا خلال أسبوع والثانية 20 مليارا.


فبموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والاماراتية لتنمية 170,8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة على البحر المتوسط بشمال غرب مصر، ومن هذا المبلغ تم تخصيص جزء منه لصندوق تحيا مصر .



حينما تم تدشين صندوق تحيا مصر في مطلع يوليو عام 2014 لجمع تبرعات لدعم الاقتصاد المصري، بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفسه حملة التبرعات بتنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه، وكذلك عن نصف ما يمتلكه من ثروة لصالح مصر. وبعدها أعلن العديد من رجال الأعمال كمحمد أبو العينين، وفريد خميس، وأحمد بهجت، وحسن راتب، وصلاح دياب، وعائلة سايروس، ومحمد الأمين، وبعض الشركات والنقابات عن التبرع للصندوق، والذى أنشأ حينها حسابا بالبنك المركزي لتلقى التبرعات.


وتوالت المشاركات في صندوق تحيا مصر عبر رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية وقطاعات وهيئات ومؤسسات الدولة المختلفة، وكذلك القطاع المصرفي والهيئات القضائية، وأعضاء مجلس النواب والشيوخ، والمواطنين. وبعدها تشارك الصندوق مع عدد من مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.


ولما كان الصندوق صاحب دور وسيط ومهم بين المساهم والشخص المستهدف، وفق خطة واضحة معلنة، ويلقى دعمًا رئاسيًا من الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه، بما عزز ثقة المتبرعين في الصندوق، لقى اقبالاً كبيرًا.

فأصبح لا يوجد أي مبلغ مالي يخرج من الصندوق إلا بموافقة الرئيس السيسي الذي يراقب بنفسه أعمال الصندوق، ويوليه الاهتمام والرعاية، وهناك بروتوكول تعاون بين الصندوق ووزارة التموين والتجارة الداخلية وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وتم فتح حساب رقم 037037 في جميع البنوك المصرية والبريد المصري لتبرعات المواطنين ناهيك عن الحسابات الاخرى والرسائل القصيرة وعبر الموقع الإليكتروني للصندوق.

وفى كل محافظة كانت تعقد اجتماعات عامة وشعبية مهمتها عمل مبادرات لجمع مساهمات الأهالي والمشايخ والعمد وغيرهم، وهناك بنوك كمصر والأعلى، وبنك التعمير والإسكان، والبنك العربي، وبنك سايب، وبنك المشرق المصري، وغيره من البنوك يساهمون فى الصندوق، غير الشركات كشركة النساجون الشرقيون وشركة إعمار مصر، وشركة زينة، وحديد عز، ومجموعة القلعة للاستشارات المالية وغيرها من الشركات، يعد بعضها بمثابة الشريك الاستراتيجي في مشروعات الصندوق. وهناك شركاء في القطاع المصرفي، مساهمين في دعم مشروعات الصندوق، تصل لهم تقارير مالية وفنية بكل ما يتم إنجازه على ارض الواقع.



ساهم صندوق تحيا مصر في خلق الكثير من المشروعات المحلية، ففى عام 2017 تم افتتاح مشروع بركة غليون كأكبر مشروع استزراع سمكي في أفريقيا والشرق الأوسط، الذي عمل على تحويل منطقة خطرة تهدد البيئة والأمن إلى أكبر منطقة سمكية متخصصة.

كما ساعد الصندوق على رفع كفاءة الصيادين وخلق دورة مشروعات لنشاط تجاري وصناعي للشباب، وساهم في كل المحافظات في تطوير المدارس والمستشفيات والبنى التحتية وتوفير الخدمة الطبية، وقام الصندوق بتوزيع سيارات النقل المبردة حمولة 1.5 طن و5 طن وغيرها من سيارات الاجرة، فقام الصندوق بتسليم الشباب المستفيدين من مشروعات “تمكين الشباب وخلق فرص عمل” آلاف من عربات التاكسي وسيارات النقل، ويعد المشروع القومي للقضاء على فيروس سي وتطوير العشوائيات وانتقال السكان لمناطق حضارية ومشروع “أطفال بلا مأوى”، لتجميع اطفال الشوارع وكذلك مشروع توزيع 1000 تاكسي و 500 عربة مثلجة من أهم المشروعات التي أنجزها الصندوق.

وعلى سبيل المثال وللقضاء على أزمة العشوائيات أسهم الصندوق في مشروع إنشاء حي الأسمرات، ومشروع تطوير منطقة العسال بشبرا وغيرها، وقام بتمويل بناء وحدات سكنية لمحدودي الدخل في المقطم، ومشروع إنشاء قرى نموذجية في الظهير الصحراوي، من خلال رفع كفاءة الإسكان والخدمات، ومشروع منافذ البيع والتوزيع، وحينما صدرت أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠ جعل الصندوق علي رأس برامج التنمية المتكاملة، ليشمل تطوير المناطق العشوائية، وبرنامج الحد من ظاهرة الأطفال بلا مأوي والبرامج الصحية وتطوير القري الأكثر احتياجات وبرنامج المشروعات الصغيرة والمتناهية وتدريب الشباب، بالإضافة لبرامج الدعم الاجتماعي والاقتصادي للأسر.



لقد وفّر الصندوق الجرعات العلاجية لنحو 363 ألف مريض فيرس سي مجانًا، فضلاً عن استفادة مليون و200 ألف مواطن من خدمة الكشف المجاني عن الفيروس، وتوفير الكواشف الطبية المستخدمة في قوافل الكشف عن الفيروس، وأنشأ مركز تحيا مصر لعلاج أمراض الكبد بالأقصر وفى عدد من المحافظات الأخرى٬ وفي يوليو 2020 وبالتعاون مع مؤسسة مشكاة نور تم إطلاق القافلة الثانية والتي تحمل مواد غذائية بمحافظة الأقصر على قرى العديسات قبلي، وبحري، وقرية الضبعية، وقرى إسنا، وقرية الرزيقات قبلي، وقرية العوامية، والمدامود، ومنطقة أبو الجود، ومنطقة شرق السكة.


وحتى مارس 2021 أفرج الصندوق عما يقرب من 100 ألف من الغارمين أو اكثر، وفى سبتمبر 2021 وصلت أكبر قافلة إنسانية من صندوق تحيا مصر إلى محافظة قنا، وبالتعاون مع مؤسسة مصر الخير فرع قنا استلمت جمعية التيسير كراتين المواد الغذائية لتوزيعها علي الحالات المستحقة والمسجلة بالجمعية ولجمعياتها في الكلاحين والبراهمة والشيخية والبارود. وقام الصندوق بمساعدة العمالة غير المنتظمة لمواجهة الآثار المترتبة عن جائحة فيروس كورونا.


وفى أكتوبر 2021 أطلق صندوق تحيا مصر قوافل جديدة لتوفير الدعم الغذائي لنحو 34 مؤسسة رعاية اجتماعية، وذلك في 9 محافظات هي القاهرة، والإسكندرية، والجيزة، والقليوبية، والشرقية، وبني سويف، والمنيا، وسوهاج، وأسوان، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي، بتكثيف أنشطة الصندوق ومشاركة أجهزة الدولة في تنفيذ برامج الحماية للأسر الأولى بالرعاية.


واطلق الصندوق مبادرة كشف مسببات ضعف وفقدان الإبصار، وصلت لإجراء الكشف الطبي للعيون وتوفير العلاج والنظارات الطبية، وإجراء عمليات المياه البيضاء مجانًا لكبار السن في دور المسنين. وفى شهر رمضان من كل عام كان الصندوق يساهم في توصيل وجبات إفطار الصائمين وكراتين المواد الغذائية الجافة والبطاطس والأجبان لبيوت الأسر الأولى بالرعاية.


وأطلق مبادرة أبواب الخير لإفطار ملايين الصائمين خلال شهر رمضان، وشهد شهر رمضان عام 2024 تكثيفًا ملحوظًا لجهود مبادرة أبواب الخير، فقدمت المبادرة العون وكافة أوجه الدعم والمساندة لأكثر من 8.1 ملايين مواطن من الأسر لتخفيف الأعباء عن كاهلهم وتوفير احتياجاتهم المعيشية، وقدمت مبادرة أبواب الخير أكثر من 1,117,600 كرتونة من المواد الغذائية الجافة، قوامها 12.5 كيلو، ووصلت لمنازل الأسر المستحقة، بالإضافة إلى توفير 224.481 طن من اللحوم والدواجن، و186.072 طن من البطاطس، والجبن، والحلاوة، والمربي والمعلبات، والخضروات، والفواكه، والتمور، والبقوليات، والأرز، والملح، والسكر، والمياه المعدنية والغازية، والحلويات، لتحضير 3 مليون وجبة لإفطار الصائمين من خلال 41 مطبخ و8 موائد للإفطار الجماعي، بالتعاون مع 30 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في مختلف المحافظات، وتوزيعها يوميًا من خلال المتطوعين مع الالتزام بشروط السلامة الغذائية والإرشادات الصحية.


وبعد عشر سنوات من إنشاء الصندوق استطاع أن يصل لحوالي 30 مليون مواطن من الأسر الأولى بالرعاية في كل قري ونجوع مصر من خلال مبادرة بالهنا والشفا.
وبدعم قوي التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي أعلن صندوق تحيا مصر عن مشاركته في حملة “إيد واحدة” لدعم الفئات الأولي بالرعاية في كافة محافظات الجمهورية، من خلال توفير الدعم الغذائي للأسر الأولى بالرعاية في المناطق الأكثر احتياجًا، فضلًا عن تنفيذ عددًا من معارض الكساء، لتوزيع الملابس علي الأسر الأولي بالرعاية، وتيسير زواج الفتيات وتزوديهم بكافة مستلزمات الزواج، ضمن فاعليات مبادرة دكان الفرحة، بالإضافة الي تنفيذ عددًا من القوافل الطبية الشاملة، ودعم القطاع الصحي بالأجهزة والمستلزمات الطبية.


وحرص الصندوق على فتح باب رزق ومصدر دخل ثابت للمواطنين عبر عدة مبادرات أبرزها مبادرة “مستورة”، لدعم السيدات في مشروعات متناهية الصغر و “بر الأمان” لحماية الصيادين من مخاطر المهنة.




في حرب غزة السابقة فتحت مصر حساب تحت رقم 037037 داخل صندوق تحيا مصر لدعم التبرعات لإعمار غزة.


وكذلك أعلنت تقديم 500 مليون جنية لهذا الاعمار، وفى عام 2023 أمتد نشاط الصندوق خارج حدود الدولة المصرية ليصل إلى الأشقاء الفلسطينيين والسوريين، بتوجيه قوافل إغاثية شاملة لهم، وساهم الصندوق في دعم قوافل المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين بالتعاون مع بيت الزكاة والصدقات المصري وخصوصا القافلة الخامسة، حيث تحركت 115 شاحنة مساعدات إنسانية لدعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، محملة بأكثر من 1840 طن من الأدوية، والمستلزمات الطبية، والمواد الغذائية الأساسية، والمياه المعدنية، والعصائر، والمفروشات والمراتب، والملابس، وقام بدعم الأسر الفلسطينية النازحة في مصر بالتعاون مع بنك الطعام المصري.


وخلاصة القول لعب صندوق تحيا مصر دورًا مهمًا في التغطية على خطط الاصلاح الاقتصادي، وتمكن من إنقاذ عدد كبير من المواطنين فترة جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية الاوكرانية وحرب السودان وحرب غزة.


اقرأ أيضًا:







مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية